'); }
6 حكم من عيد الأضحى
شرع الله -تعالى- لعباده المسلمين عيدين في كلّ عام؛ عيد الفطر وعيد الأضحى، ويأتي عيد الأضحى في اليوم العاشر من شهر ذي الحجّة من كلّ عام، وقد شرعه الله -تعالى- لحكمٍ ومعانٍ جليلة منها:
شكر الله وحمده
يحتفل المسلمون بعيد الأضحى ويسعدون به، ويقومون بشكر الله -تعالى- على إعانته وتوفيقهم لهم على أداء الطّاعات بعد أن تقرّبوا لله -تعالى- على مدار الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجّة بشتى أنواع الطاعات من صيامٍ، وذكرٍ، ودعاءٍ، وتكبير، ويحمدونه على أعظم طاعة شرعها لهم ألا وهي فريضة الحجّ،[١] كما ويذبح المسلمون في هذا العيد الأنعام والهدي شكراً لله -تعالى- على ما أنعم عليهم من نعمٍ كثيرة لا تُحصى؛ كنعمة الإيمان، ونعمة المال، والأولاد، وغيرها الكثير.[٢]
'); }
التقرب إلى الله بالذبح
يتقرّب المسلمون من ربّهم في عيد الأضحى بذبح الهدي راغبين بما عنده من الأجر العظيم والثّواب الجزيل على هذه الطّاعة؛ فالأضحية تُعدّ من أعظم القرابين التي تُقدّم لله -تعالى-، كما أنّ امتثال المسلمين للذّبح يعني أنّهم يمتثلون لأوامر الله -تعالى- من جعل الأنعام مُسخّرة لهم، وأنّ أكلها حُلّ لهم، وبذلك يكون ذبحها قُربة ويثاب عليه المسلم في يوم عيد الأضحى.[٣]
توثيق أواصر المحبة بين أبناء المجتمع
يأتي العيد ليزيد من روابط الأخوّة والمحبّة بين المسلمين؛ لما يُسنّ فيه من صلة الأرحام وتفقّدهم، ولما يُسنّ للمضحي من تفقّد الفقير والتصدّق عليه، كما يشرع في عيد الأضحى إكرام الضّيف والتّوسعة عليه، وتفقّد الجار، وغير ذلك ممّا يزيد من الأواصر بين أفراد المجتمع ويعمل على تقويتها.[٣]
إحياء ذكرى قصة ذبح النبي إسماعيل
إنّ من أجلّ الحكم والمعاني في عيد الأضحى وفي ذبح الأضاحي أن يقتدي المسلم بنبي الله إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- بالذّبح، وإحياء ذكرى قصة ذبح النّبي إسماعيل -عليه الصّلاة والسّلام-؛ والتي رأى فيها إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- في أنّه يذبح ابنه إسماعيل في المنام.[٤]
ومن المعروف أنَّ رؤيا الأنبياء حقّ؛ لذا أراد إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- أن يمتثل لأمر الله -تعالى- ويذبح ابنه الغلام إسماعيل والذي يخالف أمر الله -تعالى-؛ بل وافق أباه بضرورة تمثّل أمر الله -تعالى- والانقياد له، قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)،[٥] وعندما أراد ذبح ابنه افتداه الله -تعالى- بذبحٍ عظيم،[٤] فشُرعت الأضحية ليتذكّر المسلم صبر إبراهيم وابنه -عليهما السّلام- على الطّاعة، ومدّى انصياعهما لأوامر الله -تعالى-، والتأكيد على أنّ محبّة الله -تعالى- وتنفيذ أوامره مُقدّمة على محبّة الولد والنّفس.[٣]
نشر البهجة في قلوب المسلمين
إنّ الاعياد شُرعت لتنشر الفرح والسّرور في قلوب النّاس، ولكثرة الأعياد عند غير المسلمين شرع الله -تعالى- للمسلمين عيدين يفرحون ويبتهجون بهما؛ فقد روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (قدمَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ)،[٦][٧] ويُعبّر المسلمون عن فرحهم في هذا اليوم بلبس الملابس الجديدة، وبالتّكبير، وبإعطاء الأطفال والنّساء مبلغاً من المال كتعبير عن الفرح والبهجة.[٨]
إنهاء الخلافات ونشر التسامح
تصفو نفوس المسلمين في العيد ويُقبلون على بعضهم البعض في هذا اليوم بقلوبٍ خاليةٍ من الأحقاد والأضغان؛ فيتسامحون ويتناسون كلّ خلاف حدث فيما بينهم، الأمر الذي يزيد من ترابطهم ووحدتهم.[٨]
آداب عامة في عيد الأضحى
آداب عامة للمسلمين في عيد الأضحى
شُرعت بعض الآداب التي يُستحسن للمسلم فعلها في يوم عيد الاضحى؛ اقتداءً برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومن هذه الآداب العامّة:[٩]
- الاغتسال، والتّطيّب، واستخدام السّواك، ولبس الجديد من الثّياب، وذلك لحضور تجمّع المسلمين بأبهى صورة.
- التّبكير في الذّهاب لمصلّى العيد.
- الذّهاب لمصلّى العيد مشياً على الأقدام، والمشي في طريق والعودة من طريق آخر، فقد روي عن جابر بن عبالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ).[١٠]
- إظهار الفرح والسّرور أمام الأقارب والأصدقاء والجيران.
- زيارة الأرحام والإكثار من الصّدقات.
- الاستمرار بالتّكبير من أوّل أيام العيد إلى اليوم الرّابع من أيام التّشريق.[١١]
آداب خاصّة بالمضحّي
كما أنَّ هناك العديد من الآداب التي تتعلق بمن يريد التضحية، وهي كالآتي:[١٢]
- ترك كل من: الأخذ من الأظافر، وقصّ الشعر، وحلق الشّارب واللّحية وغيره منذ اليوم الأوّل من شهر ذي الحجّة، عملاً بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا رَأَيْتُمْ هِلالَ ذِي الحِجَّةِ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عن شَعْرِهِ وأَظْفارِهِ).[١٣]
- الإمساك عن الطّعام في عيد الأضحى إلى ما بعد انتهاء الصّلاة، ثمّ أكل المُضحّي من أضحيته بعد ذبحها كما كان يفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.[١١]
- توزيع الأضحية وتقسيمها لثلاثة أجزاء: جزء للتّصدّق على الفقراء والمساكين، وجزء منها يكون هدية للأصدقاء والمعارف، وقسم منها للأكل وللتّوسعة على أهل البيت، قال الله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).[١٤]
- ذبح المضحّي أضحيته بنفسه وألا يوكّل أحداً عنه، وأن يشهد الذّبح أهل البيت؛ فقد أمر رسول الله -صلّى عليه وسلّم- ابنته فاطمة -رضي الله عنها- أن تشهد ذبح أُضحيتها.
- التّسمية وذكر الله -تعالى- عند الذّبح، وتوجيه الأضحية إلى القبلة، كما يسنّ أيضاً سَوق الأضحية إلى المذبح سوقاً حسناً دون تعنيف؛ لأنّ الله -تعالى- كتب الإحسان على كلّ شيء، حتّى على الأنعام والدّواب.
المراجع
- ↑ “الحكمة من تشريع العيدين”، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2021. بتصرّف.
- ↑ سالم الهنداوي (13/11/2010)، “حكمة مشروعية الأضحية”، الالوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دار السلاسل، صفحة 76-77، جزء 5. بتصرّف.
- ^ أ ب حسام عفانة، المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 16-17. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات، آية:102
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1134، صحيح.
- ↑ علي الحلبي (1993)، أحكام العيدين (الطبعة 2)، صفحة 14-15، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب نوح القضاة (7/9/2010)، “الحكمة من العيد”، دار الافتاء الاردنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2021. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة 4)، دمشق:دار القلم، صفحة 227، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:986، صحيح.
- ^ أ ب صغير الصغير (18/8/2018)، “سنن وآداب عيد الأضحى المبارك لأهل الأمصار”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 12/7/2021. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن، صفحة 122-124، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1977، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية:28