محتويات
القضاء
تعتبر مهمّة القضاة في الإسلام من أجلّ المهام وأعظمها، وقد دعت الحاجة إلى هذه المهمّة العظيمة تعامل النّاس مع بعضهم البعض، وما ينتج عن هذا التّعامل من مشاكلَ وخلافاتٍ تستدعي أن يقوم شخصٌ معيّن تتوافر فيه صفاتٌ معيّنة بالفصل فيها وحلّها، فالقاضي في الإسلام هو المرجع والحكم الذي يفصل في قضايا النّاس التي تُرفع إليه، أو تكون بين يديه، فمن هو أوّل قاضٍ في الإسلام ؟، وما هي آداب القضاء وأحكامه ؟
القضاء عند العرب
عرف العرب مهمّة القضاء في الجاهليّة، وكان شيخ القبيلة أو العشيرة يُعتبر القاضي الذي يُرجع إليه في حلّ الإشكاليّات، والفصل في المنازعات، مرتكزًا على موروثاتِ المجتمعِ، وتقاليده، وأعرافه في الحكم والقضاء بين النّاس، وقد عُرف من قضاة العرب: القاضي أكثم بن صيفيّ التميميّ، الذي يُعتبر أوّل قاضٍ عربيّ .
القضاء في الإسلام
عندما بعث الله سبحانه وتعالى نبيّه محمّد -عليه الصّلاة والسّلام- برسالة الإسلام، احتاج المسلمون إلى من يحكم بينهم، ويقضي في منازعاتهم وإشكالاتهم، ولا ريب أنّ النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- كان المرجع في ذلك؛ لما كان عنده من العلم والحكمة التي أوتيها من عند الله تعالى، وقد كان القضاء مهمّةً من مهامٍ عديدة للنّبي -عليه الصّلاة والسّلام-، وقد ثبت عنه أنّه بعث عدداً من الصّحابة إلى اليمن، مثل: علي ابن أبي طلب، ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- دون أن يختصّوا بمهمّة القضاء على وجه الخصوص .
القضاء في عصر الخلافة الرّاشدة
وفي عصر الخلافة الرّاشدة، عندما تولّى أبو بكرٍ الصّديق -رضي الله عنه- الخلافة كان سيّدنا عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- ممّن يعتمد عليه الخليفة في أمور القضاء، لذلك تذكر مصادرُ كثيرة أنّ عمر بن الخطّاب كان أوّل قاضٍ في الإسلام، وعندما تولّى الفاروق -رضي الله عنه- الخلافة وبسبب الحاجة الماسّة إلى مهمّة القضاء والفصل بين النّاس؛ لاتساع رقعة الدّولة الإسلاميّة، فقد استحدث عمر -رضي الله عنه- منصب القاضي، وعيّن قضاة في الأمصار من بينهم: أبو الدرداء، الذي ولّاه قضاء المدينة، ثمّ قضاء دمشق، وكذلك سلمان بن ربيعة الباهليّ الذي عيّنه على قضاء القادسيّة، ثمّ قضاء المدائن، وأبو أميّة شريح بن الحارث الذي تولّى قضاء الكوفة، والصّحابيّ الجليل أبو موسى الأشعريّ على قضاء البصرة .
أحكام القضاء وآدابه
لا شكّ بأنّ مهمّة القضاء في الإسلام تتطلّب أن تتوفر في القاضي صفاتِ العدالة، والتّقوى، والأهليّة للحكم في المنازعات والفصل فيها، متجردًا عن الهوى، عالمًا متمكنًا من علوم الدنيا والدّين، كما أنّ على القاضي أن يستمع إلى كِلا الطرفين قبل أن يحكم بينهما، وأن يعلم بأنّ القاضي العادلُ في حكمه المصيبُ في فصله في الجنّة مع الأبرار، وأنّ القاضي صاحبَ الهوى الذي يقتطع حقوق النّاس ظلمًا وعدوانًا، سيكون في النار .