أشعار حب

جديد أشعار حب لأحمد شوقي

أحمد شوقي

أحمد شوقي شاعر مصري ولد سنة 1868م في القاهرة ودرس العديد من التخصصات منها الحقوق والترجمة، تخرج عام 1887م وجمع شعره في ديوانه الشوقيات الذي جمعه وأصدره في أربعة أجزاء وكتب العديد من المسرحيات الشعرية، منها: علي بك الكبير، ومجنون ليلى، ومصرع كليوباترا، وله العديد من القصائد في المدح، والهجاء، والحب، كما له عدّة دواوين منها أسواق الذهب، ومجنون ليلى، وعنترة، توفي سنة 1932م، وفي هذا المقال سنعرض لكم أجمل أشعاره في الحب.

بي مثل ما بك يا قمرية الوادي

تعتبر هذه القصيدة من أجمل القصائد الرومانسية للشاعر أحمد شوقي كتبها تعبيراً عن حبه الشديد لمحبوبته، حيث وصف ما به من مشاعر وعواطف ووصف محبوبته بالقمر الظاهر عبر الوادي وكان يطلب منها تذكر الوادي ومجلسهم فيه والقبلات والمواعيد التي كانوا يلتقوا فيها فيقول:[١]

بي مثلُ ما بكِ يا قمريَّة َ الوادي

ناديتُ ليلى فقومي في الدُّجى نادي

وأرسلي الشَّجوَ أسجاعاً مفصَّلةً

أَو رَدّدِي من وراءِ الأَيْكِ إنشادي

لا تكتمي الوجدَ فالجرحانِ من شجنٍ

ولا الصببابة َ فالدمعان من وادِ

تذكري هل تلاقينا على ظمإٍ

وكيف بلَّ الصَّدى ذو الغلَّة ِ الصادي

وأَنتِ في مجلِسِ الرَّيحان لاهية ٌ

ما سِرْتِ من سامرٍ إلا إلى نادي

تذكري قبلة ً في الشَّعرِ حائرة ً

أضلَّها فمشتْ في فرقكِ الهادي

وقُبلة ً فوقَ خدٍّ ناعمٍ عَطِرٍ

أَبهى من الوردِ في ظلِّ النّدَى الغادي

تذكري منظرَ الوادي ومجلسنا

على الغدير كعُصفورَيْنِ في الوادي

والغُصنُ يحنو علينا رِقَّة ً وجَوى ً

والماءُ في قدمينا رائحٌ غادِ

تذكري نعماتٍ ههنا وهنا

من لحنِ شادية ٍ في الدَّوحِ أَو شادي

تذكري موعداً جادَ الزمان به

هل طِرتُ شوقاً وهل سابقتُ مِيعادي

فنلتُ ما نلتُ من سؤلٍ ومن أملٍ

ورحتُ لم أحصِ أفراحي وأعيادي

مضنى وليس به حراك

يشتكي شاعرنا من آلالام التي شعر بها عند فراق محبوبته ويوصفها لنا في شعره هذا وأنّه عند رؤيته للمحبوبة يشعر بالتحسن وتزول آلامه ويوصف جمالها ومحاسنها ولا يريد أحمد شوقي ظلم الهوى بأنّه جنى عليه في قصيدته هذه:[٢]

مضنى وليس به حراكْ

لكنْ يخِفُّ إذا رآكْ

ويميل من طربٍ إذا

ما ملتَ يا غصنَ الأراك

إن الجمال كساك من

ورق المحاسن ما كساك

ونبتَّ بين جوانحي

والقلبُ من دَمِه سقاك

حُلوَ الوعودِ متى وفاك

أَتُراكَ مُنْجزَها تُراك

من كلِّ لفظٍ لو أَذِنـ

ـتَ لجله قبلتُ فاك

أَخذَ الحلاوة َ عن ثَنا

ياك العِذاب وعن لَمَاك

ظلماً أقول جَنَى الهوى

لم يجْنِ إلا مُقْلتاك

غدَتا منِيَّة َ مَنْ رَأَيْـ

ـتَ ورحتَ منية َ منْ رآك

سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها

هذه القصيدة التي أعجبت أم كلثوم ولامست قلبها عندما أرسلها شاعرنا لها وكانت أجمل هدية تحتفظ بها لنفسها، وفي عام 1936م وبعد أربع سنوات من رحيل أحمد شوقي قررت نفض الغبار عن هذه القصيدة بأن قدمتها للملحن الكبير رياض الذي أعد لها لحن خالد في مدونة الطرب العربي:[٣]

سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها

واستخبروا الراح هل مسّت ثناياها

باتت على الروض تسقيني بصافية

لا للسُّلاف ولا للورد رياها

ما ضر لوجعلت كأسي مراشفها

ولو سقتني بصافٍ من حمياها

هيفاء كالبان يلتف النسيم بها

وينثنى فيه تحت الوشى عِطفاها

حديثها السحر إلا أنه نغم

جرت على فم داود فغنّاها

حمامةُ الأيك من بالشجو طارحها

ومَن وراءَ الدجى بالشوق ناجاها

ألقت إلى الليل جيدا نافرا ورمت

إليه أذنا وحارت فيه عيناها

وعادها الشوق للأَحباب فانبعثت

تبكي وتهتف أحيانا بشكواها

يا جارة الأيك أيام الهوى ذهبت

كالحلم آها لآيام الهوى آها

في زهرتي ذا العود من أهل الهوى

أحمد شوقي شاعر من شعراء مدرسة الإحياء والبعث الشعرية، سار على نهج الشعراء القدامى خصوصاً ما بين العصر الجاهلي والعباسي أيضاً، كان يتابع أخبار دولة الخلافة العثمانية وكانت أشعاره تعبر عن طموح وآمال العرب، ومن أجمل وأفضل أشعاره في الحب القصيدة الآتية:[٤]

في زهرتَي ذا العود من

أهل الهوى جُمعت صفات

كالعاشقَين تقابلا

لكن على سُرر النبات

متآنسين يلاقيان الحـ

ـب من كل الجهات

هذا على هذا حنا

ولذا إلى هذا التفات

لكن في الفجر الحيا

ة وفي الضحى لهما الممات

قسما لقد عاشا ولما

يأملا أملا ففات

من لي بسوق للحيا

ة يقال فيها خذ وهات

فأبيع عمرا في الهمو

م بساعة في الطيبات

مضناك جفاه مرقده

تعتبر هذه القصيدة من أروع قصائد أحمد شوقي في الحب التي قام محمد عبد الوهاب بتلحينها وغنائها لاحقاً لتصبح إحدى أروع الأغاني في التاريخ العربي الحديث حيث وصف شاعرنا حالته بها من شدّة التفكير في محبوبته وأنّه يتحدث مع النجم ليلًا يشكو له جناية المحبوبة:[٥]

مُضناك جفاهُ مَرْقَدُه

وبكاه ورَحَّمَ عُوَّدُهُ

حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ

مقروح الجفنِ مسهَّدُه

أودى حرفاً إلا رمقاً

يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ

يستهوي الوُرْق تأوُّهه

ويذيب الصخرَ تنهُّدهُ

ويناجي النجمَ ويُتعبه

ويُقيم الليلَ ويُقْعِدهُ

ويعلم كلَّ مُطوَّقة ٍ

شجناً في الدَّوحِ تُردِّدهُ

كم مدّ لِطَيْفِكَ من شَرَكٍ

وتأدّب لا يتصيَّدهُ

فعساك بغُمْضٍ مُسعِفهُ

ولعلّ خيالك مُسعِدهُ

الحسنُ حَلَفْتُ بيُوسُفِهِ

والسُّورَة ِ إنك مُفرَدهُ

قد وَدَّ جمالك أو قبساً

حوراءُ الخُلْدِ وأَمْرَدُه

وتمنَّت كلٌّ مُقطَّعة ٍ

يدَها لو تُبْعَث تَشهدُهُ

جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي

أكذلك خدُّك يَجْحَدُه

قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا

فأشرت لخدِّك أشهده

وهممتُ بجيدِك أشرَكُه

فأبى واستكبر أصيَدُه

وهزَزْتُ قَوَامَك أَعْطِفهُ

فَنَبا وتمنَّع أَمْلَدُه

سببٌ لرضاك أُمَهِّده

ما بالُ الخصْرِ يُعَقِّدُه

بيني في الحبِّ وبينك ما

لا يَقْدِرُ واشٍ يُفْسِدُه

ما بالُ العاذِلِ يَفتح لي

بابَ السُّلْوانِ وأُوصِدُه

ويقول تكاد تجنُّ به

فأَقول وأُوشِكُ أَعْبُده

مَوْلايَ ورُوحِي في يَدِه

قد ضَيَّعها سَلِمتْ يَدُه

ناقوسُ القلبِ يدقُّ لهُ

وحنايا الأَضْلُعِ مَعْبَدُه

قسماً بثنايا لؤلُئِها

قسم الياقوت منضده

ورضابٍ يوعدُ كوثرهُ

مَقتولُ العِشقِ ومُشْهَدُه

وبخالٍ كاد يحجُّ له

لو كان يقبَّل أسوده

وقَوامٍ يَرْوي الغُصْنُ له

نَسَباً والرُّمْحُ يُفَنِّدُه

وبخصرٍ أوهَنَ مِنْ جَلَدِي

وعَوَادِي الهجر تُبدِّدُه

ما خنت هواك ولا خطرتْ

سلوى بالقلب تبرده

تاتي الدلال سجية وتصنعا

لُقِّب شاعرنا بشاعر الأمة حيث كانت لا تفوته مناسبة وطنية أو تاريخية، وكان يكتب بها شعراً واختارته الأمة ليكون عضو من أعضاء مجلس الأمة، ومن أرقى قصائد أحمد شوقي في الحب التي كتبها في كتابه الشوقيات القصيدة الآتية:[٦] تاتي الدلالَ سجيةً وتصنعا

وأَراك في حالَيْ دَلالِكَ مُبْدِعا

تهْ كيف شئت فما الجمالُ بحاكم

حتى يُطاع على الدلال ويُسْمَعا

لك أن يروعك الوشاة ُ من الهوى

وعليّ أَن أَهوى الغزالَ مُروَّعا

قالوا لقد سَمع الغزالُ لمن وشَى

وأقول ما سمع الغزالُ ولا وعي

أنا من يحبك في نفارك مؤنساً

ويحبُّ تيهكَ في نفاركَ مطمعا

قدّمتُ بين يديَّ أَيامَ الهوى

وجعلتُها أَملاً عليكَ مُضيَّعا

وصدقتُ في حبِّي فلست مُبالياً

أن أمنحَ الدنيا به أو أمنعا

يا من جرى من مقتيه إلى الهوى

صِرفاً ودار بوَجنتيْه مُشَعْشَعا

الله في كبدٍ سقيتَ بأربع

لو صبَّحوا رضْوى بها لتصدّعا

المراجع

  1. احمد شوقي، “بي مثل ما بك يا قمرية الوادى”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-18.
  2. احمد شوقي، “مضنى وليس به حراك”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-18.
  3. احمد شوقي، “سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-18.
  4. احمد شوقي، “في زهرتي ذا العود من أهل الهوى”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-18.
  5. احمد شوقي، “مضناك جفاه مرقده”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-24.
  6. احمد شوقي (1988)، الشوقيات (الطبعة الاولى)، بيروت: دار العودة، صفحة 130-131، جزء الثاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى