عبادات

وسائل الثبات على الإسلام

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

مقالات ذات صلة

وسائل الثبات على الإسلام

بيّن الله -عزّ وجلّ- لعباده عدّة وسائل تُعينهم في الثبات على دين الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١][٢]

  • الدعاء: وهو من أقوى الوسائل التي تُعين العبد في تحصيل مراده، وقد حثّت العديد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية العباد على الدعاء وطلب الثبات من الله، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من طلب الثبات من الله تعالى بأدعية مختلفة، منها:
    • (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ).[٣]
    • (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي علَى دينِكَ).[٤]
    • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الثَّباتَ في الأمرِ والعزيمةَ على الرُّشدِ).[٥]
للمزيد من التفاصيل عن الدعاء الاطّلاع على المقالات الآتية:
((ما أهمية الدعاء)).
((ما هي آداب الدعاء)).
((أفضل أوقات الدعاء المستجاب)).

  • التفكّر بآيات القرآن الكريم: يعدّ القرآن أهمّ مصادر ثبات العباد واستقامتهم وهدايتهم؛ لما فيه من توجيهاتٍ حيةٍ بذكر الله -عزّ وجلّ- لقصص الأنبياء مع أقوامهم، وبيان مصير الصالحين والجاحدين، وبيان حقيقة تثبيت الله لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)،[٦] وقال أيضاً: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] كما أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمسك بكتاب الله، إذ قال: (إنَّ هذا القرآنَ طَرفُهُ بيدِ اللَّهِ وطرفُهُ بأيديكُم فتمسَّكوا بِهِ فإنَّكُم لن تضلُّوا ولن تَهْلِكوا بعدَهُ أبداً).[٨]
  • إحكام الصلة بالله سبحانه: تتعدّد الصور التي يمكن للمسلم إتيانها لتحقيق الصلة بالله تعالى، منها: الإحسان في التوكّل عليه، وتحقيق الإنابة والخضوع إليه، مع الحرص على الخوف والخشية منه، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ثبات القلب متصلٌ بثبات القول القائم على الحق والصدق وتوحيد الله -تعالى- وما يتبع ذلك، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ).[٩]
  • الحرص على الصُحبة الصالحة: تعد البيئة التي ينشأ فيها الفرد من أهم العوامل المؤدّية إلى الثبات على الحق، إضافةً إلى الصحبة الصالحة، ولذلك فقد حذّر الله في القرآن الكريم من الصحبة السيئة، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)،[١٠] فالصحبة الصالحة تُعين العبد على سلوك الحق واتّباع أوامر الله.
  • التربية السليمة الصحيحة: الإحسان في التربية خير معين في الثبات على طريق الحق، على أنّه يجدر القول أنّ التربية السليمة يزداد أثرها إذا جمعت بين جوانب عدّه، وهي:
    • التربية الإيمانية: وهي التي تزيد من اليقين لدى العبد وتعمل على تحقيق الأمل بالله عز وجل، ومن الأمثلة على التربية الإيمانية التي تُعين على الثبات: صيام التطوع، وأداء الصدقة، وقيام الليل، وتجديد الإيمان باليوم الآخر والحياة الآخرة.
    • التربية الثقافية: ولها جوانب عدة؛ مثل التّعرف على الثقافات الإنسانية المختلفة، وأحوال البلاد وتقاليد أهلها، وتوسيع دائرة الثقافة الإسلامية العامة والاطلاع على جوانبها الشرعية.
    • التربية العملية أو التربية بالمواقف: وتكون بعرض أخبار الثابتين وجزاؤهم المترتب على ثباتهم والترغيب بسلوك طريقهم، مع الترهيب من عدم الثبات بعرض مصير غير الثابتين.
    • التربية على الدعوة: تعد الدعوة إلى الله من أهم الطرق والوسائل التي تُعين على الثبات وتطرد الوساوس التي تمنعه، ذلك أنّ طبيعة عمل الداعية يقتضي مواجهة التحديات التي تعترض طريق الحق، ممّا يجعله ثابتاً على الحقّ ومنشغلاً بالدّفاع عنه.
  • قراءة سير الصالحين الثابتين: فالاطّلاع على قصص الصالحين السابقين من الأنبياء والأولياء وغيرهم واستقراء أحوالهم يحقّق في قلب العبد الثقة بوعد الله لعباده الصالحين، قال تعالى: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).[١١]
  • الثقة بنصر الله تعالى: على المسلم أن يتيقّن من نصر الله دون شكّ به أو يأسٍ منه، قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).[١٢]
  • الالتزام بآداب وضوابط شريعة الإسلام: فقد قرّرت الشريعة مجموعةً من القواعد التي تدلّ على صيانة الإسلام لأهله من الانحراف عن طريق الحق، يُذكر منها: الحث على المداومة على العمل الصالح ولو كان قليلاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ)،[١٣] كما أنّ الإسلام حثّ أفراده على الزيادة من أعمال الخير والبر قدر المستطاع، وعدم التفريط بالفرائض مهما فتر العبد في الأعمال، مع الحرص على الترويح عن النفس وعدم التضييق عليها.
  • التحلّي بالأخلاق التي تعين على الثبات: فالأخلاق الإسلامية التي حثّت عليها الشريعة تُعين المسلم على الثبات، ومن أهمّها الصبر، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)،[١٤] ومن أعلى درجات أنواع الصبر، الصبر عند الصدمة الأولى، فيتبيّن حينه ثبات المرء وقوته.
  • التأمّل فيما أعدّه الله من نعيمٍ في الجنة وعذابٍ في النار: فتذكّر الموت وما يتبعه من أحوال القبر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، وغيرها من الأهوال والأحوال من عوامل الثبات، وبذلك يصون العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات أو ارتكاب النواهي، ويقف عند حدود الله.
  • ذكر الله تعالى: وهو من الأسباب العظيمة التي تثبّت العبد، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّـهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[١٥]

معنى الثبات

بيّن العلماء المقصود بالثبات لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • الثبات لغةً: مصدر من الفعل ثَبَتَ، ويقصد به البقاء وعدم الزوال، فيُقال: بثباتٍ؛ أي بشجاعةٍ أو بفاعليةٍ، والثبات على الرأي يُقصد به الاستمرار عليه، أمّا الثبات في المكان فهو الاستقرار فيه.[١٦]
  • الثبات اصطلاحاً: يُقصد به الاستقامة على طريق الهدى، والتمسّك به مع العزم والإصرار على سلوك سبيل الحق والخير، وعدم الالتفات لغيره من الأهواء ووساوس الشيطان، والحرص على التوبة والإنابة إلى الله -تعالى- حال الوقوع في المعاصي والآثام.[١٧]

أهمية الثبات على الإسلام

للثبات على الإسلام أهميةٌ عظيمة تظهر في العديد من الجوانب المتعلقة بالفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان لبعضها:[١٨]

  • يدلّ الثبات على صلاح النهج الذي يسير عليه العبد، وصحّة تربيته الإسلامية، وقوّة إيمانه ويقينه بالله تعالى.
  • يصل العبد بثباته إلى تحقيق أهدافه، والوصول إلى العلوّ والرفعة والمكانة في الدنيا والآخرة.
  • ينال العبد الثابت على دينه ثقة الناس ممّن حوله، ويكون مؤثّراً فيهم فينشر الطمأنينة حولهم، ويلجؤون إليه إن أصابهم أمراً ما.

الثبات في الفتن والابتلاءات

أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ الفتن واقعةٌ في الأمّة لا محالة، إذ روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَتَكُونُ فِتَنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَن تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمَن وجَدَ مِنْها مَلْجَأً، أوْ مَعاذًا، فَلْيَعُذْ بهِ)،[١٩] وعلى المسلم أن يستعدّ بالعلم والعمل لذلك بتحصين نفسه وصيانتها من الوقوع بتلك الفتن، ولا بدّ من التحصين بالعلم بسبب قلّته في آخر الزمان كما أخبر الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا)،[٢٠] كما أن انصراف الناس عن العلم والزهد في طلبه وترك العمل به من أسباب قلّة العلم، أمّا العمل فلا بدّ للمسلم منه في مواجهة الفتن استجابةً لحثّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين عليه قبل حلول الفتن بقوله: (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِناً وَيُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)،[٢١] وقد حثّ الرسول على العمل بسبب انشغال العبد بالفتن وقت حدوثها فكان لا بدّ من العمل قبلها، كما أنّ العبد قد يُمنع من أداء ما عليه وقت الفتن، وقد ينشغل الفكر والقلب بالفتنة ممّا يؤدي إلى قلّة الخشوع والخضوع إلى الله، إضافةً إلى أنّ الأمور قد تختلط لدى المرء فلا يمكنه تمييز الحق من الباطل، ولكل ما سبق كان لا بدّ من الاستعداد بالعلم والعمل.[٢٢]

ابتلاء الله بالخير والشر

ابتلى الله عباده بالخير والشر، قال تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)،[٢٣] وحكمة الله في ذلك تتمثّل في معرفة العباد الصابرين وتمييزهم عن غيرهم من المنافقين والضعفاء، ومن الفتن التي تصيب العباد فتنة المال، قال تعالى: (وَمِنهُم مَن عاهَدَ اللَّـهَ لَئِن آتانا مِن فَضلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكونَنَّ مِنَ الصّالِحينَ * فَلَمّا آتاهُم مِن فَضلِهِ بَخِلوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ)،[٢٤] فقد يؤدي المال بالعبد إلى الانشغال عن العبادات والطاعات، ومن الفتن أيضاً فتنة الولد والزوجة؛ قال سبحانه: (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)،[٢٥] وقد تكون الزوجة من أسباب ثبات الزوج على الحق والاستقامة وبُعده عن الوقوع في المعاصي وارتكاب المنهيات.[٢٦]

نعمة الإسلام

يعدّ الإسلام من أعظم نعم الله -تعالى- على عباده، فهو من رضيه لهم ولم يقبل لهم السير على غيره، قال الله -عزّ وجلّ-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢٧] فمن أكرمه الله بالإسلام يجدر به أن يتّبع ما أمر به الله -تعالى- وينتهي عن النواهي بما نصّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإسلام من الأسباب التي تؤدي إلى صلاح وسلامة القلب والجوارح، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- واصفاً رسالة الإسلام: (أنْ تُسلِمَ قلبَك للهِ وأنْ تُوجِّهَ وجهَك للهِ وأنْ تُصلِّيَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وتُؤدِّيَ الزَّكاةَ المفروضةَ، أخوانِ نَصِيرانِ لا يقبَلُ اللهُ مِن عبدٍ توبةً أشرَك بعدَ إسلامِه)،[٢٨] وسلامة الجوارح تكون بالاستقامة والمدوامة على طاعة وعبادة الله -تعالى-، أمّا سلامة القلب فتكون باستسلامه لله -تعالى-،[٢٩] كما أنّ الإسلام السبيل الذي يصل بالعبد إلى السعادة في الدنيا والآخرة بتحقيق النفع والخير ودفع الشر والضر.[٣٠]

إن للإسلام خصائص كثيرة تميّزه عن غيره من الأديان، ومن تلك الخصائص:[٣١]

  • أنه من عند الله -عزّ وجلّ- العالِم بحاجة عباده وما يلزمهم، قال -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[٣٢]
  • أنّه دين يكشف للناس الحكمة التي خلق الله من أجلها الإنسان، لقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٣٣]
  • أنّه دين يقوم على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فهو لا يخالفها وإنما ينظمها.
  • أنّه دين يدعو إلى التفكّر والتأمّل في الخلق والكون، كما أنّه ينبذ الجهل والخرافات وينهى عن اتّباع غير الحق، قال -تعالى-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٣٤]

المراجع

  1. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 38-73.بتصرف.
  2. محمد صالح المنجد (17-6-2013)، “وسائل الثبات على دين الله”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية: 8.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3522، حسن.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 935، أخرجه في صحيحه.
  6. سورة هود، آية: 120.
  7. سورة الزخرف، آية: 43.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 34، صحيح.
  9. سورة إبراهيم، آية: 27.
  10. سورة الفرقان، آية: 27-29.
  11. سورة هود، آية: 120.
  12. سورة آل عمران، آية: 139-140.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 6465، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. سورة الأنفال، آية: 45.
  16. “تعريف ومعنى الثبات في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-11-2019. بتصرّف.
  17. محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف (2008)، الثبات أهميته عوامل بقائه وهدمه صور على الثبات وعدمه (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 11. بتصرّف.
  18. محمد موسى الشريف (2008)، الثبات (الطبعة الأولى)، مصر: دار الأندلس الجديدة، صفحة 16-17. بتصرّف.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7081، صحيح.
  20. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 100، صحيح.
  21. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 118، صحيح.
  22. فيصل بن حيان آل صبحان (2005)، مسائل في الفتن (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: مؤسسة الريان، صفحة 9-11. بتصرّف.
  23. سورة الأنبياء، آية: 35.
  24. سورة التوبة، آية: 75-76.
  25. سورة التغابن، آية: 14.
  26. محمد صالح المنجد، “الثبات في الفتن”، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-10-2019. بتصرّف.
  27. سورة المائدة، آية: 3.
  28. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاوية بن حيدة، الصفحة أو الرقم: 160، أخرجه في صحيحه.
  29. الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر (2010-6-9)، “نعمة الهداية إلى دين الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  30. محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2010)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة الحادية عشرة)، الرياض: دار أصداء المجتمع، صفحة 35. بتصرّف.
  31. محمد بن إبراهيم الحمد، الطريق إلى الإسلام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 30. بتصرّف.
  32. سورة الملك، آية: 14.
  33. سورة الذاريات، آية: 56.
  34. سورة الزمر، آية: 9.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى