الإسلام
يُعرّف الإسلام على أنّه الإقرار بالتوحيد مع التصديق والعمل بشريعة الله تعالى، وهو الدّين الذي بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم،[١] ومن الجدير بالذكر أنّ الإسلام دين شريعةٍ وعقيدةٍ وأخلاقٍ، وقد بيّن الله تعالى ونبيه -عليه الصلاة والسلام- فيه الحلال، والحرام، والحقوق، والواجبات، والعبادات، والمعاملات، ومشاهد يوم القيامة، والآداب، وبعد تمام التشريع على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ارتضى الله -تعالى- هذا الدّين العظيم ليكون منهج حياةٍ للخلق أجمعين إلى قيام الساعة، حيث قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[٢] وتجدر الإشارة أنّ للإسلام أركانٌ خمسة لا يقوم إلا بها، وقد بيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (بُني الإسلام على خمسٍ، شهادة أن لا إله إلَّا اللَّه، وأنَّ مُحمَّداً عبدهُ ورسولهُ، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكاة، وحجِّ البيت، وصوم رمضان).[٣][٤]
فكان أول الأركان وأعظمها الشّهادتين، ويقتضي هذا الركن الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، بإثبات جميع أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى التي أثبتها لنفسه، أو أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى الاعتقاد الجازم بأنّ الله -تعالى- وحده الرب الخالق، والرازق، والمالك، والمتصرف، وإفراده -سبحانه- بالعبادة لأنّه هو الوحيد المستحق لها دون سواه، والاعتقاد بأنّ محمداً -صلى الله عليه وسلم- مرسل من الله تعالى، حيث أمره الله بإبلاغ الإسلام للعالمين، وأنزل عليه القرآن الكريم، والاعتقاد بوجوب محبة الله ورسوله وطاعتهما بشكلٍ مطلقٍ، وأنّ محبة الله -تعالى- تقتضي متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، مصداقاً لقوله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).[٥][٤]
معنى لا إله إلا الله
كلمة التوحيد تعني لا إله إلا الله، وهي أعظم كلمة وردت في أعظم آية، وفيها أعظم اسم، وتعتبر أوثق عرى الإسلام؛ لاشتمالها على الدين كله، فمن أجلها بعث الله -تعالى- الرسل، وأنزل الكتب، ومن أجلها خلق الإنس، والجن، والملائكة، والجنة، والنار، ومن أجلها توضع الموازين، ويُنصب الصراط، وينقسم النّاس إلى مؤمنين بها وكفار، وجزاء المؤمنين الجنّة، ومثوى الكافرين النار، وتعرّف لا إله إلا الله بأنّها نفي الألوهية عن كل ما يُعبد من دون الله عز وجل، وإثباتها له وحده لا شريك له، كما في قول الله تعالى: (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[٦][٧]
وقد وردت عدّة معاني للإله لغةً، فجاء بمعنى الخالق، والمجير، والمتعالي، والمعية الدائمة، والمعبود، أمّا شرعاً فيُعرّف الإله على أنّه المعبود لصفاته العلية؛ ومنها الخلق، والإجارة، والعلو، وقد يأتي الإله بمعنى الموصوف بصفات الكمال والإجلال التي يستحق عليها العبودية، ويمكن القول أنّ كلمة لا إله إلا الله تقتضي من المؤمن توحيد الأسماء والصفات، عن طريق نفي صفات الإلهية عما سوى الله -تعالى- وإثباتها لله وحده، وتوحيد الألوهية وهو إفراد الله -تعالى- بالعبادة.[٧]
ويمكن تعريف العبادة لغةً: بأنّها الخضوع والتذلل، أمّا اصطلاحاً: فهي اسم جامع لكل ما يحبه الله -تعالى- ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، وبناءً عليه فإنّ المعبود هو الإله المُطاع سواءً بالحق أو الباطل، وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى أنّ قول الله تعالى: (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ)،[٨] معناه المعبود، وهو لفظ مطلق يشمل الكثير، والواحد، والمذكر، والمؤنث، فهو يشمل كل معبود لهم، والمعبود هو الإله، فكأنّه قال: لا أعبد إلهكم، ولا تعبدون إلهي، ومن هنا يأتي الفهم الصحيح لكلمة لا إله إلا الله، وهو لا معبود بحق إلا الله، فثمة الكثير من الآلهة التي تُعبد باطلاً من دون الله -تعالى- في الأرض، وقد ذمّ الله -تعالى- الكفارفي الكثير من مواضع القرآن الكريم؛ بسبب صرفهم العبادة لمن لا يستحقها، حيث قال: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ).[٩][١٠]
شروط لا إله الإ الله
بيّن أهل العلم أنّ لكلمة التوحيد سبعة شروطٍ ينبغي استكمالها، والتزامها، واجتناب ما يناقضها، حتى تصح الكلمة وتنفع قائلها عند الله، وليس من الضروري عدّ الشروط وحفظها، فهناك الكثير من النّاس من اجتمعت فيهم من غير أن يعدّوها، وكم من حافظ لألفاظها ولكنه للأسف يقع فيما يناقضها، ويمكن بيان الشروط فيما يأتي:[١١]
- العلم المنافي للجهل: والمقصود به العلم بمعنى لا إله إلا الله نفياً وإثباتاً، وما تقتضيه هذه الكلمة من عمل، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ).[١٢]
- اليقين المنافي للشك: وقول كلمة التوحيد مع اليقين الجازم بمدلولها، من غير أن يتسرب إلى القلب شكٌ من شكوك شياطين الإنس والجن، وقد دل على هذا الشرك قول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا).[١٣]
- القبول المنافي للرد: والمقصود قبول ما اقتضته كلمة التوحيد بالقلب واللسان، بالإضافة إلى التصديق، والسمع، والطاعة، فمن الكفار من يعلم معنى لا إله إلا الله، ويوقن بمدلولها، ولكنه يردها حسداً وكبراً، كما قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ).[١٤]
- الانقياد: وهو الاستسلام والإذعان لما دلّت عليه كلمة التوحيد، وعدم التعقيب على شيء من أحكام الله تعالى، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).[١٥]
- المحبة المنافية للكراهية: والمقصود منها محبة كلمة التوحيد وما دلت عليه، ومحبة أهلها العاملين بمقتضاها، بالإضافة إلى محبة الله -تعالى- ورسوله صلى الله عليه وسلم، مصداقاً لقوله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).[١٦][١٧]
- الإخلاص المنافي للشرك: والمقصود إفراد الله -تعالى- بالعبادة والإرادة والقصد، وإخلاص كلمة التوحيد لله تعالى، واجتناب الرياء والشرك، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّ اللَّه قد حرَّم على النَّار من قال: لا إله إلَّا اللَّه، يبتغي بذلك وجه اللَّه).[١٨][١٧]
- الصدق المنافي للكذب: وقول كلمة التوحيد بصدق، حيث إن المنافقين يقولون لا إله إلا الله بألسنتهم كذباً وخداعاً للمؤمنين، فلا تنفعهم شيئاً عند الله تعالى، ولهم عذاب عظيم، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ).[١٩][١٧]
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى الإسلام في قاموس المعجم الوسيط “، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 3.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ^ أ ب “أركان الإسلام”، www.islamqa.info، 2001-3-11، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
- ↑ سورة البقرة، آية: 256.
- ^ أ ب الشيخ محمد صديق (27-10-2015)، “كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) فضلها ومعناها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الكافرون، آية: 2-3.
- ↑ سورة الحج، آية: 71.
- ↑ “الله -تعالى- وحده هو المعبود بحق”، www.fatwa.islamweb.net، 2009-5-3، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم الحمد، “شروط لا إله إلا الله”، www.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية: 19.
- ↑ سورة الحجرات، آية: 15.
- ↑ سورة الصافات، آية: 35.
- ↑ سورة النساء، آية: 65.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
- ^ أ ب ت “شروط لا إله إلا الله”، www.ar.islamway.net، 2014-04-17، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عتبان بن مالك، الصفحة أو الرقم: 425، صحيح.
- ↑ سورة المنافقون، آية: 1.