محتويات
الضوء
عادةً ما تستخدم كلمة (الضوء) للتعبير عن الضوء المرئي والذي هو جزء ضيق من الطيف الكهرومغناطيسي، هذا الجزء من الطيف الكهرومغناطيسي هو المدى الذي يمكن للعين البشرية أن تراه وهو يتراوح ما بين الطول الموجي 700 نانومتر والطول الموجي 400 نانومتر، وكل ما ينطبق على الطيف الكهرومغناطيسي من قوانين ينطبق أيضاً على هذا الجزء المسمّى بالضوء. الطيف الكهرومغناطيسي تمّت معاملته على مرّ التاريخ على أنه موجةٌ في بعض الأحيان، وعلى أنه جسيم في بعض الأحيان، لكن الحقيقة هي أنه ليس جيم أو موجة، والإجابة على سؤال (الضوء موجة أم جسيم؟) يمكن إيجاده عند دراسة ميكانيكا الكم.[١][٢]
ما هي سرعة الضوء
مثل سرعة أي شيء آخر فإن سرعة الضوء هي المسافة التي يقطعها الضوء في وقتٍ معين، وفي الثانية الواحدة يقطع الضوء (في الفراغ) مسافة 299,792,457.4 متراً، أي ما يقارب ثلاثمئة ألف كيلومتر في الثانية الواحدة، وهي سرعة كبيرة جداً، بل هي أكبر سرعة في الطبيعة، ولا يوجد شيء يستطيع التحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء. وكان هناك العديد من المحاولات لقياس سرعة الضوء بدأت منذ قديم الزمان، ولكن الأمر لم يكن سهلاً، ولم يكن من الممكن الحصول على قيمة دقيقة لسرعة الضوء كالمتوفرة لدينا الآن.[٣]
كيفية قياس سرعة الضوء
على مر التاريخ كان يوجد العديد من المحاولات لقياس سرعة الضوء، لذا كان من المنطقي التفكير بقانون السرعة تساوي المسافة مقسومةً على الزمن، لكن مع الضوء، الأمر ليس بهذه البساطة، حيث إنه سريعٌ جداً، وفي ما يأتي بعض المحاولات لقياس سرعة الضوء.[٢]
محاولة جاليليو
طلب العالم جاليليو جاليلي (بالإنجليزية: Galileo Galilei) من اثنين من مساعديه الوقوف على جبلين يفصل بينهما مسافة 10كم وأعطى كلَّ واحدٍ منهما فانوساً مُغطّىً، فإذا فتح أحدهما الفانوس، فعلى الآخر فتح الفانوس عندما يرى الضوء من الفانوس الأول، ويُسجّل الزمن بين الكشف عن الفانوس الأول والكشف عن الفانوس الثاني وسيكون الزمن اللازم للضوء حتى يقطع المسافة بين الجبلين. لكن كان الأمر لحظياً، ولم يتمكّن من تسجيل الزمن، الأمر الذي أدى إلى إدراك جاليليو لاستحالة قياس سرعة الضوء بهذه الطريقة.[٢]
طريقة رومر
في عام 1675م قام الفلكي الدانماركي آولي رومر (بالإنجليزية: Ole Roemer) بأول محاولة ناجحة لقياس سرعة الضوء باستخدام أرصاد فلكية لقمر كوكب المشتري أيو (بالإنجليزية: Io)، حيث إن أيو يحتاج ل 42.5 ساعة حتى يُتم دورةً كاملةً حول كوكب المشتري، بينما دورة المشتري حول الشمس تحتاج لاثنتي عشرة سنةً أرضية، الأمر الذي يعني أنه عندما تتحرك الأرض مسافةً زاويةً مقدارها 90 درجة، فإن المشتري سيكون قد قطع مسافةً زاويةً قدرها 7.5 درجات.[٢]
يجب أن يكون لأيو دورة ثابتة، وتغير الوقت اللازم لإتمام هذه الدورة يعني أن القمر إما أنه يتباطئ أو أنه يتسارع، فإذا كان يتباطئ فإنه سوف يسقط على المشتري، وإذا كان يتسارع فإنه سوف يفلت منه وسيصبح حراً في الفضاء، لكن أياً من هذا لم يحدث الأمر الذي يعني أن أيو يمتلك دورة ثابتة ذات وقت ثابت ومنتظم.[٢]
بعد سنة قام خلالها رومر بجمع الأرصاد المنتظمة للقمر أيو، لاحظ أنه يوجد اختلاف في توقيت دورة أيو عن المتوسط! وكانت الأرصاد تُشير إلى أن دورة أيو تحتاج لوقتٍ أطول عندما تكون الأرض مبتعدة عن المشتري، بينما تكون الدورة أقصر عندما تكون الأرض مقتربة من المشتري. لكن وبما أن أيو لديه دورة ثابتة فكان يجب أن يرى رومر خسوفاً للقمر أيو عندما يدخل في منطقة ظل المشتري (أي عندما لا يصله ضوء من الشمس حتى يعكسه بسبب أنه أصبح خلف المشتري، الأمر الذي يعني أنه لن يصله أي ضوء من الشمس)، وبما أن دورته ثابتة كان يجب أن يكون بمقدوره التنبوء بالخسوف التالي لأيو، ولكنه لم يكن يستطيع ذلك، حيث أن الخسوف كان يتأخر عن موعده عندما تكون الأرض مبتعدة عن المشتري، ولو أخذنا الفترة بين رصدين لخسوف قمر لتكون 3 أشهر فإن زمن تأخر الخسوف سيكون 600 ثانية. هذا التأخر بسبب أن المسافة بين الأرض وأيو قد تغيرت في الرصد الأول عنها في الرصد الثاني.[٢]
باستخدام أرصاد رومر تمكن هويجنس من تقدير سرعة الضوء، حيث إنه قدّر مقدار سرعة الضوء لتكون 2.3×108م/ث الأمر المهم جداً، حيث إنه أثبت أن سرعة الضوء محدودة (أي إنها ليست لانهائية).[٢]
قياس سرعة الضوء باستخدام الليزر
بعد عام 1970 تطوّر الليزر والساعات الذرية، الأمر الذي شجّع على إعادة محاولة قياس سرعة الضوء بدقة أكبر، حيث إنه في عام 1973م قام العالم إيفانسون (بالإنجليزية: Evanson) وفريقه بقياس سرعة الضوء وحصلوا على قيمة دقيقة جداً وهي 299,792,457.4 م/ث، وكانت الخطأ في هذه القيمة ±1 م/ث وهي نسبة خطأ ضئيلة جداً جداً لو قورنت بنسبة الخطأ في المحاولات السابقة لقياس سرعة الضوء.[٤]
بعد ذلك كان لابد من إعطاء سرعة الضوء قيمة ثابتة ومطلقة، ولهذا الغرض تمت الاستعانة بالليزر والساعات الذرية عالية الدقة، بالإضافة لتعريفنا للمتر، حيث إن تعريفه المُطلق والمُتفق عليه دولياً هو أن المتر عبارة عن المسافة التي يقطعها الضوء في زمن مقداره 1/299,792,458 من الثانية، وبهذا يمكن القول أن سرعة الضوء (وبإجماع المجتمع العلمي الدولي) هي 299,792,458م/ث، وهذه السرعة ثابتة في الفراغ ولا تتغير أبداً ولا يوجد شيء يستطيع التحرك بسرعة أكبر من هذه السرعة في الفراغ (أي إنها أعلى سرعة على الإطلاق).[٤]
سرعة الضوء في الأوساط الأخرى
يمكن إيجاد سرعة الضوء في الأوساط الأخرى عن طريق قياسها؛ ويتم قياسها عبر وضع الوسط المراد حساب سرعة الضوء فيه في طريق شعاع ضوئي، وباستخدام بعض الأجهزة والتقنيات الفيزيائية يتم قياس سرعة الضوء. أو أنه يمكن إيجاد سرعة الضوء في الأوساط الأخرى نظرياً عن طريق الاستعانة بمعامل الانكسار، حيث إن:[٥]
- معامل الانكسار = (سرعة الضوء في الفراغ) / (سرعة الضوء في الوسط)
ومن الواضح من العلاقة السابقة أن معامل الانكسار لن يمتلك قيمةً أقل من 1؛ حيث إن القيمة 1 سوف تكون في حالة تحرك الضوء في الفراغ بينما القيم الأكبر من 1 سوف تكون في الأوساط الأخرى، وهذا بسبب أن الضوء يصبح أبطأ في الأوساط. أيضاً تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد وحدة لمعامل الانكسار؛ وهذا بسبب أنه نسبة سرعة إلى سرعة.[٥]
بعض معاملات الانكسار لبعض المواد
في الجدول الآتي يمكن إيجاد بعض معاملات الانكسار لبعض المواد الأمر الذي سوف يساعد القارئ على حساب سرعة الضوء في تلك المادة عند استعانته بالجدول وبالقيمة المطلقة لسرعة الضوء في الفراغ المذكورة في البند السابق.
اسم المادة | معامل الانكسار |
---|---|
الفراغ | 1 |
الهواء | 1.003 |
الماء | 1.33 |
الكحول | 1.36 |
الزجاج | 1.52 |
المراجع
- ↑ Glenn Stark (2-2-2018), “light”، www.britannica.com, Retrieved 28-2-2018. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ Raymond A. Serway & John W. Jewett (2004), Physics for Scientists and Engineers, USA: Thomson Brooks/Cole, Page 1095, 1096, 1097, Part 6th edition. Edited.
- ↑ “speed of light”, www.britannica.com, Retrieved 22-5-2018.
- ^ أ ب Philip Gibbs (1997), “How is the speed of light measured?”، Internet Archive, Retrieved 11-1-2018. Edited.
- ^ أ ب ت “The Speed of Light and the Index of Refraction”, Rensselaer Polytechnic Institute, Retrieved 11-1-2018. Edited.