مدن وبلدان

ما هي آسيا الصغرى

مقالات ذات صلة

آسيا الصُّغرى

تُعرَف آسيا الصُّغرى (بالإنجليزيّة: Asia Minor) أيضاً باسم الأناضول، وتُمثّل في العصر الحالي القسم الآسيويّ التابع لتركيا، وهي تمتلك موقعاً مميّزاً يُشكّل مركز الوصل بين قارّتي أوروبا وآسيا، وأدّى ذلك إلى أن تكون الطريق الذي مهّد لغزو وهجرة الكثير من النّاس والشعوب إلى القارات المتنوّعة.[١]

وتشترك آسيا الصُّغرى بحدود شماليّة مع البحر الأسود، ويحدّها من الجهة الجنوبيّة البحر الأبيض المتوسط، ولها حدود غربيّة مع بحر إيجة،[٢] وتحدّها القوقاز من الجهة الشماليّة الشرقيّة، وتشترك بحدود جنوبيّة شرقيّة مع أراضي سوريا الكُبرى، أمّا من الجهة الشرقيّة فتحدّها الهضبة الإيرانيّة والقوقاز.[٣]

تاريخ آسيا الصُّغرى

إنّ أقرب دليل على الوجود السُكّاني في منطقة آسيا الصُّغرى يعود إلى عائلة من الأسرة الأكاديّة، وقد عُرِفت آسيا الصُّغرى في ذلك الوقت باسم أرض هاتي، وعاش فيها الحثيون الذين أطلقوا عليها اسم أسوا، واستُخدِم هذا الاسم للإشارة إلى الأراضي المُمتدَّة من الدلتا التابعة لنهر كايستر عند ليديا، ولكن صار هذا الاسم يُطلق على جميع أراضي المنطقة التابعة لآسيا الصُّغرى، كما يُعدّ لفظ أسوا هو الأصل اللغوي المنتمي إلى العصر البرونزيّ لاسم آسيا، ثمّ أطلق عليها الرومان لاحقاً اسم الأناضول، ومعناه الشمس المُشرقة، أمّا اسم آسيا الصُغرى فقد اشتُقّ من اللفظة اليونانيّة ميكرا آسيا؛ أي آسيا الصّغيرة.[٤]

أُسِّست عبر التاريخ في أراضي آسيا الصُّغرى العديد من المُدن والممالك، مثل: كاريا، وفريجيا، وأرمينيا، وآشور، وأيلويا، وبيسيديا، وليديا، وبيثنيا، وتراقيا، وسيليكيا، وأورارتو، وغيرها؛ ممّا أدّى إلى ظهور العديد من الإنجازات المُرتبطة بالشعوب التي استقرّت في هذه المدن والممالك داخل آسيا الصُّغرى، كما تُعدّ أراضيها مكاناً لموقعَين من عجائب الدنيا القديمة، وهما معبد أرتميس، وقبر موسولوس.[٤]

شهدت أراضي آسيا الصُّغرى استقراراً ملحوظاً بعد وصول الرومان إليها؛ إذ ساهموا في إنشاء وتأسيس الكثير من المُدن والطُّرقات التي تربط بينها، كما شهدت المجتمعات التابعة للسواحل ازدهاراً مُتسارعاً، ولكن بعد سقوط روما في سنة 476م ووصول الإسلام إلى آسيا الصُّغرى، قرّر البيزنطيّون محاربة المسلمين في تلك الأراضي، واستمرّت تلك الحروب حتّى وصول السلجوقيّين من الأتراك الذين سيطروا على آسيا الصُّغرى منذ سنة 1068م حتّى سنة 1299م؛ حيث صارت آسيا الصُّغرى إحدى المناطق التابعة للإمبراطوريّة العثمانيّة، وظلّت كذلك حتّى تأسيس الدولة التركيّة.[٤]

جغرافيّة آسيا الصُّغرى

تمتلك آسيا الصُّغرى مجموعةً من المعالم الجغرافيّة المُعقّدة نسبياً، وترتكز على مركز يحتوي على أحواض وكتل من الصخور التي تغطّيها الرواسب؛ ممّا يؤدّي إلى ظهورها كهضبة تحتوي على مجموعة من المعالم الوعِرة، وتقع بين سلسلتين من الجبال التي تلتقي معاً في الجهة الشرقيّة، أمّا الأراضي المنخفضة في آسيا الصُّغرى فتشمل الشواطئ المُمتدّة على سواحل كُلٍّ من البحر المتوسط والبحر الأسود، ويندر ظهور الأراضي المنحدرة أو المسطّحة، ولكنّها تظهر في بعض المواقع الجغرافيّة، مثل: بعض السهول الداخليّة، وأنهار بويوك مندريس، ووادي جديز، والسهول الساحليّة التابعة لشوكوروفا، وغيرها من المواقع الأُخرى، وتُقسَم المناطق الجغرافيّة في آسيا الصُّغرى إلى الآتي:[٣]

منطقة البحر الأسود

تمتلك منطقة البحر الأسود ساحلاً يحتوي مجموعةً من الصخور الحادّة، كما تنتشر فيها الأنهار العابرة للأودية المُمتدّة من المناطق الساحليّة، وفيها أيضاً الجبال الواقعة في الجهة الشماليّة من الأناضول، وهي سلسلة جبليّة لها عدّة ارتفاعات متوازية مع الساحل الخاص بالبحر الأسود، كما تظهر مجموعة من الأنهار ذات الحجم الكبير، منحدرة من جبال بونتيك، وتتدفّق روافدها داخل أحواض مختلفة في أحجامها، أمّا المنحدرات العُليا التي تتقابل مع الجهة الجنوبيّة الغربيّة فهي ذات طبيعة رطبة غالباً.[٣]

منطقة البحر المتوسط

تنتشر في منطقة البحر المتوسط السهول الساحليّة التي تُشكّل المنطقة الفاصلة بين جبال طوروس وهضبة الأناضول، أمّا التّربة الخاصّة بهذه المنطقة فهي خصبة، كما تتميّزُ بأنّ مناخها دافئ؛ ممّا يُساهم في أن تكون من المناطق المناسبة لزراعة العديد من أنواع المزروعات، مثل: الموز، والعنب، والقمح، والخضروات، والشعير، وغيرها.[٣]

منطقة هضبة الأناضول

تمتدّ هضبة الأناضول في وسط آسيا الصُّغرى، وتحديداً من السهل الساحليّ التابع لبحر إيجة وصولاً إلى المنطقة التي تقع بين الجبال المطويّة، ولهذه الهضبة تباين في ارتفاعها الذي يتراوح بين 600-1200م، ويُعدّ حوض قونية وحوض توز غولو الذي تقع تحته بحيرة الملح هما أكبر حوضين موجودين في هضبة الأناضول، كما تقع مجموعة من الجبال قُرب ساحل الهضبة، وتُساهم في منع التأثيرات التي تؤدي إلى زيادة مساحة الأراضي الداخليّة؛ ممّا يُؤدّي إلى منح المناطق التركيّة الداخليّة مناخاً قاريّاً.[٣]

منطقة الأناضول الشرقيّة

تلتقي في الجهة الشرقيّة من الأناضول كلّ من جبال توروس وجبال بونتوس، وتتميّز منطقة الأناضول الشرقيّة بأنّها أرض وعرة لها عدّة ارتفاعات، وتهطل فيها الأمطار بشكلٍ أكبر من مُعدّل هطولها على هضبة الأناضول، كما توجد فيها ثلاثة منابع للأنهار، وهي نهر آراس الذي يتدفق من الجهة الشرقيّة ويصب في بحر قزوين، ونهرا الفرات ودجلة اللذان يتدفّقان نحو الجنوب باتّجاه العراق قبل أن يصُبّا في الخليج العربيّ.[٣]

تقع في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من الأناضول مروراً إلى الجنوب من جبال توروس منطقة تحتوي على سطوح من الهضاب والتلال، ويصل امتداد هذه المنطقة إلى الأراضي السوريّة، ثمّ تبدأ ارتفاعاتها بالانخفاض التدريجيّ؛ حيث تبدأ بما يُقارب 800م في الجهة الشماليّة وتنخفض في الجهة الجنوبيّة وصولاً إلى 500م، ومن أهمّ محاصيلها الزراعيّة الأساسيّة الشعير والقمح، كما ساهم ظهور المشروعات المُتخصّصة بالرّي في عقد الثمانينات في تطوّر البيئة الزراعيّة الخاصّة بهذه المنطقة.[٣]

المراجع

  1. Donald Fyfe Easton, Philo H.J. Houwink ten Cate, John E. Woods, and Others (29-11-2017), “Anatolia”، www.britannica.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  2. “Asia Minor”, www.encyclopedia.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ “Anatolia”, www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  4. ^ أ ب ت Joshua J. Mark (2-9-2009), “Asia Minor”، www.ancient.eu, Retrieved 21-12-2017. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

آسيا الصُّغرى

تُعرَف آسيا الصُّغرى (بالإنجليزيّة: Asia Minor) أيضاً باسم الأناضول، وتُمثّل في العصر الحالي القسم الآسيويّ التابع لتركيا، وهي تمتلك موقعاً مميّزاً يُشكّل مركز الوصل بين قارّتي أوروبا وآسيا، وأدّى ذلك إلى أن تكون الطريق الذي مهّد لغزو وهجرة الكثير من النّاس والشعوب إلى القارات المتنوّعة.[١]

وتشترك آسيا الصُّغرى بحدود شماليّة مع البحر الأسود، ويحدّها من الجهة الجنوبيّة البحر الأبيض المتوسط، ولها حدود غربيّة مع بحر إيجة،[٢] وتحدّها القوقاز من الجهة الشماليّة الشرقيّة، وتشترك بحدود جنوبيّة شرقيّة مع أراضي سوريا الكُبرى، أمّا من الجهة الشرقيّة فتحدّها الهضبة الإيرانيّة والقوقاز.[٣]

تاريخ آسيا الصُّغرى

إنّ أقرب دليل على الوجود السُكّاني في منطقة آسيا الصُّغرى يعود إلى عائلة من الأسرة الأكاديّة، وقد عُرِفت آسيا الصُّغرى في ذلك الوقت باسم أرض هاتي، وعاش فيها الحثيون الذين أطلقوا عليها اسم أسوا، واستُخدِم هذا الاسم للإشارة إلى الأراضي المُمتدَّة من الدلتا التابعة لنهر كايستر عند ليديا، ولكن صار هذا الاسم يُطلق على جميع أراضي المنطقة التابعة لآسيا الصُّغرى، كما يُعدّ لفظ أسوا هو الأصل اللغوي المنتمي إلى العصر البرونزيّ لاسم آسيا، ثمّ أطلق عليها الرومان لاحقاً اسم الأناضول، ومعناه الشمس المُشرقة، أمّا اسم آسيا الصُغرى فقد اشتُقّ من اللفظة اليونانيّة ميكرا آسيا؛ أي آسيا الصّغيرة.[٤]

أُسِّست عبر التاريخ في أراضي آسيا الصُّغرى العديد من المُدن والممالك، مثل: كاريا، وفريجيا، وأرمينيا، وآشور، وأيلويا، وبيسيديا، وليديا، وبيثنيا، وتراقيا، وسيليكيا، وأورارتو، وغيرها؛ ممّا أدّى إلى ظهور العديد من الإنجازات المُرتبطة بالشعوب التي استقرّت في هذه المدن والممالك داخل آسيا الصُّغرى، كما تُعدّ أراضيها مكاناً لموقعَين من عجائب الدنيا القديمة، وهما معبد أرتميس، وقبر موسولوس.[٤]

شهدت أراضي آسيا الصُّغرى استقراراً ملحوظاً بعد وصول الرومان إليها؛ إذ ساهموا في إنشاء وتأسيس الكثير من المُدن والطُّرقات التي تربط بينها، كما شهدت المجتمعات التابعة للسواحل ازدهاراً مُتسارعاً، ولكن بعد سقوط روما في سنة 476م ووصول الإسلام إلى آسيا الصُّغرى، قرّر البيزنطيّون محاربة المسلمين في تلك الأراضي، واستمرّت تلك الحروب حتّى وصول السلجوقيّين من الأتراك الذين سيطروا على آسيا الصُّغرى منذ سنة 1068م حتّى سنة 1299م؛ حيث صارت آسيا الصُّغرى إحدى المناطق التابعة للإمبراطوريّة العثمانيّة، وظلّت كذلك حتّى تأسيس الدولة التركيّة.[٤]

جغرافيّة آسيا الصُّغرى

تمتلك آسيا الصُّغرى مجموعةً من المعالم الجغرافيّة المُعقّدة نسبياً، وترتكز على مركز يحتوي على أحواض وكتل من الصخور التي تغطّيها الرواسب؛ ممّا يؤدّي إلى ظهورها كهضبة تحتوي على مجموعة من المعالم الوعِرة، وتقع بين سلسلتين من الجبال التي تلتقي معاً في الجهة الشرقيّة، أمّا الأراضي المنخفضة في آسيا الصُّغرى فتشمل الشواطئ المُمتدّة على سواحل كُلٍّ من البحر المتوسط والبحر الأسود، ويندر ظهور الأراضي المنحدرة أو المسطّحة، ولكنّها تظهر في بعض المواقع الجغرافيّة، مثل: بعض السهول الداخليّة، وأنهار بويوك مندريس، ووادي جديز، والسهول الساحليّة التابعة لشوكوروفا، وغيرها من المواقع الأُخرى، وتُقسَم المناطق الجغرافيّة في آسيا الصُّغرى إلى الآتي:[٣]

منطقة البحر الأسود

تمتلك منطقة البحر الأسود ساحلاً يحتوي مجموعةً من الصخور الحادّة، كما تنتشر فيها الأنهار العابرة للأودية المُمتدّة من المناطق الساحليّة، وفيها أيضاً الجبال الواقعة في الجهة الشماليّة من الأناضول، وهي سلسلة جبليّة لها عدّة ارتفاعات متوازية مع الساحل الخاص بالبحر الأسود، كما تظهر مجموعة من الأنهار ذات الحجم الكبير، منحدرة من جبال بونتيك، وتتدفّق روافدها داخل أحواض مختلفة في أحجامها، أمّا المنحدرات العُليا التي تتقابل مع الجهة الجنوبيّة الغربيّة فهي ذات طبيعة رطبة غالباً.[٣]

منطقة البحر المتوسط

تنتشر في منطقة البحر المتوسط السهول الساحليّة التي تُشكّل المنطقة الفاصلة بين جبال طوروس وهضبة الأناضول، أمّا التّربة الخاصّة بهذه المنطقة فهي خصبة، كما تتميّزُ بأنّ مناخها دافئ؛ ممّا يُساهم في أن تكون من المناطق المناسبة لزراعة العديد من أنواع المزروعات، مثل: الموز، والعنب، والقمح، والخضروات، والشعير، وغيرها.[٣]

منطقة هضبة الأناضول

تمتدّ هضبة الأناضول في وسط آسيا الصُّغرى، وتحديداً من السهل الساحليّ التابع لبحر إيجة وصولاً إلى المنطقة التي تقع بين الجبال المطويّة، ولهذه الهضبة تباين في ارتفاعها الذي يتراوح بين 600-1200م، ويُعدّ حوض قونية وحوض توز غولو الذي تقع تحته بحيرة الملح هما أكبر حوضين موجودين في هضبة الأناضول، كما تقع مجموعة من الجبال قُرب ساحل الهضبة، وتُساهم في منع التأثيرات التي تؤدي إلى زيادة مساحة الأراضي الداخليّة؛ ممّا يُؤدّي إلى منح المناطق التركيّة الداخليّة مناخاً قاريّاً.[٣]

منطقة الأناضول الشرقيّة

تلتقي في الجهة الشرقيّة من الأناضول كلّ من جبال توروس وجبال بونتوس، وتتميّز منطقة الأناضول الشرقيّة بأنّها أرض وعرة لها عدّة ارتفاعات، وتهطل فيها الأمطار بشكلٍ أكبر من مُعدّل هطولها على هضبة الأناضول، كما توجد فيها ثلاثة منابع للأنهار، وهي نهر آراس الذي يتدفق من الجهة الشرقيّة ويصب في بحر قزوين، ونهرا الفرات ودجلة اللذان يتدفّقان نحو الجنوب باتّجاه العراق قبل أن يصُبّا في الخليج العربيّ.[٣]

تقع في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من الأناضول مروراً إلى الجنوب من جبال توروس منطقة تحتوي على سطوح من الهضاب والتلال، ويصل امتداد هذه المنطقة إلى الأراضي السوريّة، ثمّ تبدأ ارتفاعاتها بالانخفاض التدريجيّ؛ حيث تبدأ بما يُقارب 800م في الجهة الشماليّة وتنخفض في الجهة الجنوبيّة وصولاً إلى 500م، ومن أهمّ محاصيلها الزراعيّة الأساسيّة الشعير والقمح، كما ساهم ظهور المشروعات المُتخصّصة بالرّي في عقد الثمانينات في تطوّر البيئة الزراعيّة الخاصّة بهذه المنطقة.[٣]

المراجع

  1. Donald Fyfe Easton, Philo H.J. Houwink ten Cate, John E. Woods, and Others (29-11-2017), “Anatolia”، www.britannica.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  2. “Asia Minor”, www.encyclopedia.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ “Anatolia”, www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  4. ^ أ ب ت Joshua J. Mark (2-9-2009), “Asia Minor”، www.ancient.eu, Retrieved 21-12-2017. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

آسيا الصُّغرى

تُعرَف آسيا الصُّغرى (بالإنجليزيّة: Asia Minor) أيضاً باسم الأناضول، وتُمثّل في العصر الحالي القسم الآسيويّ التابع لتركيا، وهي تمتلك موقعاً مميّزاً يُشكّل مركز الوصل بين قارّتي أوروبا وآسيا، وأدّى ذلك إلى أن تكون الطريق الذي مهّد لغزو وهجرة الكثير من النّاس والشعوب إلى القارات المتنوّعة.[١]

وتشترك آسيا الصُّغرى بحدود شماليّة مع البحر الأسود، ويحدّها من الجهة الجنوبيّة البحر الأبيض المتوسط، ولها حدود غربيّة مع بحر إيجة،[٢] وتحدّها القوقاز من الجهة الشماليّة الشرقيّة، وتشترك بحدود جنوبيّة شرقيّة مع أراضي سوريا الكُبرى، أمّا من الجهة الشرقيّة فتحدّها الهضبة الإيرانيّة والقوقاز.[٣]

تاريخ آسيا الصُّغرى

إنّ أقرب دليل على الوجود السُكّاني في منطقة آسيا الصُّغرى يعود إلى عائلة من الأسرة الأكاديّة، وقد عُرِفت آسيا الصُّغرى في ذلك الوقت باسم أرض هاتي، وعاش فيها الحثيون الذين أطلقوا عليها اسم أسوا، واستُخدِم هذا الاسم للإشارة إلى الأراضي المُمتدَّة من الدلتا التابعة لنهر كايستر عند ليديا، ولكن صار هذا الاسم يُطلق على جميع أراضي المنطقة التابعة لآسيا الصُّغرى، كما يُعدّ لفظ أسوا هو الأصل اللغوي المنتمي إلى العصر البرونزيّ لاسم آسيا، ثمّ أطلق عليها الرومان لاحقاً اسم الأناضول، ومعناه الشمس المُشرقة، أمّا اسم آسيا الصُغرى فقد اشتُقّ من اللفظة اليونانيّة ميكرا آسيا؛ أي آسيا الصّغيرة.[٤]

أُسِّست عبر التاريخ في أراضي آسيا الصُّغرى العديد من المُدن والممالك، مثل: كاريا، وفريجيا، وأرمينيا، وآشور، وأيلويا، وبيسيديا، وليديا، وبيثنيا، وتراقيا، وسيليكيا، وأورارتو، وغيرها؛ ممّا أدّى إلى ظهور العديد من الإنجازات المُرتبطة بالشعوب التي استقرّت في هذه المدن والممالك داخل آسيا الصُّغرى، كما تُعدّ أراضيها مكاناً لموقعَين من عجائب الدنيا القديمة، وهما معبد أرتميس، وقبر موسولوس.[٤]

شهدت أراضي آسيا الصُّغرى استقراراً ملحوظاً بعد وصول الرومان إليها؛ إذ ساهموا في إنشاء وتأسيس الكثير من المُدن والطُّرقات التي تربط بينها، كما شهدت المجتمعات التابعة للسواحل ازدهاراً مُتسارعاً، ولكن بعد سقوط روما في سنة 476م ووصول الإسلام إلى آسيا الصُّغرى، قرّر البيزنطيّون محاربة المسلمين في تلك الأراضي، واستمرّت تلك الحروب حتّى وصول السلجوقيّين من الأتراك الذين سيطروا على آسيا الصُّغرى منذ سنة 1068م حتّى سنة 1299م؛ حيث صارت آسيا الصُّغرى إحدى المناطق التابعة للإمبراطوريّة العثمانيّة، وظلّت كذلك حتّى تأسيس الدولة التركيّة.[٤]

جغرافيّة آسيا الصُّغرى

تمتلك آسيا الصُّغرى مجموعةً من المعالم الجغرافيّة المُعقّدة نسبياً، وترتكز على مركز يحتوي على أحواض وكتل من الصخور التي تغطّيها الرواسب؛ ممّا يؤدّي إلى ظهورها كهضبة تحتوي على مجموعة من المعالم الوعِرة، وتقع بين سلسلتين من الجبال التي تلتقي معاً في الجهة الشرقيّة، أمّا الأراضي المنخفضة في آسيا الصُّغرى فتشمل الشواطئ المُمتدّة على سواحل كُلٍّ من البحر المتوسط والبحر الأسود، ويندر ظهور الأراضي المنحدرة أو المسطّحة، ولكنّها تظهر في بعض المواقع الجغرافيّة، مثل: بعض السهول الداخليّة، وأنهار بويوك مندريس، ووادي جديز، والسهول الساحليّة التابعة لشوكوروفا، وغيرها من المواقع الأُخرى، وتُقسَم المناطق الجغرافيّة في آسيا الصُّغرى إلى الآتي:[٣]

منطقة البحر الأسود

تمتلك منطقة البحر الأسود ساحلاً يحتوي مجموعةً من الصخور الحادّة، كما تنتشر فيها الأنهار العابرة للأودية المُمتدّة من المناطق الساحليّة، وفيها أيضاً الجبال الواقعة في الجهة الشماليّة من الأناضول، وهي سلسلة جبليّة لها عدّة ارتفاعات متوازية مع الساحل الخاص بالبحر الأسود، كما تظهر مجموعة من الأنهار ذات الحجم الكبير، منحدرة من جبال بونتيك، وتتدفّق روافدها داخل أحواض مختلفة في أحجامها، أمّا المنحدرات العُليا التي تتقابل مع الجهة الجنوبيّة الغربيّة فهي ذات طبيعة رطبة غالباً.[٣]

منطقة البحر المتوسط

تنتشر في منطقة البحر المتوسط السهول الساحليّة التي تُشكّل المنطقة الفاصلة بين جبال طوروس وهضبة الأناضول، أمّا التّربة الخاصّة بهذه المنطقة فهي خصبة، كما تتميّزُ بأنّ مناخها دافئ؛ ممّا يُساهم في أن تكون من المناطق المناسبة لزراعة العديد من أنواع المزروعات، مثل: الموز، والعنب، والقمح، والخضروات، والشعير، وغيرها.[٣]

منطقة هضبة الأناضول

تمتدّ هضبة الأناضول في وسط آسيا الصُّغرى، وتحديداً من السهل الساحليّ التابع لبحر إيجة وصولاً إلى المنطقة التي تقع بين الجبال المطويّة، ولهذه الهضبة تباين في ارتفاعها الذي يتراوح بين 600-1200م، ويُعدّ حوض قونية وحوض توز غولو الذي تقع تحته بحيرة الملح هما أكبر حوضين موجودين في هضبة الأناضول، كما تقع مجموعة من الجبال قُرب ساحل الهضبة، وتُساهم في منع التأثيرات التي تؤدي إلى زيادة مساحة الأراضي الداخليّة؛ ممّا يُؤدّي إلى منح المناطق التركيّة الداخليّة مناخاً قاريّاً.[٣]

منطقة الأناضول الشرقيّة

تلتقي في الجهة الشرقيّة من الأناضول كلّ من جبال توروس وجبال بونتوس، وتتميّز منطقة الأناضول الشرقيّة بأنّها أرض وعرة لها عدّة ارتفاعات، وتهطل فيها الأمطار بشكلٍ أكبر من مُعدّل هطولها على هضبة الأناضول، كما توجد فيها ثلاثة منابع للأنهار، وهي نهر آراس الذي يتدفق من الجهة الشرقيّة ويصب في بحر قزوين، ونهرا الفرات ودجلة اللذان يتدفّقان نحو الجنوب باتّجاه العراق قبل أن يصُبّا في الخليج العربيّ.[٣]

تقع في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من الأناضول مروراً إلى الجنوب من جبال توروس منطقة تحتوي على سطوح من الهضاب والتلال، ويصل امتداد هذه المنطقة إلى الأراضي السوريّة، ثمّ تبدأ ارتفاعاتها بالانخفاض التدريجيّ؛ حيث تبدأ بما يُقارب 800م في الجهة الشماليّة وتنخفض في الجهة الجنوبيّة وصولاً إلى 500م، ومن أهمّ محاصيلها الزراعيّة الأساسيّة الشعير والقمح، كما ساهم ظهور المشروعات المُتخصّصة بالرّي في عقد الثمانينات في تطوّر البيئة الزراعيّة الخاصّة بهذه المنطقة.[٣]

المراجع

  1. Donald Fyfe Easton, Philo H.J. Houwink ten Cate, John E. Woods, and Others (29-11-2017), “Anatolia”، www.britannica.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  2. “Asia Minor”, www.encyclopedia.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ “Anatolia”, www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  4. ^ أ ب ت Joshua J. Mark (2-9-2009), “Asia Minor”، www.ancient.eu, Retrieved 21-12-2017. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

آسيا الصُّغرى

تُعرَف آسيا الصُّغرى (بالإنجليزيّة: Asia Minor) أيضاً باسم الأناضول، وتُمثّل في العصر الحالي القسم الآسيويّ التابع لتركيا، وهي تمتلك موقعاً مميّزاً يُشكّل مركز الوصل بين قارّتي أوروبا وآسيا، وأدّى ذلك إلى أن تكون الطريق الذي مهّد لغزو وهجرة الكثير من النّاس والشعوب إلى القارات المتنوّعة.[١]

وتشترك آسيا الصُّغرى بحدود شماليّة مع البحر الأسود، ويحدّها من الجهة الجنوبيّة البحر الأبيض المتوسط، ولها حدود غربيّة مع بحر إيجة،[٢] وتحدّها القوقاز من الجهة الشماليّة الشرقيّة، وتشترك بحدود جنوبيّة شرقيّة مع أراضي سوريا الكُبرى، أمّا من الجهة الشرقيّة فتحدّها الهضبة الإيرانيّة والقوقاز.[٣]

تاريخ آسيا الصُّغرى

إنّ أقرب دليل على الوجود السُكّاني في منطقة آسيا الصُّغرى يعود إلى عائلة من الأسرة الأكاديّة، وقد عُرِفت آسيا الصُّغرى في ذلك الوقت باسم أرض هاتي، وعاش فيها الحثيون الذين أطلقوا عليها اسم أسوا، واستُخدِم هذا الاسم للإشارة إلى الأراضي المُمتدَّة من الدلتا التابعة لنهر كايستر عند ليديا، ولكن صار هذا الاسم يُطلق على جميع أراضي المنطقة التابعة لآسيا الصُّغرى، كما يُعدّ لفظ أسوا هو الأصل اللغوي المنتمي إلى العصر البرونزيّ لاسم آسيا، ثمّ أطلق عليها الرومان لاحقاً اسم الأناضول، ومعناه الشمس المُشرقة، أمّا اسم آسيا الصُغرى فقد اشتُقّ من اللفظة اليونانيّة ميكرا آسيا؛ أي آسيا الصّغيرة.[٤]

أُسِّست عبر التاريخ في أراضي آسيا الصُّغرى العديد من المُدن والممالك، مثل: كاريا، وفريجيا، وأرمينيا، وآشور، وأيلويا، وبيسيديا، وليديا، وبيثنيا، وتراقيا، وسيليكيا، وأورارتو، وغيرها؛ ممّا أدّى إلى ظهور العديد من الإنجازات المُرتبطة بالشعوب التي استقرّت في هذه المدن والممالك داخل آسيا الصُّغرى، كما تُعدّ أراضيها مكاناً لموقعَين من عجائب الدنيا القديمة، وهما معبد أرتميس، وقبر موسولوس.[٤]

شهدت أراضي آسيا الصُّغرى استقراراً ملحوظاً بعد وصول الرومان إليها؛ إذ ساهموا في إنشاء وتأسيس الكثير من المُدن والطُّرقات التي تربط بينها، كما شهدت المجتمعات التابعة للسواحل ازدهاراً مُتسارعاً، ولكن بعد سقوط روما في سنة 476م ووصول الإسلام إلى آسيا الصُّغرى، قرّر البيزنطيّون محاربة المسلمين في تلك الأراضي، واستمرّت تلك الحروب حتّى وصول السلجوقيّين من الأتراك الذين سيطروا على آسيا الصُّغرى منذ سنة 1068م حتّى سنة 1299م؛ حيث صارت آسيا الصُّغرى إحدى المناطق التابعة للإمبراطوريّة العثمانيّة، وظلّت كذلك حتّى تأسيس الدولة التركيّة.[٤]

جغرافيّة آسيا الصُّغرى

تمتلك آسيا الصُّغرى مجموعةً من المعالم الجغرافيّة المُعقّدة نسبياً، وترتكز على مركز يحتوي على أحواض وكتل من الصخور التي تغطّيها الرواسب؛ ممّا يؤدّي إلى ظهورها كهضبة تحتوي على مجموعة من المعالم الوعِرة، وتقع بين سلسلتين من الجبال التي تلتقي معاً في الجهة الشرقيّة، أمّا الأراضي المنخفضة في آسيا الصُّغرى فتشمل الشواطئ المُمتدّة على سواحل كُلٍّ من البحر المتوسط والبحر الأسود، ويندر ظهور الأراضي المنحدرة أو المسطّحة، ولكنّها تظهر في بعض المواقع الجغرافيّة، مثل: بعض السهول الداخليّة، وأنهار بويوك مندريس، ووادي جديز، والسهول الساحليّة التابعة لشوكوروفا، وغيرها من المواقع الأُخرى، وتُقسَم المناطق الجغرافيّة في آسيا الصُّغرى إلى الآتي:[٣]

منطقة البحر الأسود

تمتلك منطقة البحر الأسود ساحلاً يحتوي مجموعةً من الصخور الحادّة، كما تنتشر فيها الأنهار العابرة للأودية المُمتدّة من المناطق الساحليّة، وفيها أيضاً الجبال الواقعة في الجهة الشماليّة من الأناضول، وهي سلسلة جبليّة لها عدّة ارتفاعات متوازية مع الساحل الخاص بالبحر الأسود، كما تظهر مجموعة من الأنهار ذات الحجم الكبير، منحدرة من جبال بونتيك، وتتدفّق روافدها داخل أحواض مختلفة في أحجامها، أمّا المنحدرات العُليا التي تتقابل مع الجهة الجنوبيّة الغربيّة فهي ذات طبيعة رطبة غالباً.[٣]

منطقة البحر المتوسط

تنتشر في منطقة البحر المتوسط السهول الساحليّة التي تُشكّل المنطقة الفاصلة بين جبال طوروس وهضبة الأناضول، أمّا التّربة الخاصّة بهذه المنطقة فهي خصبة، كما تتميّزُ بأنّ مناخها دافئ؛ ممّا يُساهم في أن تكون من المناطق المناسبة لزراعة العديد من أنواع المزروعات، مثل: الموز، والعنب، والقمح، والخضروات، والشعير، وغيرها.[٣]

منطقة هضبة الأناضول

تمتدّ هضبة الأناضول في وسط آسيا الصُّغرى، وتحديداً من السهل الساحليّ التابع لبحر إيجة وصولاً إلى المنطقة التي تقع بين الجبال المطويّة، ولهذه الهضبة تباين في ارتفاعها الذي يتراوح بين 600-1200م، ويُعدّ حوض قونية وحوض توز غولو الذي تقع تحته بحيرة الملح هما أكبر حوضين موجودين في هضبة الأناضول، كما تقع مجموعة من الجبال قُرب ساحل الهضبة، وتُساهم في منع التأثيرات التي تؤدي إلى زيادة مساحة الأراضي الداخليّة؛ ممّا يُؤدّي إلى منح المناطق التركيّة الداخليّة مناخاً قاريّاً.[٣]

منطقة الأناضول الشرقيّة

تلتقي في الجهة الشرقيّة من الأناضول كلّ من جبال توروس وجبال بونتوس، وتتميّز منطقة الأناضول الشرقيّة بأنّها أرض وعرة لها عدّة ارتفاعات، وتهطل فيها الأمطار بشكلٍ أكبر من مُعدّل هطولها على هضبة الأناضول، كما توجد فيها ثلاثة منابع للأنهار، وهي نهر آراس الذي يتدفق من الجهة الشرقيّة ويصب في بحر قزوين، ونهرا الفرات ودجلة اللذان يتدفّقان نحو الجنوب باتّجاه العراق قبل أن يصُبّا في الخليج العربيّ.[٣]

تقع في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من الأناضول مروراً إلى الجنوب من جبال توروس منطقة تحتوي على سطوح من الهضاب والتلال، ويصل امتداد هذه المنطقة إلى الأراضي السوريّة، ثمّ تبدأ ارتفاعاتها بالانخفاض التدريجيّ؛ حيث تبدأ بما يُقارب 800م في الجهة الشماليّة وتنخفض في الجهة الجنوبيّة وصولاً إلى 500م، ومن أهمّ محاصيلها الزراعيّة الأساسيّة الشعير والقمح، كما ساهم ظهور المشروعات المُتخصّصة بالرّي في عقد الثمانينات في تطوّر البيئة الزراعيّة الخاصّة بهذه المنطقة.[٣]

المراجع

  1. Donald Fyfe Easton, Philo H.J. Houwink ten Cate, John E. Woods, and Others (29-11-2017), “Anatolia”، www.britannica.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  2. “Asia Minor”, www.encyclopedia.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ “Anatolia”, www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  4. ^ أ ب ت Joshua J. Mark (2-9-2009), “Asia Minor”، www.ancient.eu, Retrieved 21-12-2017. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

آسيا الصُّغرى

تُعرَف آسيا الصُّغرى (بالإنجليزيّة: Asia Minor) أيضاً باسم الأناضول، وتُمثّل في العصر الحالي القسم الآسيويّ التابع لتركيا، وهي تمتلك موقعاً مميّزاً يُشكّل مركز الوصل بين قارّتي أوروبا وآسيا، وأدّى ذلك إلى أن تكون الطريق الذي مهّد لغزو وهجرة الكثير من النّاس والشعوب إلى القارات المتنوّعة.[١]

وتشترك آسيا الصُّغرى بحدود شماليّة مع البحر الأسود، ويحدّها من الجهة الجنوبيّة البحر الأبيض المتوسط، ولها حدود غربيّة مع بحر إيجة،[٢] وتحدّها القوقاز من الجهة الشماليّة الشرقيّة، وتشترك بحدود جنوبيّة شرقيّة مع أراضي سوريا الكُبرى، أمّا من الجهة الشرقيّة فتحدّها الهضبة الإيرانيّة والقوقاز.[٣]

تاريخ آسيا الصُّغرى

إنّ أقرب دليل على الوجود السُكّاني في منطقة آسيا الصُّغرى يعود إلى عائلة من الأسرة الأكاديّة، وقد عُرِفت آسيا الصُّغرى في ذلك الوقت باسم أرض هاتي، وعاش فيها الحثيون الذين أطلقوا عليها اسم أسوا، واستُخدِم هذا الاسم للإشارة إلى الأراضي المُمتدَّة من الدلتا التابعة لنهر كايستر عند ليديا، ولكن صار هذا الاسم يُطلق على جميع أراضي المنطقة التابعة لآسيا الصُّغرى، كما يُعدّ لفظ أسوا هو الأصل اللغوي المنتمي إلى العصر البرونزيّ لاسم آسيا، ثمّ أطلق عليها الرومان لاحقاً اسم الأناضول، ومعناه الشمس المُشرقة، أمّا اسم آسيا الصُغرى فقد اشتُقّ من اللفظة اليونانيّة ميكرا آسيا؛ أي آسيا الصّغيرة.[٤]

أُسِّست عبر التاريخ في أراضي آسيا الصُّغرى العديد من المُدن والممالك، مثل: كاريا، وفريجيا، وأرمينيا، وآشور، وأيلويا، وبيسيديا، وليديا، وبيثنيا، وتراقيا، وسيليكيا، وأورارتو، وغيرها؛ ممّا أدّى إلى ظهور العديد من الإنجازات المُرتبطة بالشعوب التي استقرّت في هذه المدن والممالك داخل آسيا الصُّغرى، كما تُعدّ أراضيها مكاناً لموقعَين من عجائب الدنيا القديمة، وهما معبد أرتميس، وقبر موسولوس.[٤]

شهدت أراضي آسيا الصُّغرى استقراراً ملحوظاً بعد وصول الرومان إليها؛ إذ ساهموا في إنشاء وتأسيس الكثير من المُدن والطُّرقات التي تربط بينها، كما شهدت المجتمعات التابعة للسواحل ازدهاراً مُتسارعاً، ولكن بعد سقوط روما في سنة 476م ووصول الإسلام إلى آسيا الصُّغرى، قرّر البيزنطيّون محاربة المسلمين في تلك الأراضي، واستمرّت تلك الحروب حتّى وصول السلجوقيّين من الأتراك الذين سيطروا على آسيا الصُّغرى منذ سنة 1068م حتّى سنة 1299م؛ حيث صارت آسيا الصُّغرى إحدى المناطق التابعة للإمبراطوريّة العثمانيّة، وظلّت كذلك حتّى تأسيس الدولة التركيّة.[٤]

جغرافيّة آسيا الصُّغرى

تمتلك آسيا الصُّغرى مجموعةً من المعالم الجغرافيّة المُعقّدة نسبياً، وترتكز على مركز يحتوي على أحواض وكتل من الصخور التي تغطّيها الرواسب؛ ممّا يؤدّي إلى ظهورها كهضبة تحتوي على مجموعة من المعالم الوعِرة، وتقع بين سلسلتين من الجبال التي تلتقي معاً في الجهة الشرقيّة، أمّا الأراضي المنخفضة في آسيا الصُّغرى فتشمل الشواطئ المُمتدّة على سواحل كُلٍّ من البحر المتوسط والبحر الأسود، ويندر ظهور الأراضي المنحدرة أو المسطّحة، ولكنّها تظهر في بعض المواقع الجغرافيّة، مثل: بعض السهول الداخليّة، وأنهار بويوك مندريس، ووادي جديز، والسهول الساحليّة التابعة لشوكوروفا، وغيرها من المواقع الأُخرى، وتُقسَم المناطق الجغرافيّة في آسيا الصُّغرى إلى الآتي:[٣]

منطقة البحر الأسود

تمتلك منطقة البحر الأسود ساحلاً يحتوي مجموعةً من الصخور الحادّة، كما تنتشر فيها الأنهار العابرة للأودية المُمتدّة من المناطق الساحليّة، وفيها أيضاً الجبال الواقعة في الجهة الشماليّة من الأناضول، وهي سلسلة جبليّة لها عدّة ارتفاعات متوازية مع الساحل الخاص بالبحر الأسود، كما تظهر مجموعة من الأنهار ذات الحجم الكبير، منحدرة من جبال بونتيك، وتتدفّق روافدها داخل أحواض مختلفة في أحجامها، أمّا المنحدرات العُليا التي تتقابل مع الجهة الجنوبيّة الغربيّة فهي ذات طبيعة رطبة غالباً.[٣]

منطقة البحر المتوسط

تنتشر في منطقة البحر المتوسط السهول الساحليّة التي تُشكّل المنطقة الفاصلة بين جبال طوروس وهضبة الأناضول، أمّا التّربة الخاصّة بهذه المنطقة فهي خصبة، كما تتميّزُ بأنّ مناخها دافئ؛ ممّا يُساهم في أن تكون من المناطق المناسبة لزراعة العديد من أنواع المزروعات، مثل: الموز، والعنب، والقمح، والخضروات، والشعير، وغيرها.[٣]

منطقة هضبة الأناضول

تمتدّ هضبة الأناضول في وسط آسيا الصُّغرى، وتحديداً من السهل الساحليّ التابع لبحر إيجة وصولاً إلى المنطقة التي تقع بين الجبال المطويّة، ولهذه الهضبة تباين في ارتفاعها الذي يتراوح بين 600-1200م، ويُعدّ حوض قونية وحوض توز غولو الذي تقع تحته بحيرة الملح هما أكبر حوضين موجودين في هضبة الأناضول، كما تقع مجموعة من الجبال قُرب ساحل الهضبة، وتُساهم في منع التأثيرات التي تؤدي إلى زيادة مساحة الأراضي الداخليّة؛ ممّا يُؤدّي إلى منح المناطق التركيّة الداخليّة مناخاً قاريّاً.[٣]

منطقة الأناضول الشرقيّة

تلتقي في الجهة الشرقيّة من الأناضول كلّ من جبال توروس وجبال بونتوس، وتتميّز منطقة الأناضول الشرقيّة بأنّها أرض وعرة لها عدّة ارتفاعات، وتهطل فيها الأمطار بشكلٍ أكبر من مُعدّل هطولها على هضبة الأناضول، كما توجد فيها ثلاثة منابع للأنهار، وهي نهر آراس الذي يتدفق من الجهة الشرقيّة ويصب في بحر قزوين، ونهرا الفرات ودجلة اللذان يتدفّقان نحو الجنوب باتّجاه العراق قبل أن يصُبّا في الخليج العربيّ.[٣]

تقع في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من الأناضول مروراً إلى الجنوب من جبال توروس منطقة تحتوي على سطوح من الهضاب والتلال، ويصل امتداد هذه المنطقة إلى الأراضي السوريّة، ثمّ تبدأ ارتفاعاتها بالانخفاض التدريجيّ؛ حيث تبدأ بما يُقارب 800م في الجهة الشماليّة وتنخفض في الجهة الجنوبيّة وصولاً إلى 500م، ومن أهمّ محاصيلها الزراعيّة الأساسيّة الشعير والقمح، كما ساهم ظهور المشروعات المُتخصّصة بالرّي في عقد الثمانينات في تطوّر البيئة الزراعيّة الخاصّة بهذه المنطقة.[٣]

المراجع

  1. Donald Fyfe Easton, Philo H.J. Houwink ten Cate, John E. Woods, and Others (29-11-2017), “Anatolia”، www.britannica.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  2. “Asia Minor”, www.encyclopedia.com, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ “Anatolia”, www.newworldencyclopedia.org, Retrieved 21-12-2017. Edited.
  4. ^ أ ب ت Joshua J. Mark (2-9-2009), “Asia Minor”، www.ancient.eu, Retrieved 21-12-2017. Edited.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى