مقدمة الخطبة
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، نحمده بأن أنزل علينا الرحمة، وحثّ عباده على أن يتعاملوا بها، ونشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ مُحمدًا عبده ورسوله، اللهم صلّ عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
الوصية بالتقوى
عباد الله، أوصيكم ونفسي المُقصرة بتقوى الله ولُزوم طاعته، وأُحذركم ونفسي من مُخالفته وعصيان أوامره، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَـكِنَّ عَذَابَ اللَّـهِ شَدِيدٌ).[١]
الخطبة الأولى
عباد الله، ورد عن نبينا مُحمد -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- فقال: (قَبَّلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ وعِنْدَهُ الأقْرَعُ بنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأقْرَعُ: إنَّ لي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ ما قَبَّلْتُ منهمْ أحَدًا، فَنَظَرَ إلَيْهِ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَن لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ).[٢]
وفي الحديث بيانٌ لأنّ من لا يَرحم البشر أو الحيوان أو الكائنات، لا يُرحم من الله -تعالى- الذي وسعت رحمته كُلّ شيءٍ، فمن لا يَرحم غيره؛ فخسارته أكبر من خسارة من لا يرحمه، حيثُ إنّه يخسر رحمة الله -تعالى-، والإنسان غير الرحيم مهما بلغ مُلكه وسُلطانه على من لا يرحمهم تبقى حاجة الناس إليه محدودةً ومؤقَّتةً إن احتاجوا إليه، ولكنّ حاجته إلى رحمة الله -تعالى- باقيةٌ أبديَّةٌ؛ فالجزاء من جنس العمل، فمن يرحم غيره يرحمه الله -تعالى-، ومن لا يرحم غيره لا يرحمه الله -تعالى-.[٣]
ومن أراد أن تصله رحمة الله -تعالى- فليرحم غيره، ولذلك على المسلم أن يرحم من يرعاه وغيره؛ كالابن، والخادم، والعامل، والموظف، وجاره، كما يحرص كُلُّ واحدٍ منّا على البُعد عن الفظاظة والتعجرُف وقسوة القلب، فلا يستحقّ الرحمة من نزع الله -تعالى- الرحمة من قلبه، ومن أراد أن تصل رحمة الله -تعالى- إليه فليرحم غيره، لقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ، ارحَموا أَهْلَ الأرضِ يرحمُكُم مَن في السَّماءِ).[٤][٥]
بارَكَ الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعَنا بما فيهما مِن الآيات والحِكمة، أقولُ قولِي هذا، وأستغفِرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافَّة المُسلمين؛ فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي وسعت رحمته كُلّ شيءٍ، والصلاةُ والسلام على خير البريّة وسيّد البشريّة، سيدنا مُحمدٍ -عليه الصلاة والسلام-، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله، اعلموا أنّ أولى الناس برحمته هُم أقرب الناس إليه، كوالديه وأولاده، وقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ تقبيل الرجل لأولاده جُزءٌ من الرحمة الذي يجعلها الله -تعالى- في قلب الإنسان، كما أنّ صلة الرحم جُزءٌ من الرحمة؛ لأنّ الرحم مُشتقَّةٌ من الرحمة في مبناها، ويُطبقها الإنسان بمعناها من خلال رحمته بأقربائه،[٦] فلنحافظ على هذا الخلق العظيم؛ لتشملنا رحمات الله وبركاته.
الدعاء
- اللهم ارحمنا، وعافنا واعف عنا، وآتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار.
- اللهمَّ إنِّا نسألك من الخيرِ كلِّه عاجلِه وآجله، ونعوذُ بك من الشرِّ كلِّه عاجلِه وآجلِه.
- اللهمَّ إنِّا نسألُك الجنَّةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ، ونعوذُ بك من النارِ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ.
عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.
المراجع
- ↑ سورة الحج، آية:1-2
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5997، صحيح.
- ↑ أرياف التميمي (4-3-2013)، “من لا يرحم لا يرحم”، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:4941، صحيح .
- ↑ سعيد بن مسفر القحطاني، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 18، جزء 58. بتصرّف.
- ↑ صالح بن عبد الله بن حميد، دروس للشيخ صالح بن حميد، صفحة 7، جزء 44. بتصرّف.