'); }
معركة الكرامة
حدثت معركة الكرامة في اليَوم الواحد والعشرين من شهر آذار عام ألف وتسعمئة وثمانية وستين للميلاد؛ وذلك حينما حاولت القوات الإسرائيلية السيطرة على نهر الأدرن لأسباب استراتيجية، إذ قطعت النهر من عدة محاور، وتحت حماية جويّة مكثفة، وما كان أمام الجيش الأردني أيّ خيارات إلا التصدّي لهذه القوات الغاشمة بمساعدة من الفدائيين الفلسطينيين، وعندها حدث اشتباكٌ لمدّة تقارب الخمسين دقيقة بين الجيش العربي والجيش الإسرائلي.
بعد الاشتباك الذي حصل اندلعت معركة استمرّت لأكثر من ست عشرة ساعةً متواصلة، انتهت بانسحاب القوّات الإسرائيليّة بشكلٍ كامل تاركةً خلفها آلياتها وقتلاها دون تحقيق أيّة أهداف، وانتصار الجيش الأردني.
اندلعت هذه المعركة من أقصى شمال الأردن حتى جنوب البحر الميت، وكانت أقوى الجبهات في منطقة الغور، وسُمّيت باسم الكرامة لأن أهم الاشتباكات حصلت في قرية الكرامة التي تقع على الضفة الشرقية من نهر الأردن، وهي من القُرى التي تتميّز بتاريخ عريق؛ حيث مرّت عليها الكثير من الحضارات والممالك مثل الأدومية، والمؤابية، والعمونية، واللآرمية، والآشورية، بالإضافة إلى الممكلة الأنباطية، واليونانية، والرومانية، والبيزنطية، كما أنّها تضمّ مقامات العديد من الصحابة أبرزهم أبو عبيدة عامر بن الجراح، وضرار بن الأزور، وشرحبيل بن حسنة، ومعاذ بن جبل.
'); }
أهداف المعركة
مهّدت القوات الإسرائية للمعركة من خلال عدة هجمات؛ حيث استخدمت خلالها القصف الجويّ والمدفعي لعدة أسابيع سابقة للمعركة، كما أنها قامت ببعض الإجراءات على الأصعدة النفسية، والسياسية والعسكرية، كان الهدف منها تهيئة المنطقة لتطوّرات جديدة كان المتوقع حصولها بعد انتهاء المعركة، ومن أهم هذه التطورات ما يلي:
- التخلص بشكلٍ نهائيّ من الفدائيين الفلسطينين، وتدمير المقاومة الفلسطينية، والقضاء على حُلم العودة للشعب الفلسطيني.
- إثبات أنّ الجيش الإسرائيلي لا يهزم، وقادر على هزيمة الجيوش العربية.
- حرمان القوات الأردنية من الحصول على الغطاء الجوي.
- احتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى منطقة أمنيّة إسرائيلية، والمساومة عليها لتحقيق أهداف أوسع.
- ضمان سيادة الأمن والهدوء في المناطق التي فرض عليها وقف إطلاق النار.
- تثبيط الرّوح المعنوية، وزعزعة صمود السكّان المدنيين، وإجبارهم على ترك أراضيهم والنزوح منها.
نتائج المعركة
فشل جيش القوات الإسرائيلة في تحقّق أيٍّ من الأهداف التي خاض هذه المعركة لأجلها، وأثبت الجيش الأردني قدرته على اجتياز أيّ أزمة سياسية قد يتعرض لها، كما برهن قدرته على الثبات، وإبقاء روحه القتالية عالية، وبينت المعركة الكثير من الأمور لعل أبرزها:
- أهمية أن يجهز الجيش بعدادٍ معنوي قوي، لا سيّما أنّ معنويات القوات العربية كانت في أوجها في ذلك الوقت؛ حيث إنّ الكثير من الأفراد كانوا توّاقين لمسح الهزيمة التي ذاقوها في الحرب التي اندلعت عام ألفٍ وتسمعئة وسبعة وستين.
- وضحت حسن التخطيط، والتنفيذ القويّ للجيوش العربية، كما أنّها بّينت قوة الاستخبارات الأردنية؛ إذ لم ينجح الجيش الإسرائيلي بتحقيق عنصر المفاجأة.
- ظهرت أهميّة مَعرفة طبيعة منطقة القتال، وتحديد إمكانية التحصين، والتستر؛ فالسلاح القوي وحده لا يكفي، وهذا ما ساعد القوات الأردنية على الانتصار.
الخسائر في المعركة
بلغت خسائر الجيش الإسرائيلي ما يقارب مئتين وخمسين قتيلاً، وأربعمئة وخمسين جريحاً في غضون ثماني عشرة ساعة، كما تمّ تدمير ما يقارب ثَمانيةً وثمانين آلية عسكريّة تشمل سبعاً وعشرين دبابة، وثماني عشرة ناقلة جنود، وأربعة وعشرين سيارة حربية مسلحة، وتسع عشرة شاحنة، وطائرة.
أمّا خسائر الجيش الأردني فكانت عبارة عن ستةٍ وثمانين شهيداً، ومئة وثمانين جريحاً، ودُمّرت لهم ثلاث عشرة دبابة، وتسعة وثلاثين آلية عسكرية مختلفة، كما بلغ عدد الشهداء من الفدائيين الفلسطينين نحو خمسة وتسعين شهيداً، ووصل عدد جرحاهم إلى مئتي جريح.