احكام الشريعة الاسلامية

الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة

مقالات ذات صلة

الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة

لا تُعدّ الخِطبة من العقود، ولا تترتّب عليها الآثار -كما سيتبين لاحقا-، حتى وإن اقترنت بقراءة الفاتحة، أو تبادل الهدايا، أو تقديم مبلغ من المهر، ولذلك فإنّ للخِطبة ضوابط وأحكام ينبغي مراعاتها والالتزام بها، وفيما يأتي بيانها بشيءٍ من التفصيل:[١]

الكلام مع المخطوبة

الأصل في الكلام بين المخطوبين عدم المنع، إلّا أنّ له حدوداً لا بدّ لكليهما من الوقوف عندها، وعدم تجاوزها، وفيما يأتي بيان ضوابط الحديث بينهما:[٢]

  • أن يكون فيما يُحقّق مصلحة الزواج بقَدر الحاجة، ودون تجاوُزها.
  • ألّا تكون بينهما خلوةٌ.
  • أن تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية من الحِشمة، والحياء، وغيرها من الأمور التي تحفظ للمرأة مكانتها وقَدرها.
  • ألّا تقع المصافحة بينهما.
  • أن يتجنّبا الخضوع في القول.
  • أن يأمن كلٌّ منهما الوقوع في الفتنة.

النظر إلى المخطوبة

أجاز الشرع لكلٍّ من الرجل والمرأة النظر إلى بعضهما خلال فترة الخِطبة، إلّا أنّ ذلك مُقيَّدٌ بعددٍ من الضوابط، وبيانها فيما يأتي:[٣]

  • يكون النظر بعد إرادة الزواج، وقصده، والعزم عليه حقيقةً؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إذَا ألقَى اللَّهُ في قلبِ امرِئٍ خطبةَ امرأةٍ، فلا بأسَ أن ينظُرَ إليها).[٤]
  • يكون النظر إلى وجه المخطوبة وكفَّيها، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إلَيْهَا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصَارِ شيئًا)،[٥] والأمر الوارد في الحديث ينصرف إلى الوجه والكفَّين؛ إذ إنّ الوجه أجمل ما في البدن، أمّا الكفّان فهما ظاهران عادةً.
  • يجوز للخاطبين تكرار النظر إلى بعضهما إن دعت الحاجة؛ إذ إنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر عدد مرّات النظر في الحديث السابق، ولم يقيّده.
  • يجوز للخاطب أن ينظر إلى من يرى خِطبتها دون علمها؛ لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا خطبَ أحدُكُمْ امرأةً، فلا جُناحَ عليهِ أنْ ينظرَ إليها إذا كان إِنَّما ينظرُ إليها لِخِطبَتِهِ، وإنْ كانَتْ لا تعلمُ).[٦]

والحِكمة من الضوابط السابقة تكمُن في سيادة المودة، والطمأنينة بينهما، والتأكّد التامّ من بعضهما، إضافةً إلى أنّ في ذلك تطبيقاً عملياً لسُنّة النبي -عليه الصلاة والسلام- القائل: (اذهَبْ فانظُرْ إليها فإنَّه أجدَرُ أنْ يُؤدَمَ بينَكما)،[٧][٨][٩] كما أنّ الزواج لا يقتصر على تبادل أطراف الحديث، أو النظر فقط، بل يتشارك الزوجان جميع تفاصيل الحياة الخاصّة بكلٍّ منهما، فكان لا بُدّ أن يتقبّل كلّ طرفٍ مظهر الآخر، وبذلك تتحقّق المودة والرحمة التي نصّ عليها الله -تعالى- بقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١٠] وتجدر الإشارة إلى أنّ الفقهاء اتفقوا على مشروعية النظر،[١١] ومن الضوابط التي يجدر بالمخطوبة التحلّي بها عدم التبرُّج، أو إظهار المفاتن للخاطب؛ فهي تُعدّ أجنبيّةً عنه في فترة الخِطبة.[١٢]

عدم خِطبة المرأة من آخرٍ

لا تجوز خِطبة امرأةٍ مخطوبةٍ للغير؛ درءاً للخصومة، أو المفسدة التي قد تقع بين الناس بسبب ذلك، كما وردت العديد من النصوص التي تحرّم ذلك الفعل، ويُذكَر منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبَ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأْذَنَ له الخاطِبُ)،[١٣] ومراعاةً من المسلم لأخيه المسلم، أمّا إن رفضت المرأة الزواج من الخاطب الأول فيجوز للآخر التقدُّم لخِطبتها، والأفضل منه الانتظار مدةً من الزمن؛ مراعاةً لشعور الخاطب الأول، واختلف الفقهاء في حكم خِطبة المرأة من آخرٍ مدّة الانتظار، والمشاورة؛ فمنهم من قال بالجواز استدلالاً بعدم إنكار الرسول -عليه الصلاة والسلام- خِطبة فاطمة بنت قيس من معاوية بن أبي سفيان وأبي الجهم، وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في ذلك: “فيه دليلٌ على جواز الخِطبة على خِطبة الغير إذا لم تكن المرأة قد أذنت للأول وركنت إليه”، وذهب فريقٌ ثانٍ من العلماء إلى القول بالتحريم؛ إذ إنّ العداوة والبغضاء تقع بين الناس بسبب ذلك، والنهي الوارد عن خِطبة المسلم على المسلم لم تفرّق بين حالة الموافقة وحالة الانتظار، وصرّح الفريق الثالث من العلماء بجواز الخِطبة على الخِطبة مدّة الانتظار إن كان الخاطب الثاني أفضل من الأول؛ استدلالاً بإشارة الرسول -عليه الصلاة والسلام- على فاطمة بنت قيس بالزواج من أسامة حين تقدّم اثنان لخِطبتها.[١٤]

الخِطبة

يُعدّ عقد الزواج من العقود الشرعية بالغة الأهمية في الإسلام، وتكمُن غايته في العديد من الجوانب، منها: تكوين أسرةٍ صالحةٍ، واستقرار الحياة بأجواءٍ مِلؤها المودة، والرحمة، والسكينة، ولذلك فإنّ الخِطبة شُرِعت، وجُعِلت من مُقدِّمات الزواج؛ ليتجنّب كلٌّ من الزوج والزوجة الوقوع فيما يعكّر صَفو حياة الأسرة؛ فيتعرّف كلٌّ منهما على الآخر قبل الزواج، ويتعرّفان على الجوانب المشتركة، والمختلفة فيما بينهما، إلى جانب أخلاق كلٍّ منهما، وما يميّزهما، كما تُتيح الخِطبة الفرصة لهما للتحرّي، والسؤال عن بعضهما قبل العقد،[١٥][١٦] ومن الجدير بالذكر أنّ الخِطبة أو ما يسمّى بقراءة الفاتحة ليست عقداً شرعيّاً تترتّب عليه آثاره إلّا إن رافق ذلك عقداً صحيحاً بألفاظٍ صحيحةٍ، وحضور وليّ المرأة، والشهادة على ذلك، وتحديد حقوق المرأة عن طريق المحكمة الشرعيّة.[١٧][١٨]

وتُعرّف الخِطبة في اللغة والاصطلاح على النحو الآتي:[١٥][١٩]

  • الخِطبة لغةً: يُقصَد بها طلب الزواج، فيُقال: خطب الرجل؛ أي أنّه طلب الزواج من امرأةٍ.
  • الخِطبة اصطلاحاً: مُقدِّمةٌ من مُقدِّمات الزواج بين رجلٍ وامرأةٍ يحلاِّن لبعضهما دون أيّ مانعٍ، ولا يترتّب عليها ما يترتّب على الزواج من الآثار؛ فقد اتّفق العلماء على أنّ الخِطبة ليست عقداً؛ أي أنّها لا تجعل الحرام حلالاً، وإنّما هي في الحقيقة وعدٌ بالزواج.

حُكم الخِطبة

انحصرت آراء الفقهاء في حكم الخِطبة برأيين، وبيانهما فيما يأتي:[١٥][١٩]

  • القول الأول: ذهب الجمهور من العلماء إلى القول بجواز الخِطبة، ولم يعتبروها شرطاً لصحة النكاح، إذ يُمكن أن يتمّ دونها.
  • القول الثاني: ذهب الشافعية إلى القول باستحباب الخِطبة؛ استدلالاً بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ خطب عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-.

إلّا أنّ حُكم الخِطبة يختلف بالنظر إلى حال المرأة المخطوبة وحال الخاطب، فالخِطبة:[١٩][٢٠]

  • تجب في حقّ من يخشى على نفسه من الوقوع في الإثم.
  • تُحرَّم إن وُجِد أيّ مانعٍ من موانع الزواج؛ كأن يكون الرجل مُتزوِّجاً من أربع، أو مُتزوِّجاً من امرأةٍ مُتزوِّجةٍ، أو مُطلَّقةٍ رجعيّاً في فترة عدّتها.
  • تُستحَبّ للقادر عليها ولا يخاف على نفسه من الوقوع في المُحرَّمات.
  • تُكره الخِطبة لمن لم تكن لديه رغبة فيها.
  • تُباح خِطبة المرأة غير المُتزوِّجة، أو المُعتَدّة، سواءً كانت الخِطبة صراحةً، أو دلالةً.

مدة الخِطبة

لم يرد أيّ نصٍّ يُفيد تقييد مدّة الخِطبة؛ إذ إنّه أمرٌ عائدٌ إلى الخطيبَين، ولا تلزمهما؛ أي أنّ عقد الزواج يصحّ دونها، إلّا أنّ الأولى والأفضل عدم تطويل مدّتها دون أيّ حاجةٍ تستدعي ذلك؛ إذ ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- الحثّ والترغيب في تسريع الزواج، فقال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).[٢١][٢٢][٢٣]

من آداب الخِطبة

للخطبة آداب تُمكّن كلا الطرفَين من الاختيار الصحيح للمُضيّ في إتمام الأمور بينهما وصولاً إلى الزواج، وتحقيق الطمأنينة والاستقرار، ويُذكَر من تلك الآداب:[٢٤]

  • الاستخارة والاستشارة: تُشرع الاستخارة للمسلم في أموره كلّها، سواءً أكانت صغيرةً، أم كبيرةً، وكذلك في الخِطبة، بطلب تقدير الخير والبِرّ من الله -سبحانه-، والدعاء بالمعروف، وتُضاف استشارة أهل الخبرة والمشورة؛ فقد روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ).[٢٥]
للمزيد من التفاصيل عن صلاة الاستخارة الاطّلاع على مقالة: ((كيف نصلي الاستخارة)).
  • بيان الأمور كلّها: لا بُدّ للخاطب والمخطوبة من بيان الأمور كلّها، وإيضاحها، والحرص على عدم إخفاء أيّ عيبٍ قد يؤثّر في العلاقة بينهما.
  • الحرص على الدين والخُلُق: على كلٍّ من الخاطب والمخطوبة الحرص على الارتباط بالشخص السويّ الطيّب المعروف بأخلاقه، ودينه؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)،[٢٦] وقال أيضاً: (إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه).[٢٧]
  • مراعاة مصلحة المرأة: يجدر بوليّ المرأة، أو من أُوكِلت إليه مهمّة تزويجها أن يراعي مصلحتها، ويحرص على تحقيقها بأيّ وسيلةٍ ممكنةٍ، وبما يُرضي الله؛ إذ إنّ الوليّ مُؤتمَنٌ عليها، ومسؤول عنها.

الرجوع عن الخِطبة

تهدف الخِطبة للوصول إلى التوافق بين الرجل والمرأة؛ لتكوين أسرةٍ ناجحةٍ، إلّا أنّ أحد الطرفَين، أو كلَيهما قد يتراجعان عن الارتباط بالآخر لعدّة أسباب، وهو ما يسمّى بالفقه الإسلامي (العدول عن الخِطبة)، فالعدول لغةً يُقصَد به: العزوف أو الترك، أمّا في الاصطلاح الشرعي فالعدول: رجوع أحد الخاطبَين، أو كلَيهما عن قراره المُتعلّق بالخِطبة بعد رضاهما بها. وأهل العلم في هذه المسألة على قولين، هما:[١٥]

  • القول الأول: ذهب المالكية إلى القول بكراهة التراجع عن الخِطبة؛ إذ إنّها وعدٌ بالزواج، ويُكرَه للمسلم أن يُخلف وعده، وعلى ذلك نصّ الحنابلة إن كان العُدول دون غرضٍ أو حاجةٍ.
  • القول الثاني: ذهب الحنفيّة والشافعية والحنابلة إلى القول بجواز العُدول والتراجع عن الخِطبة.[٢٨]

أمّا الهدايا التي قدّمها الخاطب للمخطوبة، والمال الذي أُعطِي لها خلال فترة الخطبة، فقد اختلف الفقهاء في حُكمها، وذهبوا في ذلك إلى أربعة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:[٢٩]

  • القول الأول: قال الحنفية بإرجاع كلّ ما أُهدِي للمخطوبة من أشياء ذات قيمةٍ أو مالٍ، إلّا ما قد تَلِف، أو لم يعد موجوداً.
  • القول الثاني: قال بعض المالكية بعدم إرجاع أيّ شيءٍ من المخطوبة، حتى وإن كان العُدول من طرفها، ويُستثنى من ذلك ما يُستعاد بحسب عُرفٍ، أو شرطٍ، واستدلّوا بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ لنا مَثَلُ السَّوْءِ، الذي يَعُودُ في هِبَتِهِ كالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ).[٣٠]
  • القول الثالث: ذهب أكثر الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ كلّ ما قدّمه الخاطب من الهدايا إلى المخطوبة يُسترَدّ بعينه، أو بقيمته إن كان هالكاً، وقالوا بأنّ تلك الهدايا تختلف عن الهِبة المُقدّمة بلا عوضٍ، وإنّما هدية المخطوبة في حقيقتها مُنِحت بغرض بقاء العقد.
  • القول الرابع: ذهب بعض الشافعية كالرافعي وبعض المالكية كابن رشد وشيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً إلى القول بعدم جواز استرداد الهدايا إنْ كان التراجع من قِبل الخاطب، وجواز استردادها إن كان العدول عن الخطبة من قِبل المخطوبة، لأنّ الغاية من الخِطبة وهي -الزواج- لم تتم.

للمزيد من التفاصيل عن الزواج في الإسلام الاطّلاع على مقالة: ((كيف يتم عقد الزواج الشرعي)).

المراجع

  1. محمد قنديل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 49. بتصرّف.
  2. خالد الرفاعي (2013-02-23)، “أحكام وضوابط فترة الخطوبة”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  3. عبد الله علوان، آداب الخطبة و الزواج وحقوق الزوجين، القاهرة: دار السلام، صفحة 25-26. بتصرّف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع العغير، عن محمد بن سلمة، الصفحة أو الرقم: 487، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1424، صحيح.
  6. رواه الالباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 97، إسناده صحيح.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 4043، أخرجه في صحيحه.
  8. محمد السديس (1425ه)، مقدمات النكاح (دراسة مقارنة)، المدينة المنورة: الجامعة الاسلامية، صفحة 230. بتصرّف.
  9. محمد الجوابي (2000م)، المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة الثالثة)، الرياض: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 101. بتصرّف.
  10. سورة الروم، آية: 21.
  11. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 34-38. بتصرّف.
  12. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2/ربيع الأول/1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5142، صحيح.
  14. محمد السديس (1425)، مقدمات النكاح، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 231-233. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت ث حسان أبو عرقوب (2/9/2009)، “أثر العدول عن الخِطبة”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 18/12/2019. بتصرّف.
  16. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الأردن – عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 43، جزء 4. بتصرّف.
  17. “الفرق بين الخطبة والزواج”، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  18. سماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان، “الخطبة”، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  19. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404هـ -1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 190-191، جزء 19. بتصرّف.
  20. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 32-33. بتصرّف.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  22. “الفترة الزمنية بين الخطبة والزواج”، www.islamweb.net، 2-2-2008، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  23. “منع البنت من الزواج حتى تتزوج البنت الكبرى ظلم”، www.islamweb.net، 24-7-2005، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  24. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2-ربيع الأول-1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390، صحيح.
  26. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5090، صحيح.
  27. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي حاتم المزني، الصفحة أو الرقم: 1868، حسن.
  28. مجموعة من المؤلفين (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 203، جزء 19. بتصرّف.
  29. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 125-128، جزء 3. بتصرّف.
  30. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 2622، صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة

لا تُعدّ الخِطبة من العقود، ولا تترتّب عليها الآثار -كما سيتبين لاحقا-، حتى وإن اقترنت بقراءة الفاتحة، أو تبادل الهدايا، أو تقديم مبلغ من المهر، ولذلك فإنّ للخِطبة ضوابط وأحكام ينبغي مراعاتها والالتزام بها، وفيما يأتي بيانها بشيءٍ من التفصيل:[١]

الكلام مع المخطوبة

الأصل في الكلام بين المخطوبين عدم المنع، إلّا أنّ له حدوداً لا بدّ لكليهما من الوقوف عندها، وعدم تجاوزها، وفيما يأتي بيان ضوابط الحديث بينهما:[٢]

  • أن يكون فيما يُحقّق مصلحة الزواج بقَدر الحاجة، ودون تجاوُزها.
  • ألّا تكون بينهما خلوةٌ.
  • أن تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية من الحِشمة، والحياء، وغيرها من الأمور التي تحفظ للمرأة مكانتها وقَدرها.
  • ألّا تقع المصافحة بينهما.
  • أن يتجنّبا الخضوع في القول.
  • أن يأمن كلٌّ منهما الوقوع في الفتنة.

النظر إلى المخطوبة

أجاز الشرع لكلٍّ من الرجل والمرأة النظر إلى بعضهما خلال فترة الخِطبة، إلّا أنّ ذلك مُقيَّدٌ بعددٍ من الضوابط، وبيانها فيما يأتي:[٣]

  • يكون النظر بعد إرادة الزواج، وقصده، والعزم عليه حقيقةً؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إذَا ألقَى اللَّهُ في قلبِ امرِئٍ خطبةَ امرأةٍ، فلا بأسَ أن ينظُرَ إليها).[٤]
  • يكون النظر إلى وجه المخطوبة وكفَّيها، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إلَيْهَا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصَارِ شيئًا)،[٥] والأمر الوارد في الحديث ينصرف إلى الوجه والكفَّين؛ إذ إنّ الوجه أجمل ما في البدن، أمّا الكفّان فهما ظاهران عادةً.
  • يجوز للخاطبين تكرار النظر إلى بعضهما إن دعت الحاجة؛ إذ إنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر عدد مرّات النظر في الحديث السابق، ولم يقيّده.
  • يجوز للخاطب أن ينظر إلى من يرى خِطبتها دون علمها؛ لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا خطبَ أحدُكُمْ امرأةً، فلا جُناحَ عليهِ أنْ ينظرَ إليها إذا كان إِنَّما ينظرُ إليها لِخِطبَتِهِ، وإنْ كانَتْ لا تعلمُ).[٦]

والحِكمة من الضوابط السابقة تكمُن في سيادة المودة، والطمأنينة بينهما، والتأكّد التامّ من بعضهما، إضافةً إلى أنّ في ذلك تطبيقاً عملياً لسُنّة النبي -عليه الصلاة والسلام- القائل: (اذهَبْ فانظُرْ إليها فإنَّه أجدَرُ أنْ يُؤدَمَ بينَكما)،[٧][٨][٩] كما أنّ الزواج لا يقتصر على تبادل أطراف الحديث، أو النظر فقط، بل يتشارك الزوجان جميع تفاصيل الحياة الخاصّة بكلٍّ منهما، فكان لا بُدّ أن يتقبّل كلّ طرفٍ مظهر الآخر، وبذلك تتحقّق المودة والرحمة التي نصّ عليها الله -تعالى- بقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١٠] وتجدر الإشارة إلى أنّ الفقهاء اتفقوا على مشروعية النظر،[١١] ومن الضوابط التي يجدر بالمخطوبة التحلّي بها عدم التبرُّج، أو إظهار المفاتن للخاطب؛ فهي تُعدّ أجنبيّةً عنه في فترة الخِطبة.[١٢]

عدم خِطبة المرأة من آخرٍ

لا تجوز خِطبة امرأةٍ مخطوبةٍ للغير؛ درءاً للخصومة، أو المفسدة التي قد تقع بين الناس بسبب ذلك، كما وردت العديد من النصوص التي تحرّم ذلك الفعل، ويُذكَر منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبَ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأْذَنَ له الخاطِبُ)،[١٣] ومراعاةً من المسلم لأخيه المسلم، أمّا إن رفضت المرأة الزواج من الخاطب الأول فيجوز للآخر التقدُّم لخِطبتها، والأفضل منه الانتظار مدةً من الزمن؛ مراعاةً لشعور الخاطب الأول، واختلف الفقهاء في حكم خِطبة المرأة من آخرٍ مدّة الانتظار، والمشاورة؛ فمنهم من قال بالجواز استدلالاً بعدم إنكار الرسول -عليه الصلاة والسلام- خِطبة فاطمة بنت قيس من معاوية بن أبي سفيان وأبي الجهم، وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في ذلك: “فيه دليلٌ على جواز الخِطبة على خِطبة الغير إذا لم تكن المرأة قد أذنت للأول وركنت إليه”، وذهب فريقٌ ثانٍ من العلماء إلى القول بالتحريم؛ إذ إنّ العداوة والبغضاء تقع بين الناس بسبب ذلك، والنهي الوارد عن خِطبة المسلم على المسلم لم تفرّق بين حالة الموافقة وحالة الانتظار، وصرّح الفريق الثالث من العلماء بجواز الخِطبة على الخِطبة مدّة الانتظار إن كان الخاطب الثاني أفضل من الأول؛ استدلالاً بإشارة الرسول -عليه الصلاة والسلام- على فاطمة بنت قيس بالزواج من أسامة حين تقدّم اثنان لخِطبتها.[١٤]

الخِطبة

يُعدّ عقد الزواج من العقود الشرعية بالغة الأهمية في الإسلام، وتكمُن غايته في العديد من الجوانب، منها: تكوين أسرةٍ صالحةٍ، واستقرار الحياة بأجواءٍ مِلؤها المودة، والرحمة، والسكينة، ولذلك فإنّ الخِطبة شُرِعت، وجُعِلت من مُقدِّمات الزواج؛ ليتجنّب كلٌّ من الزوج والزوجة الوقوع فيما يعكّر صَفو حياة الأسرة؛ فيتعرّف كلٌّ منهما على الآخر قبل الزواج، ويتعرّفان على الجوانب المشتركة، والمختلفة فيما بينهما، إلى جانب أخلاق كلٍّ منهما، وما يميّزهما، كما تُتيح الخِطبة الفرصة لهما للتحرّي، والسؤال عن بعضهما قبل العقد،[١٥][١٦] ومن الجدير بالذكر أنّ الخِطبة أو ما يسمّى بقراءة الفاتحة ليست عقداً شرعيّاً تترتّب عليه آثاره إلّا إن رافق ذلك عقداً صحيحاً بألفاظٍ صحيحةٍ، وحضور وليّ المرأة، والشهادة على ذلك، وتحديد حقوق المرأة عن طريق المحكمة الشرعيّة.[١٧][١٨]

وتُعرّف الخِطبة في اللغة والاصطلاح على النحو الآتي:[١٥][١٩]

  • الخِطبة لغةً: يُقصَد بها طلب الزواج، فيُقال: خطب الرجل؛ أي أنّه طلب الزواج من امرأةٍ.
  • الخِطبة اصطلاحاً: مُقدِّمةٌ من مُقدِّمات الزواج بين رجلٍ وامرأةٍ يحلاِّن لبعضهما دون أيّ مانعٍ، ولا يترتّب عليها ما يترتّب على الزواج من الآثار؛ فقد اتّفق العلماء على أنّ الخِطبة ليست عقداً؛ أي أنّها لا تجعل الحرام حلالاً، وإنّما هي في الحقيقة وعدٌ بالزواج.

حُكم الخِطبة

انحصرت آراء الفقهاء في حكم الخِطبة برأيين، وبيانهما فيما يأتي:[١٥][١٩]

  • القول الأول: ذهب الجمهور من العلماء إلى القول بجواز الخِطبة، ولم يعتبروها شرطاً لصحة النكاح، إذ يُمكن أن يتمّ دونها.
  • القول الثاني: ذهب الشافعية إلى القول باستحباب الخِطبة؛ استدلالاً بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ خطب عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-.

إلّا أنّ حُكم الخِطبة يختلف بالنظر إلى حال المرأة المخطوبة وحال الخاطب، فالخِطبة:[١٩][٢٠]

  • تجب في حقّ من يخشى على نفسه من الوقوع في الإثم.
  • تُحرَّم إن وُجِد أيّ مانعٍ من موانع الزواج؛ كأن يكون الرجل مُتزوِّجاً من أربع، أو مُتزوِّجاً من امرأةٍ مُتزوِّجةٍ، أو مُطلَّقةٍ رجعيّاً في فترة عدّتها.
  • تُستحَبّ للقادر عليها ولا يخاف على نفسه من الوقوع في المُحرَّمات.
  • تُكره الخِطبة لمن لم تكن لديه رغبة فيها.
  • تُباح خِطبة المرأة غير المُتزوِّجة، أو المُعتَدّة، سواءً كانت الخِطبة صراحةً، أو دلالةً.

مدة الخِطبة

لم يرد أيّ نصٍّ يُفيد تقييد مدّة الخِطبة؛ إذ إنّه أمرٌ عائدٌ إلى الخطيبَين، ولا تلزمهما؛ أي أنّ عقد الزواج يصحّ دونها، إلّا أنّ الأولى والأفضل عدم تطويل مدّتها دون أيّ حاجةٍ تستدعي ذلك؛ إذ ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- الحثّ والترغيب في تسريع الزواج، فقال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).[٢١][٢٢][٢٣]

من آداب الخِطبة

للخطبة آداب تُمكّن كلا الطرفَين من الاختيار الصحيح للمُضيّ في إتمام الأمور بينهما وصولاً إلى الزواج، وتحقيق الطمأنينة والاستقرار، ويُذكَر من تلك الآداب:[٢٤]

  • الاستخارة والاستشارة: تُشرع الاستخارة للمسلم في أموره كلّها، سواءً أكانت صغيرةً، أم كبيرةً، وكذلك في الخِطبة، بطلب تقدير الخير والبِرّ من الله -سبحانه-، والدعاء بالمعروف، وتُضاف استشارة أهل الخبرة والمشورة؛ فقد روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ).[٢٥]
للمزيد من التفاصيل عن صلاة الاستخارة الاطّلاع على مقالة: ((كيف نصلي الاستخارة)).
  • بيان الأمور كلّها: لا بُدّ للخاطب والمخطوبة من بيان الأمور كلّها، وإيضاحها، والحرص على عدم إخفاء أيّ عيبٍ قد يؤثّر في العلاقة بينهما.
  • الحرص على الدين والخُلُق: على كلٍّ من الخاطب والمخطوبة الحرص على الارتباط بالشخص السويّ الطيّب المعروف بأخلاقه، ودينه؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)،[٢٦] وقال أيضاً: (إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه).[٢٧]
  • مراعاة مصلحة المرأة: يجدر بوليّ المرأة، أو من أُوكِلت إليه مهمّة تزويجها أن يراعي مصلحتها، ويحرص على تحقيقها بأيّ وسيلةٍ ممكنةٍ، وبما يُرضي الله؛ إذ إنّ الوليّ مُؤتمَنٌ عليها، ومسؤول عنها.

الرجوع عن الخِطبة

تهدف الخِطبة للوصول إلى التوافق بين الرجل والمرأة؛ لتكوين أسرةٍ ناجحةٍ، إلّا أنّ أحد الطرفَين، أو كلَيهما قد يتراجعان عن الارتباط بالآخر لعدّة أسباب، وهو ما يسمّى بالفقه الإسلامي (العدول عن الخِطبة)، فالعدول لغةً يُقصَد به: العزوف أو الترك، أمّا في الاصطلاح الشرعي فالعدول: رجوع أحد الخاطبَين، أو كلَيهما عن قراره المُتعلّق بالخِطبة بعد رضاهما بها. وأهل العلم في هذه المسألة على قولين، هما:[١٥]

  • القول الأول: ذهب المالكية إلى القول بكراهة التراجع عن الخِطبة؛ إذ إنّها وعدٌ بالزواج، ويُكرَه للمسلم أن يُخلف وعده، وعلى ذلك نصّ الحنابلة إن كان العُدول دون غرضٍ أو حاجةٍ.
  • القول الثاني: ذهب الحنفيّة والشافعية والحنابلة إلى القول بجواز العُدول والتراجع عن الخِطبة.[٢٨]

أمّا الهدايا التي قدّمها الخاطب للمخطوبة، والمال الذي أُعطِي لها خلال فترة الخطبة، فقد اختلف الفقهاء في حُكمها، وذهبوا في ذلك إلى أربعة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:[٢٩]

  • القول الأول: قال الحنفية بإرجاع كلّ ما أُهدِي للمخطوبة من أشياء ذات قيمةٍ أو مالٍ، إلّا ما قد تَلِف، أو لم يعد موجوداً.
  • القول الثاني: قال بعض المالكية بعدم إرجاع أيّ شيءٍ من المخطوبة، حتى وإن كان العُدول من طرفها، ويُستثنى من ذلك ما يُستعاد بحسب عُرفٍ، أو شرطٍ، واستدلّوا بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ لنا مَثَلُ السَّوْءِ، الذي يَعُودُ في هِبَتِهِ كالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ).[٣٠]
  • القول الثالث: ذهب أكثر الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ كلّ ما قدّمه الخاطب من الهدايا إلى المخطوبة يُسترَدّ بعينه، أو بقيمته إن كان هالكاً، وقالوا بأنّ تلك الهدايا تختلف عن الهِبة المُقدّمة بلا عوضٍ، وإنّما هدية المخطوبة في حقيقتها مُنِحت بغرض بقاء العقد.
  • القول الرابع: ذهب بعض الشافعية كالرافعي وبعض المالكية كابن رشد وشيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً إلى القول بعدم جواز استرداد الهدايا إنْ كان التراجع من قِبل الخاطب، وجواز استردادها إن كان العدول عن الخطبة من قِبل المخطوبة، لأنّ الغاية من الخِطبة وهي -الزواج- لم تتم.

للمزيد من التفاصيل عن الزواج في الإسلام الاطّلاع على مقالة: ((كيف يتم عقد الزواج الشرعي)).

المراجع

  1. محمد قنديل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 49. بتصرّف.
  2. خالد الرفاعي (2013-02-23)، “أحكام وضوابط فترة الخطوبة”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  3. عبد الله علوان، آداب الخطبة و الزواج وحقوق الزوجين، القاهرة: دار السلام، صفحة 25-26. بتصرّف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع العغير، عن محمد بن سلمة، الصفحة أو الرقم: 487، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1424، صحيح.
  6. رواه الالباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 97، إسناده صحيح.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 4043، أخرجه في صحيحه.
  8. محمد السديس (1425ه)، مقدمات النكاح (دراسة مقارنة)، المدينة المنورة: الجامعة الاسلامية، صفحة 230. بتصرّف.
  9. محمد الجوابي (2000م)، المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة الثالثة)، الرياض: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 101. بتصرّف.
  10. سورة الروم، آية: 21.
  11. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 34-38. بتصرّف.
  12. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2/ربيع الأول/1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5142، صحيح.
  14. محمد السديس (1425)، مقدمات النكاح، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 231-233. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت ث حسان أبو عرقوب (2/9/2009)، “أثر العدول عن الخِطبة”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 18/12/2019. بتصرّف.
  16. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الأردن – عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 43، جزء 4. بتصرّف.
  17. “الفرق بين الخطبة والزواج”، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  18. سماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان، “الخطبة”، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  19. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404هـ -1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 190-191، جزء 19. بتصرّف.
  20. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 32-33. بتصرّف.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  22. “الفترة الزمنية بين الخطبة والزواج”، www.islamweb.net، 2-2-2008، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  23. “منع البنت من الزواج حتى تتزوج البنت الكبرى ظلم”، www.islamweb.net، 24-7-2005، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  24. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2-ربيع الأول-1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390، صحيح.
  26. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5090، صحيح.
  27. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي حاتم المزني، الصفحة أو الرقم: 1868، حسن.
  28. مجموعة من المؤلفين (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 203، جزء 19. بتصرّف.
  29. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 125-128، جزء 3. بتصرّف.
  30. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 2622، صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة

لا تُعدّ الخِطبة من العقود، ولا تترتّب عليها الآثار -كما سيتبين لاحقا-، حتى وإن اقترنت بقراءة الفاتحة، أو تبادل الهدايا، أو تقديم مبلغ من المهر، ولذلك فإنّ للخِطبة ضوابط وأحكام ينبغي مراعاتها والالتزام بها، وفيما يأتي بيانها بشيءٍ من التفصيل:[١]

الكلام مع المخطوبة

الأصل في الكلام بين المخطوبين عدم المنع، إلّا أنّ له حدوداً لا بدّ لكليهما من الوقوف عندها، وعدم تجاوزها، وفيما يأتي بيان ضوابط الحديث بينهما:[٢]

  • أن يكون فيما يُحقّق مصلحة الزواج بقَدر الحاجة، ودون تجاوُزها.
  • ألّا تكون بينهما خلوةٌ.
  • أن تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية من الحِشمة، والحياء، وغيرها من الأمور التي تحفظ للمرأة مكانتها وقَدرها.
  • ألّا تقع المصافحة بينهما.
  • أن يتجنّبا الخضوع في القول.
  • أن يأمن كلٌّ منهما الوقوع في الفتنة.

النظر إلى المخطوبة

أجاز الشرع لكلٍّ من الرجل والمرأة النظر إلى بعضهما خلال فترة الخِطبة، إلّا أنّ ذلك مُقيَّدٌ بعددٍ من الضوابط، وبيانها فيما يأتي:[٣]

  • يكون النظر بعد إرادة الزواج، وقصده، والعزم عليه حقيقةً؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إذَا ألقَى اللَّهُ في قلبِ امرِئٍ خطبةَ امرأةٍ، فلا بأسَ أن ينظُرَ إليها).[٤]
  • يكون النظر إلى وجه المخطوبة وكفَّيها، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إلَيْهَا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصَارِ شيئًا)،[٥] والأمر الوارد في الحديث ينصرف إلى الوجه والكفَّين؛ إذ إنّ الوجه أجمل ما في البدن، أمّا الكفّان فهما ظاهران عادةً.
  • يجوز للخاطبين تكرار النظر إلى بعضهما إن دعت الحاجة؛ إذ إنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر عدد مرّات النظر في الحديث السابق، ولم يقيّده.
  • يجوز للخاطب أن ينظر إلى من يرى خِطبتها دون علمها؛ لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا خطبَ أحدُكُمْ امرأةً، فلا جُناحَ عليهِ أنْ ينظرَ إليها إذا كان إِنَّما ينظرُ إليها لِخِطبَتِهِ، وإنْ كانَتْ لا تعلمُ).[٦]

والحِكمة من الضوابط السابقة تكمُن في سيادة المودة، والطمأنينة بينهما، والتأكّد التامّ من بعضهما، إضافةً إلى أنّ في ذلك تطبيقاً عملياً لسُنّة النبي -عليه الصلاة والسلام- القائل: (اذهَبْ فانظُرْ إليها فإنَّه أجدَرُ أنْ يُؤدَمَ بينَكما)،[٧][٨][٩] كما أنّ الزواج لا يقتصر على تبادل أطراف الحديث، أو النظر فقط، بل يتشارك الزوجان جميع تفاصيل الحياة الخاصّة بكلٍّ منهما، فكان لا بُدّ أن يتقبّل كلّ طرفٍ مظهر الآخر، وبذلك تتحقّق المودة والرحمة التي نصّ عليها الله -تعالى- بقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١٠] وتجدر الإشارة إلى أنّ الفقهاء اتفقوا على مشروعية النظر،[١١] ومن الضوابط التي يجدر بالمخطوبة التحلّي بها عدم التبرُّج، أو إظهار المفاتن للخاطب؛ فهي تُعدّ أجنبيّةً عنه في فترة الخِطبة.[١٢]

عدم خِطبة المرأة من آخرٍ

لا تجوز خِطبة امرأةٍ مخطوبةٍ للغير؛ درءاً للخصومة، أو المفسدة التي قد تقع بين الناس بسبب ذلك، كما وردت العديد من النصوص التي تحرّم ذلك الفعل، ويُذكَر منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبَ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأْذَنَ له الخاطِبُ)،[١٣] ومراعاةً من المسلم لأخيه المسلم، أمّا إن رفضت المرأة الزواج من الخاطب الأول فيجوز للآخر التقدُّم لخِطبتها، والأفضل منه الانتظار مدةً من الزمن؛ مراعاةً لشعور الخاطب الأول، واختلف الفقهاء في حكم خِطبة المرأة من آخرٍ مدّة الانتظار، والمشاورة؛ فمنهم من قال بالجواز استدلالاً بعدم إنكار الرسول -عليه الصلاة والسلام- خِطبة فاطمة بنت قيس من معاوية بن أبي سفيان وأبي الجهم، وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في ذلك: “فيه دليلٌ على جواز الخِطبة على خِطبة الغير إذا لم تكن المرأة قد أذنت للأول وركنت إليه”، وذهب فريقٌ ثانٍ من العلماء إلى القول بالتحريم؛ إذ إنّ العداوة والبغضاء تقع بين الناس بسبب ذلك، والنهي الوارد عن خِطبة المسلم على المسلم لم تفرّق بين حالة الموافقة وحالة الانتظار، وصرّح الفريق الثالث من العلماء بجواز الخِطبة على الخِطبة مدّة الانتظار إن كان الخاطب الثاني أفضل من الأول؛ استدلالاً بإشارة الرسول -عليه الصلاة والسلام- على فاطمة بنت قيس بالزواج من أسامة حين تقدّم اثنان لخِطبتها.[١٤]

الخِطبة

يُعدّ عقد الزواج من العقود الشرعية بالغة الأهمية في الإسلام، وتكمُن غايته في العديد من الجوانب، منها: تكوين أسرةٍ صالحةٍ، واستقرار الحياة بأجواءٍ مِلؤها المودة، والرحمة، والسكينة، ولذلك فإنّ الخِطبة شُرِعت، وجُعِلت من مُقدِّمات الزواج؛ ليتجنّب كلٌّ من الزوج والزوجة الوقوع فيما يعكّر صَفو حياة الأسرة؛ فيتعرّف كلٌّ منهما على الآخر قبل الزواج، ويتعرّفان على الجوانب المشتركة، والمختلفة فيما بينهما، إلى جانب أخلاق كلٍّ منهما، وما يميّزهما، كما تُتيح الخِطبة الفرصة لهما للتحرّي، والسؤال عن بعضهما قبل العقد،[١٥][١٦] ومن الجدير بالذكر أنّ الخِطبة أو ما يسمّى بقراءة الفاتحة ليست عقداً شرعيّاً تترتّب عليه آثاره إلّا إن رافق ذلك عقداً صحيحاً بألفاظٍ صحيحةٍ، وحضور وليّ المرأة، والشهادة على ذلك، وتحديد حقوق المرأة عن طريق المحكمة الشرعيّة.[١٧][١٨]

وتُعرّف الخِطبة في اللغة والاصطلاح على النحو الآتي:[١٥][١٩]

  • الخِطبة لغةً: يُقصَد بها طلب الزواج، فيُقال: خطب الرجل؛ أي أنّه طلب الزواج من امرأةٍ.
  • الخِطبة اصطلاحاً: مُقدِّمةٌ من مُقدِّمات الزواج بين رجلٍ وامرأةٍ يحلاِّن لبعضهما دون أيّ مانعٍ، ولا يترتّب عليها ما يترتّب على الزواج من الآثار؛ فقد اتّفق العلماء على أنّ الخِطبة ليست عقداً؛ أي أنّها لا تجعل الحرام حلالاً، وإنّما هي في الحقيقة وعدٌ بالزواج.

حُكم الخِطبة

انحصرت آراء الفقهاء في حكم الخِطبة برأيين، وبيانهما فيما يأتي:[١٥][١٩]

  • القول الأول: ذهب الجمهور من العلماء إلى القول بجواز الخِطبة، ولم يعتبروها شرطاً لصحة النكاح، إذ يُمكن أن يتمّ دونها.
  • القول الثاني: ذهب الشافعية إلى القول باستحباب الخِطبة؛ استدلالاً بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ خطب عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-.

إلّا أنّ حُكم الخِطبة يختلف بالنظر إلى حال المرأة المخطوبة وحال الخاطب، فالخِطبة:[١٩][٢٠]

  • تجب في حقّ من يخشى على نفسه من الوقوع في الإثم.
  • تُحرَّم إن وُجِد أيّ مانعٍ من موانع الزواج؛ كأن يكون الرجل مُتزوِّجاً من أربع، أو مُتزوِّجاً من امرأةٍ مُتزوِّجةٍ، أو مُطلَّقةٍ رجعيّاً في فترة عدّتها.
  • تُستحَبّ للقادر عليها ولا يخاف على نفسه من الوقوع في المُحرَّمات.
  • تُكره الخِطبة لمن لم تكن لديه رغبة فيها.
  • تُباح خِطبة المرأة غير المُتزوِّجة، أو المُعتَدّة، سواءً كانت الخِطبة صراحةً، أو دلالةً.

مدة الخِطبة

لم يرد أيّ نصٍّ يُفيد تقييد مدّة الخِطبة؛ إذ إنّه أمرٌ عائدٌ إلى الخطيبَين، ولا تلزمهما؛ أي أنّ عقد الزواج يصحّ دونها، إلّا أنّ الأولى والأفضل عدم تطويل مدّتها دون أيّ حاجةٍ تستدعي ذلك؛ إذ ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- الحثّ والترغيب في تسريع الزواج، فقال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).[٢١][٢٢][٢٣]

من آداب الخِطبة

للخطبة آداب تُمكّن كلا الطرفَين من الاختيار الصحيح للمُضيّ في إتمام الأمور بينهما وصولاً إلى الزواج، وتحقيق الطمأنينة والاستقرار، ويُذكَر من تلك الآداب:[٢٤]

  • الاستخارة والاستشارة: تُشرع الاستخارة للمسلم في أموره كلّها، سواءً أكانت صغيرةً، أم كبيرةً، وكذلك في الخِطبة، بطلب تقدير الخير والبِرّ من الله -سبحانه-، والدعاء بالمعروف، وتُضاف استشارة أهل الخبرة والمشورة؛ فقد روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ).[٢٥]
للمزيد من التفاصيل عن صلاة الاستخارة الاطّلاع على مقالة: ((كيف نصلي الاستخارة)).
  • بيان الأمور كلّها: لا بُدّ للخاطب والمخطوبة من بيان الأمور كلّها، وإيضاحها، والحرص على عدم إخفاء أيّ عيبٍ قد يؤثّر في العلاقة بينهما.
  • الحرص على الدين والخُلُق: على كلٍّ من الخاطب والمخطوبة الحرص على الارتباط بالشخص السويّ الطيّب المعروف بأخلاقه، ودينه؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)،[٢٦] وقال أيضاً: (إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه).[٢٧]
  • مراعاة مصلحة المرأة: يجدر بوليّ المرأة، أو من أُوكِلت إليه مهمّة تزويجها أن يراعي مصلحتها، ويحرص على تحقيقها بأيّ وسيلةٍ ممكنةٍ، وبما يُرضي الله؛ إذ إنّ الوليّ مُؤتمَنٌ عليها، ومسؤول عنها.

الرجوع عن الخِطبة

تهدف الخِطبة للوصول إلى التوافق بين الرجل والمرأة؛ لتكوين أسرةٍ ناجحةٍ، إلّا أنّ أحد الطرفَين، أو كلَيهما قد يتراجعان عن الارتباط بالآخر لعدّة أسباب، وهو ما يسمّى بالفقه الإسلامي (العدول عن الخِطبة)، فالعدول لغةً يُقصَد به: العزوف أو الترك، أمّا في الاصطلاح الشرعي فالعدول: رجوع أحد الخاطبَين، أو كلَيهما عن قراره المُتعلّق بالخِطبة بعد رضاهما بها. وأهل العلم في هذه المسألة على قولين، هما:[١٥]

  • القول الأول: ذهب المالكية إلى القول بكراهة التراجع عن الخِطبة؛ إذ إنّها وعدٌ بالزواج، ويُكرَه للمسلم أن يُخلف وعده، وعلى ذلك نصّ الحنابلة إن كان العُدول دون غرضٍ أو حاجةٍ.
  • القول الثاني: ذهب الحنفيّة والشافعية والحنابلة إلى القول بجواز العُدول والتراجع عن الخِطبة.[٢٨]

أمّا الهدايا التي قدّمها الخاطب للمخطوبة، والمال الذي أُعطِي لها خلال فترة الخطبة، فقد اختلف الفقهاء في حُكمها، وذهبوا في ذلك إلى أربعة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:[٢٩]

  • القول الأول: قال الحنفية بإرجاع كلّ ما أُهدِي للمخطوبة من أشياء ذات قيمةٍ أو مالٍ، إلّا ما قد تَلِف، أو لم يعد موجوداً.
  • القول الثاني: قال بعض المالكية بعدم إرجاع أيّ شيءٍ من المخطوبة، حتى وإن كان العُدول من طرفها، ويُستثنى من ذلك ما يُستعاد بحسب عُرفٍ، أو شرطٍ، واستدلّوا بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ لنا مَثَلُ السَّوْءِ، الذي يَعُودُ في هِبَتِهِ كالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ).[٣٠]
  • القول الثالث: ذهب أكثر الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ كلّ ما قدّمه الخاطب من الهدايا إلى المخطوبة يُسترَدّ بعينه، أو بقيمته إن كان هالكاً، وقالوا بأنّ تلك الهدايا تختلف عن الهِبة المُقدّمة بلا عوضٍ، وإنّما هدية المخطوبة في حقيقتها مُنِحت بغرض بقاء العقد.
  • القول الرابع: ذهب بعض الشافعية كالرافعي وبعض المالكية كابن رشد وشيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً إلى القول بعدم جواز استرداد الهدايا إنْ كان التراجع من قِبل الخاطب، وجواز استردادها إن كان العدول عن الخطبة من قِبل المخطوبة، لأنّ الغاية من الخِطبة وهي -الزواج- لم تتم.

للمزيد من التفاصيل عن الزواج في الإسلام الاطّلاع على مقالة: ((كيف يتم عقد الزواج الشرعي)).

المراجع

  1. محمد قنديل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 49. بتصرّف.
  2. خالد الرفاعي (2013-02-23)، “أحكام وضوابط فترة الخطوبة”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  3. عبد الله علوان، آداب الخطبة و الزواج وحقوق الزوجين، القاهرة: دار السلام، صفحة 25-26. بتصرّف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع العغير، عن محمد بن سلمة، الصفحة أو الرقم: 487، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1424، صحيح.
  6. رواه الالباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 97، إسناده صحيح.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 4043، أخرجه في صحيحه.
  8. محمد السديس (1425ه)، مقدمات النكاح (دراسة مقارنة)، المدينة المنورة: الجامعة الاسلامية، صفحة 230. بتصرّف.
  9. محمد الجوابي (2000م)، المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة الثالثة)، الرياض: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 101. بتصرّف.
  10. سورة الروم، آية: 21.
  11. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 34-38. بتصرّف.
  12. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2/ربيع الأول/1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5142، صحيح.
  14. محمد السديس (1425)، مقدمات النكاح، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 231-233. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت ث حسان أبو عرقوب (2/9/2009)، “أثر العدول عن الخِطبة”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 18/12/2019. بتصرّف.
  16. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الأردن – عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 43، جزء 4. بتصرّف.
  17. “الفرق بين الخطبة والزواج”، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  18. سماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان، “الخطبة”، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  19. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404هـ -1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 190-191، جزء 19. بتصرّف.
  20. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 32-33. بتصرّف.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  22. “الفترة الزمنية بين الخطبة والزواج”، www.islamweb.net، 2-2-2008، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  23. “منع البنت من الزواج حتى تتزوج البنت الكبرى ظلم”، www.islamweb.net، 24-7-2005، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  24. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2-ربيع الأول-1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390، صحيح.
  26. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5090، صحيح.
  27. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي حاتم المزني، الصفحة أو الرقم: 1868، حسن.
  28. مجموعة من المؤلفين (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 203، جزء 19. بتصرّف.
  29. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 125-128، جزء 3. بتصرّف.
  30. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 2622، صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة

لا تُعدّ الخِطبة من العقود، ولا تترتّب عليها الآثار -كما سيتبين لاحقا-، حتى وإن اقترنت بقراءة الفاتحة، أو تبادل الهدايا، أو تقديم مبلغ من المهر، ولذلك فإنّ للخِطبة ضوابط وأحكام ينبغي مراعاتها والالتزام بها، وفيما يأتي بيانها بشيءٍ من التفصيل:[١]

الكلام مع المخطوبة

الأصل في الكلام بين المخطوبين عدم المنع، إلّا أنّ له حدوداً لا بدّ لكليهما من الوقوف عندها، وعدم تجاوزها، وفيما يأتي بيان ضوابط الحديث بينهما:[٢]

  • أن يكون فيما يُحقّق مصلحة الزواج بقَدر الحاجة، ودون تجاوُزها.
  • ألّا تكون بينهما خلوةٌ.
  • أن تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية من الحِشمة، والحياء، وغيرها من الأمور التي تحفظ للمرأة مكانتها وقَدرها.
  • ألّا تقع المصافحة بينهما.
  • أن يتجنّبا الخضوع في القول.
  • أن يأمن كلٌّ منهما الوقوع في الفتنة.

النظر إلى المخطوبة

أجاز الشرع لكلٍّ من الرجل والمرأة النظر إلى بعضهما خلال فترة الخِطبة، إلّا أنّ ذلك مُقيَّدٌ بعددٍ من الضوابط، وبيانها فيما يأتي:[٣]

  • يكون النظر بعد إرادة الزواج، وقصده، والعزم عليه حقيقةً؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إذَا ألقَى اللَّهُ في قلبِ امرِئٍ خطبةَ امرأةٍ، فلا بأسَ أن ينظُرَ إليها).[٤]
  • يكون النظر إلى وجه المخطوبة وكفَّيها، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إلَيْهَا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصَارِ شيئًا)،[٥] والأمر الوارد في الحديث ينصرف إلى الوجه والكفَّين؛ إذ إنّ الوجه أجمل ما في البدن، أمّا الكفّان فهما ظاهران عادةً.
  • يجوز للخاطبين تكرار النظر إلى بعضهما إن دعت الحاجة؛ إذ إنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر عدد مرّات النظر في الحديث السابق، ولم يقيّده.
  • يجوز للخاطب أن ينظر إلى من يرى خِطبتها دون علمها؛ لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا خطبَ أحدُكُمْ امرأةً، فلا جُناحَ عليهِ أنْ ينظرَ إليها إذا كان إِنَّما ينظرُ إليها لِخِطبَتِهِ، وإنْ كانَتْ لا تعلمُ).[٦]

والحِكمة من الضوابط السابقة تكمُن في سيادة المودة، والطمأنينة بينهما، والتأكّد التامّ من بعضهما، إضافةً إلى أنّ في ذلك تطبيقاً عملياً لسُنّة النبي -عليه الصلاة والسلام- القائل: (اذهَبْ فانظُرْ إليها فإنَّه أجدَرُ أنْ يُؤدَمَ بينَكما)،[٧][٨][٩] كما أنّ الزواج لا يقتصر على تبادل أطراف الحديث، أو النظر فقط، بل يتشارك الزوجان جميع تفاصيل الحياة الخاصّة بكلٍّ منهما، فكان لا بُدّ أن يتقبّل كلّ طرفٍ مظهر الآخر، وبذلك تتحقّق المودة والرحمة التي نصّ عليها الله -تعالى- بقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١٠] وتجدر الإشارة إلى أنّ الفقهاء اتفقوا على مشروعية النظر،[١١] ومن الضوابط التي يجدر بالمخطوبة التحلّي بها عدم التبرُّج، أو إظهار المفاتن للخاطب؛ فهي تُعدّ أجنبيّةً عنه في فترة الخِطبة.[١٢]

عدم خِطبة المرأة من آخرٍ

لا تجوز خِطبة امرأةٍ مخطوبةٍ للغير؛ درءاً للخصومة، أو المفسدة التي قد تقع بين الناس بسبب ذلك، كما وردت العديد من النصوص التي تحرّم ذلك الفعل، ويُذكَر منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبَ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأْذَنَ له الخاطِبُ)،[١٣] ومراعاةً من المسلم لأخيه المسلم، أمّا إن رفضت المرأة الزواج من الخاطب الأول فيجوز للآخر التقدُّم لخِطبتها، والأفضل منه الانتظار مدةً من الزمن؛ مراعاةً لشعور الخاطب الأول، واختلف الفقهاء في حكم خِطبة المرأة من آخرٍ مدّة الانتظار، والمشاورة؛ فمنهم من قال بالجواز استدلالاً بعدم إنكار الرسول -عليه الصلاة والسلام- خِطبة فاطمة بنت قيس من معاوية بن أبي سفيان وأبي الجهم، وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في ذلك: “فيه دليلٌ على جواز الخِطبة على خِطبة الغير إذا لم تكن المرأة قد أذنت للأول وركنت إليه”، وذهب فريقٌ ثانٍ من العلماء إلى القول بالتحريم؛ إذ إنّ العداوة والبغضاء تقع بين الناس بسبب ذلك، والنهي الوارد عن خِطبة المسلم على المسلم لم تفرّق بين حالة الموافقة وحالة الانتظار، وصرّح الفريق الثالث من العلماء بجواز الخِطبة على الخِطبة مدّة الانتظار إن كان الخاطب الثاني أفضل من الأول؛ استدلالاً بإشارة الرسول -عليه الصلاة والسلام- على فاطمة بنت قيس بالزواج من أسامة حين تقدّم اثنان لخِطبتها.[١٤]

الخِطبة

يُعدّ عقد الزواج من العقود الشرعية بالغة الأهمية في الإسلام، وتكمُن غايته في العديد من الجوانب، منها: تكوين أسرةٍ صالحةٍ، واستقرار الحياة بأجواءٍ مِلؤها المودة، والرحمة، والسكينة، ولذلك فإنّ الخِطبة شُرِعت، وجُعِلت من مُقدِّمات الزواج؛ ليتجنّب كلٌّ من الزوج والزوجة الوقوع فيما يعكّر صَفو حياة الأسرة؛ فيتعرّف كلٌّ منهما على الآخر قبل الزواج، ويتعرّفان على الجوانب المشتركة، والمختلفة فيما بينهما، إلى جانب أخلاق كلٍّ منهما، وما يميّزهما، كما تُتيح الخِطبة الفرصة لهما للتحرّي، والسؤال عن بعضهما قبل العقد،[١٥][١٦] ومن الجدير بالذكر أنّ الخِطبة أو ما يسمّى بقراءة الفاتحة ليست عقداً شرعيّاً تترتّب عليه آثاره إلّا إن رافق ذلك عقداً صحيحاً بألفاظٍ صحيحةٍ، وحضور وليّ المرأة، والشهادة على ذلك، وتحديد حقوق المرأة عن طريق المحكمة الشرعيّة.[١٧][١٨]

وتُعرّف الخِطبة في اللغة والاصطلاح على النحو الآتي:[١٥][١٩]

  • الخِطبة لغةً: يُقصَد بها طلب الزواج، فيُقال: خطب الرجل؛ أي أنّه طلب الزواج من امرأةٍ.
  • الخِطبة اصطلاحاً: مُقدِّمةٌ من مُقدِّمات الزواج بين رجلٍ وامرأةٍ يحلاِّن لبعضهما دون أيّ مانعٍ، ولا يترتّب عليها ما يترتّب على الزواج من الآثار؛ فقد اتّفق العلماء على أنّ الخِطبة ليست عقداً؛ أي أنّها لا تجعل الحرام حلالاً، وإنّما هي في الحقيقة وعدٌ بالزواج.

حُكم الخِطبة

انحصرت آراء الفقهاء في حكم الخِطبة برأيين، وبيانهما فيما يأتي:[١٥][١٩]

  • القول الأول: ذهب الجمهور من العلماء إلى القول بجواز الخِطبة، ولم يعتبروها شرطاً لصحة النكاح، إذ يُمكن أن يتمّ دونها.
  • القول الثاني: ذهب الشافعية إلى القول باستحباب الخِطبة؛ استدلالاً بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ خطب عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-.

إلّا أنّ حُكم الخِطبة يختلف بالنظر إلى حال المرأة المخطوبة وحال الخاطب، فالخِطبة:[١٩][٢٠]

  • تجب في حقّ من يخشى على نفسه من الوقوع في الإثم.
  • تُحرَّم إن وُجِد أيّ مانعٍ من موانع الزواج؛ كأن يكون الرجل مُتزوِّجاً من أربع، أو مُتزوِّجاً من امرأةٍ مُتزوِّجةٍ، أو مُطلَّقةٍ رجعيّاً في فترة عدّتها.
  • تُستحَبّ للقادر عليها ولا يخاف على نفسه من الوقوع في المُحرَّمات.
  • تُكره الخِطبة لمن لم تكن لديه رغبة فيها.
  • تُباح خِطبة المرأة غير المُتزوِّجة، أو المُعتَدّة، سواءً كانت الخِطبة صراحةً، أو دلالةً.

مدة الخِطبة

لم يرد أيّ نصٍّ يُفيد تقييد مدّة الخِطبة؛ إذ إنّه أمرٌ عائدٌ إلى الخطيبَين، ولا تلزمهما؛ أي أنّ عقد الزواج يصحّ دونها، إلّا أنّ الأولى والأفضل عدم تطويل مدّتها دون أيّ حاجةٍ تستدعي ذلك؛ إذ ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- الحثّ والترغيب في تسريع الزواج، فقال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).[٢١][٢٢][٢٣]

من آداب الخِطبة

للخطبة آداب تُمكّن كلا الطرفَين من الاختيار الصحيح للمُضيّ في إتمام الأمور بينهما وصولاً إلى الزواج، وتحقيق الطمأنينة والاستقرار، ويُذكَر من تلك الآداب:[٢٤]

  • الاستخارة والاستشارة: تُشرع الاستخارة للمسلم في أموره كلّها، سواءً أكانت صغيرةً، أم كبيرةً، وكذلك في الخِطبة، بطلب تقدير الخير والبِرّ من الله -سبحانه-، والدعاء بالمعروف، وتُضاف استشارة أهل الخبرة والمشورة؛ فقد روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ).[٢٥]
للمزيد من التفاصيل عن صلاة الاستخارة الاطّلاع على مقالة: ((كيف نصلي الاستخارة)).
  • بيان الأمور كلّها: لا بُدّ للخاطب والمخطوبة من بيان الأمور كلّها، وإيضاحها، والحرص على عدم إخفاء أيّ عيبٍ قد يؤثّر في العلاقة بينهما.
  • الحرص على الدين والخُلُق: على كلٍّ من الخاطب والمخطوبة الحرص على الارتباط بالشخص السويّ الطيّب المعروف بأخلاقه، ودينه؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)،[٢٦] وقال أيضاً: (إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه).[٢٧]
  • مراعاة مصلحة المرأة: يجدر بوليّ المرأة، أو من أُوكِلت إليه مهمّة تزويجها أن يراعي مصلحتها، ويحرص على تحقيقها بأيّ وسيلةٍ ممكنةٍ، وبما يُرضي الله؛ إذ إنّ الوليّ مُؤتمَنٌ عليها، ومسؤول عنها.

الرجوع عن الخِطبة

تهدف الخِطبة للوصول إلى التوافق بين الرجل والمرأة؛ لتكوين أسرةٍ ناجحةٍ، إلّا أنّ أحد الطرفَين، أو كلَيهما قد يتراجعان عن الارتباط بالآخر لعدّة أسباب، وهو ما يسمّى بالفقه الإسلامي (العدول عن الخِطبة)، فالعدول لغةً يُقصَد به: العزوف أو الترك، أمّا في الاصطلاح الشرعي فالعدول: رجوع أحد الخاطبَين، أو كلَيهما عن قراره المُتعلّق بالخِطبة بعد رضاهما بها. وأهل العلم في هذه المسألة على قولين، هما:[١٥]

  • القول الأول: ذهب المالكية إلى القول بكراهة التراجع عن الخِطبة؛ إذ إنّها وعدٌ بالزواج، ويُكرَه للمسلم أن يُخلف وعده، وعلى ذلك نصّ الحنابلة إن كان العُدول دون غرضٍ أو حاجةٍ.
  • القول الثاني: ذهب الحنفيّة والشافعية والحنابلة إلى القول بجواز العُدول والتراجع عن الخِطبة.[٢٨]

أمّا الهدايا التي قدّمها الخاطب للمخطوبة، والمال الذي أُعطِي لها خلال فترة الخطبة، فقد اختلف الفقهاء في حُكمها، وذهبوا في ذلك إلى أربعة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:[٢٩]

  • القول الأول: قال الحنفية بإرجاع كلّ ما أُهدِي للمخطوبة من أشياء ذات قيمةٍ أو مالٍ، إلّا ما قد تَلِف، أو لم يعد موجوداً.
  • القول الثاني: قال بعض المالكية بعدم إرجاع أيّ شيءٍ من المخطوبة، حتى وإن كان العُدول من طرفها، ويُستثنى من ذلك ما يُستعاد بحسب عُرفٍ، أو شرطٍ، واستدلّوا بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ لنا مَثَلُ السَّوْءِ، الذي يَعُودُ في هِبَتِهِ كالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ).[٣٠]
  • القول الثالث: ذهب أكثر الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ كلّ ما قدّمه الخاطب من الهدايا إلى المخطوبة يُسترَدّ بعينه، أو بقيمته إن كان هالكاً، وقالوا بأنّ تلك الهدايا تختلف عن الهِبة المُقدّمة بلا عوضٍ، وإنّما هدية المخطوبة في حقيقتها مُنِحت بغرض بقاء العقد.
  • القول الرابع: ذهب بعض الشافعية كالرافعي وبعض المالكية كابن رشد وشيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً إلى القول بعدم جواز استرداد الهدايا إنْ كان التراجع من قِبل الخاطب، وجواز استردادها إن كان العدول عن الخطبة من قِبل المخطوبة، لأنّ الغاية من الخِطبة وهي -الزواج- لم تتم.

للمزيد من التفاصيل عن الزواج في الإسلام الاطّلاع على مقالة: ((كيف يتم عقد الزواج الشرعي)).

المراجع

  1. محمد قنديل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 49. بتصرّف.
  2. خالد الرفاعي (2013-02-23)، “أحكام وضوابط فترة الخطوبة”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  3. عبد الله علوان، آداب الخطبة و الزواج وحقوق الزوجين، القاهرة: دار السلام، صفحة 25-26. بتصرّف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع العغير، عن محمد بن سلمة، الصفحة أو الرقم: 487، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1424، صحيح.
  6. رواه الالباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 97، إسناده صحيح.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 4043، أخرجه في صحيحه.
  8. محمد السديس (1425ه)، مقدمات النكاح (دراسة مقارنة)، المدينة المنورة: الجامعة الاسلامية، صفحة 230. بتصرّف.
  9. محمد الجوابي (2000م)، المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة الثالثة)، الرياض: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 101. بتصرّف.
  10. سورة الروم، آية: 21.
  11. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 34-38. بتصرّف.
  12. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2/ربيع الأول/1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5142، صحيح.
  14. محمد السديس (1425)، مقدمات النكاح، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 231-233. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت ث حسان أبو عرقوب (2/9/2009)، “أثر العدول عن الخِطبة”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 18/12/2019. بتصرّف.
  16. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الأردن – عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 43، جزء 4. بتصرّف.
  17. “الفرق بين الخطبة والزواج”، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  18. سماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان، “الخطبة”، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  19. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404هـ -1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 190-191، جزء 19. بتصرّف.
  20. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 32-33. بتصرّف.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  22. “الفترة الزمنية بين الخطبة والزواج”، www.islamweb.net، 2-2-2008، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  23. “منع البنت من الزواج حتى تتزوج البنت الكبرى ظلم”، www.islamweb.net، 24-7-2005، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  24. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2-ربيع الأول-1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390، صحيح.
  26. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5090، صحيح.
  27. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي حاتم المزني، الصفحة أو الرقم: 1868، حسن.
  28. مجموعة من المؤلفين (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 203، جزء 19. بتصرّف.
  29. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 125-128، جزء 3. بتصرّف.
  30. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 2622، صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة

لا تُعدّ الخِطبة من العقود، ولا تترتّب عليها الآثار -كما سيتبين لاحقا-، حتى وإن اقترنت بقراءة الفاتحة، أو تبادل الهدايا، أو تقديم مبلغ من المهر، ولذلك فإنّ للخِطبة ضوابط وأحكام ينبغي مراعاتها والالتزام بها، وفيما يأتي بيانها بشيءٍ من التفصيل:[١]

الكلام مع المخطوبة

الأصل في الكلام بين المخطوبين عدم المنع، إلّا أنّ له حدوداً لا بدّ لكليهما من الوقوف عندها، وعدم تجاوزها، وفيما يأتي بيان ضوابط الحديث بينهما:[٢]

  • أن يكون فيما يُحقّق مصلحة الزواج بقَدر الحاجة، ودون تجاوُزها.
  • ألّا تكون بينهما خلوةٌ.
  • أن تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية من الحِشمة، والحياء، وغيرها من الأمور التي تحفظ للمرأة مكانتها وقَدرها.
  • ألّا تقع المصافحة بينهما.
  • أن يتجنّبا الخضوع في القول.
  • أن يأمن كلٌّ منهما الوقوع في الفتنة.

النظر إلى المخطوبة

أجاز الشرع لكلٍّ من الرجل والمرأة النظر إلى بعضهما خلال فترة الخِطبة، إلّا أنّ ذلك مُقيَّدٌ بعددٍ من الضوابط، وبيانها فيما يأتي:[٣]

  • يكون النظر بعد إرادة الزواج، وقصده، والعزم عليه حقيقةً؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إذَا ألقَى اللَّهُ في قلبِ امرِئٍ خطبةَ امرأةٍ، فلا بأسَ أن ينظُرَ إليها).[٤]
  • يكون النظر إلى وجه المخطوبة وكفَّيها، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إلَيْهَا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصَارِ شيئًا)،[٥] والأمر الوارد في الحديث ينصرف إلى الوجه والكفَّين؛ إذ إنّ الوجه أجمل ما في البدن، أمّا الكفّان فهما ظاهران عادةً.
  • يجوز للخاطبين تكرار النظر إلى بعضهما إن دعت الحاجة؛ إذ إنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر عدد مرّات النظر في الحديث السابق، ولم يقيّده.
  • يجوز للخاطب أن ينظر إلى من يرى خِطبتها دون علمها؛ لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا خطبَ أحدُكُمْ امرأةً، فلا جُناحَ عليهِ أنْ ينظرَ إليها إذا كان إِنَّما ينظرُ إليها لِخِطبَتِهِ، وإنْ كانَتْ لا تعلمُ).[٦]

والحِكمة من الضوابط السابقة تكمُن في سيادة المودة، والطمأنينة بينهما، والتأكّد التامّ من بعضهما، إضافةً إلى أنّ في ذلك تطبيقاً عملياً لسُنّة النبي -عليه الصلاة والسلام- القائل: (اذهَبْ فانظُرْ إليها فإنَّه أجدَرُ أنْ يُؤدَمَ بينَكما)،[٧][٨][٩] كما أنّ الزواج لا يقتصر على تبادل أطراف الحديث، أو النظر فقط، بل يتشارك الزوجان جميع تفاصيل الحياة الخاصّة بكلٍّ منهما، فكان لا بُدّ أن يتقبّل كلّ طرفٍ مظهر الآخر، وبذلك تتحقّق المودة والرحمة التي نصّ عليها الله -تعالى- بقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١٠] وتجدر الإشارة إلى أنّ الفقهاء اتفقوا على مشروعية النظر،[١١] ومن الضوابط التي يجدر بالمخطوبة التحلّي بها عدم التبرُّج، أو إظهار المفاتن للخاطب؛ فهي تُعدّ أجنبيّةً عنه في فترة الخِطبة.[١٢]

عدم خِطبة المرأة من آخرٍ

لا تجوز خِطبة امرأةٍ مخطوبةٍ للغير؛ درءاً للخصومة، أو المفسدة التي قد تقع بين الناس بسبب ذلك، كما وردت العديد من النصوص التي تحرّم ذلك الفعل، ويُذكَر منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبَ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأْذَنَ له الخاطِبُ)،[١٣] ومراعاةً من المسلم لأخيه المسلم، أمّا إن رفضت المرأة الزواج من الخاطب الأول فيجوز للآخر التقدُّم لخِطبتها، والأفضل منه الانتظار مدةً من الزمن؛ مراعاةً لشعور الخاطب الأول، واختلف الفقهاء في حكم خِطبة المرأة من آخرٍ مدّة الانتظار، والمشاورة؛ فمنهم من قال بالجواز استدلالاً بعدم إنكار الرسول -عليه الصلاة والسلام- خِطبة فاطمة بنت قيس من معاوية بن أبي سفيان وأبي الجهم، وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في ذلك: “فيه دليلٌ على جواز الخِطبة على خِطبة الغير إذا لم تكن المرأة قد أذنت للأول وركنت إليه”، وذهب فريقٌ ثانٍ من العلماء إلى القول بالتحريم؛ إذ إنّ العداوة والبغضاء تقع بين الناس بسبب ذلك، والنهي الوارد عن خِطبة المسلم على المسلم لم تفرّق بين حالة الموافقة وحالة الانتظار، وصرّح الفريق الثالث من العلماء بجواز الخِطبة على الخِطبة مدّة الانتظار إن كان الخاطب الثاني أفضل من الأول؛ استدلالاً بإشارة الرسول -عليه الصلاة والسلام- على فاطمة بنت قيس بالزواج من أسامة حين تقدّم اثنان لخِطبتها.[١٤]

الخِطبة

يُعدّ عقد الزواج من العقود الشرعية بالغة الأهمية في الإسلام، وتكمُن غايته في العديد من الجوانب، منها: تكوين أسرةٍ صالحةٍ، واستقرار الحياة بأجواءٍ مِلؤها المودة، والرحمة، والسكينة، ولذلك فإنّ الخِطبة شُرِعت، وجُعِلت من مُقدِّمات الزواج؛ ليتجنّب كلٌّ من الزوج والزوجة الوقوع فيما يعكّر صَفو حياة الأسرة؛ فيتعرّف كلٌّ منهما على الآخر قبل الزواج، ويتعرّفان على الجوانب المشتركة، والمختلفة فيما بينهما، إلى جانب أخلاق كلٍّ منهما، وما يميّزهما، كما تُتيح الخِطبة الفرصة لهما للتحرّي، والسؤال عن بعضهما قبل العقد،[١٥][١٦] ومن الجدير بالذكر أنّ الخِطبة أو ما يسمّى بقراءة الفاتحة ليست عقداً شرعيّاً تترتّب عليه آثاره إلّا إن رافق ذلك عقداً صحيحاً بألفاظٍ صحيحةٍ، وحضور وليّ المرأة، والشهادة على ذلك، وتحديد حقوق المرأة عن طريق المحكمة الشرعيّة.[١٧][١٨]

وتُعرّف الخِطبة في اللغة والاصطلاح على النحو الآتي:[١٥][١٩]

  • الخِطبة لغةً: يُقصَد بها طلب الزواج، فيُقال: خطب الرجل؛ أي أنّه طلب الزواج من امرأةٍ.
  • الخِطبة اصطلاحاً: مُقدِّمةٌ من مُقدِّمات الزواج بين رجلٍ وامرأةٍ يحلاِّن لبعضهما دون أيّ مانعٍ، ولا يترتّب عليها ما يترتّب على الزواج من الآثار؛ فقد اتّفق العلماء على أنّ الخِطبة ليست عقداً؛ أي أنّها لا تجعل الحرام حلالاً، وإنّما هي في الحقيقة وعدٌ بالزواج.

حُكم الخِطبة

انحصرت آراء الفقهاء في حكم الخِطبة برأيين، وبيانهما فيما يأتي:[١٥][١٩]

  • القول الأول: ذهب الجمهور من العلماء إلى القول بجواز الخِطبة، ولم يعتبروها شرطاً لصحة النكاح، إذ يُمكن أن يتمّ دونها.
  • القول الثاني: ذهب الشافعية إلى القول باستحباب الخِطبة؛ استدلالاً بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ خطب عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-.

إلّا أنّ حُكم الخِطبة يختلف بالنظر إلى حال المرأة المخطوبة وحال الخاطب، فالخِطبة:[١٩][٢٠]

  • تجب في حقّ من يخشى على نفسه من الوقوع في الإثم.
  • تُحرَّم إن وُجِد أيّ مانعٍ من موانع الزواج؛ كأن يكون الرجل مُتزوِّجاً من أربع، أو مُتزوِّجاً من امرأةٍ مُتزوِّجةٍ، أو مُطلَّقةٍ رجعيّاً في فترة عدّتها.
  • تُستحَبّ للقادر عليها ولا يخاف على نفسه من الوقوع في المُحرَّمات.
  • تُكره الخِطبة لمن لم تكن لديه رغبة فيها.
  • تُباح خِطبة المرأة غير المُتزوِّجة، أو المُعتَدّة، سواءً كانت الخِطبة صراحةً، أو دلالةً.

مدة الخِطبة

لم يرد أيّ نصٍّ يُفيد تقييد مدّة الخِطبة؛ إذ إنّه أمرٌ عائدٌ إلى الخطيبَين، ولا تلزمهما؛ أي أنّ عقد الزواج يصحّ دونها، إلّا أنّ الأولى والأفضل عدم تطويل مدّتها دون أيّ حاجةٍ تستدعي ذلك؛ إذ ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- الحثّ والترغيب في تسريع الزواج، فقال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).[٢١][٢٢][٢٣]

من آداب الخِطبة

للخطبة آداب تُمكّن كلا الطرفَين من الاختيار الصحيح للمُضيّ في إتمام الأمور بينهما وصولاً إلى الزواج، وتحقيق الطمأنينة والاستقرار، ويُذكَر من تلك الآداب:[٢٤]

  • الاستخارة والاستشارة: تُشرع الاستخارة للمسلم في أموره كلّها، سواءً أكانت صغيرةً، أم كبيرةً، وكذلك في الخِطبة، بطلب تقدير الخير والبِرّ من الله -سبحانه-، والدعاء بالمعروف، وتُضاف استشارة أهل الخبرة والمشورة؛ فقد روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ).[٢٥]
للمزيد من التفاصيل عن صلاة الاستخارة الاطّلاع على مقالة: ((كيف نصلي الاستخارة)).
  • بيان الأمور كلّها: لا بُدّ للخاطب والمخطوبة من بيان الأمور كلّها، وإيضاحها، والحرص على عدم إخفاء أيّ عيبٍ قد يؤثّر في العلاقة بينهما.
  • الحرص على الدين والخُلُق: على كلٍّ من الخاطب والمخطوبة الحرص على الارتباط بالشخص السويّ الطيّب المعروف بأخلاقه، ودينه؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)،[٢٦] وقال أيضاً: (إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه).[٢٧]
  • مراعاة مصلحة المرأة: يجدر بوليّ المرأة، أو من أُوكِلت إليه مهمّة تزويجها أن يراعي مصلحتها، ويحرص على تحقيقها بأيّ وسيلةٍ ممكنةٍ، وبما يُرضي الله؛ إذ إنّ الوليّ مُؤتمَنٌ عليها، ومسؤول عنها.

الرجوع عن الخِطبة

تهدف الخِطبة للوصول إلى التوافق بين الرجل والمرأة؛ لتكوين أسرةٍ ناجحةٍ، إلّا أنّ أحد الطرفَين، أو كلَيهما قد يتراجعان عن الارتباط بالآخر لعدّة أسباب، وهو ما يسمّى بالفقه الإسلامي (العدول عن الخِطبة)، فالعدول لغةً يُقصَد به: العزوف أو الترك، أمّا في الاصطلاح الشرعي فالعدول: رجوع أحد الخاطبَين، أو كلَيهما عن قراره المُتعلّق بالخِطبة بعد رضاهما بها. وأهل العلم في هذه المسألة على قولين، هما:[١٥]

  • القول الأول: ذهب المالكية إلى القول بكراهة التراجع عن الخِطبة؛ إذ إنّها وعدٌ بالزواج، ويُكرَه للمسلم أن يُخلف وعده، وعلى ذلك نصّ الحنابلة إن كان العُدول دون غرضٍ أو حاجةٍ.
  • القول الثاني: ذهب الحنفيّة والشافعية والحنابلة إلى القول بجواز العُدول والتراجع عن الخِطبة.[٢٨]

أمّا الهدايا التي قدّمها الخاطب للمخطوبة، والمال الذي أُعطِي لها خلال فترة الخطبة، فقد اختلف الفقهاء في حُكمها، وذهبوا في ذلك إلى أربعة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:[٢٩]

  • القول الأول: قال الحنفية بإرجاع كلّ ما أُهدِي للمخطوبة من أشياء ذات قيمةٍ أو مالٍ، إلّا ما قد تَلِف، أو لم يعد موجوداً.
  • القول الثاني: قال بعض المالكية بعدم إرجاع أيّ شيءٍ من المخطوبة، حتى وإن كان العُدول من طرفها، ويُستثنى من ذلك ما يُستعاد بحسب عُرفٍ، أو شرطٍ، واستدلّوا بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ لنا مَثَلُ السَّوْءِ، الذي يَعُودُ في هِبَتِهِ كالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ).[٣٠]
  • القول الثالث: ذهب أكثر الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ كلّ ما قدّمه الخاطب من الهدايا إلى المخطوبة يُسترَدّ بعينه، أو بقيمته إن كان هالكاً، وقالوا بأنّ تلك الهدايا تختلف عن الهِبة المُقدّمة بلا عوضٍ، وإنّما هدية المخطوبة في حقيقتها مُنِحت بغرض بقاء العقد.
  • القول الرابع: ذهب بعض الشافعية كالرافعي وبعض المالكية كابن رشد وشيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً إلى القول بعدم جواز استرداد الهدايا إنْ كان التراجع من قِبل الخاطب، وجواز استردادها إن كان العدول عن الخطبة من قِبل المخطوبة، لأنّ الغاية من الخِطبة وهي -الزواج- لم تتم.

للمزيد من التفاصيل عن الزواج في الإسلام الاطّلاع على مقالة: ((كيف يتم عقد الزواج الشرعي)).

المراجع

  1. محمد قنديل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 49. بتصرّف.
  2. خالد الرفاعي (2013-02-23)، “أحكام وضوابط فترة الخطوبة”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  3. عبد الله علوان، آداب الخطبة و الزواج وحقوق الزوجين، القاهرة: دار السلام، صفحة 25-26. بتصرّف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع العغير، عن محمد بن سلمة، الصفحة أو الرقم: 487، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1424، صحيح.
  6. رواه الالباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 97، إسناده صحيح.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 4043، أخرجه في صحيحه.
  8. محمد السديس (1425ه)، مقدمات النكاح (دراسة مقارنة)، المدينة المنورة: الجامعة الاسلامية، صفحة 230. بتصرّف.
  9. محمد الجوابي (2000م)، المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة الثالثة)، الرياض: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 101. بتصرّف.
  10. سورة الروم، آية: 21.
  11. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 34-38. بتصرّف.
  12. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2/ربيع الأول/1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5142، صحيح.
  14. محمد السديس (1425)، مقدمات النكاح، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 231-233. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت ث حسان أبو عرقوب (2/9/2009)، “أثر العدول عن الخِطبة”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 18/12/2019. بتصرّف.
  16. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الأردن – عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 43، جزء 4. بتصرّف.
  17. “الفرق بين الخطبة والزواج”، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  18. سماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان، “الخطبة”، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  19. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404هـ -1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 190-191، جزء 19. بتصرّف.
  20. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 32-33. بتصرّف.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  22. “الفترة الزمنية بين الخطبة والزواج”، www.islamweb.net، 2-2-2008، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  23. “منع البنت من الزواج حتى تتزوج البنت الكبرى ظلم”، www.islamweb.net، 24-7-2005، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  24. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2-ربيع الأول-1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390، صحيح.
  26. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5090، صحيح.
  27. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي حاتم المزني، الصفحة أو الرقم: 1868، حسن.
  28. مجموعة من المؤلفين (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 203، جزء 19. بتصرّف.
  29. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 125-128، جزء 3. بتصرّف.
  30. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 2622، صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة

لا تُعدّ الخِطبة من العقود، ولا تترتّب عليها الآثار -كما سيتبين لاحقا-، حتى وإن اقترنت بقراءة الفاتحة، أو تبادل الهدايا، أو تقديم مبلغ من المهر، ولذلك فإنّ للخِطبة ضوابط وأحكام ينبغي مراعاتها والالتزام بها، وفيما يأتي بيانها بشيءٍ من التفصيل:[١]

الكلام مع المخطوبة

الأصل في الكلام بين المخطوبين عدم المنع، إلّا أنّ له حدوداً لا بدّ لكليهما من الوقوف عندها، وعدم تجاوزها، وفيما يأتي بيان ضوابط الحديث بينهما:[٢]

  • أن يكون فيما يُحقّق مصلحة الزواج بقَدر الحاجة، ودون تجاوُزها.
  • ألّا تكون بينهما خلوةٌ.
  • أن تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية من الحِشمة، والحياء، وغيرها من الأمور التي تحفظ للمرأة مكانتها وقَدرها.
  • ألّا تقع المصافحة بينهما.
  • أن يتجنّبا الخضوع في القول.
  • أن يأمن كلٌّ منهما الوقوع في الفتنة.

النظر إلى المخطوبة

أجاز الشرع لكلٍّ من الرجل والمرأة النظر إلى بعضهما خلال فترة الخِطبة، إلّا أنّ ذلك مُقيَّدٌ بعددٍ من الضوابط، وبيانها فيما يأتي:[٣]

  • يكون النظر بعد إرادة الزواج، وقصده، والعزم عليه حقيقةً؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إذَا ألقَى اللَّهُ في قلبِ امرِئٍ خطبةَ امرأةٍ، فلا بأسَ أن ينظُرَ إليها).[٤]
  • يكون النظر إلى وجه المخطوبة وكفَّيها، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إلَيْهَا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصَارِ شيئًا)،[٥] والأمر الوارد في الحديث ينصرف إلى الوجه والكفَّين؛ إذ إنّ الوجه أجمل ما في البدن، أمّا الكفّان فهما ظاهران عادةً.
  • يجوز للخاطبين تكرار النظر إلى بعضهما إن دعت الحاجة؛ إذ إنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر عدد مرّات النظر في الحديث السابق، ولم يقيّده.
  • يجوز للخاطب أن ينظر إلى من يرى خِطبتها دون علمها؛ لما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا خطبَ أحدُكُمْ امرأةً، فلا جُناحَ عليهِ أنْ ينظرَ إليها إذا كان إِنَّما ينظرُ إليها لِخِطبَتِهِ، وإنْ كانَتْ لا تعلمُ).[٦]

والحِكمة من الضوابط السابقة تكمُن في سيادة المودة، والطمأنينة بينهما، والتأكّد التامّ من بعضهما، إضافةً إلى أنّ في ذلك تطبيقاً عملياً لسُنّة النبي -عليه الصلاة والسلام- القائل: (اذهَبْ فانظُرْ إليها فإنَّه أجدَرُ أنْ يُؤدَمَ بينَكما)،[٧][٨][٩] كما أنّ الزواج لا يقتصر على تبادل أطراف الحديث، أو النظر فقط، بل يتشارك الزوجان جميع تفاصيل الحياة الخاصّة بكلٍّ منهما، فكان لا بُدّ أن يتقبّل كلّ طرفٍ مظهر الآخر، وبذلك تتحقّق المودة والرحمة التي نصّ عليها الله -تعالى- بقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١٠] وتجدر الإشارة إلى أنّ الفقهاء اتفقوا على مشروعية النظر،[١١] ومن الضوابط التي يجدر بالمخطوبة التحلّي بها عدم التبرُّج، أو إظهار المفاتن للخاطب؛ فهي تُعدّ أجنبيّةً عنه في فترة الخِطبة.[١٢]

عدم خِطبة المرأة من آخرٍ

لا تجوز خِطبة امرأةٍ مخطوبةٍ للغير؛ درءاً للخصومة، أو المفسدة التي قد تقع بين الناس بسبب ذلك، كما وردت العديد من النصوص التي تحرّم ذلك الفعل، ويُذكَر منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبَ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأْذَنَ له الخاطِبُ)،[١٣] ومراعاةً من المسلم لأخيه المسلم، أمّا إن رفضت المرأة الزواج من الخاطب الأول فيجوز للآخر التقدُّم لخِطبتها، والأفضل منه الانتظار مدةً من الزمن؛ مراعاةً لشعور الخاطب الأول، واختلف الفقهاء في حكم خِطبة المرأة من آخرٍ مدّة الانتظار، والمشاورة؛ فمنهم من قال بالجواز استدلالاً بعدم إنكار الرسول -عليه الصلاة والسلام- خِطبة فاطمة بنت قيس من معاوية بن أبي سفيان وأبي الجهم، وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في ذلك: “فيه دليلٌ على جواز الخِطبة على خِطبة الغير إذا لم تكن المرأة قد أذنت للأول وركنت إليه”، وذهب فريقٌ ثانٍ من العلماء إلى القول بالتحريم؛ إذ إنّ العداوة والبغضاء تقع بين الناس بسبب ذلك، والنهي الوارد عن خِطبة المسلم على المسلم لم تفرّق بين حالة الموافقة وحالة الانتظار، وصرّح الفريق الثالث من العلماء بجواز الخِطبة على الخِطبة مدّة الانتظار إن كان الخاطب الثاني أفضل من الأول؛ استدلالاً بإشارة الرسول -عليه الصلاة والسلام- على فاطمة بنت قيس بالزواج من أسامة حين تقدّم اثنان لخِطبتها.[١٤]

الخِطبة

يُعدّ عقد الزواج من العقود الشرعية بالغة الأهمية في الإسلام، وتكمُن غايته في العديد من الجوانب، منها: تكوين أسرةٍ صالحةٍ، واستقرار الحياة بأجواءٍ مِلؤها المودة، والرحمة، والسكينة، ولذلك فإنّ الخِطبة شُرِعت، وجُعِلت من مُقدِّمات الزواج؛ ليتجنّب كلٌّ من الزوج والزوجة الوقوع فيما يعكّر صَفو حياة الأسرة؛ فيتعرّف كلٌّ منهما على الآخر قبل الزواج، ويتعرّفان على الجوانب المشتركة، والمختلفة فيما بينهما، إلى جانب أخلاق كلٍّ منهما، وما يميّزهما، كما تُتيح الخِطبة الفرصة لهما للتحرّي، والسؤال عن بعضهما قبل العقد،[١٥][١٦] ومن الجدير بالذكر أنّ الخِطبة أو ما يسمّى بقراءة الفاتحة ليست عقداً شرعيّاً تترتّب عليه آثاره إلّا إن رافق ذلك عقداً صحيحاً بألفاظٍ صحيحةٍ، وحضور وليّ المرأة، والشهادة على ذلك، وتحديد حقوق المرأة عن طريق المحكمة الشرعيّة.[١٧][١٨]

وتُعرّف الخِطبة في اللغة والاصطلاح على النحو الآتي:[١٥][١٩]

  • الخِطبة لغةً: يُقصَد بها طلب الزواج، فيُقال: خطب الرجل؛ أي أنّه طلب الزواج من امرأةٍ.
  • الخِطبة اصطلاحاً: مُقدِّمةٌ من مُقدِّمات الزواج بين رجلٍ وامرأةٍ يحلاِّن لبعضهما دون أيّ مانعٍ، ولا يترتّب عليها ما يترتّب على الزواج من الآثار؛ فقد اتّفق العلماء على أنّ الخِطبة ليست عقداً؛ أي أنّها لا تجعل الحرام حلالاً، وإنّما هي في الحقيقة وعدٌ بالزواج.

حُكم الخِطبة

انحصرت آراء الفقهاء في حكم الخِطبة برأيين، وبيانهما فيما يأتي:[١٥][١٩]

  • القول الأول: ذهب الجمهور من العلماء إلى القول بجواز الخِطبة، ولم يعتبروها شرطاً لصحة النكاح، إذ يُمكن أن يتمّ دونها.
  • القول الثاني: ذهب الشافعية إلى القول باستحباب الخِطبة؛ استدلالاً بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ خطب عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-.

إلّا أنّ حُكم الخِطبة يختلف بالنظر إلى حال المرأة المخطوبة وحال الخاطب، فالخِطبة:[١٩][٢٠]

  • تجب في حقّ من يخشى على نفسه من الوقوع في الإثم.
  • تُحرَّم إن وُجِد أيّ مانعٍ من موانع الزواج؛ كأن يكون الرجل مُتزوِّجاً من أربع، أو مُتزوِّجاً من امرأةٍ مُتزوِّجةٍ، أو مُطلَّقةٍ رجعيّاً في فترة عدّتها.
  • تُستحَبّ للقادر عليها ولا يخاف على نفسه من الوقوع في المُحرَّمات.
  • تُكره الخِطبة لمن لم تكن لديه رغبة فيها.
  • تُباح خِطبة المرأة غير المُتزوِّجة، أو المُعتَدّة، سواءً كانت الخِطبة صراحةً، أو دلالةً.

مدة الخِطبة

لم يرد أيّ نصٍّ يُفيد تقييد مدّة الخِطبة؛ إذ إنّه أمرٌ عائدٌ إلى الخطيبَين، ولا تلزمهما؛ أي أنّ عقد الزواج يصحّ دونها، إلّا أنّ الأولى والأفضل عدم تطويل مدّتها دون أيّ حاجةٍ تستدعي ذلك؛ إذ ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- الحثّ والترغيب في تسريع الزواج، فقال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).[٢١][٢٢][٢٣]

من آداب الخِطبة

للخطبة آداب تُمكّن كلا الطرفَين من الاختيار الصحيح للمُضيّ في إتمام الأمور بينهما وصولاً إلى الزواج، وتحقيق الطمأنينة والاستقرار، ويُذكَر من تلك الآداب:[٢٤]

  • الاستخارة والاستشارة: تُشرع الاستخارة للمسلم في أموره كلّها، سواءً أكانت صغيرةً، أم كبيرةً، وكذلك في الخِطبة، بطلب تقدير الخير والبِرّ من الله -سبحانه-، والدعاء بالمعروف، وتُضاف استشارة أهل الخبرة والمشورة؛ فقد روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ).[٢٥]
للمزيد من التفاصيل عن صلاة الاستخارة الاطّلاع على مقالة: ((كيف نصلي الاستخارة)).
  • بيان الأمور كلّها: لا بُدّ للخاطب والمخطوبة من بيان الأمور كلّها، وإيضاحها، والحرص على عدم إخفاء أيّ عيبٍ قد يؤثّر في العلاقة بينهما.
  • الحرص على الدين والخُلُق: على كلٍّ من الخاطب والمخطوبة الحرص على الارتباط بالشخص السويّ الطيّب المعروف بأخلاقه، ودينه؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)،[٢٦] وقال أيضاً: (إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه).[٢٧]
  • مراعاة مصلحة المرأة: يجدر بوليّ المرأة، أو من أُوكِلت إليه مهمّة تزويجها أن يراعي مصلحتها، ويحرص على تحقيقها بأيّ وسيلةٍ ممكنةٍ، وبما يُرضي الله؛ إذ إنّ الوليّ مُؤتمَنٌ عليها، ومسؤول عنها.

الرجوع عن الخِطبة

تهدف الخِطبة للوصول إلى التوافق بين الرجل والمرأة؛ لتكوين أسرةٍ ناجحةٍ، إلّا أنّ أحد الطرفَين، أو كلَيهما قد يتراجعان عن الارتباط بالآخر لعدّة أسباب، وهو ما يسمّى بالفقه الإسلامي (العدول عن الخِطبة)، فالعدول لغةً يُقصَد به: العزوف أو الترك، أمّا في الاصطلاح الشرعي فالعدول: رجوع أحد الخاطبَين، أو كلَيهما عن قراره المُتعلّق بالخِطبة بعد رضاهما بها. وأهل العلم في هذه المسألة على قولين، هما:[١٥]

  • القول الأول: ذهب المالكية إلى القول بكراهة التراجع عن الخِطبة؛ إذ إنّها وعدٌ بالزواج، ويُكرَه للمسلم أن يُخلف وعده، وعلى ذلك نصّ الحنابلة إن كان العُدول دون غرضٍ أو حاجةٍ.
  • القول الثاني: ذهب الحنفيّة والشافعية والحنابلة إلى القول بجواز العُدول والتراجع عن الخِطبة.[٢٨]

أمّا الهدايا التي قدّمها الخاطب للمخطوبة، والمال الذي أُعطِي لها خلال فترة الخطبة، فقد اختلف الفقهاء في حُكمها، وذهبوا في ذلك إلى أربعة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:[٢٩]

  • القول الأول: قال الحنفية بإرجاع كلّ ما أُهدِي للمخطوبة من أشياء ذات قيمةٍ أو مالٍ، إلّا ما قد تَلِف، أو لم يعد موجوداً.
  • القول الثاني: قال بعض المالكية بعدم إرجاع أيّ شيءٍ من المخطوبة، حتى وإن كان العُدول من طرفها، ويُستثنى من ذلك ما يُستعاد بحسب عُرفٍ، أو شرطٍ، واستدلّوا بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ لنا مَثَلُ السَّوْءِ، الذي يَعُودُ في هِبَتِهِ كالكَلْبِ يَرْجِعُ في قَيْئِهِ).[٣٠]
  • القول الثالث: ذهب أكثر الشافعية والحنابلة إلى القول بأنّ كلّ ما قدّمه الخاطب من الهدايا إلى المخطوبة يُسترَدّ بعينه، أو بقيمته إن كان هالكاً، وقالوا بأنّ تلك الهدايا تختلف عن الهِبة المُقدّمة بلا عوضٍ، وإنّما هدية المخطوبة في حقيقتها مُنِحت بغرض بقاء العقد.
  • القول الرابع: ذهب بعض الشافعية كالرافعي وبعض المالكية كابن رشد وشيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً إلى القول بعدم جواز استرداد الهدايا إنْ كان التراجع من قِبل الخاطب، وجواز استردادها إن كان العدول عن الخطبة من قِبل المخطوبة، لأنّ الغاية من الخِطبة وهي -الزواج- لم تتم.

للمزيد من التفاصيل عن الزواج في الإسلام الاطّلاع على مقالة: ((كيف يتم عقد الزواج الشرعي)).

المراجع

  1. محمد قنديل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 49. بتصرّف.
  2. خالد الرفاعي (2013-02-23)، “أحكام وضوابط فترة الخطوبة”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  3. عبد الله علوان، آداب الخطبة و الزواج وحقوق الزوجين، القاهرة: دار السلام، صفحة 25-26. بتصرّف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع العغير، عن محمد بن سلمة، الصفحة أو الرقم: 487، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1424، صحيح.
  6. رواه الالباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 97، إسناده صحيح.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 4043، أخرجه في صحيحه.
  8. محمد السديس (1425ه)، مقدمات النكاح (دراسة مقارنة)، المدينة المنورة: الجامعة الاسلامية، صفحة 230. بتصرّف.
  9. محمد الجوابي (2000م)، المجتمع والأسرة في الإسلام (الطبعة الثالثة)، الرياض: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 101. بتصرّف.
  10. سورة الروم، آية: 21.
  11. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 34-38. بتصرّف.
  12. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2/ربيع الأول/1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 5142، صحيح.
  14. محمد السديس (1425)، مقدمات النكاح، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 231-233. بتصرّف.
  15. ^ أ ب ت ث حسان أبو عرقوب (2/9/2009)، “أثر العدول عن الخِطبة”، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 18/12/2019. بتصرّف.
  16. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الأردن – عمّان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 43، جزء 4. بتصرّف.
  17. “الفرق بين الخطبة والزواج”، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  18. سماحة المفتي العام الدكتور نوح علي سلمان، “الخطبة”، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
  19. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404هـ -1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 190-191، جزء 19. بتصرّف.
  20. أحمد ريان، فقه الأسرة، صفحة 32-33. بتصرّف.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1400، صحيح.
  22. “الفترة الزمنية بين الخطبة والزواج”، www.islamweb.net، 2-2-2008، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  23. “منع البنت من الزواج حتى تتزوج البنت الكبرى ظلم”، www.islamweb.net، 24-7-2005، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  24. “آداب مطلوبة للخاطب والمخطوبة”، almunajjid.com، 2-ربيع الأول-1430، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390، صحيح.
  26. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5090، صحيح.
  27. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي حاتم المزني، الصفحة أو الرقم: 1868، حسن.
  28. مجموعة من المؤلفين (1404 – 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دارالسلاسل، صفحة 203، جزء 19. بتصرّف.
  29. كمال بن السيد سالم (2003م)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية، صفحة 125-128، جزء 3. بتصرّف.
  30. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 2622، صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى