محتويات
'); }
مكان دار الأرقم
تقع دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي على جبل الصفا، وكانت بمعزل عن أعين المشركين ومجالس المشركين، [١] ويقع جبل الصفا في الجهة الجنوبية الشرقية من الكعبة ويبعد عنها نحو 130م،[٢] وقد استخفى النبي – صلى الله عليه وسلم – في دار الأرقم في فترة الدعوة السرية، وكانت تدعى دار الإسلام؛ لإسلام كثير من الناس بها.[٣]
صاحب دار الأرقم
صاحبها هو الأرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد مناف بن أسد، أبو عبد الله المخزومي، صاحب النبي – صلى الله عليه وسلم -، من السابقين الأولين، وقد شهد بدراً والمشاهد كُلِّها، قال ابن السّكن: أمُّه تماضر بنت حذيم السهمية، أسلم بعد عشرة من المسلمين، وروى الحاكم في ترجمته في المستدرك أنّه أسلم سابع سبعة، وكان عمره 16 عاماً،[٣] توفي سنة خمس وخمسين للهجرة، وأوصى أن يصلِّي عليه سعد بن أبي وقّاص – رضي الله عنهما-.[٣]
'); }
وظائف دار الأرقم
كانت دار الأرقم مَقرَّاً للتعارف والتآلف والتشاور بين المسلمين، وميداناً للتفكير في أحوال الدعوة، وبحث سبل دعمها والحفاظ عليها، وكان لاجتماع الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأصحابه في دار الأرقم وظائف عديدة، نذكر منها:[٤]
- تلاوة آيات الله -عزَّ وجلَّ- على المسلمين وبيان مراد الله منها.
- توثيق صلتهم بالله وإقامة الصلاة بطمأنينة.
- توضيح أحكام الإسلام، وتعريفهم بما يجري في مجتمعهم، وما يدور حولهم من مكائد.
- تركيز المعاني الإيمانية التي تقوّي عزيمتهم.
- تربيتهم على تزكية أخلاقهم وتطهير قلوبهم من أدران الجاهلية ورذائل الأخلاق وسَيء العادات.
- تعليمهم أركان الإيمان وتطهير قلوبهم من الشرك.
- القيام بواجب العبادة وتعظيمها.
أسباب اختيار الرسول دار الأرقم مكانًا لدعوته
إذا ما تفحَّصنا الروايات التي تحدَّثت عن دار الأرقم، عرفنا سبب اختيارها مقرَّاً للدعوة، وما فيه من حِنكة وحسنِ تخطيطٍ لا نظير لهما، وهذه الأسباب كما يأتي:[٥]
- إنَّ هذا البيت تابع لقبيلةٍ تحمل لواء الحرب ضد بني هاشم، وهي قبيلة بني مخزوم، وكان يتزعمهم أبو جهل، إذ يُستَبعد أن يختفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم – و أصحابه في قلب العدو.
- أمّا صاحب هذا البيت فقد كان شاباً صغيراً في السادسة عشرة من عمره، ولم يكن معروفاً بإسلامه، وإذا أرادت قريش البحث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فإنّها ستتَّجه إلى منازل كبارالصحابة.
- كما أن دار الأرقم كانت قريبة من الصفا؛ أي أنَّها مقابل دار الندوة، وهو مكان آمن وبعيد عن الشكوك، فكيف لرسول الله أن يختبئ مع أصحابه في مكان قريب لهذا الحدِّ؛ لذلك لم يُسمع أن قريشاً كشفت مكان اللقاء، إنَّما كان أقصى ما وصلت إليه هو شكُّها في أن يكون لقاء المسلمين عند الصفا، فقد قال الرجل لعمر بن الخطاب عندما أراد أن يُسلم: «اذهب إلى محمد في دارٍ عند الصفا».
عدد من أسلم من الصحابة في دار الأرقم
استمرَّ الرسول – صلى الله عليه وسلم- بالدعوة في دار الأرقم حتى بلغ عدد الصحابة أربعين رجلاً، وفيما يأتي بعضَ أسمائهم:
عمر بن الخطاب – رضي الله عنه-
أسلم عمر بن الخطاب في ذي الحجّة سنة ست من النبوة، فأعزَّ الله به الإسلام، عن ابن مسعود وأنسٍ أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلم- قال: (اللهم أعزّ الإسلام بأحبِّ الرجلين إليك: بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام)،[٦] فكان أحبَّهما إلى الله عمر رضي الله عنه.
كان من حِدّة طبع عمر بن الخطاب ومعاداته لرسول الله -صلّى الله عليه وسلم- أنَّه قد خرج يوماً متوشحاً سيفه، يريد القضاء على النبي -صلّى الله عليه وسلم-، فلقيه نعيم بن عبدالله، فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمداً، فردَّ عليه: هل يتركك بنو هاشم وقد قتلت ابنهم! فأخبرَه أن أخته فاطمة وزوجها قد دخلا في الإسلام، فمشى عمر حتى أتاهما وعندهما خباب بن الأرت، معه صحيفة فيها سورة طه يُقرئهما إياها، فلمّا سمع خباب حِسَّ عمر اختبأ، وسترت فاطمة- أخت عمر- الصحيفة، وسألهما عمر عن الصوت الذي سمعه في البيت، فأخبره سعيد بن زيد أنّه من القرآن، وأنَّ الإسلام دين الحقّ، فما زال عمر يضربه حتى جاءت فاطمة ورفعته عن زوجها فصفعها ونزل الدّم من وجهها.[٧]
عندها ندم عمر واستحيا، وطلب أن يقرأ الصحيفة، لكن فاطمة لم تُعطه إياها وأخبرته أنَّ المشرك نجس، ولا يمسَّ القرآن إلاّ المطهرون، فاغتسل ثمّ قرأ القرآن وأنار الله قلبه بالإيمان وتحقَّقت بشارة رسول الله، وحين ذهب عمر لدار الأرقم شهد شهادة الحقِّ بين يدي رسول الله، وزاد المسلمين عِزّة وشرفاً وسروراً.[٧]
مصعب بن عمير – رضي الله عنه-
آثر مصعب بن عمير الجنّة ونعيمها على الدنيا ومتاعها الفاني، واتّجه إلى دار الأرقم سرَّاً وأعلن إسلامه فيها، ولم يُطل الأمر حتى علمت أمّه بإسلامه، فقيَّدته ومنعت عنه الطعام علَّه يعود لدين آباءه، لكنّه صبر وثبت على الحقّ وكان من سادة الدعاة لدين الله.[٨]
طليب بن عمير -رضي الله عنه-
روي أنّه أسلم في دار الأرقم، وعندما خرج دعا أمّه أروى بنت عبد المطلب عمَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام فأسلمت، وكانت بعد ذلك تنصر رسول الله، وتدعو ابنها لنصرته وملازمته.[٩]
سلمى بنت صخر أم أبي بكر الصديق رضي الله عنهما
قد أسلمت في دار الأرقم حين اصطحبها أبو بكر -رضي الله عنه-، وطلب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوها للإسلام فقال: “هذه أمّي بارّة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار”، فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يهديها الله إلى الإسلام، فأسلمت.[١٠]
كما وأسلم في ذلك الوقت حمزة بن عبد المطلب-رضي الله عنه- عمّ رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه، وعمار بن ياسر، وصهيب بن سنان الرومي.[١١]
ملخص المقال: في بداية الدعوة الإسلامية كان يلتقي النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصحابة في دار الأرقم التي تقع عند جبل الصفا، يتدارس معهم القرآن ويبث في قلوبهم الإيمان والثبات، وقد أسلم عدد كبير من الصحابة في دار الأرقم منهم مصعب بن عمير.
المراجع
- ↑ صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 80. بتصرّف.
- ↑ محمود محمد حمو، مكة الكرمة تاريخ ومعالم (الطبعة 5)، صفحة 71. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ابن حجر العسقلاني، كتاب الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 196-197. بتصرّف.
- ↑ علي بن عمر بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 12-13. بتصرّف.
- ↑ أحمد عجاج كرمى، كتاب الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 60-61. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:60/8، إسناده صحيح.
- ^ أ ب صفي الدين المبار كفوري، كتاب الرحيق المختوم مع زيادات، صفحة 54-57. بتصرّف.
- ↑ محمد حسان، سلسلة مصابيح الهدى، صفحة 3-4. بتصرّف.
- ↑ ابن منظور، كتاب مختصر تاريخ دمشق، صفحة 212. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز السلمان، كتاب موارد الظمآن لدروس الزمان، صفحة 37.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 401-816-896. بتصرّف.