محتويات
الأم
لقد أوصى الله تعالى بالأمّ، وأوصّى بحفظها ورعايتها، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[١] ولقد كان برّ الأمّ والإحسان إليها من أخلاق الأنبياء، ثمّ إنّ كمال الإحسان يتحقّق من خلال الإحسان إلى الأمّ، فالأمّ هي روح البيت، وسعادة القلب، وبرؤيتها يطيب العيش، وتسعد النّفس، والأمّ تعطي وتبذل كلّ ما في وسعها دون انتظار مقابلٍ، فهمّها رؤية أبنائها سعداء ومتميزون، ولو جمعت كلّ كلمات الدّنيا لتفي حقّ الأم، فلن توفيها حقّها، فالأمّ أعظم من أيّ كلماتٍ تقال، ومن أعظم ما يدلّ على عظم فضل الأمّ، أنّ الله تعالى ربط شكر الإنسان لوالديه، بشكره لله تعالى، ودليل ذلك قول الله تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[١] إذ إنّ للام حقوقٌ، مهما فعل الأبناء تجاهها، فلن يوفوها حقّها، ولكن على الأبناء الاجتهاد في ذلك، وبذل أقصى ما يمكنهم من البرّ والإحسان؛ لينالوا رضا الله تعالى في دنياهم وآخرتهم.[٢][٣]
الواجب المترتب على الأبناء تجاه أمّهم
إنّ واجب الأبناء تجاه والدتهم يقسم إلى ثلاثة أقسام: واجباتٍ مادّية؛ تعنى بالأموال، وواجباتٍ أخرى معنوية، وواجباتٍ بعد رحيل الأمّ إلى جوار ربها، وفيما يأتي بيان ذلك:[٤]
الواجب والإحسان المادي
ومن صور برّ الأبناء لأمّهم مادّيا ما يأتي:[٤]
- الإنفاق عليها وتقديم المساعدة الماليّة لها، وسدّ الحاجات الّتي تحتاجها الأم، إن كانت محتاجةً لذلك.
- تقديم الهدايا لها عرفاناً على ما قدّمتّه طوال حياتها.
- قيام الأبناء بالتّيسير على أمّهم، وإحضار ما تحتاجه، وما تحبّه، وإن لم تكن بحاجةٍ إلى ذلك.
الواجب والإحسان المعنوي
ومن صور برّ الابناء لأمّهم معنويّا ما يأتي:[٣][٤]
- أن يقوم الأبناء بتوفير سبل التّعليم لوالدتهم، خاصّةً إذا فاتتها فرصة التّعليم في الماضي.
- أن يكون الأبناء قدوةً صالحين في مجتمعاتهم، يظهرون الصورة الحسنة الأخلاقيّة الّتي تربوا عليها، ممّا يؤدي إلى سعادة الأمّ، وراحة قلبها بأنّ أولادها سيرتهم حسنةٌ مع من يتعاملون، فيدع النّاس للأمّ الّتي أحسنت تربيتهم، وأظهرت للمجتمع تلك الفئة الطّيبة.
- أن يحاول الأبناء أن يقوموا بسداد أيّ دينٍ مترتبٍ على أمّهم، ومساعدتها على قضائه وسداده.
- أن يعين الأبناء والدتهم خاصّةً عندما تكبر في العمر على أن تؤدّي ما أمرها الله -تعالى- به من فرائضٍ وعباداتٍ.
- أن يساعد الأبناء أمّهم في أن تصل أرحامها، وتطمئنّ عليهم.
- أن يطيع الأبناء والدتهم، حينما يكونوا صغاراً وحينما يكبرون، ففي الصّغر الأمّ على درايةٍ بحال أطفالها، واحتياجاتهم، والأنسب لهم، أمّا عندما يكبر الأولاد فعليهم أخذ النّصح والإرشادات من أمّهم، والحرص على توجيهاتها، وطاعتها في كلّ ما تأمر به، إن كان في طاعة الله فقط، أمّا إن كان في معصيةٍ، فعليهم أن يخالفوا ذلك، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).[٥]
- أن يصبر الأبناء على والدتهم في حال غضبها، وأن يتصّفوا بالحلم والاناة.
- أن يحسن مجالستها، فيستمع الابن إلى أقوالها، ولا ينشغل عنها، ويعطيها الابن من وقته.
- كفّ أيّ أذى يمكن أن يلحق بالأمّ، ودفعه عنها.
واجب الأبناء تجاه أمهم بعد انقضاء عمرها
إنّ واجب الأبناء تجاه والدتهم لا ينقطع حتّى لو انتقلت الأمّ إلى جوار ربها، فيبقى للأبناء واجباتٌ تجاهها، وفيما يأتي بيان تلك الواجبات:[٦]
- المداومة على إخراج الصّدقات عن روحها.
- المحافظة على صلة أرحامها وأقربائها، والاطمئنان عليهم.
- قضاء الدّيون الّتي في ذمّتها، إن كان لها دينٌ.
- التّوجه إلى الله -تعالى- دائماً بالدّعاء لها، أن يغفر لها الله -تعالى- ذنوبها، ويرحمها، ويدخلها الجنّة، وسائر الأدعية.
فضل وأجر بر الأم
إنّ الإنسان البارّ بأمّه المحسن إليها، والمحافظ على كسب رضاها، ينال ويكسب في دنياه وآخرته الأجور والفضائل الكثيرة، وفيما يأتي بيان بعضها:[٢][٧]
- يغفر للعبد الّذي يبرّ بوالدته، فيرضى الله عنه، ويغفر ذنوبه، ويستر عيوبه.
- يفوز بالفوز العظيم، وهو جنّةٌ عرضها كعرض السماوات والأرض.
- يكسب محبّة ورضا الله تعالى، من خلال إحسانه إلى والدته.
- يقبل الله -تعالى- أعمال وعبادات العبد البارّ بأمّه.
- يبارك الله -تعالى- للمحسن إلى أمّه في رزقه، فيرزقه من حيث لا يحتسب.
- تفتح له أبواب السماء، فتستجاب له دعواته.
عقوق الأم
إنّ عقوق الأمّ أمرٌ منتشرٌ في المجتمعات، ويأتي سبب عقوق الأبناء لأمّهاتهم؛ عدم التزامهم بدين الله تعالى، وانعدام الوازع الدّيني في نفوسهم، وانشغالهم في أمور الحياة وملهياتها، وقد حذرنا الله -تعالى- والرّسول صلّى الله عليه وسلّم، من عقوق الأمّهات، والعقوق له صورٌ كثيرةٌ؛ كالكلام الجارح، واستخدام اليد في الضرب، واستخدام الصّوت المرتفع في النّقاش، وغير ذلك، ثمّ إنّ العاقّ يعاقب على عقوقه في الدّنيا والآخرة، ففي الدّنيا: يحرم من بركة العمر، والمال، والولد، والعقوق سببٌ في سوء الخاتمة، وفي الآخرة يترتب عليه العذاب الشّديد، فعلى الأبناء أن يحرصوا كلّ الحرص على برّ أمّهاتهم والإحسان إليهنّ في حياتهم ومماتهم.[٨] وعلى الإنسان العاقّ لوالدته أن يبادر بالتّوبة إلى الله تعالى، وأن لا يعود إلى العقوق مرّةً أخرى، وأن يندم على كلّ ما فعل، وأن يبدّل ذلك كلّه بالحرص على رضا أمّه وبرّها، والإحسان إليها؛ كي يتوب الله عليه.[٩]
المراجع
- ^ أ ب سورة لقمان، آية: 14.
- ^ أ ب الشيخ إبراهيم العجلان (20-5-2008)، “إنها الأم”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018.بتصرف
- ^ أ ب الشيخ د. إبراهيم الحقيل (11-5-2011)، “من حقوق الأم على أولادها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018.بتصرف
- ^ أ ب ت د.سامية نبيوة (9-12-2012)، “حقوق وواجبات الأبناء”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018.بتصرف
- ↑ سورة لقمان، آية: 15.
- ↑ “واجب الابن تجاه أمه بعد موتها”، www.islamweb.net، 10-1-2009، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018.بتصرف
- ↑ د.مهران عثمان، “أمي”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018.بتصرف
- ↑ يحيى الزهراني، “عقوق الأمهات”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018.بتصرف
- ↑ “عقوبة عقوق الوالدين”، www.binbaz.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018.بتصرف