خُلُق الحِلُم
حث الدين الإسلامي الحنيف المسلمين على اتباع أخلاقه الحميدة التي جاءت بها النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، فجاء ديناً مربياً مهذباً للنفس، ومن أخلاق الإسلام التي يرتقي بها المجتمع ويسمو، الصدق، والأمانة، والورع، والزهد، والحلم، وقد ضرب الصحابة رضوان الله عليهم أروع الأمثلة الحيّة في تطبيق هذه الأخلاق على أرض الواقع.
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه مثالاً وقدوة حسنة لخلق الصدق حتى لقّب بالصديق، كما ضرب أتباع الإسلام أيضاً في عصور لاحقة لعصر النبي صلى الله عليه وسلم أمثلة على حسن الخلق، فهذا هو الأحنف بن قيس المعروف عنه بسعة صدره وكظمه لغيظه حتى لقب بحليم العرب.
الأحنف بن قيس حليم العرب
جاء في الأمثال” في حلم أحنف وذكاء إياس”. أحنف هو الصحابي الجليل والعالم المسلم، المكنّى بأبي بحر، واسمه الحقيقي هو الضحاك، ولقّب بالأحنف لوجود حنف في إحدى رجليه، حيث يعتبر من أكثر الناس قدرة على كظم غيظه.
هو من تابعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد ورث سعة الصدر وخلق الحلم عن والده الذي أنشأه عليه تنشئة حسنة، وهو أحد الشعراء والحكماء في العصر الجاهلي، وقد اعتنق الإسلام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يلتقِ به أبداً.
ولد الأحنف بن قيس في السنة الثالثة قبل الهجرة في مدينة البصرة في العراق، وكان قد وَفِد إلى المدينة في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وترك أثراً وبصمة واضحة في التاريخ الإسلامي، حيث يعود له الفضل بفتح كل من مرو وهراة ونيسابور.
فضل الأحنف
عُرف الأحنف بن قيس بعقلانيته، وحلمه، وكان ممن حرموا على أنفسهم شرب الخمر قبل مجيء الإسلام بعد أن حدث له موقف أثار ضجره وتاب بعدها عن تناول الخمر.
من شده حلمه وحسن أخلاقه، يقال بأن بنو تمام قد عاشوا بفضله وسعة خلقة لمدة أربعين عاماً، وكان لا يأتي سلطاناً إلا إذا دعاه لذلك، ولا يتدخل بأمر أحد إطلاقاً، ولا يغتاب أحداً من قومه ولا يذكرهم إلا بالخير، وكان إذا أراد أحدهم أن يعيب أحداً أمامه يتركه منصرفاً حتى لا يتدخل بما لا يعنيه.
وفاة الأحنف
توفي الصحابي الجليل الأحنف بن قيس التميمي في سنة عشرين للهجرة، وكان حينها يناهز من العمر سبعة وستين عاماً، وقد شيّع جثمانه الطاهر في مدينة الكوفة في العراق.