علم التشريح
التّشريح هو أحدُ فروع علم الأحياء، وعادةً ما يُعنى بدراسة أجزاءِ الكائناتِ الحيّة، ويَشمَل تشريحَ جسمِ الإنسانِ، والحيوانِ بكُلِّ أنواعها من فقاريات ولا فقارياتٍ، وأسماك، وطيور، ولقد أولى الأطباء العرب والمسلمين واليونان والمصريين القدماء اهتماماَ خاصاً لعلم التَّشريحِ، كما اعتمدوا عليه في دراساتهم وكتاباتهم، ويُعنى علم التَّشريحِ الخاصِّ بالإنسانِ بدراسةِ أجزاءِ الجسم، من عُنُقٍ، وجذعٍ، وأطرافٍ، وأحشاء داخليّة. سنتطرَّق خلال هذا المقال إلى تاريخِ هذا العلم، وأغراضِه العلميَّة.
أقسام علم التشريح
- علم التشريح السّطحيّ “العيانيّ”: يهتمُّ بفحص أعضاءِ الإنسانِ أو الحَيَوانِ بواسطة العينِ المُجرّدة، أو استخدامِ تقنيات التصوير الطّبيّ، مثل الأشعّة السينيّة، والأمواج فوق الصوتيّة، والتّصوير بالرنين المغناطيسيّ.
- علم التّشريح المِجهري: يهتمُّ بدراسة الأنسجة والخلايا التي تُبنى منها أجزاء الكائن الحي، ويُعرَف باسم علم الأنسجة والخلايا(Hestology).
تاريخ علم التشريح
يُعتَبَرُ أقدمُ تأليفٍ في عِلْم التّشريحِ هو ما ورَد في كتابِ “أيورفيدا” هنديِّ الأصل، و الذي يعود تاريخ كتابته إلى نحو ثلاثة آلاف سنة؛ حيث ذَكَر عددَ أجزاءِ جسمِ الإنسانِ، مَعَ بعضِ الأخطاءِ في عددها، والتي صُحِّحت مَعَ تطوِّر العِلم وأدواته، ثُمَّ كتب الفيلسوفان أبقراط وأرسطو بكتاباتِهِما الفلسفيّة في علم التَّشريح، دون أن يعمدا إلى تشريح جثثٍ آدميةٍ، وبعد ذلك بحوالي مائتي سنة شرّح كُلٌّ من العالِم إيرازسترات وهيروفيل من مدرسة الإسكندرية بتشريحِ الجُثَّثِ، كُلُّ ذلك وأوروبا لم يصلها شيءٌ بخصوص علم التشريح الإنسانيّ، حتى كَتَبَ الإيطاليُّ مونديني في أواخر القرن الثالث عشر مُختَصَراً في التشريحِ دلَّ على أنَّه شرَّح جُثَثَ الموتى، أمَّا في القرنِ السادسِ عَشَر فقد تقدَّمَ عِلْمُ التّشريحِ على يدِ أندريه فيزال، والذي يُعتَبَرُ هو مؤسِّسُ عِلْمِ التّشريحِ الحديث.
أغراض التشريح
يَهدِفُ تشريحُ جسم الإنسانِ إلى العديدِ من الأغراض، من أهمّها:
- معرفةُ سبب الوفاة؛ إذ لم تكن في القرون القديمة تلك الأشعّة الفاحصة التي تُظهِرُ أين يكمُنُ الخللُ، وفي أي عضوٍ من الأعضاء، خاصّةً الأحشاء الداخلية، كالقلب، والكبد، والكلى، وإذا أصرَّ أهل المريض على معرفة سبب الوفاة كان لا بُدَّ من تشريح الجُثَّة حتَّى يُعرف السبب.
- أهداف تعليميّة، فلا تكاد تخلو مختبراتُ الكليّاتِ الطبيّة، والتمريضيّة، والعلوم الطبيّة المُسانِدة من مسارِ التَّشريح؛ حيثُ يرى فيها الدّارسون: الأربطة، والأوتار، والعظام، وكُلَّ ما تمَّت دراستُهُ نظريّاً.
- يستعينُ به الرّسّامونَ، في تطبيقِهِم لِأبعاد الوجه، وباقي الجسم، سواءٌ اختصَّ ذلك بدراسة الإنسان أو الحيوان.
- تعقُّبُ آثارِ الحوادثِ والحروب، حيث يقول الرازي: (رجل سقط عن دابته، فذهب حس الخنصر والبنصر ونصف الوسطى من يديه، فلمّا علمت أنَّه سقط على آخر فقار في الرقبة، علمت أنَّه مخرج العصب الذي بعده الفقارة السابعة أصابها في أول مخرجها، لأنّي كنت أعلم من التشريح أن الجزء الأسفل من أجزاء العصبة الأخيرة النابت من العنق يصير إلى الإصبعين الخنصر والبنصر، ويتفرّق في الجلد المحيط بهما وفي النصف من جلد الوسطى).