وضعت الحرب العالميّة الثانية أوزارها، وتمخضّ عنها بداية تأسيس منظمة تهتّم بقضايا الدول المستقلة بعد ما لاقته من آثار مدمرة إثر الحرب العالميّة الثّانية والتي كان من أسباب ظهورها الفشل الذّريع الذي منيت به عصبة الأمم في تحقيق أهدافها من حفظ الأمن والسّلام الدوليين من اندلاع الحرب العالميّة الثانيّة بعد عشرين عاماً من تأسيسها استدعى من قادة وزعماء دول الحلفاء على تشكيل تنظيم دولي جديد، بهدف تحقيق الأمن والسّلام في العالم، وحل النّزاعات الدولية بالطرق السّلميّة، فتمّ تأسيس هيئة الأمم المتّحدة.
محتويات
هيئة الأمم المتّحدة
هي منظمة دوليّة تأسّست في تاريخ الرّابع والعشرين من أكتوبر لعام (1945م) تهدف إلى تحقيق الأمن والسّلم الدوليين إبّان الحرب العالميّة الثانية، والمنظمات الدوليّة مجموعة من الدول يشترك بينهم القيام بأعمال ذات أهميّة مشتركة وتسمح للدول الأخرى بالانضمام إليهما، ومقرّها الدّائم في نيويورك لتحتفظ لنفسها بالاهتمام من الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
البدايات الأولى لتأسيس الهيئة
- ميثاق الأطلسي عام 1941م، صدر عن الرئيس الأمريكي (روزفلت) ورئيس الوزراء البريطاني (تشرشل)، أكدّ فيه على تأسيس تنظيم دولي يحفظ السّلام والأمن الدولي في العالم.
- مؤتمر موسكو عام 1943م، وحضره كلٍ من الاتّحاد السوفيتي، بريطانيا، الولايات المتّحدة، والصّين، وأصدرت بياناً دعت فيه إلى إنشاء تنظيم دّولي ويحق للدول الأخرى الانضمام لها.
- مؤتمر واشنطن عام 1944م، ممثلون من الاتّحاد السوفيتي والولايات المتّحدة وبريطانيا والصّين، وأكدّوا فيه على بنيّة الأمم المتّحدة وأهدافها وأجهزتها وتشكيلها.
- مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945م، حضره مندوبين عن خمسين دولة، وقاموا بوضع ميثاق الأمم المتّحدة والتّوقيع عليه.
أهداف هيئة الأمم المتحدّة
- حدّد ميثاقه على: حفظ الأمن والسّلم الدوليين.
- تنمية العلاقات الدوليّة على أساس احترام المبدأ الذي يقضي للشعوب بحقوق متساوية ويعطيها حق تقرير مصيرها.
- تحقيق التّعاون الدولي لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعيّة، والثقافيّة، والإنسانيّة.
- تعزيز احترام حقوق الإنسان، والحريّات الأساسية للنّاس جميعاً دون تمييز بسبب الجنس أواللّغة أوالدينيّة.
الأجهزة العاملة في هيئة الأمم المتّحدة
- الجمعيّة العامة: تتكّون هذه الجمعيّة من مندوبي جميع الدول الأعضاء، ويكون لكلٍ منها صوت واحد، ولا يتجاوز عدد مندوبيها خمسة، وتجتمع هذه الجمعيّة مرّة كل عام، وتنعقد بناءاً على طلب مجلس الأمن، أو غالبيّة الأعضاء، وتصدر قراراتها بأغلبيّة ثلثي الأعضاء المشتركين في التّصويت، ومن وظائفها:
- صيانة الأمن والسّلام الدوليين.
- تنميّة التّعاون الدولي في الشؤون الاقتصاديّة والاجتماعية.
- الإشراف على إدارة الأمم المتّحدة وميزاتها.
- مجلس الأمن: من أهمّ أجهزة هيئة الأمم المتّحدة، ويتألّف من خمسة عشر عضواً، منهم خمسة دائمة العضويّة، وهم: الولايات المتّحدة، وبريطانيا، والصّين، وروسيا، وفرنسا، ولها حق الاعتراض (الفيتو) على قرارات المجلس، أمّا العشرة غير الدّائمين فتنتخبهم الجمعيّة العامة لمدة سنتين، ولا يجوز إعادة انتخاب الأعضاء مباشرة بعد انتهاء عضويتهم، ويراعي مجلس الأمن التّوزيع الجغرافي في انتخاب الأعضاء غير الدّائمين، وتكون رئاسة المجلس مناوبة بين مندوبي الدول الأعضاء غير الدّائمين، وترتيب أسماء الدول وفق الأبجديّة الإنجليزية، وفترة الرّئاسة لمدّة شهر، من ضمن مهماتها:
- المحافظة على الأمن والسّلم.
- التّوصية بقبول الأعضاء الجدد في الأمم المتّحدة.
- التّوصية بتّعين الأمين العام للأمم المتّحدة.
- مشاركة الجمعيّة العامة بانتخاب قضاة محكمة العدل الدولية.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي: يتألّف من: أربعة وخمسين عضواً، تنتخبهم الجمعية العامة لمدّة ثلاث سنوات، ومن مهامه:
- النهوض بعوامل التّطور والتّقدم الاقتصادي والاجتماعي، وتقديم الحلول لها.
- تعزيز التّعاون الدولي في أمور الثّقافة والتّعليم.
- احترام حقوق الإنسان والحرّيات الأساسيّة في العالم.
- مجلس الوصاية: تتمثّل مهمّته في الإشراف على بعض الأقاليم التي وضعت تحت إشراف الأمم المتّحدة، والعمل على تطوير أوضاعها السياسيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة للحصول على الاستقلال.
- محكمة العدل الدوليّة: تعتبر هذه المحكمة الجهاز القضائي الرّئيسي للأمم المتّحدة، ومقرّها لاهاي في هولندا، وتتكوّن من خمسة عشر قاضياً، وتختصّ المحكمة بإصدار الآراء الاستشاريّة في أي مسألة قانونية تعرضها عليها الجمعيّة العامة أو مجلس الأمن، كما تفصل في المنازعات التي ترفع إليها وفق أحكام القانون الدولي، مراعية في ذلك الاتفاقات الدوليّة، ويكون حكمها نهائيّاً لا يقبل الاستئناف، كما في حكمها الذي أصدرته الجدار العنصري والفصل الذي أقامه الكيان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية عام 2004م، وعدّته باطلاً قانونياً.
- الأمانة العامّة: يرأس هذا الجهاز الأمين العام الذي تعيّنه الجمعيّة العامّة، بناءً على توصيّة مجلس الأمن، وتكون مدّة عمله خمس سنوات قابلة للتّجديد مرّة واحدة، ويجب أن يكون على معرفة بالقانون الدولي.
المنظمات المرتبطة بهيئة الأمم المتّحدة
يتبع لهيئة الأمم المتّحدة عدّة منظمات تعمل في مجال الاقتصاد، والاجتماع، والثّقافة، والتّعليم والصّحة منها:
- منظمة العمل الدولية: مقرّها جنيف، وهدفها تحقيق العدّالة الاجتماعيّة، وتحسين شروط العمل، وحق العمال في تشكيل النقابات العمّاليّة، وتحقيق الضّمان الاجتماعي.
- منظمة الأغذيّة والزّراعة (الفاو): مقرّها روما، وهدفها رفع مستويات التّغذيّة والمعيشيّة للشعوب.
- منظمة الأمم المتّحدة للتّربيّة والعلوم والثّقافة (اليونسكو): مقرّها باريس، وهدفها الإسهام في الحفاظ على السّلم والأمن الدوليين عن طريق التّربيّة والتعليم والثّقافة، لتوثيق التّعاون بين الأمم، والعمل على احترام العدالة، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان.
- منظمة الصّحة العالميّة: مقرّها جنيف، وتهدف إلى تحسين المستوى الصّحي للشعوب، وتشجيع الأبحاث الطّبية، ومنع تفشّي الأمراض المعدّية ومكافحتها.
- وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا): هي هيئة أنشأتها الأمم المتّحدة عام 1949م، للإشراف على مشروعات إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين الذين هجّروا عن أراضيهم عام 1948م، وتعمل بالتّعاون مع الدول العربيّة المضيفة للاجئين.
- صندوق إغاثة الأطفال (اليونسيف): ومقرّه نيويورك، وتأسّست عام 1946م تحت مسمّى صندوق الأمم المتّحدة لرعاية الأطفال
إنجّازات هيئة الأمم المتّحدة
- المجال السّياسي: نجحت الأمم المتّحدة في حل بعض القضايا السّياسّية في العالم، وأسهمت في استقلال عدد من الدول العربيّة، وبخاصّة في الوطن العربي، ومنها: سوريا، ولبنان، ومراكش، والجزائر، وتونس، ووصلا لإيجاد تسوية سلميّة للنّزاع الأندوسي-الهولندي عام1947م، ونتج عن ذلك إقامة الجمهوريّة الأندونيسيّة كدولة مستقلة ذات سيادة.
- المجال الاقتصادي: قدّمت لحكومات الدول النّاميّة معونات من أجل إعداد خطط شاملة للتّنميّة، واستغلال الموارد الطّبيعيّة، والتّخطيط بعيد المدى للنّمو الاقتصادي والاجتماعي، وتدريب الفنّيين.
- المجال الاجتماعي: إعداد الدّراسات عن الأحوال والبرامج الاجتماعيّة في مختلف أنحاء العالم، وتقديم المساعدات الفنيّة إلى الدول النّامية كالخبراء، والمنح، والمعدات، وإعداد الحلقات الدّراسية والتّدريبيّة في مختلف الموضوعات، وأصدرت الجمعيّة العامة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان دون تمييز بسبب الجنس، أو اللّون، أو اللغة، أو الدّين.
- نشر قوات دوليّة على الحدود لحفظ الأمن والسّلم الدولي وبعثات المراقبة لتحقيق هذا الهدف.
- نجحت في تسويّة نزاعات إقليميّة بين الدول المجاورة عن طريق التفاوض، كما هو في حال وضع الحرب بين العراق وإيران واستخدامها للدبلوماسيّة الهادئة لتفادي حروب كانت على وشك الاندلاع.
- تعزيز الديمقراطية من خلال الانتخابات الحرّة النزيهة، ونشر ثقافة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في العالم، وتقديم المساعدات الإغاثيّة والإنسانيّة للمنكوبين وضحايا المنازعات، وقضيّة الفصل العنصري في إفريقيا، وتقديم المعونات الإنسانيّة للاجئين الفلسطينين من خلال وكالة الغوث لإغاثة وتشغيل اللاجئيين (الأونروا).
إخفاقات هيئة الأمم المتّحدة
- إخفاقها في القضاء على الحرب الباردة بين المعسكر الشّرقي والغربي.
- فشلت في إحلال السّلام وفي القضاء على بعض الحروب الإقليميّة.
- إسرافها في حق نقض الفيتو أدّى إلى عجز مجلس الأمن في القيام بدوره في قضايا عالقة خاصّة في الشّأن الفلسطيني الإسرائيلي.
- أطلقت الكثير من القرارات في صالح القضيّة الفلسطينية لكنّها عجزت على إجبار إسرائيل على تنفيذها، مثل قرار وقف الاستيطان في القدس، جميع الدول الأعضاء وافقت عليه لكنّ الولايات المتّحدة اعترضت عليه.
- فشلت في إيجاد حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينين بعد تهجرهم بسبب احتلال إسرائيل لفلسطين، كونها تتضارب فيها مصالحها مع إسرائيل.
- حالة الفشل الكبرى للولايات المتحدة كما وصفها الأمين العام السّابق للأمم (كوفي عنان) في مذكرّاته “تدّخلات” لبعض أخطاء الأمم المتّحدة، في حفظ السّلام في الصومال والبوسنّة، وفشلها في حل الأزمة السّوريّة الحاليّة والتي زادت عن أربع سنوات.
لا شكّ أنّ هيئة الأمم لقد خطت شوطاً كبيراً في نشر الأمن والسّلم الدوليين وما قدّمته من بعض المساعدات للدول النّامية، ولكن هي مطالبة بالقيام بأكثر من ذلك تجاه القضايا العالقة، وليس غريباً أن نرى بعض الدول تطالب الأمم المتّحدة بضرورة حدوث إصلاحات جذريّة لجميع مؤسسات الأمم المتّحدة، بحيث تكون لقراراته المصداقيّة بعيداً عن هيمنة بعض الدول، وأن يكون لها دور أكبر في إنهاء ويلات الحروب والمجاعات والسّير نحو عالم أفضل.