كُلَيب بن ربيعة
هو أبو الماجدة، كُلَيب بن رَبيعة ابن الحارث ابن زهير ابن جُشَم ابن بكر التغلبيّ، وقد اختلف الرواة في اسمه؛ إذ قِيل إنّه وائل بن ربيعة، كما قِيل إنّه كُليب وائل بن ربيعة، ولقَبه كُلَيب، حيث غَلَب على اسمه هذا اللقب؛ وذلك لأنّه كان يصطحب معه جرواً أينما ذهب، فكان إذا مرَّ بمكان يُعجِبه، ضَرَب الجرو، وألقاه في ذلك المكان وهو يعوي، فإذا سمع الناس عُواءه تجنَّبوه، وهو أخو عدي بن ربيعة التغلبيّ المُلقَّب بالمُهلهِل، ويُعتبَر كُلَيب من شعراء العصر الجاهليّ، ومن أشهر الفرسان، وأشجعهم، وأذكاهم؛ حيث قاد قومه في موقعة خزاز؛ لمحاربة ملوك اليمن، وحقَّق انتصاراً في حربه، كما كان يُعرَف عنه أنّه أحد جرَّارِي الجيوش في الجاهليّة.[١][٢]
موقع قبر كُلَيب بن ربيعة
رأى بعض المُؤرِّخين أنّ وادي الخيطان في منطقة الباحة، هو موقع ديار بكر، وتغلب، وهو المكان الذي انطلقت منه شرارة حرب البسوس، إلّا أنّ الباحث السعوديّ وأستاذ اللسانيّات الدكتور جمعان الغامدي، ذَكَر أنّ الروايات التاريخيّة قد أشارت إلى ثلاثة أماكن أُخرى، أَحَدُها في اليمن، بالقرب من مدينة زبيد، والمكان الثاني في نجد، والثالث كما أسلفنا في وادي الخيطان، وتحديداً في تِهامة في المملكة العربيّة السعوديّة، كما اشارت إلى أنّ قبر كُلَيب موجود هناك في وادٍ يُسمَّى (وادي كُلَيب)، والدليل على ذلك ما وَرَد في كُتُب التاريخ؛ إذ ذَكَر كتاب العقد الفريد ما يدلّ على ذلك بالنَّص، فقال: (كانت بنو جشم وبنو شيبان في دار واحدة بتِهامة، وكان كُلَيب قد تزوج الجليلة)، كما وَرَدت أبيات من أشعار الزير سالم تدلُّ على ذلك، حين قال:[٣]
- بِت لَيْلِي بِالأَنْعَمَيْنِ طَوِيلاَ
-
- أرقبُ النجمَ ساهراً لنْ يزولاَ
- كيفَ يهدأ وَ لاَ يزاولُ قتيلٌ
-
- مِنْ بَنِي وَائِلٍ ينسى قَتِيلاً
- غَيبت دارُنا تِهامَةَ في الدَّ
-
- هْرِ وَفيها بَنو مَعَدٍّ حُلولا
وقد وَرَد رأيٌ آخر في تحديد موقع قبر كُلَيب؛ حيث قِيلَ بأنّ مقتل كُلَيب كان في الذنائب، على يسار فلجة، عند الاتّجاه صعوداً إلى الطائف، ثمّ إلى مكّة، إلّا أنّ هذا الاسم وَرَد في أكثر من مكان، إذ إنّ الذنائب ثلاث هِضاب: قيل إنّها في نَجد، وقِيل إنّها قرية قَبل زبيد التي تبعد عن وادي الخيطان بنحو 50كم، وقِيل إنّها قرية في اليمن، أمّا الدكتور الغامدي فيُرجِّح أنّ مكان قبر كُلَيب هو في مدينة الظاهر في اليمن، ولا تزال تُسمَّى المدينة بهذا الاسم إلى يومنا هذا، وكلمة الظاهر في اللغة العربيّة: تعني المكان المُرتفِع، وهي بهذا المعنى عند أهل الباحة، وقد وَرَد عن المُهلهِل شعر فيه لفظ قريب من لفظ الظاهر، وفيه:[٣]
- وَخَيلٍ تَكَدَّسُ بِالدارِعينَ
-
- كَمَشيِ الوُعولِ عَلى الظاهِرَه
حياة كُلَيب بن ربيعة
يُعَدّ كُلَيب بن ربيعة من الفرسان الشعراء، وهو أحد قادة العرب في العصر الجاهليّ، وسيِّد قومه؛ حيث وَرِث السيادة عن أبيه ربيعة الذي كان بدوره سيِّد قومه، وبسبب شجاعته، وقوّته اجتمع عليه أهله وولّوه أمرهم، فكانوا لا يرتحلون، ولا يقيمون في مكان إلّا بإذنه، وتحت إمرته، وهو الذي كان يقود جيوشهم في المعارك، وينتصر فيها، وبعد ما حقَّقه من انتصارات ونجاحات، عَلَت منزلته في قومه، وأصبح ملكاً على العرب،[١] وممّا يجدر ذِكره أنّ كُلَيباً تزوّج الجليلة بنت مُرّة بن شيبان، وهي أخت جسّاس بن مُرّة، إذ كانت قبيلة بني جُشَم، وقبيلة بني شيبان متجاورَتَين في الديار. [٤]
ويُعتبَر كُلَيب أحد شعراء بني تغلب، ومن الشعراء الجاهليِّين المُكْثِرين للشعر، إذ تعدَّدت أغراض شِعره؛ فنَظَمَ العديد من القصائد في الفخر، والشجاعة، والتهديد، والوعيد، إلّا أنّ شِعرَه لم يُجمَع في ديوان، بل ظلّ محفوظاً في كُتُب الأدب، والأخبار، وبعد أن صار كُلَيب سيّد قومه، أصابه الغرور، وزاد تسلُّطه؛ حيث ذُكِر عنه أنّه كان يحمي مواقع السحاب فلا يُرعَى في حماه، وكان يمنع أن تُورَد الإبل مع إبله، أو أن تُوقَد نار مع ناره، حتى قالت فيه العرب: أعزُّ من كُلَيب وائل، ممّا زاد من حنق الرُّعاة عليه؛ بسبب قوانينه المُجحِفة بحقِّهم.[١]
حرب البسوس
لمّا أصبح كُلَيب ملكاً على قومه، وكانت له هيبته، وبأسه، سنَّ القوانين الظالمة، وبَغى على قومه، فاندلعت حرب البسوس بين أبناء القبيلتَين من بني تغلب، وبني بكر، واشتملت الحرب على عِدّة أيّام، منها: يوم النهي، ويوم الذنائب، ويوم عنيزة، ويوم تحلاق اللمم، علماً بأنّ هذه الحرب دامت مُدّة 40 سنةح حيث بدأت شرارة الحرب بتحريض من البسوس بنت منقذ التيميّة، خالة جسّاس على قَتل ابن عمّه كُلَيب.[٥]
وممّا يُروى حول ذلك أنّ البسوس جاءت ونزلت ضيفة عند جسّاس، وبذلك أصبحت جارة لبني مُرّة، وكان مع البسوس ناقة ترعاها في مرعى كُلَيب، فقتل كُلَيب الناقة؛ لأنّها رَعَت في مرعاه دون إذنه، وعندها بدأت البسوس بتحريض جسّاس، وإيغار صَدْره على كُلَيب، ممّا أدّى إلى أن يُدركَ جسّاس كُلَيباً ويقتله، وعندما عَرَف المُهلهِل أخو كُلَيب بمقتله، طالب بثأر أخيه، فبدأت الحرب، وتَرَك المُهلهِل الطِّيب، وشُرْب الخمر، واللهو مع النساء؛ حتى يأخذَ بثأر أخيه، واستمرَّت الحروب والغارات بين القبيلتَين في محاولة من قبيلة تغلب للوصول إلى جسّاس وقتله؛ أَخْذاً بثَأْر كُلَيب، ولكنّها لم تستطع الظَّفَر به في البداية، إذ هرب جسّاس إلى الشام، إلّا أنّ قبيلة تغلب تعقَّبَته، ووصلت إليه، وقتلته، ثمّ وقعت بعد ذلك مناوشات قليلة، إلى أن قرَّرت القبيلتان الصُّلح، وتمّ ذلك.[٥]
المراجع
- ^ أ ب ت علي أبو زيد، “كُلَيب وائل”، www.arab-ency.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-8-2018. بتصرّف.
- ↑ تم جمعه من موقع الموسوعة الشعرية ، معجم الشعراء العرب ، صفحة 847، جزء الأول. بتصرّف.
- ^ أ ب “ضم قبر كليب وشركة التلفريك تنوي إزالته”، www.okaz.com.sa، 22-9-2008، اطّلع عليه بتاريخ 9-8-2018. بتصرّف.
- ↑ أبو الحسن ابن الأثير (1997م)، الكامل في التاريخ (الطبعة الأولى)، بيروت، لبنان: دار الكتاب العربي، صفحة 473، 474، 478، جزء الأول. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من العلماء والباحثين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 452، جزء المجلد الثالث: أمريكا – أيوو جيما. بتصرّف.