محتويات
'); }
أسماء أشجار الجنة وثمارها
أودع رب الجمال الحُسن في كل ذي حسن، وأضاء بنور وجهه حلكة الليل في الدجى، لتهتدي الخليقة بفجر الإسلام والتقى، ولتسطع شمس الهداية في قلوب القانتين العابدين السائحين في رحاب الأرض طوعاً متذللون لربهم طمعا بجنته وإجلالاً لقدرته.
وهو العظيم الرحيم المعطاء، خلقهم ليعبدونه ونظير عبادتهم يرفع قدرهم عنده، فقد خلق الجنة ليكافئهم على حسن صنيعهم، جزاء صبرهم وكدهم وطوعهم وجهادهم، وأعزّهم بالجنة يوم ينادي منادٍ أن ادخلوها بسلامٍ آمنين.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم)،[١] نعيم من أينع قلبه بحب اللّه، وتفتحت زهور دنياه بجنة الإيمان كأنها فردوس التقى تمهّد له الطريق لنيل جنة الفردوس الأعلى، فهي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، قال تعالى: (إِنَّ لِلمُتَّقِينَ مَفَازًا* حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا)، [2] فوزاً يكافئ به اللّه عباده بحدائق تذهل السامعين ويستلذون طربا بصفاتها وبلوعة أشجارها وثمارها العظيمة.
'); }
وأشجار الجنة كثيرة متعددة الأصناف، وقد أخبرنا اللّه عز وجل عن بعضها، ولكثرتها فإن أهلها يتخيّرون منها ما تشتهيه أنفسهم، قال تعالى: (إِنَّ المُتَّقِينَ فِي ظلَال وَعُيُون وَفَواكِهَ مِمَّا يَشتَهُونَ)،[٢] ومن الأشجار التي أخبرنا اللّه عنها ما يأتي:
شجرة السدر
قال تعالى: (فِي سِدْرٍ مَّخْضُود)،[٣] وقيل: هو شجر النبق الشائك، ولكنه في الجنة مخضود شوكه؛ أي منزوع.[٤]
شجر الطلح
قال تعالى: (وَطَلحٍ مَّنضُود)،[٥] وهو شجر من شجر الحجاز فيه شوك، ولكنه في الجنة منضود معد للتناول بلا كد ولا مشقة، وقد أخبر أكثر المفسرين أنه شجر الموز، وقيل شجر النَور، وقد نضد بالحمل والثمر مكان الشوك.[٦]
الشجرة التي يسير الراكب في ظلها مئة سنة
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (في الجنَّةِ شجرةٌ يسيرُ الرَّاكبُ في ظلِّها مائةَ عامٍ لا يقطعُها . وقال : ذلك الظِّلُّ الممدودُ)،[٧] وهذه شجرة هائلة عظيمة، حيث قال إن راكب الفرس من الخيل التي تعد للسباق يحتاج إلى مئة عام حتى يقطعها إذا سار بأقصى ما يمكنه.[٨]
شجرة طوبى
هي شجرة تصنع ثياب أهل الجنة،[٩] ومن صفاتها: أنها تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة، تنبت على ساق واحدة ثم ينتشر أعلاها، فيها عنب عظم العنقود، وعظم الحبة منه تشبع عشيرة كاملة، كما جاء في الحديث الطويل، والشاهد منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل يسأله:
(وفيها شجرةٌ تُدْعَى طوبى، هيَ تُطَابِقُ الفِرْدَوْسَ… فإنَّها تُشْبِهُ شجرةً بِالشَّامِ تُدْعَى (الجَوْزَةَ )، تَنْبُتُ على ساقٍ واحدٍ ثُمَّ يَنْتَشِرُ أَعْلاها. قال: فما عِظَمُ أَصْلِها؟ قال: لَوِ ارْتَحَلْتَ جَذَعَةً من إِبِلِ أهلِكَ ، لما قطعْتَها حتى تَنْكَسِرَ تَرْقُوَتُها هَرَمًا. قال : فيها عِنَبٌ ؟ قال : نَعَمْ قال: فما عِظَمُ العُنْقُودِ مِنْها؟ قال: مَسِيرَةُ شهرٍ لِلْغُرَابِ الأَبْقَعِ، لا يقعُ ولا يَنْثَنِي ولا يَفْتُرُ. قال: فما عِظَمُ الحَبَّةِ مِنْهُ؟ قال: هل ذبحَ أبُوكَ من غنمةٍ تَيْسًا عَظِيمًا؟… فإنَّ تِلْكَ الحَبَّةَ تُشْبِعُنِي وأهلَ بَيْتي؟ فقال النبِيُّ: وعَامَّةَ عَشِيرَتِكَ).[١٠]
نخيل الجنة
عنِ ابنِ عبَّاسٍ قال: (نَخْلُ الجنةِ جُذُوُعُها من زُمُرُّدٌ أخضَرُ وكَرَبُهَا ذهبٌ أحمَرُ وسَعَفُهَا كِسْوَةٌ لأهلِ الجنَّةِ ، منها مُقَطَّعَاتُهُمْ، وحُلَلُهُم، وثمرُها أمثالُ القِلالِ والدِّلاءِ، أحْلَى منَ العَسَلِ، وألْيَنُ منَ الزُّبْدِ لَيْسَ له عَجَمٌ)،[١١] وأصولها؛ أي جذورها إلى ساقها من الذهب الأحمر، وسعفها كسوة لأهل الجنة، وثمرها كالقلال والدلاء ألين من الزبد وأحلى من العسل.[١٢]
سدرة المنتهى
يذكر أنّ سدرة المنتهى جميلة وأوراقها مثل آذان الفيلة في الحجم، وثمارها كالقلال؛ أي الجِرار الكبار، كما ورد في حديثٍ: عن مالك بن صعصعة أن رسول الله قال: (ورُفِعَتْ لي سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا كَأنَّهُ قِلَالُ هَجَرَ ووَرَقُهَا، كَأنَّهُ آذَانُ الفُيُولِ في أصْلِهَا أرْبَعَةُ أنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، ونَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقالَ: أمَّا البَاطِنَانِ: فَفِي الجَنَّةِ، وأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ والفُرَاتُ).[١٣]
ثمار الجنة وصفاتها
فاكهة لا تنقطع لذّتها
أسبغ الله في نعمه على عباده بجزيل العطاء، فكل ثمرة قد أنعمها عليهم في الدنيا رزقهم إياها في الآخرة بمذاق مختلف، فتتشابه الأسماء غير أن طعمها في الجنة لا يمكن وصفها، قال تعالى: (وَفَاكِهَة كَثِيرَة* لَّا مَقطُوعَة وَلَا مَمنُوعَة)،[١٤] أي أصناف كثيرة من الفاكهة منها ما كان موجودا في الدنيا ومنها ما هو جديد لا ينقطع أبدا، بل هي موجودة في كل وقت.[١٥]
وقال تعالى: (أُكُلُهَا دَائِمٌ)،[١٦] فلا تتساقط أوراقها كالدنيا، بل الثمر والظل دائم مستمر، سهل التناول، قريب المجتنى، وقوله: (وَلَا مَمنُوعَة)، أي لا تمتنع ممن أرادها كيف شاء، وليس دونها حجاب ولا ماء، بل من أرادها فهي موجودة سهلة قريبة.[١٥]
تتدلّى الفاكهة للمؤمن
حتى ولو كانت الثمرة في أعلى الشجرة فأرادها المؤمن تدلت إليه حتى يأخذها، واقتربت منه، وتذللت لديه، قال تعالى: (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا)،[١٧] أي أُدنيت قطوفها حتى يتناولها المؤمن وهو نائم مسترخي وبأي حال أراد.[١٥]
كما أن تربة الجنة مسك وزعفران، وكل أشجار الجنة سيقانها من ذهب، فيا لعظمة الثواب الذي غفل عنه القاعديين عن الذكر في الدنيا، فإذا كانت التربة مسك وأصول الشجر من الذهب فما أعظم لذة ثمار الجنة![١٥]
كثرة أنواع الفواكه
قال تعالى: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ)،[١٨] وخص من الفواكه النخل والرمان بالذكر لفضلهما وشرفهما، وقال تعالى: (وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ)،[١٩] فثمار الجنة غير محصورة عديدة متنوعة بأعظم أنواعها، حتى أن ثمار شجرة السدر الشائك في الدنيا والطلح الذي لا يراد به إلا الظل في الدنيا يثمران في الجنة بأعظم أنواع الثمر في غاية الحسن واللذة.[٢٠]
حتى إن النوع الواحد يتفتق عنه أنواعاً كثيرة من الطعوم والألوان، فإذا كان هذا الحال في هذه الثمار الشائكة فكيف حال الثمار الطيبة في الدنيا؛ كالتفاح والموز والمشمش والعنب، فهي كما وصفها الله حقا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.[٢٠]
ريحان الجنة
قال تعالى: (فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ)،[٢١] وريحان الجنة هو كل نبات طيب الرائحة.[٢٢]
المراجع
- ↑ سورة الإنفطار ، آية:13
- ↑ سورة المرسلات، آية:41
- ↑ سورة الواقعة، آية:28
- ↑ إبن القيم الجوزية ، حادي الأرواح إلى بلاد الافراح، صفحة 165. بتصرّف.
- ↑ سورة الواقعة ، آية:29
- ↑ إبن القيم الجوزية ، حادي الأرواح إلى بلاد الافراح، صفحة 166. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2524، صحيح.
- ↑ عمر سليمان الأشقر ، الجنة والنار، صفحة 179. بتصرّف.
- ↑ عمر سليمان الأشقر ، الجنة والنار، صفحة 180. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن عتبة بن عبد السلمي، الصفحة أو الرقم:3729، صحيح لغيره.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3735، صحيح.
- ↑ إبن القيم الجوزية ، حادي الأرواح إلى بلاد الافراح، صفحة 169. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن صعصعة الأنصاري، الصفحة أو الرقم:3207، صحيح.
- ↑ سورة الواقعة، آية:32
- ^ أ ب ت ث عمر سليمان الأشقر ، الجنة والنار، صفحة 182. بتصرّف.
- ↑ سورة الرعد، آية:35
- ↑ سورة الإنسان ، آية:14
- ↑ سورة الرحمن، آية:68
- ↑ سورة محمد، آية:15
- ^ أ ب عمر سليمان الأشقر ، الجنة والنار، صفحة 177. بتصرّف.
- ↑ سورة الواقعة، آية:89
- ↑ إبن القيم الجوزية ، حادي الأرواح إلى بلاد الافراح، صفحة 176.