محتويات
عظمة الله عز وجل
خلق الله -تعالى- الكون بكلّ ما فيه، فهو سبحانه خالق كل شيء، وهو ربّ الأرباب، وله ملك السماوات والأرض، وجميع الخلق تحت مُلكه وقدرته، وهم جميعهم عبيداً له سبحانه، وقد أوجد الله -عز وجل- الخلق من العدم، وأمرهم أن يعبدوه على الوجه الذي ارتضاه لهم، وليس هذا حاجة من الله -سبحانه- لعباده، وإنّما ليختبرهم ويمتحنهم، ثمّ يُجازيهم على أعمالهم يوم يلقَونه، فمن اتقى وأصلح فله الجنة، ومن عصا وكفر فإنّ مصيره إلى النّار، وعليه يمكن القول إنّ كلّ إنسانٍ مُجازىً بعمله، ولا يحمل وزره أحد، ومن ذلك ما جاء في قول الله تبارك وتعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)،[١] ويجدر بالذكر أنّ لقبول العمل الصالح شرطين هما: موافقة العمل لما جاء في الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة، وإخلاص النية لله تعالى، فلا رياء فيه ولا طلباً لسُمعة أو نفاق، وعليه فإنّ موافقة العمل لهذين الشرطين يترتب عليه الأجر العظيم والمنزلة العالية عند الله تعالى.[٢]
مظاهر تعظيم الله تعالى
عدّ الله -سبحانه وتعالى- تعظيمه بشتى المظاهر من أفضل الأعمال القلبيّة التي يتقرب بها المسلم إليه -سبحانه- وأجلّها، ولا سيّما في هذا الزمان الذي شاع فيه الاستهزاء بالدين والاستخفاف بشعائر الله والتسفيه لأهل الله وخاصّته، والقصد من تعظيم الله -تعالى- الإيمان المُطلق بأنّه -سبحانه- أعظم من كل شيء، وأجلّ من كلّ أمر، وأكبر ما في الوجود، وهذا التعظيم لا يتحقّق إلا بإثبات صفاته عز وجل كلها، وتنزيهه عن كل عيب ونقص، وتتعدد الأمور التي تُوجب تعظيم الله تعالى، ولعلّ نعم الله -تعالى- علينا وفضله الدائم والتذكر لآلائه من أهمّ هذه المُوجبات، أمّا بالنسبة لمظاهر تعظيم الله تعالى، فيمكن بيان بعض منها فيما يأتي.[٣]
تعظيم الله في الصلاة
يتجلى تعظيم الله -تعالى- بشكل واضح للغاية في أمّهات العبادات، بما فيها الصلاة التي تُعدّ أعظم شعيرة يتعبّد بها المسلم لله -تعالى- بعد الشهادتين، ومن الأدلة على ذلك ما رُوي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين كان يستفتح الصلاة بقوله عليه السلام: (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبِحمدِكَ، وتبارَكَ اسمُكَ، وتعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرُكَ)،[٤] فمن الحريّ بنا أن نقتدي بالرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي هو أحسن الخلق تعظيماً لله وأعظمهم ثناءً عليه، رغبة فيما عند الله وخوفاً من عقابه، ومن مظاهر تعظيم الله -تعالى- في الصلاة كذلك: تعظيمه سبحانه في الركوع، وممّا يحث على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (أما الركوعُ فعظِّمُوا فيه الربَّ)،[٥] وهذا لا يعني أنّ السجود لا يكون فيه تعظيم لله تعالى، ولكن في الركوع أكثر، وكذلك جعل -عليه الصلاة والسلام- الرفع بعد الركوع كله تعظيم لله.[٦]
تعظيم الله بالتفكر في الكون
إن من مظاهر تعظيم الله -تعالى- التفكر في خلقه وفي الكون كله، فالتفكر في إعجاز الله -تعالى- في الكون يملأ القلب إيماناً وإجلالاً، ويدفع اللسان للدعاء، ومن الأدلة القرآنية على ذلك ما جاء في قوله -سبحانه- في سورة آل عمران: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[٧] وتجدر الإشارة إلى أنّ التفكر في الكون يكون بالتأمل بخلق الشمس والقمر ودورانهما، وتعاقب الليل والنهار، والتفكر في خلق النبات والحجر والشجر، وغير ذلك، ويجدر بيان أنّ تعظيم الله -تعالى- يُؤتي ثماراً عظيمة، منها إقامة الخوف من الله في القلوب، ونزع رهبة الآخرين من الصدور.[٨]
مظاهر تعظيم الله الأخرى
إضافة إلى ما سبق، جاء في تعظيم الله -تعالى- عدد من المظاهر الأخرى، وفيما يأتي بيانها بشيء من التفصيل:[٩]
- تعظيم شعائر الله الزمانية: ومنها يوم الجمعة، وخاصة الساعة التي يستجيب الله -تعالى- فيها سؤال السائلين ودعاء الداعين، فقد جاء في قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: (وفيه ساعةٌ لا يصادفها عبدٌ مسلمٌ وهو يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه).[١٠]
- تعظيم شعائر الله المكانية: كبيوت الله -تعالى- كلها؛ وخاصة البيت الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، وممّا يدلّ على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة)،[١١] ومن وسائل تعظيم بيوت الله: الإقبال عليه بقلوب مُحبّة، والخشوع لله -تعالى- فيها، وقراءة القرآن الكريم فيها، والإكثار من ذكر الله تعالى.
- تعظيم الله تعالى بالعمل الصالح: إنّ كلّ عملٍ صالحٍ من طاعةٍ وعبادةٍ، وكلّ عملٍ صالحٍ مع خَلق الله وعباده هو من شعائر الله، وعليه فإنّ أداء العبادات على الوجه الذي ارتضاه الله تعالى، والعمل الصالح مع الخلق كلها من مظاهر تعظيم شعائر الله -تعالى- التي تُوجب محبّته ورضاه.
أمور تُعين على تعظيم الله
إن من الأمور التي تُعين العبد على تعظيم الله -تعالى- ما يأتي:[١٢]
- الدعاء: فهو من أفضل الوسائل التي تُعين على تعظيم الله تعالى، وأنجح الأدوية لأمراض القلوب، وذلك في حال استحضار القلب والنية الخالصة لله تعالى، فالله -تعالى- لا يردّ من أخلص في دعائه، ومن الأدلة القرآنية على ذلك قوله -تعالى- في محكم كتابه الكريم: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ).[١٣]
- أخذ العبرة والعظة من الأقوام السابقة: فقد عاشت على الأرض أمم كثيرة، وكانت نهاية من كفر بالله منهم لباس الخوف والجوع.
- قراءة القرآن الكريم بتدبّر وتفكّر.
المراجع
- ↑ سورة الزلزلة، آية: 7-8.
- ↑ “عظمة الخالق سبحانه”، www.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-4-2019. بتصرّف.
- ↑ “تعظيم الله تعالى وشعائره”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-4-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه العيني، في نخب الأفكار، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3/520، صحيح.
- ↑ رواه ابن العربي، في أحكام القرآن، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4/425، صحيح.
- ↑ أحمد بن عثمان (1432 هـ – 2011 م)، كتاب تعظيم الله جل جلاله «تأملات وقصائد» (الطبعة الأولى)، الرياض – المملكة العربية السعودية: مدار الوطن للنشر، صفحة 18-20، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 190-191.
- ↑ “وما قدروا الله حق قدره”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-4-2019. بتصرّف.
- ↑ الشيخ عبد الله البدروشي (6-2-2010)، “تعظيم شعائر الله”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-4-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن بصرة بن أبي بصرة الغفاري، الصفحة أو الرقم: 189، صحيح وصدّره في الصحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 5850، صحيح.
- ↑ “تعظيم الله تعالى”، www.articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 186.