جديد مجالات علم الاجتماع

'); }

تعريف علم الاجتماع وبعض آليّات تطبيقه

يهتمُّ علم الاجتماع بدراسة سلوك المجتمعات، وطرق تفاعلها، وما يُؤثِّر فيها، بالإضافة إلى التحوُّلات التي تمرُّ بها، وتُزعزِع استقرارها، ولا يقتصر علم الاجتماع على دراسة ظاهرة واحدة، أو فئة مجتمعيّة ما، بل إنّه يدرس كافّة شرائح المجتمع، ويستفيد من تنوُّعها؛ للحصول على أكبر قَدر من المعلومات التي تزيد من إمكانيّة التعرُّف إلى المجتمع بمُكوِّناته، ومُؤسَّساته، وطبقاته على اختلافها، علماً بأنّ دراسة المجتمع تتطلَّب معرفته، ومعرفة المُؤثِّرات الفاعلة فيه، في حال السِّلم، والحرب، وفي الفقر، والرخاء، وغيرها من الأحوال التي قد يمرُّ بها أيّ مجتمع، ومن الجدير بالذكر أنّ العلوم الاقتصاديّة، والسياسيّة قد أشادت بما قدَّمه لها علم الاجتماع، ممّا ساعد على إنشاء أواصر ترابُط، ومجالات تعاوُن مشتركة بين هذه العلوم، والتي وُظِّفت نتاجاتها في سَنِّ القوانين، والتعليمات، وصياغة الخطاب الجماهيريّ، والإعلان، لتشمل مجالات الهندسة، وأساليب الإعمار أيضاً.[١]

إنَّ فهم المجتمع الإنسانيّ يُعتبَر من أهمّ أهداف دراسة علم الاجتماع الذي يعتمد على تحليل مُكوِّناته الثقافيّة، والسياسيّة، والفكريّة، والقِيَميّة، والتي تُوضِّح عدداً من الأنشطة المجتمعيّة التي قد لا تبدو ظاهرة، فيكتشفها، ويُحلِّل مُكوِّناتها، ويبني على نتائجها عدداً من النظريّات، والقرارات المُرتكزة على دراسة المجتمع ببُعدَيه الفرديّ، والمجتمعيّ؛ ففي المسائل الفرديّة تتجلّى الفروقات في الهويّة العِرقيّة، والانتماء الدينيّ، والقابليّة للسلوكيّات المُنحرِفة، أو النِّزاعات الأسريّة، وتتوسَّع دائرة هذه المسائل بالانتقال إلى مستواها المجتمعيّ الذي يناقش مسائل الفقر، والبطالة، والتعصُّب والقابليّة للتحضُّر، وقد تتوسَّع دائرة اهتمام علم الاجتماع لتعمَّ مجموعة من الظواهر التي قد تتشكَّل على إثر تفاعل عدد من المجتمعات؛ ففي حالات الحرب مثلاً، تنتشر ظاهرة الهجرة غير الشرعيّة، أو الهجرة بشكلها الطبيعيّ، وكذلك التغيُّرات التي تطرأ على النموّ السكّاني، ومُؤشِّرات النموّ، أو التراجُع الاقتصاديّ في الأزمات الماليّة العالَميّة، وغيرها.[٢]

'); }

مجالات علم الاجتماع وفوائده

مع التوسُّع الحاصل في العلوم الإنسانيّة عموماً، وعلم الاجتماع على وجه الخصوص، يتبدَّى لنا وجود مجموعة من المجالات المشتركة بين علم الاجتماع، والعلوم الأخرى، كعلم النفس، والأنثروبولوجيا، والعلوم السياسيّة، وغيرها، وهذا التشارك يُثري العلوم كلّها، ممّا يعني تكاتُف الجهود؛ لتحقيق إنتاج علميّ مُتكامِل، إلّا أنّه لا بُدّ ابتداءً من توضيح ميدان عمل المُتخصِّصين في علم الاجتماع؛ حيث إنّهم يدرسون عادات الناس، وقِيَمهم، وما ينشأ عنها من سلوكيّات، وتفاعل مجتمعيّ مشترك، علماً بأنّ من أبرز مجالات علم الاجتماع ما يلي:[٣][٤]

  • علم الاجتماع النظريّ: حيث يهتمُّ بالنظريّات المهمّة في علم الاجتماع، كنظريّات كارل ماركس، وغيره.
  • علم اجتماع القانون: حيث ينظر فيه إلى القانون بصفته وسيلة رقابيّة، ونظاماً يضبط أخلاق المجتمع، خاصّة وأنّه مُرتبط بالعلاقات الأسريّة.
  • علم اجتماع السياسة: يهتمّ هذا المجال بدراسة الانتماءات الفكريّة للمجموعات، والمجتمع، بما في ذلك الأحزاب السياسيّة، ومُؤسّسات المجتمع، والثقافة، والإعلام.
  • علم اجتماع الاقتصاد: تعتمد المجتمعات على عدّة أنشطة اقتصاديّة، حيث تتفاوت فيها نِسَب الاستهلاك، والتوزيع، وهذا ما يتمّ التطرُّق إليه من منظور اجتماعيّ، دون إغفال العوامل الثقافيّة، والدينيّة.
  • علم الاجتماع الدينيّ: حيث يُعتقَد بأنّ المجتمعات كلّها تتأثّر بهذا المجال؛ ولذلك فهو يعتمد على قياس، وتحليل مدى تأثير، وفاعليّة المعتقدات الدينيّة في الحياة الاجتماعيّة اليوميّة.
  • علم الاجتماع المعرفيّ: يُعَدّ من المجالات الحديثة في علم الاجتماع على اعتبار أنّ المجتمع يُؤثِّر في المعرفة، وأنّ المعرفة تكون بذلك نتيجة مُستخلَصة من عدّة ظواهر اجتماعيّة.
  • علم الاجتماع التاريخيّ: حيث تكون المجتمعات المعنيّة بالدراسة، والتحليل مجتمعات من الماضي، ممّا يعني دراسة نشأتها، وتطوُّر حياتها، وأسباب هزيمتها، وانتصارها، وسُنَن مجتمعها، ومعتقداته.
  • علم اجتماع الريف والحَضَر: يركِّز كلٌّ من هذَين المجالين على طبيعة المجتمع، وأثر البيئة المحيطة فيه، من حيث التسارع التنمويّ لدى سُكّان المُدن، وكلّ ما يُميِّز حياتهم عن حياة الريف المُتمسِّكة بالتقاليد، والمحافظة على حياة اجتماعيّة أقلّ تعقيداً، وأكثر تماسُكاً من سُكّان الحَضَر.
  • مجالات أخرى: سواء كانت فرعيّة، أو رئيسيّة يدرسها المُتخصِّصون في علم الاجتماع، ومنها: علم اجتماع الجريمة، وعلم اجتماع الثقافة، والتنمية، والسلام، والفنّ، والأدب، والأسرة، وعلم الاجتماع العسكريّ، والديموغرافيّ، وعلم اجتماع الأعراق، وعلم اجتماع الاحتلال.

إنّ دراسة علم الاجتماع على اختلاف فروعه، ومجالاته تمنحُ المستفيدين، والبارعين فيه مجالات وظيفيّة مُتنوِّعة، كالمنافع الحقيقيّة، والفُرَص الكبيرة على مستوى الحياة الوظيفيّة، وتُشبع الفضول في معرفة آخر ما توصّل إليه العلم من دراسات، ونظريّات في هذا المجال، كما يمكن لهذه المعرفة أن تُطبَّق عمليّاً في المجتمعات، وتُقدِّم حلولاً عمليّة لمشاكل، وتحدّيات المجتمع، كما أنّها تُمكِّن العاملين، والمُتخصِّصين من مهارات تخطيطيّة، واستراتيجيّة، واستشاريّة؛ إذ يمكن لرُوّاد علم الاجتماع أن يكونوا الأقرب من دائرة صناعة القرارات السياسيّة، والاقتصاديّة، والإعلاميّة، ولا سيّما الاجتماعيّة، والثقافيّة.[٥]

نبذة عن تاريخ علم الاجتماع

تتمايز المجتمعات بفروقات عديدة، منها ما يبدو أنّه من الطبائع التي لا تقبل التغيير؛ فمنذ القرن السادس عشر كان المجتمع الأوروبّي يستقبل العائدين من الرحلات الاستكشافيّة وقد عادوا مُحمَّلين بعدد من الحكايا، والمواقف عن المجتمعات الأخرى، حيث كانت تختلف كلّياً عن المجتمع الأوروبّي، وذلك حتى القرن التاسع عشر، حيث شهدت أوروبّا تطوُّراً صناعيّاً، ونهضة ضخمة؛ إذ بُنيت المصانع، وتضاعف الإنتاج الاقتصاديّ؛ نتيجة لأنّ الناس هجروا حياة الريف، والزراعة، وتهافتوا على الهجرة إلى المُدن، والأعمال الصناعيّة، وقد رافق ذلك انكماش لدور الأسرة، والكنيسة، وسادت كلمة التصنيع، والعمل الشاقّ، بالإضافة إلى أنّ ذلك رافقته أيضاً زيادة هيمنة السُّلطة السياسيّة، والتسليح، مع سُلطة المال لمالكي المصانع، والمعامل الكُبرى، ومن الجدير بالذكر أنّ تلك الأحداث المفصليّة في التاريخ القديم كلّها على تنوُّع أشكالها، ومجالاتها ساهمت في تغيير المجتمع الأوروبّي إلى الأبد.[٦]

وقد دعت هذه الظروف إلى تكثيف جهود العلماء في النظر إلى المجتمع الذي تغيَّر، والحال الذي وصل إليه، إلى أن أصبح علم الاجتماع منهجاً مُتكامِلاً يُدرَّس لأوّل مرّة عالَميّاً في الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة عام 1890م، ثمّ توالت الإنجازات في ترسيخ، ونشر هذا العلم، ليصبح المنهج قسماً مُتكامِلاً في جامعة شيكاغو، حيث تمّ من بعد ذلك إصدار المجلّة الأمريكيّة لعلم الاجتماع عام 1895م، وحتى على مستوى أوروبا، فقد تمّ تأسيس أوّل قسم لعلم الاجتماع عام 1895م، لتنشئ بريطانيا أيضاً مجلّة مُتخصِّصة في علم الاجتماع، ثمّ أخذت الجامعات في أوروبّا تفتتح أقسام علم الاجتماع، حيث تُوِّجت هذه الجهود بمباشرة التعاوُن الدوليّ في علم الاجتماع، وتأسيس معهد دوليّ لعلم الاجتماع عام 1893م،أمّا في عام 1905م، فقد تمّ تأسيس أكبر رابطة للمُتخصِّصين في هذا العلم تحت اسم (الجمعيّة الأمريكيّة للسوسيولوجيا)، علماً بأنّ أوّل من كَتَب في علم الاجتماع، وحاول صياغة نظريّاته، والذي يُعتبَر الآن مُؤسِّس علم الاجتماع الحديث هو العالِم المسلم ابن خلدون الذي دوَّن في (مُقدِّمة ابن خلدون) أوّل سطور العلم في علم الاجتماع.[٦][٧]

المراجع

  1. William Form,Robert Faris ، “Sociology”، britannica.com, Retrieved 30-12-2018. Edited.
  2. “What is Sociology? “, sociology.unc.edu, Retrieved 30-12-2018. Edited.
  3. “Fields of Sociology”, sociologyguide.com, Retrieved 30-12-2018. Edited.
  4. “Branches of Sociology”, notes.tyrocity.com, Retrieved 30-12-2018. Edited.
  5. غني القريشي (23-1-2014)، “وظائف علم الاجتماع ومجالات العمل فيه وفوائده”، uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2018. بتصرّف.
  6. ^ أ ب “The Field of Sociology”, asanet.org, Retrieved 30-12-2018. Edited.
  7. “A sociological analysis of Ibn Khaldun’s theory : a study in the sociology of knowledge”, repositories.lib.utexas.edu, Retrieved 30-12-2018. Edited.
Exit mobile version