إسلام

موقف الإسلام من السفر عبر الزمن

صورة مقال موقف الإسلام من السفر عبر الزمن

موقف الإسلام من السفر عبر الزمن

إن السفر عبر الزمن موضوع علمي تدخل فيه مجموعة من الفرضيات والنظريات العلمية، وحتى نتعرف إلى موقف الإسلام من هذا الأمر لا بد من تصوره تصوراً جيداً تاماً؛ حيث إن الحكم على الشيء يأتي بعد فهم حقيقته وتصوره تصوراً تاماً، كما نصت على ذلك القاعدة الأصولية: “الحكم على الشيء فرع عن تصوره”.[١]

وصور السفر عبر الزمن كما يثيرها أصحاب الخيال العلمي في أفلامهم تتمثل في عدة أشكال كما يأتي:

  • أولها

صنع المفارقة الزمنية لشخص يتجه إلى الفضاء بسرعة فائقة؛ مثل سرعة الضوء ثم يعود إلى الأرض ليجد نفسه غاب عن الأرض مدة سنة مثلاً، ولكن من على الأرض يكون قد تقدم عشر سنين مثلاً في غيابه مدة سنة.

  • ثانيها

الرجوع إلى الزمن الماضي.

  • ثالثها

الذهاب إلى الزمن المستقبلي. وحتى نتعرف إلى موقف الإسلام من السفر عبر الزمن لا بد من وضع بعض المقدمات العلمية؛ التي تعين على فهم المسألة وبناء الحكم عليها.

مقدمات علمية حول السفر عبر الزمن

إن السفر عبر الزمن يحتاج إلى معرفة بعض القواعد العلمية والتأصيلات التي يجب فهمها ومن ذلك ما يأتي:[٢]

  • أولاً

الرجوع للزمن الماضي، أو الذهاب للزمن المستقبلي في المكان نفسه أمر لا يمكن، وهو مستحيل التحقق، فلو افترضنا أن شخصاً يعيش على الأرض في مدينة ما فإنه لا يمكنه أبداً أن يعود للزمن الماضي ولا يمكنه الذهاب للزمن المستقبلي.

ومما يؤكد حتمية هذه القاعدة قوله -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُم لا يَستَأخِرونَ ساعَةً وَلا يَستَقدِمونَ)،[٣] فالآية الكريمة تنص بصريح العبارة على عدم مقدرة الإنسان على الرجوع للماضي؛ ولو برهة من الزمان، ولا استقدام الأحداث المستقبلية ولو برهة من الزمان.[٤]

  • ثانياً

وجاءت فكرة السفر من خلال تصورات خيالية للأمر؛ بعد طرح النظرية النسبية لآينشتاين؛ حيث افترض آينشتاين وجود الفارق الزمني بين من يتحرك بسرعة عالية جداً كسرعة الضوء، إلى مكان ما في الفضاء مع من يبقى على الأرض؛ حيث إن الذي يبقى على الأرض يتقدم به العمر أكثر ممن ذهب إلى الفضاء بسرعة الضوء.

  • ثالثاً

إن النظرية النسبية تحدثت عن مفارقة زمنية بين مكانين مختلفين، ولم تتحدث عن إمكانية وجود الفارق الزمني في مكان واحد؛ لأنه أمر مستحيل، والانتقال بسرعة عالية كسرعة الضوء، أو سرعة قريبة منها يحتاج لجسم كتلته خفيفة جداً؛ مثل الإلكترونات، أما بالنسبة لجسم الإنسان فهذا متعذر حالياً في زماننا هذا؛ لأن كتلة جسم الإنسان كبيرة جداً بالنسبة لتطبيق النظرية واقعاً عملياً.

  • رابعاً

إن النظرية لم تطبق على أرض الواقع عملياً بالنسبة للإنسان؛ فإن الأمر لا يمكن الحكم عليه شرعاً؛ لعدم إمكانية تصوره تصوراً واقعياً تاماً وافياً، يبين مفاسد الأمر ومصالحه، وقد تقدم كما سبق أن الحكم على الشيء فرع من تصوره.

حكم السفر عبر الزمن

إن حكم السفر عبر الزمن لا يمكن البت فيه الآن؛ وذلك للأمور التالية:

  • إن السفر عبر الزمن بشكله الأول الذي بيناه آنفاً يحتاج لتصوره واقعياً؛ ومعرفة ما ينتج عنه من مفاسد وأضرار وما يترتب عليه من منافع ومصالح؛ حتى يستطيع الفقهاء البت في أمره، لا سيما وأنه غير ممكن علمياً حالياً، أما السفر عبر الزمن في شكله الثاني والثالث فهو مستحيل ولا يمكن وقوعه.
  • يحتاج الأمر إلى لجان متخصصة في العلم الشرعي؛ كالمجامع الفقهية واللجان الشرعية، ودور الإفتاء للاجتماع ومناقشة الموضوع مناقشة علمية، والبت في هذه المسألة بعد وقوعها؛ وذلك لخطورة الفتوى بمثل هذه القضاياً وما يترتب عليها.
  • السفر عبر الزمن من خلال صنع المفارقة الزمنية؛ يؤدي إلى غياب الإنسان عن الأرض المنشأ الأصلي للإنسان، وهذا يترتب عليه ضياع زمان أرضي على الإنسان، وفي هذا الزمان ما فيه من صلوات وصيام وغيرها من الواجبات الشرعية، فهل يعقل الفتوى به بكل سهولة دون تقليب الأمر لأهل العلم المختصين وبعد حصوله واقعياً.

المراجع

  1. ابن إمام الكاملية، تيسير الوصول إلى منهاج الأصول، صفحة 303. بتصرّف.
  2. برتراند رسل (2002)، ألف باء النسبية (الطبعة 1)، مصر:مكتبة الأسرة ، صفحة 95-98، جزء 1. بتصرّف.
  3. سورة الأعراف ، آية:34
  4. الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، صفحة 100. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى