الآداب

ما هي إلياذة هوميروس؟

صورة مقال ما هي إلياذة هوميروس؟

تعريف حول إلياذة هوميروس

الإلياذة أو الإلياس وهي كلمة يونانية تعني (إليون) عاصمة طروادة، وهي عبارة عن ملحمة قام بصياغتها الشاعر هوميروس بأسلوب فني بسيط، حيث تبنّى فيها موضوعًا أساسيًّا وبدأ منه ألا وهو حالة غضب البطل آخيل أو احتدامه، ثم تناول مواضيع تتعلق بالحرب التي كانت قائمة حينها.[١]

وقد نهج فيها منهجًا متناسقًا قصّ من خلاله الأحداث في سلسلة من الحوادث غير المُتشعبة، كما قام بتعداد الأشخاص الذين شاركوا في صنع الأحداث حتى وإن كانوا كثرًا،[١] وقد تغنى فيها الشاعر هوميروس كثيرًا بأمجاد مدينة إسبرطة في حرب طروادة،[٢] ويجمع أغلب المؤرخين والكتاب على أنّ أحداث ملحمة الإلياذة كانت قد وقعت في منتصف القرن الثاني عشر قبل الميلاد.[٣]

طروادة التي تدور حولها إلياذة هوميروس هي مدينة آسيوية قديمة تقع على شواطئ البوسفور، حيث وجدت آثارها مدفونة تحت الرمال بعد أن تم تدميرها من قبل أسلاف الإغريق في حروب طويلة الأمد، وتروي الإلياذة بعضًا من وقائع هذه الحرب التي يرى بعض المؤرخين أنها نشأت بسبب المنافسة على التجارة والرغبة في السيطرة على جزر بحر إيجة وسواحل الأناضول.[٣]

في حين يرى الشاعر هوميروس أن سبب تلك الحرب كان اختطاف هيلين زوجة مينلاوس ملك أسبرطة، وهو على الأغلب سبب فني من نسج خياله لا يمت للواقع بصلة.[٣]

تتألف الإلياذة من ستة عشر ألف شطر،[٣] ومن أربعة وعشرين جزءًا أو وحدة وفقًا للحروف الأبجدية اليونانية، وغالبًا ما تكون الوحدة الواحدة منها بحجم كتاب، وقد وضع اليونانيّون اسمًا مميّزًا لكل واحدة من هذه الوحدات، على سبيل المثال أطلقوا اسم: (هيلين على الأسوار) على واحدة من الوحدات، وعلى أخرى أطلقوا اسم (المعركة عند السفن، ومعركة الآلهة).[٤]

وتعد الإلياذة من أقدم وأشهر الملاحم التي عرفها التراث الإنساني، وقد أجمع المؤرّخون على أنّها وقرينتها الأوديسة من أعمال الشاعر العظيم هوميروس، إلا أنهم اختلفوا حول مدى حقيقة وجود مثل هكذا شاعر في الأصل.[٣]

الإلياذة عبارة عن قصة حرب امتزجت بالكثير من مشاعر الحب والكره؛ حيث يتصارع فيها الأبطال من بني البشر وكذلك الآلهة على حد سواء، وهي منظومة على البحر السادس وهو من البحور الشعرية التي شاع استخدامه في نظم الملاحم، وأبياتها التي تزيد عن ستة عشر ألف بيت، جرى تقسيمها إلى أربعة وعشرين نشيدًا.[٥]

وهذا التقسيم في حقيقة الأمر لا يعود إلى كاتب الملحمة الشاعر هوميروس، ولكنه تقسيم جرى استخدامه من قبل أريستاخوس في القرن الثاني قبل الميلاد.[٥]

تعد الإلياذة من الأعمال الخالدة على مر العصور لدى الكثير من شعوب العالم وقد تم ترجمتها إلى أغلب لغات العالم، ويرجع وجودها إلى عام (750 / 550) ق.م، ويبدو أنّ النص المعتمد منها لا يبدأ تاريخه إلا على يد حاكم أثينا بيسيستراتوس في القرن السادس.[٦]

وتروي الإلياذة أحداث العشرة أيام من السنة العاشرة من الحرب والحصار الذي تعرضت له مدينة طروادة،[٣] في حين يرى الكاتب الكبير البستاني أنها تروي أحداث ستة وخمسين يومًا من الحرب على طروادة وليس فقط عشرة أيام.[١]

الجنس الأدبي لإلياذة هوميروس

تنتمي الإلياذة للشاعر الإغريقي هوميروس إلى ما يطلق عليه في الأعمال الأدبية بالملاحم، وهو مصطلح أطلق لأول مرة على ملحمتي الإلياذة والأوديسة، ومن ثم أطلق على أعمال أوروبية أخرى مثل: ملحمة رولان وملحمة اليد،[٧] والشعر الملحمي هو من الأجناس الأدبية القديمة، وقد عرفه اليونانيّون القدماء وكان وسيلتهم في تسجيل الأحداث التاريخية التي مرت عليهم.[٨]

وعليه فالملحمة هي قصيدة طويلة تُسجّل الكثير من الأعمال البطولية لأبطال حقيقيين أو أسطوريين، وفيها يمتزج عمل البشر الطبيعيين مع أعمال كائنات أخرى مثل الآلهة والشياطين والوحوش.[٩]

الملحمة تكون في أغلب الأحيان متسلسلة الأحداث وتتمحور حول شخصية بطولية خارقة، تقوم بأفعال يتوقف عليها مصير شعب أو أمة بأكملها، وتنقسم الملاحم إلى نوعين؛ الأول: ملاحم بدائية شفوية، والثاني: ثانوية مكتوبة، لذلك فالملحمة تعد من قبيل القصص البطولية التي تروي أحداثًا عظيمة، وتشترك في أحداثها الكثير من الشخصيات الواقعية وكذلك الخيالية والأسطورية وغالبا ما تستغرق الملاحم وقتًا طويلًا،[٥] وتتميز الملحمة بالعديد من الخصائص الأدبية منها:

البطولة

للملحمة موضوع بطولي قائم على الصراع بين الخير والشر والحب والكره، وكذلك على إثبات الوجود الإنساني لذلك فهي غالبًا ما تدور أحداثها حول فكرة إثبات الحق أو استعادة كرامة شعب، ولهذا فقد أصبحت البطولة ركنًا أساسيًّا في الملحمة، وغيابه قد يشكل غيابًا للحق وللعدل.[١٠]

المعتقدات الدينية

تُصوّر الملحمة الكثير من المعتقدات الدينية لشعب ما أو أمة تصويرًا حقيقيًا، وما تؤمن به تلك الشعوب، ففي ملحمة الإلياذة صوّر الشاعر هوميروس الآلهة وهي كثر وعلى رأسهم زيوس وآلهة الحكمة التي منعت البطل الأسطوري آخيل من الاستمرار في القتال.[٥]

الأحداث والشخصيات الخارقة

غالبًا ما تضم الملحمة الكثير من الأمور والأحداث الخارقة، فتارة تكون هناك كائنات خارقة تقوم بأفعال خارقة لا يمكن للبشر الطبيعيين القيام بها، ولا يخلو الأمر من استخدام بعض أدوات والمعدات الخارقة أيضًا، ويستمد أصحابها تلك المعتقدات من التراث الشعبي الذي تتناقله الشعوب جيلًا بعد جيل.[١١]

الموضوعية

تتّصف الملاحم بشكل عام بالموضوعية؛ فهي ليست من الأعمال الشخصية التي يخلد فيها الكاتب أعماله أو بطولاته الخاصة، بل على العكس من ذلك تختفي شخصية كاتبها ولا تظهر سوى أعمال وبطولات أشخاص آخرين.[١٢]

العنصر القصصي

تنقل الملحمة صورًا حية وواقعية عن حياة الشعوب وعاداتها وتقاليدها والقصص التي عاشتها، وهي أشبه بالتاريخ الجمعي لهذه الشعوب، حيث تقوم بتصوير العديد من الأحداث التي تمر بها، كما تُمجّد الأبطال الذين أسهموا في حروبها وحققوا الانتصارات.[٥]

الأصول التاريخية

تستند الملحمة على أحداث تاريخية حقيقية في أغلب الأحيان، ولكن في بعض الأحيان قد يعمد الكاتب إلى الإضافة على تلك الأحداث وفي أحيان أخرى قد يحذف منها أحداث معينة بحسب ما يراه مناسبًا، بحيث تتكامل الملحمة من الناحية الأدبية، ولكن كل هذا يكون على حساب الوقائع الحقيقية التي حصلت على أرض الواقع.[١٢]

مضمون إلياذة هوميروس

تجري أحداث الإلياذة فيما وراء حدود التاريخ من خلال أحداث درامية يغوص أبطالها في الأساطير، ولا علاقة لها بالأحداث الحقيقية التي حصلت أو بشخصياتها، فتصور أبطالها في لحظة وجودية حرجة للغاية يتطلعون إلى تحقيق مستقبل أفضل لهم.[٦]

ويصور هوميروس أبطال الإلياذة وهم أبناء الآلهة وكأنهم بشر يعيشون على الأرض، لكنهم لا ينخرطون بشكل كامل في مجرى الأحداث، فهم ما يزالون يعيشون بين عالمين مختلفين؛ الأول عالم الألوهية الخالد والثاني عالم البشر الفاني، ولكنهم يصارعون من أجل البقاء ويحاولون صنع المجد.[٦]

الموضوع الرئيس

فيما يتعلق بالموضوع الرئيس بدأ هوميروس ملحمة الإلياذة والتي كتبها في الأيام الأخيرة من السنة العاشرة من حصار طروادة بقوله: [١]

ربة الشعر عن آخيل بن فيلا

:::أنشدينا وَاروِي احتدامًا وبيلًا

في هذا البيت إشارة واضحة إلى أنّ كلامه يدور حول الاحتدام الواقع من البداية حتى النهاية، ويبدو أنّ مجمل قصة الملحمة كانت تدور حول شخصية فتاة كانت موجودة من ضمن السبايا، وهذه الفتاة كان البطل آخيل قد وقع في حبها في السابق.[١]

وقد انتزعها منه الملك أغامنون واستخلصها لنفسه، فعظم الأمر على آخيل وكاد يبطش بهذا الملك الجبار، ولكن آلهة الحكمة أثينا نزلت إلى الأرض ومنعته من فعل هذا الأمر، فانكفأ وترك القتال وعزل نفسه وقبيلته عن جميع أمور المدينة فساءت الأمور كثيرًا.[١]

حرب طروادة

هي الحرب التي نشبت بين مدينة طروادة وأسبارطة، وهما مملكتان متجاورتان كانت تربطهما الكثير من العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية، ولكنها كانت علاقة تشهد بعض التوترات والخلافات من الحين للآخر.[٢]

وحدث أن أرسلت طروادة موفدها الخاص إلى إسبارطة وهو ياريس حل هذا الأخير ضيفًا على قصر الملك منيلاوس الذي كان مسافرًا في هذا الوقت، فشاهد ياريس زوجة الملك هيلين، فوقع في حبها وقرّرا الهرب إلى طروادة، وبالفعل حصل ما خططا له كل من ياريس وهيلين.[٢]

في تلك الأثناء ثارت ثائرة أهل مدينة أسبرطة بعد حادثة اختطاف زوجة ملكهم، وطالبوا من أهل طروادة بإعادتها فورًا، إلّا أنّ الطرواديين رفضوا ذلك الطلب فقرر الأسبراطيون المضي قدمًا وقتالهم بسبب رفضهم إعادة زوجة الملك.[٢]

ومنحوا حق قيادة جيشهم لأغامنونس، وهو أخو الملك منيلاوس وسار جيش أسبراطة العظيم إلى مدينة طروادة فدمر ونهب وسلب من المدن وعاث فيها الكثير من الفساد، ولما بلغ العاصمة طروادة فرض حصارًا كبيرًا عليها استمرّ لمدة تُقارب العشرة أعوام، ولكن المدينة صمدت في وجه هذا الحصار، ولكن لطول المدة بدأت الأموال والأرزاق تنقص فمات الكثيرون من الطرفين.[٢]

مع طول المدة وصمود أهل طروادة الكبير قرر الأسبراطيون العودة إلى بلادهم في نهاية الأمر، لولا الحيلة التي قام بها أوذيس، والتي مكنتهم من فتح مدينة طروادة، وفي تلك الأثناء تمكن الغضب من آخيل بطل الإغريق بسبب ما قام به أغنامنون فيما يخص زوجة الملك.[٢]

واحتدم غيظ آخيل وكاد يبطش بالملك لولا أن آلهة الحكمة هبطت إلى الأرض وردته عن ذلك الفعل بالقوة، ليقرر آخيل اعتزال القتال فخلت الساحة لأهل طروادة وبرز بطلهم هكتور وأخذ يلقي الرعب في نفوس الإسبارطيين، وينكل بهم بكل ما أوتي من قوة، فحرق البيوت وكاد يفتك بسفنهم الكبيرة، واستطاع أن يردهم إلى بلادهم خاسرين.[٢]

حاول الإغريقيون استرضاء آخيل للعودة إلى القتال ولكنه كان يرفض بشدة، أمّا الطرواديّون فازدادوا عنفًا ووحشية، فما كان إلا أن قرّر فطرقل وهو صديق آخيل النزول إلى ساحات القتال، وكان بطلًا شجاعًا استطاع هزيمة جيش طروادة، وكاد أن يحقق النصر لولا أن هكتور تصدى له وقتله فهزم الأسبارطيين مرة أخرى. [٢]

وفي تلك الأثناء اشتد غضب آخيل على صديقه فقرر النزول إلى المعركة وأخذ ينكل بالطرواديين فلاذوا بالفرار وتحصنوا في القلاع ولكن سقط هكتور على يد آخيل فمثل بجثته ثم قرر إعادة جثة هكتور لأبيه، وانتهت الملحمة بتصوير حزن أهل طروادة على بطلهم الراحل هكتور.[٢]

موضوعات متفرعة

يربط الشاعر هوميروس بين الحدث الرئيس للإلياذة ألا وهو الحرب، وبين مواضيع أخرى متفرقة من حياة كلّ من الشعب الإغريقي والطروادي من ناحية أخرى، فنراه يذكر أساليبهم المختلفة في ممارسة الحياة، فقدّم صورًا بالغة الدقة لتلك الحضارتين العظيمتين.[٣]

ومثال ذلك كلامه عن أدوات المعيشة وأسلحتهم في القتال، وطرقهم وأساليبهم في التعبير عن النفس سواء أكان في الحب أم في المناقشات والاجتماعات العامة، كما يذكر طقوسهم في الزواج، وطقوسهم في العبادة، وطريقتهم في دفن الموتى، وفي ممارسة الألعاب الرياضية، وإقامة المآدب وكيفية مجالستهم للضيوف.[٣]

مزج هوميروس بين السبب الرئيسي من الملحمة وبين الحوادث الفرعية التي ذكرها وصاغها بإحساس إنساني رقيق، الأمر الذي جعل من الإلياذة مصدر ومعين لا ينضب ينهل منه كتّاب المسرح وعلماء الاجتماع والتاريخ واللغة حتى هذا الوقت.[٣]

الشخصيات الرئيسة والثانوية في الإلياذة

أورد الشاعر هوميروس العديد من الشخصيات في ملحمة الإلياذة وهي على نوعين:[١]

الشخصيات الرئيسة

  • البطل أخيل: أحد أهم شخصيات الإلياذة، يصفه هوميروس بالبطل شديد الغضب والعنيد الشهم رابط الجأش الذي لا يقهر.
  • هكتور: وهو أحد الشخصيات الرئيسة، ويصفه هوميروس بحامي الديار الحازم المقدام من غير طيش والصادق في وعده وصاحب العقيدة الواضحة، والمتميز بذكاء متقد الذي فضّل الموت عن الحياة من أجل الدفاع عن قومه.
  • أغامنون: الأمير الخطير والقائد العظيم.
  • آيناس: البطل الورع والحليف القوي.
  • إياس: ذو البأس الشديد صاحب الأفعال لا الأقوال.

الشخصيات الثانوية

  • ذيوميد: الفتى المقدام الذي يهوى ركوب الأهوال.
  • نسطور: الشيخ الحكيم.
  • أوذيس: صاحب الحيلة والدهاء.
  • فطرقل: الصديق الوفي والكريم.
  • فريام: الملك الصبور والهرم الوقور.
  • ياريس: العاشق المتهور.
  • أنذروماخ: الزوجة المخلصة والوفية.
  • إيقاب: الأم الرائعة الحنونة.
  • هيلين: الفتاة اللعوب غير المؤتمنة.
  • اغنيور: المحارب.
  • أنطيلوخ: الشاب المتسرع.

الشكل والأسلوب الفني في إلياذة هوميروس

امتازت إلياذة هوميروس بالعديد من الخصائص والمميزات سواء من حيث الشكل أم الأسلوب الفني الذي استخدمه هوميروس في صياغتها وهي على النحو الآتي:[٥]

من حيث الشكل

اعتمد هوميروس في كتابته للإلياذة على شكل خاص ومميز وهو:[٥]

  • صيغت الإلياذة على شكل أربعة وعشرين نشيدًا.
  • صيغت الأناشيد على الوزن السداسي، وهو وزن يتكون من ست تفعيلات، وهذا النوع من الأوزان واسع ورحب؛ حيث يمنح الشاعر مساحة كبيرة لإيراد العديد من الصور والأشكال داخل الأبيات الشعرية.

من حيث الأسلوب الفني

امتازت إلياذة هوميروس بأسلوب فني مميز فريد من نوعه في العصر الذي ظهرت فيه، ولعل من أبرز مميزاتها:[٥]

  • صيغت بأفكار سلسلة ومتلاحقة.
  • صيغت بأسلوب بسيط ومباشر استخدمه الشاعر لتطوير مختلف الأفكار والأحداث.
  • إن الأفكار التي قامت عليها الإلياذة كانت أفكارًا بسيطة وواضحة لا غموض فيها، وهي في جوهرها كانت أفكارًا شديدة النبل.

أثر الإلياذة في الأدب والثقافة العالميين

لقد كان للإلياذة أثر كبير على الثقافة والأدب في سائر أنحاء العالم، فقد جرى ترجمتها إلى كل لغات العالم تقريبا[٣]، كما وأصبحت من النصوص الأكثر شيوعًا بين بني البشر فلم يصل إلى هذه المنزلة سوى كتب الأديان التي جاءت فيما بعد، ولا تزال منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وهي تحتل المقام الأول حيث ينهل منها المؤلفون وكتّاب المسرح الكثير من الأفكار.[١]

لعل السبب في ذلك يعود إلى القدرة العالية التي تمتع بها هوميروس في سبر أغوار النفس البشرية، فداعب أوتار القلب والعقل بشكل سهل وبسيط.[١]

مزج هوميروس فيها الحقيقة بالخيال مُستخدمًا لغة بسيطة غير متكلفة؛ فتراه يسهب في مواطن الإسهاب ويوجز في مواطن الإيجاز، وعرف عنه بلاغته الواضحة في الشعر وتناسق النظم لديه، ودقة المعنى والسهولة والانسجام بين السرد والأحداث، وتلك الأسباب وغيرها كانت السر وراء انتشارها في سائر أنحاء العالم واستمرارها حتى الآن.[١]

اقتباسات من إلياذة هوميروس

لعل أهم الاقتباسات التي يمكن إيرادها من إلياذة هوميروس هي:

  • من النشيد الرابع:[٦]

قد أقام الأرباب من حول زفس

:::مجلس ذاك البلاط المذهب

بكؤوس النظار دارت عليهم

:::هيبيا والسلاف بالدّور يُسكَب

فبإليون أحقوا من علاهم

:::وبمر الكلام زفس تعتب

قال مُذ رامَ أن يُحدّم هِيرا

:::ذا منيلا بربتين تحجّب

تلك هيرا الأرغية احتضنته

:::وأثينا لفوزه تتعصب

  • ومن النشيد السادس:[٦]

:خلت ساحة الحرب من كل درب

:فعج العجاج بطعن وضرب

:فمن سمويس إلى زنثس قراع

:السيوف ومد القسي

:فبادر بالقوم أول باد أياس

:يشق صفوف الأعادي

:ففرّج أول هم وباس يصرع

:ابن إفسورس أكماس

:أشد الثراقة بأسًا شديدًا

:وجبار هول وقرم عنيد

كتب ودراسات عن إلياذة هوميروس

إلياذة هوميروس من أبرز الملاحم اليونانية القديمة، ولقد احتلت مكانة كبيرة بين الآداب العالمية وتناولها العديد من الباحثين بالدراسة والتمحيص ولعل من بين أهم تلك الدراسات والكتابات:

  • مدخل إلى هوميروس: للعلامة الألماني فولف، وهو أول من منح إلياذة هوميروس الطابع الأكاديمي، وكان ذلك في عام 1795م.[١٣]
  • هيرمان ودوروثيا: للفيلسوف الألماني جوته، كان من أشد المتحمسين لجميع ما كتبه هوميروس.[١٣]
  • الإلياذة مترجمة للغة العربية: للأديب العالمي سليمان البستاني، وهو أول من تولى ترجمة إلياذة هوميروس إلى اللغة العربية، وكان البستاني يرى أنّ استمرارية أعمال هوميروس على مر العصور والأزمان كانت تقف وراءها العديد من الأسباب منها: قدرته العجيبة على مداعبة قلوب وعقول الناس بواسطة لغة بسيطة وسهلة، والسبب الثاني تمكّنه من مزج الحقيقة بالخيال، كما كان هوميروس بارعًا في نقل الكثير من عادات وتقاليد الشعوب اليونانية القديمة.[٢]
  • الناقد الألماني الكبير شليجل: كان من المعجبين بكتابات هوميروس وأشاد بها في كثير من المناسبات.[١٣]
  • الفيلسوف اليوناني الكبير أرسطو: كان له الكثير من الآراء النقدية في الملاحم، وحدّد مفهومها من خلال الانطباعات التي كونها عن كتابات هوميروس -بالأخصّ فيما يتعلق بالإلياذة-.[٢]
  • الخطيب الروماني المعروف شيشرون: أكّد شيشرون على ضرورة كتابة وتدوين كل من ملحمتي الإلياذة والأوديسة وكان هذا في عام 55 ق. م، وهو الأمر الذي دفع باسيستراتوس حاكم أثينا إلى العمل على تنسيق جميع ما كتبه هوميروس وترتيبها بشكل لم يسبقه إليه أحد.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر هوميروس ترجمة سليمان البستاني، الإلياذة، القاهرة مصر:كلمات عربية للترجمة والنشر، صفحة 30. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س سامية سعيد عمار (2019)، محاضرات الملاحم في الآداب القديمة، صفحة 8. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر هوميروس دريني خشبة ، الإلياذة، صفحة 7. بتصرّف.
  4. باري بي باول ترجمة محمد حامد درويش، هوميروس (الطبعة 1)، المملكة المتحدة:مؤسسة هناودي، صفحة 141. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ د حليمة قعري (2017)، البطولة لدى الإغريق والعرب، صفحة 39. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث ج هوميروس ترجمة أحمد عتمان (2008)، الإلياذة (الطبعة 1)، القاهرة مصر:المركز القومي للترجمة والنشر، صفحة 87. بتصرّف.
  7. أحمد شمس الدين، مولد الأبطال في السيرة الشعبية، صفحة 15. بتصرّف.
  8. محفوظ كحوال (2007)، الأجناس الأدبية، صفحة 168. بتصرّف.
  9. محمد الخطيب (1992)، الفكر الإغريقي (الطبعة 1)، سوريا:دار علاء الدين، صفحة 237. بتصرّف.
  10. جورج غريب ، الشعر الملحمي تاريخه وأعلامه، بيروت:دار الثقافة، صفحة 6. بتصرّف.
  11. محمد غنيمي (1983)، الأدب المقارن، بيروت:دار العودة، صفحة 145. بتصرّف.
  12. ^ أ ب طلال حرب (1999)، أولية النص نظرات في النقد (الطبعة 1)، بيروت:دار المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، صفحة 187. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت أحمد عتمان (1989)، الشعر الإغريقي تراثًا إنسانيًا وعالميًا، الكويت:عالم المعرفة، صفحة 15. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى