الآداب

تعبير عن الرسول صلى الله عليه وسلم

تعبير عن الرسول صلى الله عليه وسلم

محمد: حامل شعلة الإسلام إلى العالم

إنّ الإسلام هو المنارة الأولى التي انطلقت منها الحضارات الحقيقية البعيدة عن الهمجية، فحمل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- شعلة الإيمان ما بين مشرق الأرض ومغربها من مهده الأول في شبه الجزيرة العربية، فلم يكن الإسلام دينًا ضيقًا بل كان منارة تساق التفس إليه كما يُساق القمر إلى مطلعه كل ليلة، فتشرف رسول الله بحمل لواء الدين ليكون صاحب المكرمات العظيمة الجليلة، ولم يكن الرسول متهاونًا في حمل ذلك اللواء في يوم من الأيام بل كان خير القائمين على ذلك وخير من قدم دمه وروحه وجهده لحفظ الشريعة الإسلامية والمحافظة عليها.

إنّ الله جعله واحدًا من أولي العزم من الرسل من فوق سبع سموات، ولم يحز النبي -عليه الصلاة والسلام- ذاك اللقب مصادفة أو لأنه آخر الأنبياء، بل لأن مهمته جليلة عظيمة استطاع بفضلٍ من الله ومنه عليه أن يتمها حتى إذا اكتملت فاضت روحه إلى بارئها وكأن لا مهمة له في الدنيا إلا تبليغ ذكر الله الحكيم، ثم لما انتهى ما أوكله الله إليه رفعت روحه إلى بارئها واستقرت بجوار الله الحكيم، لم يدخر رسول الله -عليه الصلاة والسلام- جهدًا في تبليغ الدعوة الإسلامية ولم يؤثر نفسه على غيره بل كان دائمًا مقدامًا لا يلتفت للأخطار من حوله ولا يبخل بروحه في سبيل إعلاء كلمة رب العالمين.

لقد كانت الأرض تعج بالسواد، حتى إنّ النفوس السوية كانت قريبة من الفناء، وكان القوم يتبارون بالرذائل ويتقاتلون على الحرام ويستبيحون الحقوق فكانت مهمة الرسول -عليه الصلاة والسلام- جليلة عظيمة تحمل في طياتها الإنسانية قبل أن تحمل أي شيء آخر، إذ لا تغيير يحصل على الأرض ما لم يتخلص الإنسان من وحشية نفسه الداخلية التي لا تتروض إلا من خلال الالتزام بالأخلاق الحسنة التي أمر بها رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ونصّ عليها الله العظيم، فخرح العالم من سواده القاتم إلى جنات عريضة من التسامح النفسي والإنساني.

محمد: المعلم الأخلاقي

كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- خير معلم للمسلمين في تلقينهم الأخلاق الحسنة التي يتوجون من خلالها أنفسهم فيكونون سلاطين العروش الإنسانية، لقد استطاع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكون قائد القوانين الإنسانية منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة عام، حيث كان لا قانون يعلو على القوة في الجاهلية، فكان -في ذلك العصر- سيد الإنسانية، وكلما أراد رجل أن يضع دساتير للأخلاق لا ينفك أن يكون ذلك الدستور خلقًا لسيد الأرض والعالمين -عليه الصلاة والسلام-، وهو الذي كان يوقف رجالًا من أمثال أبي بكر وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- في الصلاة من أجل طفل لم يبلغ الثالثة من عمره اعتلى رأسه في سجوده فكره أن ينزله.

دافع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- عن الحيوان منذ عشرة قرون فقال إنّ امرأة دخلت النار في هرة حبستها، لقد وازى ما بين إنسان عاقل بالغ راشد في الحقوق مع قطة صغيرة حرمت من طعامها وشرابها فأخذ الإنسان المسلم بجريرة تلك القطة، وذلك من دروس رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حتى يعي الإنسان ألّا حق يعلو آخر مهما كان مرتكب الجرم عاليًا والمظلوم ضعيفًا، ولما أراد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أن يقطع يد امرأة شريفة حدًا للسرقة أراد أحد الصحابة أن يتشفع لها فغضب رسول الله غضبًا شديدًا حتى عرف غضبه في وجهه، وأخبر ذلك الرجل أنّ لو فاطمة سرقت لقطع يدها.

لقد كان رسول الله معلمًا في كل شيء عظيم في الأمر كله لا يأخذ رجلًا دون أن يقيم الحجة عليه، عطوفًا على الأطفال رحيمًا بهم، فلما توفي ابنه إبراهيم وكان صغيرًا حمله رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بين يديه وصار يبكي، فاستعجب من ذلك الفعل عبد الرحمن بن عوف وسأله متعجبًا عن بكائه، فلم يكن رد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- سوى بضع من الكلمات حيث أخبره إنها رحمة، فكان في كل موقف يقدم الدروس العظيمة لصحابته -رضي الله عنهم-.

محمد: النبي قبل البعثة

لقد كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- إنسانًا عظيمًا قبل البعثة وبعدها، فاستطاع أن يسطر في رحلته قبل البعثة أعظم الأخلاق حتى كان لا يقام مجلس إلا وهو فيه، وقد سماه القوم بالصادق الأمين فلا يكذب عليهم أبدًا، وكان مباركًا أينما كان وحيثما حل، فلما استأجرته خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها وأرضاها- أعجبت ببركته وأمانته وخطبته إلى نفسها، فكان -صلى الله عليه وسلم- نعم الرجل لها وفيًا لقلبها مقدرًا لجهودها محبًا لها لم يقل يومًا ما يحزن نفسها ويكدر مشاعرها، فهو نِعم الزوج ونِعم الصاحب ونِعم الحبيب ونِعم الأب، وكثرت القصائد التي تغنت برسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقال أحمد شوقي أمير الشعراء وسيد من أجاد في مدح النبي -عليه الصلاة والسلام- في العصر الحديث:[١]

وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ

وَفَمُ الزمانِ تَـبَسُّمٌ وَثَناءُ

الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ

لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ

وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي

وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا

بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ

وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ

وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ

بِكَ بَشَّرَ اللهُ السّماءَ فَزُيِّنَت

وَتَضَوَّعَت مِسكًا بِكَ الغَبراءُ

وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذي قَسَماتُهُ

حَقٌّ وَغُرَّتُهُ هُـدىً وَحَياءُ

عُرِف قدر رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في نفوس أهل قريش لما اختلفوا على وضع الحجر الأسود وأي قبيلة تفعل ذلك، فلما دخل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- اتفقوا جميعًا على أن يكون هو الحكم بينهم فوضع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- الحجر على عباءته وأخذت كل قبيلة بطرف ثم حمله بيديه الشريفتين ووضعه في مكانه، ولما اتفق عامة قريش على حلف الفضول كان رسول الله حاضرًا لذلك الحلف موافقًا عليه وقد قال في غير موضع لو دعي -عليه الصلاة والسلام- إلى مثل ذلك الحلف في الإسلام لأجاب، وبذلك يكون رسول الله -عليه الصلاة والسلام- سيدًا في قومه كان ذلك في الجاهلية أو الإسلام.

سيرة النبي اليتيم

لم تكن حياة النبي غليه الصلاة والسلام خالية من المصاعب فقد لاقى منذ ولادته أشق ما يمكن لطفل أن يختبره، وهو اليتم؛ فقد توفي والد رسول الله وقد كان النبي ما يزال جنينًا في بطن أمه، ولما توفيت أمه آمنة بنت وهب كان في السادسة من عمره فكفله جده عبد المطلب وبقي النبي في بيته حتى توفي ذاك الجد الحاني، فانتقل النبي إلي بيت عمه أبي طالب، وقد كان أبو طالب كثير العيال قليل المال ومع ذلك كان يهتم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقدمه على عياله، وقد حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على تكريم اليتيم وكافله فأخبر الناس أنه وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وقد جمع ما بين السبابة والوسطى.

لم يكن يُتمُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سوى قاعدة لانطلاقة عظيمة له في دعوته الإسلامية فلم ينقم على حالة اليتم التي عاشها في مجتمع ينعم فيه كل طفل بأب يحضنه كل مساء وأم تمسح على رأسه، ولم تكن تلك الحالة سببًا في ضعفه على الإطلاق بل استطاع أن يمتلك صفات عظيمة لم يحزها غيره من الرجال مثل الكرم والشجاعة والمروءة والعفة، إن يُتمَ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حري أن يكون كتابًا فيدرس لأجيال تؤمن أن الرجل لا يكون إلا صنعة نفسه وكما أراد الله له أن يكون، ولكل مجتهد نصيبه من الحياة فلما يجاهد الإنسان نفسه فإن الله لا بد أن يوفقه.

إن سيرة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لتعجز بضعة من الحروف أن تحتضنها أو بضع من الكلمات أن تفيها حقها، إنّ في كل موقف لرسول الله عبرًا وعظات، وكل متأمل لوقفات حياته لا بد أن يخرج بما يأت به الأولون من الفضائل العظيمة، رجل من أربعة عشر قرن قاد الدنيا فكان هو المعلم الأول لكل شيء، استطاع أن يخرج العالم من ظلمات بعضها فوق بعض إلى نور العلم والهداية والسلام والرحمة، فكان خير الرسل والأنبياء وخير مَن طلعت عليهم الشمس منذ أن أذن لها ربها بالشروق.

لقراءة المزيد، انظر هنا: أجمل ما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم.

المراجع

  1. “ولد الهدى فالكائنات ضياء”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/6/2021.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى