محتويات
ما هو المجاز اللغوي
المجاز اللغوي هو قسمٌ من أقسام التعبير المجازي إلى جانب المجاز العقلي، وفي المجاز اللغوي يتم استخدام لفظ معين في موضعٍ جديد غير الموضع المتعارف عليه مع وجود علاقة بين الاستخدام الجديد والاستخدام الأصلي للفظ.[١]
فمثلا عندما نقول ” أرسلنا عيناً إلى أعدائنا” فنحن لا نعني العين حرفياً بل استخدمناها لتدل على الشخص الذي يقوم بأعمال المراقبة، وهذا هو المقصود بالاستخدام الجديد، ولا بد من الإشارة إلى وجود مانع من اعتبار الجملة حقيقية وهو الفعل “أرسلنا”؛ لأنه لا يمكن إرسال العين، بل يمكن إرسال الشخص نفسه، لذلك يكون الاستخدام مجازياً.[١]
وللمجاز اللغوي في البلاغة نوعان حسب نوع العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، هما:[٢]
- المجاز المرسل: في هذا المجاز تكون العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي عدم المشابهة، فلا يوجد تشابه بينهما بل توجد علاقة أخرى بين المعنيين.
- الاستعارة: َفي هذا النوع تكون العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي علاقة مشابهة، فهناك تشابه بينهما على عكس المجاز المرسل.
المجاز المرسل
كما سبق فالمجاز المرسل هو استعمال كلمة في موضع جديد لها مع وجود علاقة بين المعنى الجديد والقديم، وسُمي مرسلاً لأنه أرسل؛ أي أطلق من أن يتقيد بعلاقة واحدة، بل توجد عدة علاقات بين الاستخدام المجازي والاستخدام الحقيقي،[٣]ومن علاقات المجاز المرسل:
علاقة السببية
نقصد بها أن نستخدم في الجملة كلمة تدل على السبب في شيء ما، ونحن نقصد الشيء المُسبب عن هذا السبب، ومن الأمثلة على ذلك:[٤]
- {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.[٥]
المجاز هنا في كلمة “سيئة” الثانية فالمراد منها هو القصاص، فالسيئة هي سبب للقصاص، والمجاز مرسل علاقته السببية أطلق السبب وأراد المسبب.
العلاقة المسببية
وهي أن يذكُر فيها المسبب أي النتيجة، والمراد هو السبب الذي أدى إلى ذلك، ومن الأمثلة:[٦]
- {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ}.[٧]
المجاز هنا في كلمة “رزقاً” فالذي ينزل من السماء هو الماء وليس الرزق، فالمجاز مرسل علاقته المسببية، أطلق المسبب وأراد السبب.
العلاقة الجزئية
وهو أن يذكر الجزء ويكون المقصود به الكل، ومن الأمثلة على ذلك:[٨]
- {وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.[٩]
المجاز هنا في كلمة “رقبة” فكان المقصود ليس تحرير الرقبة وحسب، بل تحرير العبد بالكامل، فالمجاز مرسل علاقته الجزئية، أطلق الجزء وأراد به الكل.
العلاقة الكلّية
وهو أن يذكر الكل ويقصد منه الجزء فقط، ومن الأمثلة على ذلك:[١٠]
- {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ}.[١١]
المجاز هنا في كلمة “أصابعهم” لأنه من غير الممكن إدخال كل الأصابع في الأذن، فالمجاز مرسل علاقته الكلية، أطلق الكل وأراد به الجزء.
علاقة اعتبار ما كان
المقصود بذلك هو أن يعبر عن الشيء باسم ما كان عليه في السابق، ومن الأمثلة على ذلك:[١٢]
- {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى}.[١٣]
المجاز هنا في كلمة “مجرماً” وهنا سُمّي مجرماً باعتبار ما كان عليه في الدنيا، فالمجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان.
علاقة اعتبار ما يكون
وهو أن يعبر عن الشيء باعتبار ما سيكون مستقبلاً، ومن الأمثلة على ذلك:[١٤]
- {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.[١٥]
المجاز هنا في كلمة “خمراً” فالخمر لا يعصر وإنما كان المقصود هو ما سيكون عليه العنب، والمجاز مرسل علاقته اعتبار ما يكون.
علاقة المحلية
وهي أن يذكر في الجملة المحل ولكن يقصد به الحال، ومن الأمثلة على ذلك:[١٦]
- {وَاسأل الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ}.[١٧]
المجاز هنا في كلمة “القرية” فلا يمكن أن تسأل القرية بل أهلها، والمجاز مرسل علاقته المحلية، أطلق المحل وأراد به الحال.
علاقة الحالية
وهي أن يذكر الحال ولكن يكون المقصود به هو المحل، ومن الأمثلة على ذلك:[١٨]
- {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.[١٩]
المجاز هنا في كلمة “رحمة” فالرحمة ليست مكاناً بل المقصود به هو الجنة، فالمجاز مرسل علاقته الحالية، أطلق الحال وأراد به المحل.
علاقة الآلية
وهو أن يعبر عن الشيء باسم الآلة ويكون المقصود به هو الأثر لهذه الآلة، ومن الأمثلة على ذلك:[٢٠]
- {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.[٢١]
وقع المجاز في كلمة “بلسان” لأنه قصد به اللغة وليس اللسان بحد ذاته، والمجاز مرسل علاقته الآلية.
علاقة المجاورة
هي أن يدل على الشيء باستخدام ما يجاوره، ومن الأمثلة على ذلك:[٢٢]
- نقول “ركب الفرسان سروجهم”.
المجاز وقع في كلمة “سروجهم” لأن الفرسان ركبوا الخيل وليس سروج الخيل ولكن استخدمنا السروج لكثرة ملازمتها للخيل، فالمجاز مرسل علاقته المجاورة.
الاستعارة
وهو الأسلوب الذي تكون العلاقة فيه بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي الجديد علاقة مشابهة أي يكون هناك وجه شبه بينهم، وعلى عكس المجاز المرسل الذي يحتوي عدة علاقات لا تعتمد على المشابهة، ومن أنواع الاستعارة:[٢٣]
الاستعارة التصريحية
وهي التي يكون فيها المشبه به مذكوراً أي مصرحاً به في الجملة، ويكون المشبه محذوفاً، مع وجود وجه شبه بين المشبه والمشبه به، ومن الأمثلة على الاستعارة التصريحية:[٢٤]
- أسقط الأسد خصمه على الحلبة.
العلاقة بين المشبه والمشبه به هي المشابهة، حيث شبّه الرجل بالأسد في قوته وشدّته، فالاستعارة تصريحية حيث ذكر المشبه به وهو الأسد أو الحيوان المفترس وحذف المشبه وهو الإنسان.
الاستعارة المكنية
وهو على عكس الاستعارة التصريحية، فيكون المشبه مذكورًا والمشبه به محذوفاً مع وجود وجه شبه بينهما، ومن الأمثلة على ذلك:[٢٤]
- افترس الملاكم خصمه افتراساً.
العلاقة بين المشبه والمشبه به هي المشابهة، حيث شبه الملاكم بالأسد أو الحيوان المفترس على سبيل الاستعارة المكنية، فذكر المشبه وهو الملاكم وحذف المشبه به وهو الأسد وترك شيئا من لازمه ليدل عليه وهو ( افترس).
المراجع
- ^ أ ب وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 113. بتصرّف.
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 115. بتصرّف.
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 145. بتصرّف.
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 146. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى ، آية:40
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 150. بتصرّف.
- ↑ سورة غافر ، آية:13
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 153. بتصرّف.
- ↑ سورة المجادلة ، آية:3
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 155. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة ، آية:19
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 156. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية:74
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 156. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف ، آية:36
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 158. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:82
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 159. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران ، آية:107
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 159. بتصرّف.
- ↑ سورة إبراهيم ، آية:4
- ↑ وليد قصاب، البلاغة العربية : علم البيان، صفحة 160. بتصرّف.
- ↑ أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة، صفحة 258. بتصرّف.
- ^ أ ب مصطفى الجويني ، البلاغة العربية تأصيل وتجديد، صفحة 104. بتصرّف.