محتويات
جنة الفردوس في القرآن
ذكر الله -تعالى- كلمة الفردوس في القرآن الكريم في موضعين بيانهم ما يأتي:[١]
- قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).[٢]
- قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كانَت لَهُم جَنّاتُ الفِردَوسِ نُزُلًا).[٣]
الفردوس في السنة
الفردوس أعلى الجنان
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (في الجنَّةِ مائةَ درجةٍ ما بينَ كلِّ درجَتينِ كما بينَ السَّماءِ والأرضِ، والفِردوسُ أعلاها درجةً، ومنها تُفجَّرُ أنهارُ الجنَّةِ الأربعَةِ، ومِن فوقِها يكونُ العرشُ، فإذا سألتُمُ اللَّهَ فاسأَلوه الفِردوسَ).[٤] يبيّن هذا الحديث عدد من صفات الجنة وصفات الفردوس الأعلى منها ما يأتي:[٥]
- يخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الجنّة وما فيها من درجات ومنازل عالية ونعيم مقيم، وحدد عدد الجنان بمئةٍ للتكثير، والمسافة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض في البعد، وتتفاوت منزلة ودرجة العبد في الجنة بحسب إيمانه وأعماله الصالحة في الدنيا.
- الفردوس هو البستان الذي يكون فيه الشجر والزهور والنباتات، وهو اسم لأعلى وأفضل منزلة في الجنة، وفي الفردوس منازل الأنبياء، ومن الفردوس تخرج أنهار الجنة الأربعة، وهي المذكورة في قوله -تعالى-: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ)،[٦] أي إنّ أنهار الماء واللبن والخمر والعسل تنبع من جنة الفردوس وكأنَّها نبع الشلالات ومصدر الماء.
- ماء الفردوس صافٍ لا يتكدّر واللبن مذاقه طيّبٌ لا يتغيّر طعمه فلا يُصبح حامضًا حتى مع مرور الوقت والخمر ليس له رائحةٌ كريهةٌ ولا يسلب العقل، فلماذا قد يرغب إنسان بأنَّ يذهب عقله وفي الجنة كل هذا النعيم، والعسل صافي ليس فيه ما يعكره.
- الفردوس سقفه عرش الرحمن، فأيُّ نعيم خير من هذا، أحد الصالحين يقول: “لو أنني ليس لي في الجنة سوى أن أرى الله المنعم المُتفضل علي -سبحانه- لكفى بها من نعمة”.
وهنا يحثُّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمته على سؤال الله -تعالى- الفردوس الأعلى من الجنة، وهذا فيه حث واستنهاض للهمم بأن لا يرضى المسلم إلا بخير الأمور وأفضلها، فالله كريم حليم وإن كان العبد مُقصراً أو مذنباً.
الدنيا بالنسبة للآخرة لا تساوي شيئًا
أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّه قال: (أنَّ أُمَّ حَارِثَةَ أتَتْ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، وقدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَومَ بَدْرٍ؛ أصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، قدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِن قَلْبِي، فإنْ كانَ في الجَنَّةِ لَمْ أبْكِ عليه، وإلَّا سَوْفَ تَرَى ما أصْنَعُ).[٧]
(فَقالَ لَهَا: هَبِلْتِ! أجَنَّةٌ واحِدَةٌ هي؟ إنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وإنَّه في الفِرْدَوْسِ الأعْلَى، وقالَ: غَدْوَةٌ في سَبيلِ اللَّهِ أوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فِيهَا، ولَقَابُ قَوْسِ أحَدِكُمْ -أوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ- مِنَ الجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فِيهَا، ولو أنَّ امْرَأَةً مِن نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إلى الأرْضِ لَأَضَاءَتْ ما بيْنَهُمَا، ولَمَلَأَتْ ما بيْنَهُما رِيحًا، ولَنَصِيفُهَا -يَعْنِي الخِمَار- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فِيهَا).[٧]
ويُبين هذا الحديث أنَّ الصحابي حارثة -رضي الله عنه- قد أصاب الفردوس الأعلى من الجنة، ثم يُبيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حقارة الدنيا بالنسبة للآخرة وبيان ذلك ما يأتي:[٨]
- أنَّ موضع قدم المجاهد أو استخدام القوس أو أي آلة في الجهاد تُنزل صاحبها في الجنة منزلة هي خيرٌ له من الدنيا وما فيها، لأنّ الدنيا فانية والجنة أدوم وأبقى وأكثر نفعًا؛ فالدائم الباقي خيرٌ من المنقطع.
- أنّ واحدةً من نساء الحور العين إن أظهرت نفسها للأرض لأضاءت ما بين السماء والأرض ولملأت ما بينهما رائحةً طيبة، وما تضعه واحدةٌ من الحور العين على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها؛ فالدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وهذه صفات عطر الحور العين وملبوسها ونظرة منها فكيف بها وبحالها وجمالها.
ولا خطر على قلب بشر
يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي مخبرًا عن الله -تعالى-: (قالَ اللَّهُ: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ)،[٩] وفي هذا الحديث يعدد لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- عددًا من صفات الجنة ومن هذه الصفات ما يأتي:[١٠]
- خلق الله -تعالى- لعباده المخلصين ما لم تراه أعينهم ولم تسمع بوصفه آذانهم وما لم يمر على عقل بشر.
- الإنسان بخلقه الحالي لا يستطيع تصوّر ما في الجنة ونعيمها، وكل ما يتخيله الإنسان أو يدركه بحواسه فالجنة أعلى وأرقى وأفضل منه.
- الحديث مصداقٌ لقوله -تعالى-: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)،[١١] حيث إنَّ النّعيم الذي أعدَّه العظيم لعباده لا يمكن تصوّره، ولكنهم سيفرحون به ويسعدون يوم القيامة.
- الحثٌّ على عمل الطاعات وترك المنكرات، للفوز بما أعدَّه الله لعباده الصالحين وبيان سعة فضل الله وأنَّه يخلق ما يشاء مما لا يحيط به البشر ولا يتصورونه.
المراجع
- ↑ “آيات ورد فيها “الْفِرْدَوْسَ””، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022.
- ↑ سورة المؤمنون، آية:11
- ↑ سورة الكهف، آية:107
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:2531 ، صحيح.
- ↑ “شرح الحديث”، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية:15
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6567 ، صحيح.
- ↑ “شرح الحديث”، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7498 ، صحيح.
- ↑ “شرح حديث، ما لا عين رأت”، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة السجدة، آية:17