قواعد اللغة العربية

جديد ما هو الفعل الناقص

الأفعال الناسخة

النواسخ هي كلمات تَدخلُ على الجملة الاسميّة فتنسخ حكمها، أي تغيِّره إلى حُكم آخر، سواء كانت هذه الكلمات حروفاً، مثل: إنّ وأخواتها، وما العاملة عمل ليس وأخواتها، ولا النافية للجنس، أو أفعالاً، مثل: كان وأخواتها، وظنّ وأخواتها، وأفعال المقاربة، والرجاء، والشروع، وهي كاد وأخواتها.[١] والناسِخ مَأخوذ من حُكم شرعيّ في الإسلام هو النَّسخ، وهو مُصطلَح فِقهيّ يعني تغيير الحكم الشرعيّ إلى حكم شرعيّ آخر، ومنه أَخَذ النُّحاة هذه التسمية؛ لأنّ النواسِخ في العربيّة تدخل على المُبتدَأ والخبر، فتغيِّر حكمهما الإعرابيّ.[٢]

الأفعال الناقصة

من المعروف أنّ لكلِّ فعل فاعله الذي يُؤدِّي حَدَث الفعل، فإن لم يدلّ الفعل على حدث ما، ولم يرتبط بفاعل يُؤدِّيه ويقوم به، فهو فعل ناقص، وتُعَدُّ كان وأخواتها أفعالاً ناسخة ناقصة؛ لأنّها لا تتَّخذ فاعلاً،[٢] فمثلاً الفعل أصبح من أخوات كان، وهو في الجملة الآتية (أصبحَ الرملُ طيناً)، لا يدلُّ على حدث ما، بل على زمن الصبح، وكما يُلاحَظ فهو فعل ناقص، بمعنى صار الرمل في زمن الصباح طيناً، بينما لو كان فعلاً تامّاً لاحتاج إلى فاعل، كما في الجملة (أصبحُت نشيطاً بعد أن نمت جيداً)، أي استيقظتُ في الصباح نشيطاً. ومثال آخر: تجمَّعَت الغيوم فكان المطر، وكان هنا تعني حصل أو حدث المطر، أي دلّت على حدث ما، فهي إذن فعل تامّ؛ لأنّه أَخَذ فاعلاً، وليس فعلاً ناقصاً.

عَمَل كان وأخواتها

تشمل كان وأخواتها: كان، صار، ليس، أصبح، أضحى، ظلَّ، أمسى، بات، ما زال، ما دام، ما فَتِئ، ما انْفَكَّ وما بَرِح. ولكلِّ فعل ناقص ممّا سبق معنىً يفيده، وسيتمّ توضيحه لاحقاً. وتدخل كان وأخواتها الناقصة على الجملة الاسميّة، وهي أفعال عاملة؛ إذا دخلت على الجملة غيَّرَت فيها وأثَّرَت، فهي تدخل على المُبتدَأ وتُبقيه مرفوعاً، ويُسمَّى اسمها (اسم كان)، وتنصب الخبر ويُسمَّى خبرها (خبر كان)، ولا تدخل كان وأخواتها إلا على الاسم الصريح الظاهر، فلا تدخل على أسماء الصدارة، كأسماء الاستفهام، وأسماء الشرط.[٣] والمثال الآتي يوضّح ما سبق: ليس الجوُّ مُغْبراً.

  • ليس: فعل ماضٍ ناقص مبنيٌّ على الفتح يفيد النفي.
  • الجوُّ: اسم ليس مرفوع وعلامة رفعه الضمّ الظاهر على آخره.
  • مُغبرّاً: خبر ليس منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح الظاهر على آخره.

معاني كان وأخواتها

إنّ لكلّ فعل من الأفعال الناسخة أو الناقصة معنىً يفيده ويدلّ عليه، وذلك كما يأتي:[٣]

  • كان: تدلُّ على اتِّصاف المُسنَد إليه بالمُسنَد، إمّا في الماضي المُنقطِع على وجه الدوام، مثل: كانَ الرجلُ فقيراً، وإمّا في الماضي بحيث تكون مستمرّة بصورة دائمة، مثل: كانت أمي حنونة، بمعنى اتصفت أمي بالحنان وما زالت، وبمعنى صار، مثل: صدَق الرجل فكان راضياً، أي صار راضياً في ذلك الوقت، وبقي راضياً.
  • صار: تدلُّ على الانتقال من حالٍ إلى آخر، مثل: صارَ الرملُ طيناً.
  • ليس: تفيد النفي في الحاضر، مثل: ليسَ المُوظَّفُ موجوداً.
  • أصبح: تدلُّ على اتِّصاف المُسنَد إليه بالمُسنَد في وقت الصباح، مثل: أصبح الطالبُ نشيطاً، وقد تأتي بمعنى كان، أو صار دون الدلالة على زمن الصباح، مثل: أصبح اللاعبُ مُتميِّزاً.
  • أضحى: تدلُّ على اتِّصاف المُسنَد إليه بالمُسنَد في وقت الضحى، كقولنا: أضحى الغلام سعيدا، وقد تأتي بمعنى صار، كقول ابن زيدون: (أضحى التنائي بديلاً من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا). أي صار البُعد بديلاً من قُربهما.
  • ظلَّ: تدلُّ على اتِّصاف المُخبَر عنه بالخبر وقت ظهور الظلّ نهاراً، مثل: ظلَّ أخي يعمل، إذا عمل نهاراً، وتأتي بمعنى صار أيضاً، مثل: ظلَّ الرجلُ بشوشاً.
  • أمسى: وتُفيد اتِّصاف المُخبَر عنه بالخبر في المساء، مثل: أمسى الرجل مريضاً، بمعنى صار في المساء مريضاً.
  • بات: تُفيد الاتّصاف بالخبر وقت المَبيت ليلاً، مثل: بات العاملُ مُتعَباً.
  • ما زال، ما برح، ما فتئ، ما انفكّ، وما برح: تفيد استمراريّة الفعل حتى زمن المُتكلِّم، مثل: ما زال المُعلِّمُ مُربِّياً.

كاد وأخواتها

ومن الأفعال الناقصة أيضاً كاد وأخواتها، وعملها كعمل كان وأخواتها، إلا أنّ خبر كاد وأخواتها يجب أن يكون جملة فعليّة، سواء أبُدِئت بأنْ أم لم تبدأ.[٤] وتُقسَم كاد وأخواتها إلى ثلاثة أقسام كما يأتي:[٥]

  • أفعال المُقارَبة: هي أفعال تدلّ على قرب حدوث الخبر، وهي: كاد، كرُب، وأوشك، ومثال ذلك: كادَ الحقُّ يظهرُ، أو كادَ الحقُّ أن يظهرَ، وأغلب ما يأتي خبر كاد بدون أنْ، ومثل: أوشكَت الشمسُ أن تغيبَ.
  • أفعال الرجاء: هي أفعال يُرجَى بها وقوع الخبر، وهي: عسى، حرى، واخْلَوْلَق، وكلُّها بالمعنى نفسِه. ويجوز أن يأتيَ خبر عسى بأنْ أو بدونها، أمّا حرى واخلولق فيجب أن يأتي الخبر مَسبوقاً بأنْ، مثل: عسى الأحوالُ تتحسّنُ، وعسى الأحوالُ أن تتحسنَ، حرى الحُرّاسُ أن يحذروا.
  • أفعال الشروع: وتدلُّ على الشروع أو البدء بفعل خبرها، إذ تعني كلّ فعل بمعنى شرَع، وهي: شرع، أنشأ، طفق، أخذ، هبَّ، بدأ، ابتدأ، جعل، علق، وهَلْهَل، ويُشترَط أن يكون خبرها جملة فعليّة مُجرَّدة مِن أنْ، مثل: أخذَ البردُ يزولُ، وبدأَ المطرُ يزدادُ.

الفعل الناقص والفعل التام

تمّ بيان أنّ كان وأخواتها أفعال ناقصة تدخل على المُبتدَأ والخبر، ولا تتّخذ فاعلاً، إلّا أنّها تأتي تامّة أيضاً، أي تكتفي بفاعلها دون الحاجة إلى خبر، فتأتي بمعنى فِعل يحدث أو يحصل، ويُستَثنى من مجيئها تامّة ثلاثة أفعال، هي: ليس، وما فتئ، وما زال، فلا تأتي إلا ناقصة. وفي ما يأتي أمثلة لتوضيح المقصود بمجيء كان أو أخواتها أفعالاً تامّاً:[٦]
  • كان: كقوله تعالى: (إِذا قَضى أَمرًا فَإِنَّما يَقولُ لَهُ كُن فَيَكونُ)[٧] بمعنى الحصول أو الحدوث.
  • أصبح وأمسى: كسؤالنا لشخص عند الاستيقاظ مثلاً: كيف أصبحت؟، وكالسؤال: كيف أمسيت؟، وكقول الله تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّـهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)[٨].
  • ظلّ: يظلُّ المُؤمِن، أي يَثبت.
  • باتَ: بات الرجل، بمعنى نام الرجل، وبات هنا تامّة وليست ناقصة.
  • ما زال: بمعنى لم يختفِ، مثل: ما زال الغبار بعد، أو بدون ما، مثل: زال الأذى، وكقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا)[٩].
  • ما انفكّ: ما انفكّ الحبل، يعني عدم فصله، أو أنّه لم ينقطع.
  • ما برح: برحَ المكان يعني تركَه، مثل: ما بَرِح المكان راضياً، أي ما تركَه راضياً، وكقول الله تعالى: (فَلَن أَبرَحَ الأَرضَ حَتّى يَأذَنَ لي أَبي).[١٠]
  • ما دام: ومثال ذلك: دُمْتَ لي، بدون ما، وهي هنا تامّة بمعنى بقيتَ لي، أمّا إذا سُبِقت بنفي، مثل: ما دام الظلم، فهي تأتي بمعنى لم يستمر، والظلم فاعل.

ملاحظة: أمّا عن كاد وأخواتها، فإذا جاءت بمعنى غير معنى الشروع والابتداء، فهي عندئذ أفعال تامّة، تأخذ فاعلاً، وأحياناً مفعولاً به، أو مفعولَين،[١١] وأمثلة ذلك ما يلي:
  • أنشأ المُهندِس مبنىً جديداً، بمعنى أسَّس.
  • أخذَت الطفلةُ لعبتَها، أي استردَّتها.
  • هبَّت ريحٌ قويّةٌ، أي عَصَفَت.
  • جعلَ المُعلِّم الدرسَ سهلاً للطلاب، أي صيَّرَه أو حوَّلَه سهلاً.
  • عَلِق ثوبي بالغصن، أي أمسكَه الغصنُ.

الفعل الناقص المُتصرِّف والجامد

تمّ بيان أنّ الأفعال الناقصة قسمان، هما: كان وأخواتها، وكاد وأخواتها، ومن هذه الأفعال ما يأتي مُتصرِّفاً، كأن يأتي بصيغة المضارع، والأمر، ومنها ما يأتي كذلك مُشتَقّاً كاسم الفاعل، ومنها ما يأتي جامداً غير قابل للتصريف، وفي ما يأتي بيان ذلك:

  • الأفعال الجامدة: وهي أفعال لا تتصرّف بأي حال، وهي: ليس ودام، ولا يُصاغ منهما ماضٍ أو أمر، فإن صِيغَ من دام أمر أو مضارع فهو عندئذ فعل تام وليس ناقصاً، مثل: لن يدومَ الأمرُ على حاله، والأمر فاعل مرفوع، أمّا ليس فهي جامدة بكل أحوالها.[١٢] كما أنّ كل أخوات كاد باستثناء كاد وأوشك، أفعال جامدة، لا تأتي بصيغة غير الفعل الماضي.[١١]
  • الأفعال المُتصرِّفة تصرُّفاً محدوداً: كأن تأتي في الماضي والمضارع فقط، مثل: ما فتئ، ما برح، ما زال، مثل: لم أزلْ معك، بالإضافة إلى ما انفكَّ، وتأتي ما انفك أيضاً بصيغة اسم الفاعل، مثل: الأب غيرُ منفكٍّ مُتحمِّلاً لمسؤوليّاته، أي ما زال مُتحمِّلاً للمسؤوليّة.[١٢]
  • الأفعال المُتصرِّفة تصرُّفاً تامّاً: وهي التي تأتي بصيغة الماضي، والمضارع، والأمر، وتأتي بصيغة اسم الفاعل أيضاً، وهي: كان، صار، أصبح، أضحى، ظلّ، بات، أمسى، ويُعَدُّ الفعل (كان) أكثر هذه الأفعال تصرُّفاً،[١٢] وكذلك تتصرّف كاد وأوشك[١١]. وفي ما يأتي أمثلة على ذلك:
    • يظلُّ الأبُ سنداً لأولاده، ويظلّ فعلٌ مضارعٌ ناقص.
    • كُنْ حاضراً، وكُنْ فعلُ أمرٍ ناقص.
    • كلُّنا مُصبِحون مُتفائِلين، ومُصبِحون اسم فاعل من أصبح، ومُتفائِلين خبر مُصبِح منصوب.
    • الشمسُ مُوشِكةٌ أن تشرقَ، ومُوشِكة اسم فاعل، وأن تشرقَ في محلّ نصب خبر مُوشِكة.

نماذج إعرابيّة

في ما يأتي أمثلة لجمل تحتوي أفعالاً ناقصة، مع إعراب لها:[١٣]

أوشكَ: فعل ماضٍ ناقص مَبنيٌّ على الفتح الظاهر على آخره.
الليلُ: اسم أوشك مرفوع وعلامة رفعه الضم الظاهر على آخره.
أنْ: حرف مصدريّ ونصب مبنيٌّ على السكون لا محلّ له من الإعراب.
ينجليَ: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتح الظاهر على آخره، والفاعل ضمير مُستتِر تقديره هو.
والمصدر المُؤوَّل من (أن ينجليَ) في محلّ نصب خبر أوشك.
  • كادَ الدينارُ يرتفعُ.
كادَ: فعل ماضٍ مبنيٌّ على الفتح الظاهر على آخره.
الدينارُ: اسم كاد مرفوع وعلامة رفعه الضم الظاهر على آخره.
يرتفعُ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضم الظاهر على آخره، والفاعل ضمير مُستتِر تقديره هو.
والجملة الفعليّة من الفعل وفاعله (يرتفع) في محلّ نصب خبر كاد.

المراجع

  1. د. محمود مغالسة، النحو الشافي، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 191. بتصرّف.
  2. ^ أ ب د. عبده الراجحي (1998)، التطبيق النحوي (الطبعة الثانية)، الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، صفحة 111.
  3. ^ أ ب د. محمد السامرائي (2014)، النحو العربي أحكام ومعان (الطبعة الأولى)، لبنان: دار ابن كثير، صفحة 211-217، جزء الأول. بتصرّف.
  4. د. محمود مغالسة، النحو الشافي، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 219. بتصرّف.
  5. د. محمود مغالسة، النحو الشافي، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 219-220، 223-224. بتصرّف.
  6. د. محمود مغالسة، النحو الشافي، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 198-199. بتصرّف.
  7. سورة مريم، آية: 35.
  8. سورة الروم، آية: 17.
  9. سورة فاطر، آية: 41.
  10. سورة يوسف، آية: 80.
  11. ^ أ ب ت د. محمود مغالسة، النحو الشافي، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 224-225. بتصرّف.
  12. ^ أ ب ت د. محمود مغالسة، النحو الشافي، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 195-196. بتصرّف.
  13. د. محمود مغالسة، النحو الشافي، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 219. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى