أين غرق فرعون وجنوده

• ذات صلة
• أين غرق فرعون وقومه
• أين مات فرعون

أين غرق فرعون وجنوده

أغرق الله -تعالى- فرعون وجُنوده، لقولهِ -تعالى-: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ)،^[١] وهذا اليمّ؛ أي البحر هو بحرٌ يُقالُ له إساف، ويقع وراء مصر،^[٢][٣] وأغرق الله -تعالى- فيه فرعون وجُنوده،^[٤] وقيل: إنَّهم غرقوا في بحر القُلزُم، وكانت دعوة موسى -عليه السلام- في مصر، وأقام فيها إحدى عشر شهراً،^[٥] ويُقال: إنهم أُغرقوا في ناحية القلزُم في مكانٍ يُسمَّى بطن مريرة، وقال مُقاتل: إنه نهر النِّيل.^[٦]

نجاة بدن فرعون بعد الغرق ليكون عبرة

بعد أن أغرق الله -تعالى- فرعون ومن معه، نجَّاهُ ببدنه فقط، لِقولهِ -تعالى-: (فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ)،^[٧] فألقى الله -تعالى- بدنه من غير روح على ضفَّة البحر؛ ليتيقَّن قومه من بني إسرائيل بغرقه،^[٨] وذهب بعض المُفسّرين إلى أن هذه الآية فيها دلالةٌ على نجاة فرعون من الغرق وعدم موته، لكنّ هذا الكلام غير صحيحٍ؛ حيثُ تحدَّثت الآيات عن اللّحظات الأخيرة لموت فرعون وغرقه، وإعلان إسلامه خوفاً عندما تيقّن الموت، فأجابه الله -تعالى- بقوله: (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ)،^[٩] ممَّا يدُلُّ على أنَّه سيموت تحت الماء، ولن يبقَ بدنه في البحر، فأغرقهُ الله -تعالى-، ثُمّ نجَّى -عز وجل- بدنه دون روحه.^[١٠]

وسبب ذلك ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ بعض بني إسرائيل أنكروا أن يكون فرعون قد غرق، وهو أعظم من ذلك، فأخرجهُ الله -تعالى- لهم على مكانٍ مُرتفع، وقيل: إنَّهم شكُّوا في غرقه، فأمر الله -تعالى- بقذفهِ على مكانٍ مرتفعٍ في البحر حتى يتيقّنوا موته.^[١١] فكان الغرض والهدف من إظهار بدنه هو اليقين بهلاكه لمن شكّ بموته من بني إسرائيل.^[١٢]

غرق فرعون وسببه

كان سبب إغراق فرعون هو تماديه في الكُفر والطّغيان، ومُعاندته للحقِّ بعد أن بيَّنهُ له موسى -عليه السلام-، وتآمُرهِ على قتل موسى -عليه السلام- ومن آمن معه،^[١٣] كما أنَّه ادَّعى الألوهيَّة، واستهزأ بأنبياء الله -تعالى-، فأغرقه الله -تعالى- مع جنوده وطرحهم في البحر المالح، فلم يكن لهم نصيرٌ أو مُعينٌ، وكان لهم الخزي في الدُّنيا، وذكر الله -تعالى- ذلك بقوله: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ* وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُونَ* وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ* وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)،^[١٤][١٥] وكان السَّببُ في إهلاكهم وإغراقهم هو استكبارُهم وتعاليهم على العِباد، واستعبادهم لهم مع إذلالهم، والعُدوان عليهم بغير وجه حقٍّ.^[١٦]

الدُّروس المستفادة من غرق فرعون وجنوده في اليمِّ

ذكر ابنُ تيمية -رحمه الله- أنَّ المقصود من تكرُّر قصَّة موسى -عليه السلام- مع فرعون في القُرآن الكريم؛ هو الاعتبار وتوضيح العِبرة من ذِكرها، حيثُ كانت القصَّة بين طرف الحقِّ والإيمان وهو موسى -عليه السلام-، وطرف الكُفر وهو فرعون،^[١٧] كما أنَّ في ذلك بيانٌ من الله -تعالى- للأمم المُستكبرين في الأرض، حيث إنَّ الاستكبار لله -تعالى- وحده، فكُلُّ من يستكبر تكون عاقبته مثل فرعون وجُنوده،^[١٨] ومن الدّروس والعِبر أنَّ إرادة الله -تعالى- نافذةٌ على جميع الخلق، حيثُ أنقذ الله -تعالى- نبيَّهُ موسى -عليه السلام- من القتل وهو صغير.^[١٩]

المراجع

1. ↑ سورة القصص، آية: 40.
2. ↑ ابن أبي حاتم (1419)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة الثالثة)، السعودية: مكتبة نزار مصطفى الباز، صفحة 2980، جزء 9. بتصرّف.
3. ↑ عز الدين الدمشقي (1996)، تفسير القرآن (وهو اختصار لتفسير الماوردي) (الطبعة الأولى)، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 491، جزء 2. بتصرّف.
4. ↑ علي البغدادي الماوردي، تفسير الماوردي = النكت والعيون، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 253، جزء 4. بتصرّف.
5. ↑ عماد الدين الأصفهاني (2002)، البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان (الطبعة الأولى)، بيروت: المكتبة العصرية للطباعة والنشر، صفحة 69، جزء 1. بتصرّف.
6. ↑ محمد مطني، سورة القصص دراسة تحليلية، صفحة 447، جزء 1. بتصرّف.
7. ↑ سورة يونس، آية: 92.
8. ↑ الحارث المحاسبي (1398)، فهم القرآن ومعانيه (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الفكر، صفحة 337. بتصرّف.
9. ↑ سورة يونس، آية: 91-92.
10. ↑ صلاح الخالدي (2007)، القرآن ونقض مطاعن الرهبان (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 562-563، جزء 1. بتصرّف.
11. ↑ علي الواحدي (1430 هـ)، التَّفْسِيرُ البَسِيْط (الطبعة الأولى)، السعودية: عمادة البحث العلمي – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، صفحة 306-307، جزء 11. بتصرّف.
12. ↑ “تفسير قوله تعالى ( فَاْليَوْمَ نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ )”، www.islamqa.info، 25-3-2006، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2021. بتصرّف.
13. ↑ إسماعيل القرشي (1986)، البداية والنهاية، بيروت: دار الفكر، صفحة 268، جزء 1. بتصرّف.
14. ↑ سورة القصص، آية: 40-43.
15. ↑ محمد مطني، سورة القصص دراسة تحليلية، صفحة 445-448، جزء 1. بتصرّف.
16. ↑ عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 349، جزء 10. بتصرّف.
17. ↑ مصطفى حلمي (1426 هـ)، منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 239. بتصرّف.
18. ↑ محمد مطني، سورة القصص دراسة تحليلية، صفحة 444، جزء 1. بتصرّف.
19. ↑ عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 313، جزء 10. بتصرّف.