ابن زيدون يصف الزهراء
الشاعر : هو أحمد بن عبد الله بن زيدون، والذي ولد في قرطبة، وقد امتاز بالذكاء الحاد وسرعة البديهة والثقة بالنفس وكذلك الاعتداد بالأدب وقد شارك في الحياة الأدبية في الأندلس ورفعتها إلى المستوى الراقي وعقد صداقات متعددة مع أدبائها وشعرائها ، وهو شاعر أندلسي مبدع وفريد ، وهو أعظم شعراء الأندلس شأنًا على الاطلاق .
المناسبة التي قيلت فيه قصيدته الزهراء :
وصف الزهراء .
عاطفة الشاعر :
هي عاطفة صادقة صدرت عن تجربة نفسية عميقة عاناها الشاعر.
وهو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون ،وقد ولد بقرطبة وكان ميالا للعلم والأدب بشكل لافت فنشأه أبوه عليهما وأخذ ابن زيدون بعدها يتزود منهما ويعنى باللغة والأدب عناية أشد وأكثر حتى صار من أعظم شعراء قرطبة. ولقد انقسم وتوزع شعره في حياته إلى ثلاث مراحل كالتالي :
المرحلة الأولى وهي عبارة عن مقطوعات قصيرة في القالب .
المرحلة الثانية وهي تتضمن الشعر الذي اشتكى الشاعر فيه من الهجر والحرمان وقدم فيه كذلك الأعذار المختلفة طامعا في العودة إلى ولادة حبيبته .
المرحلة الثالثة والتي فيها شعر أنشأه بعد اقتناعه بالقطيعة مع ولاده ففيه نجد ذكرياته وأصداء حبه القديم لها ومشاعره التي لم تخب
نحوها فيما بعد . والصفة المميزة له هو ذلك الطابع الحزين الذي يغلب على الرجاء والأمل والأماني
وتعد هذه القصيدة ” الزهراء ” ضمن المرحلة الثانية من شعره حيث نجد الشاعر في هذه القصيدة الرائعه قد تعاطف مع الطبيعة وبثها أحزانه الجمة وجعلها تشاركه فيما ينتابه ويعانيه ، فكان له فيها تخفيف ما به من حزن وتعبير عن أشواقه إلى الذكريات الماضية مع ولادة ، والشاعر في هذا النص الفذ وان كان قد مال إلى شيء من وصف الطبيعة ولكن فإنما غرضه الأصلي كان هو الحديث عن ولادة في المقام الأول وعشقه لها :
إني ذكـرتك بالزهـراء مشتـاقــــــا
والأفـق طلـق ومـرأى الأرض قـد راقـــــا
وللنسيـم اعتــلال فـي أصائله
كـأنــه رق لـي فــاعتــل إشفــاقــــــــــــا
والروض عن مائه الفضي مبتسم
كمـا شققـت عن اللبـــات أطواقـــــــــــــا
نلهو بما يستميل العين من زهـر
جـال النــدى فيــه حتـى مـال أعنــاقـــــــا
يبدأ الشاعر أبياته بمناجاة حبيبته هنا فيؤكد لها حبه واشتياقه فيقول لها مشتاقا لقد تذكرتك في مدينة الزهراء الجميلة فازددت شوقا إليك ويتابع ولقد كانت الطبيعة باسمة فالسماء صافية ووجه الأرض ضاحك كذلك فراقه ذلك المنظر الجميل فهيٌج مشاعره وحنينه وتذكره لها .
ثم يجسد الطبيعة إنسانا بعدها يشاركه ذكرياته الحلوة فالنسيم مقبلا وقت الأصيل ويرنو لعلته والرياض تبتسم وقد جرت مياهها آسنة ممتدة بيضاء كجمال بياض عنقك عندما تتفتح عنه الثوب الهامر ، وهذا بجماله هيٌج ذكرى قد ولت وذهبت كونها ألا وهي ذكريات الأيام الجميلة بما فيها من لذة ومتعة حتمية بتنا لها نسترق
ونختلس لحظاتها الجميلة حتى لا يجعلنا يرانا عاذل أو حاسد .
كــأن أعينـه إذ عــاينت أرقــى
بكـت لمــا بـي فحــال الدمـع رقراقــــــــا
ورد تـألق في ضاحي منابتـــه
فازداد منــه الضحى في العين إشراقا
سـرى ينافحـه نيل وفــر عبــق
وسنــان نـبــه منـــه الصــبـح أحداقــــــــا
كل يهيج لنا ذكرى تشوقنــــا
أليـك لـم يعد عنها الصــدر إن ضاقـــــــــا
وهنا يثني بقوله وكنا نعبث ونلعب بما يجذب العين من أزهار ونبات وزهور قد أثقلها الندى فمالت غصونها وسقطت علينا قطرات الندى فكأنها دموع انهمرت متلألئة لامعه ومنا متأثرة لحالي وسهري وهنا تجسيد للزهر عنده بإنسان يشارك الشاعر أحزانه وذكرياته ،وكان يواصل حديثه عن جمال الطبيعة في مدينة الزهراء تلك مصورا ورودها في تألقها وبروزها البهي وقت الضحى بما يزيد الضحى إشراقا وعذوبة وجمالا ولمعانا للناظر إليه وفي جانب آخر هناك رقة من ينافس ويغالب هذه الورود في جمالها ورونقها وروائحها العطرية الطيبة وهو نبات جميل النيلوفر وقد أيقظه الصبح عند إشراقه فتفتحت تلك زهوره وانتشر عبقه وأريه فكأنه إنسان نعسان من النوم قد أيقظه الصباح ففتح عينيه فجأة
لا سكن الله قلبا عق ذكركــــم
فلـم يطــــر بجنــاح الشـــــوق خفاقـــــــا
لو شاء حملي نسيم الصبح حين سرى
وافـــاكـــم بفــتــى أضـــنـاه مــالاقــــــــى