الإسلام
يُعرّف الإسلام لغةً بأنّه: الانقياد، والخضوع، والذلّ، ويُقال استسلم فلانٌ؛ أي انقاد، ومنه قول الله تعالى: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)،[١] وأمّا تعريف الإسلام شرعاً؛يأتي على معنيين: الأول هو الإسلام الكوني، ومعناه أنّ الكون كلّه مستسلمٌ لأوامر الله تعالى القدرية والكونية، إذ إنّ كلّ الخلائق منقادةٌ لأوامر الله تعالى شاءت أم أبت، فالمرض، والشفاء، والموت، والحياة، والغنى، والفقر، كلّه بيد الله عزّ وجلّ، ومن الجدير بالذكر أنّ هذا المعنى يشمل المسلم، والكافر، والعاصي، والطائع، فلا ميزةً لأحدٍ به على الآخر، فحتى الحيوانات مشمولةٌ في هذا المعنى، وأمّا المعنى الثاني فهو الانقياد لأوامر الله تعالى الشرعية، وهو ما بُعث به الأنبياء كلّهم من قبل، وأُرسل محمّدٌ -صلّى الله عليه وسلّم- داعياً له.[٢]
نواقِض الإسلام
ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهّاب -رحمه الله- عشرة نواقضٍ للإسلام، ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء أجمعوا على تسعةٍ منها، واختلفوا في العاشر، وهو السحر،[٣] والمقصود بالنواقض هي الأعمال، أو الأقوال، أو الاعتقادات التي إن وقعت من المسلم بطُل إسلامه، وانتقض دينه، وأصبح من أهل الأوثان، وإذا مات على ذلك كان من أهل النار، وفيما يأتي بيانٌ لتلك النواقض:[٤]
- الشرك بالله؛ فالشرك يُبطل الأعمال كلّها، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَلَو أَشرَكوا لَحَبِطَ عَنهُم ما كانوا يَعمَلونَ)،[٥] ويُخرِج فاعله من الإسلام، فإن مات على ذلك حرّم الله عليه الجنة، وأوجب عليه الخلود في نار جهنّم، فقد قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)،[٦] ومن صور الشرك بالله تعالى: دعاء غير الله، أو السجود، أو الركوع، أو النذر لغير الله تعالى، أو الذبح لغيره كالذين يذبحون للجنّ، أو للملائكة، أو للقبور.
- جعل واسطةٍ بن العبد ورب العالمين؛ فيتوكّل عليهم، ويسألهم الشفاعة، ويدعوهم، ومن صورهذا النوع من الشرك: أن يجعل العبد رسول الله واسطةٌ بينه وبين ربّه، كأن يقول: يا محمد أغثني، أو يا محمد اشفع لي عند ربي، أو أن يتخذ جنيّاً، أو ملكاً من الملائكة، أو الشمس، أو القمر، أوغيره كواسطةً بينه وبين الله، كما كان يفعل الكفار قديماً، حيث قال تعالى عنهم: (وَيَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُم وَلا يَنفَعُهُم وَيَقولونَ هـؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِندَ اللَّهِ).[٧]
- الاعتقاد بأنّ حكم غير رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أفضل من حكمه، أو أنّ هدي غيره أفضل من هديه؛ إذ لا يصحّ إسلام المرء حتى يعتقد بأنّ الشريعة الإسلامية أفضل من كلّ قوانين الأرض، والاعتقاد بوجود حكمٍ أفضل من حكم الشريعة، أو الاعتقاد بوجود حكمٍ مساوٍ للشريعة الإسلامية كفرٌ مخرجٌ من الإسلام، وكذلك يُعتبر تفضيل أي هديٍ، أو طريقةٍ كطريقة الفلاسفة، أو الصابئة على هدي محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ ناقضاً مبطلاً للإسلام، إذ إنّ رسول الله لا ينطق عن الهوى، بل هو وحيٌ من الله عزّ وجلّ.
- بُغْض أي شيءٍ ممّا جاء به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فقد قال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)،[٨] ولذلك فإن كره، أو بغض أي شعيرةٍ من شعائر الإسلام التي جاء بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ كالصلاة، أو الصيام، أو إقامة الحدود، ينقض الإسلام ويبطله.
- الاستهزاء بشيءٍ من دين الله، أو الاستهزاء بالثواب، أو العقاب؛ فالاستهزاء بالصلاة مثلاً، أو الزكاة، أو أي واجبٍ من الواجبات، أو السخرية من المصلين لأنّهم يصلون، أو نعيم الجنة، أو عذاب النار، كفرٌ مخرجٌ من الملة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَلَئِن سَأَلتَهُم لَيَقولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخوضُ وَنَلعَبُ قُل أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسولِهِ كُنتُم تَستَهزِئونَ*لا تَعتَذِروا قَد كَفَرتُم بَعدَ إيمانِكُم).[٩]
- السحر، ومنه العطف، والصرف؛ والدليل قول الله تعالى: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ)،[١٠] ويرجع السبب في كفر الساحر إلى أنّ قيامه بالسحر يستدعي اتصاله بالشياطين، ولا يتم ذلك إلّا بتقرّبه إلى الجن بالشركيات، وحتى تكون الخدمة بين الساحر والشياطين متبادلةٌ، يشترط الجن على الساحر الكفر بالله تعالى، أو بأنّ يدوس المصحف، أو يلطّخه بالنجاسات.
- معاونة المشركين، ومظاهرتهم على المسلمين؛ والدليل قول الله تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)،[١١] فإعانة المشركين على المسلمين بأي صورةٍ من صور الإعانة، سواءً بالمال، أو السلاح، أو الرأي يُعتبر موالاةً لهم، وموالاة الكفار على المسلمين يُنقض الإسلام، ويُخرج فاعله من الملّة.
- الاعتقاد بأنّ بعض الناس بإمكانهم الخروج على شريعة محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، كما خرج الخضر عن شريعة موسى عليه السلام؛ فالاعتقاد بإمكانية التعبد لله بغير شريعة الإسلام، كالتعبّد عن طريق الفلسفة، أو طريق الصابئة، أو الصوفية يُعتبر ناقضاً يُخرج عن ملّة الإسلام.
موانع التكفير
ثمّة شروطٍ، وموانعٍ عند السلف لتكفير المعين، فلا يقع حكم الكفر على المعين عند ارتكابه ما يُناقض الإسلام إلّا إذا توفرت فيه شروطاً معينةً، وهي: القصد، والعلم، والاختيار، وعدم التأويل، أو التقليد، وانتفت عنه موانع، إذ ينبغي ألّا يكون جاهلاً، أو مُكرهاً، أو مُخطئاً، أو مُتأولّاً.[١٢]
المراجع
- ↑ سورة الصافات، آية: 103.
- ↑ “تعريف الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
- ↑ “هل جميع النواقض العشرة التي ذكرها الإمام محمد بن عبد الوهاب مجمع عليها؟”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
- ↑ “شرح نواقض الإسلام”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 88.
- ↑ سورة المائدة، آية: 72.
- ↑ سورة يونس، آية: 18.
- ↑ سورة محمد، آية: 9.
- ↑ سورة التوبة، آية: 65-66.
- ↑ سورة البقرة، آية: 102.
- ↑ سورة المائدة، آية: 51.
- ↑ “شروط وموانع التكفير”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.