العصر العباسي الأول

'); }

العصر العباسي الأول

المدة الزمنية

تمتد فترة العصر العباسي الأوّل من 750-847م، أي من 132هـ- 232 هـ.، ويسمى هذا العصر بالعصر الذهبي،[١] فقد شهد ازدهارًا في الدولة الإسلامية على عدّة مجالات نذكر منها الآتي:

الحياة الاجتماعية في العصر العباسي الأول

عرف المجتمع العباسي تنوعًا هائلاً في طبقات الشعب؛ فمنهم العرب والفرس وأهل الكتاب من النصارى واليهود، حيث كانوا يتمتعون بالتسامح الديني الذي كان يعم في ذلك العصر، وكان للأديرة تواجد واسع في بغداد، ونخص بالذكر منها دير العذارى، وكان في قطيعة النصارى على نهر الدجاج، ودير درمايس الذي وصفه الشابشتي في كتابه “الديارات” المسيج بالبساتين كثيفة الأشجار، ومقصد الناس للنزهة وانتشاء الهواء، ودير الروم شرق بغداد الذي أشار أحد رهبانه على أبي جعفر المنصور ببناء مدينته في هذا الموضع، وكان خاصاً بالنسطوريين.[٢]

'); }

حصل المجتمع العباسي أيضًا على مساحة من الحرية تُمكّنهم من ممارسة شعائرهم الدينية بكل هناء، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على سعة الخلفاء العباسيين وإيمانهم بالتسامح الديني مع أهل الديانات الأخرى،[٢] وكان لمجالس الغناء والطرب حضور قوي في العصر العباسي واتبعوا النظام الفارسي في نظم مجالسهم وقد وصف الجاحظ في كتابه (التاج في أخلاق الملوك) في باب المنادمة هذه المجالس في عهد “أردشير بن بابك”، فقال إنه كان أول من رتب الندماء وأخذ بزمام سياستهم وجعلهم ثلاث طبقات.[٣]

اهتم العباسيون بتنوع أصناف الطعام والدليل الأبرز على ذلك مائدة طعام الرشيد حيث امتلأت بألوان الطعام، حيث أنه قيل؛ كان الطهاة في بيته يطهون ثلاثين لونًا في اليوم، ولم يعرف بهذا الإسراف الخلفاء فقط، بل اشترك معهم الأمراء وكبار رجال الدولة، بلغت قيمة ما ينفقه الرشيد على طعامه عشرة آلاف درهم في اليوم، أما نفقة المأمون في اليوم فكانت ستة آلاف دينار، وينفق منها مبلغاً كبيراً على مطابخه.[٤]

الحياة السياسية في العصر العباسي الأول

تأثرت النظم العباسية بالنظم الساسانية إلى الحد الذي تشعر به أنها تطبق بحذافيرها، وركز العباسيون على إثبات فكرة أنهم أصحاب حق إلهي في السلطة والحكم، وكانوا لا يحتكون بالشعب احتكاكًا مباشرًا، وكانت الوسيلة بينهم الحجّاب أو رؤساء التشريفات، واختلفوا بذلك اختلافًا تامًا عن عصر بني أمية الذي كان فيه اتصال ميسر ومباشر بين الحاكم والشعب.[٥]

حتى أن حُجّاب العصر العباسي كان أكثرهم من الأعاجم الذين استولوا على شؤون الحكم، وأسهم ذلك كله بجعل الحكم العباسي حكمًا استبداديًا ولا يحسب فيه حساب للرعية، ومن النظم الساسانية التي اتخذها الخليفة العباسي هو نظام الدواوين فكان في كل ولاية ديوان للخراج يترأسه موظف كبير ينفق منه على الولاية، ويبعث بما تبقى إلى بغداد حيث كان فيها لكل ولاية ديوان خاص.[٥]

واتبعوا أيضًا نظام الوزارة، ومهنة الوزير مهنة مشهورة في الدولة الساسانية وكانت وظيفته تصريف أمور الدولة وتعيين الموظفين، وكان معظم الوزراء من الفرس فكانوا يسعون دائمًا لتولي المناصب المهمة في الدولة، وأول وزير اتخذه العباسيون منهم هو أبو سلمة الخلال.[٦]

النزعة العقلية في العصر العباسي الأول

تعود أسباب ازدهار الحركة العلمية والأدبية في العصر العباسي إلى الاتصال الخصب بين الثقافات، فنشطت الترجمة نشاطًا هائلًا في زمن الرشيد ووزرائه البرامكة، وكان مما ساهم في هذا النشاط هو إنشاء دار الحكمة أو خزانة الحكمة إلى جانب توظيف مجموعة كبيرة من المترجمين واستيراد كتب من بلاد الروم، وكان المسؤول عن هذا العمل العظيم يوحنا بن ماسويه فقد كان طبيباً نسطوريًا من مدرسة جنديسابور.[٧]

للبرامكة دور لا ينسى في إشعال حركة الترجمة في ذلك الوقت، وتشير المصادر إلى أنهم شجعوا ما استطاعوا على نقل الذخائر النفسية من الرومية واليونانية والفارسية والهندية إلى العربية.[٨]

تعاقب في العصر العباسي ثلاثة أجيال من علماء البصرة والكوفة اهتموا بجمع اللغة والشعر، ومن الجيل الأول نذكر أبا عمرو بن العلاء ويعد أحد القراء السبعة المقدمين الذين أخذت عنهم قراءات القرآن الكريم، ويقول عنه الجاحظ: (كان أعلم الناس بالغريب واللغة العربية وبالقرآن والشعر وبأيام العرب وأيام الناس).[٧]

ومن أفراد الجيل الثاني خلف الأحمر والأصمعي الذي رويت عنه دواوين كثيرة، ومن أعظم أفراد الجيل الثالث من لغويي البصرة وهو محمد بن سلام الجمحي صاحب الكتاب الشهير (طبقات فحول الشعراء الجاهليين والإسلاميين)، ويحتوي على عمل المدرسة البصرية في توثيق الشعر القديم وتصنيف الشعراء في طبقات وفصائل بناء على جودتهم الفنية.[٧]

المراجع

  1. نوار العتوم (14/9/2020)، “تقسيم تاريخ دولة الخلافة العباسية”، العربي، اطّلع عليه بتاريخ 10/2/2022. بتصرّف.
  2. ^ أ ب أنيس الأبيض (2000)، “الحياة الاجتماعية في العصر العباسي الأول”، سعورس، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
  3. أنيس الأبيض (2000)، “الحياة الاجتماعية في العصر العباسي الأول”، سعورس، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
  4. أنيس الأبيض (2000)، “الحياة الاجتماعية في العصر العباسي الأول”، سعورس، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022. بتصرّف.
  5. ^ أ ب شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، صفحة 20-23. بتصرّف.
  6. شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، صفحة 23. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، صفحة 120. بتصرّف.
  8. شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، صفحة 112. بتصرّف.
Exit mobile version