محتويات
مدينة وارسو
تتكوّن دولة بولندا من العديد من المدن والمحافظات، فمنها الساحلي، ومنها ما يطلّ على ضفاف الأنهار، وفيها أقاليم متنوّعة في شتى المناطق، ولكن أكبر هذه المحافظات أو المدن هي مدينة وارسو، وتعتبر المدينة عاصمة لدولة بولندا أيضاً، حيث أصبحت عاصمة لبولندا في سنة 1596م، فهي بذلك تعد من أقدم العواصم الأوروبية، مع استبعاد الفترة الزمنية التي تم تقسيم فيها الدولة بين كل من روسيا البيضاء، والإمبراطوريتين النمساوية والروسية، وتعدّ وارسو من أهم المعالم السياحية لبولندا، ومركزها الاقتصادي، وقد عرفت المدينة باسم “العنقاء”، لما لها من تاريخ في الحروب التي شهدتها، ويعود الأصل في تسمية وارسو بهذا الاسم، لمعنى هذه الكلمة، فتعني كلمة “وارس” الانتماء، والانتماء هنا كما ذُكر في كتب التأريخ أنّه الانتماء إلى الأصل السلافي، وهناك أسماء أخرى للمدينة وكل منها له سببه الذي سميت المدينة من أجله.
جغرافيا مدينة وارسو ومناخها
تعتبر مدينة وارسو في قلب الدولة فهي تغطي مساحة وسط وشرق بولندا، وفي قلب السهل المتواجد في الدولة يدعى ماسفيان، وتقع على نهر فيستولا الذي يقسم المدينة لنصفين على ضفتي هذا النهر، تبعد المدينة عن جبال الكاربات مسافة تبلغ 300 كيلو متراً، كما وتبعد عن بحر البلطيق مسافة ما يقارب 160 كيلو متر، أمّا عن موقعها فأشهر ما يميزها أنها تقع إلى الشرق من ألمانيا على مسافة تقارب 300كم.
أمّا عن المناخ فهو مميز بالرطوبة في أغلب العام، أمّا عن الشتاء والصيف، فهي ذات مناخ معتدل صيفاً، بارد شتاءٌ، وتتراوح درجات الحرارة في المدينة بشكل ملفت، فقد تصل الحرارة أقل ما يمكن في شهر يناير من العام الميلادي إلى ثلاث درجات مئوية وهو ما يعادل 24 درجة في مقياس فهرنهايت، وأعلى ما تبلغه هو 19 درجة مئوية أي ما يعادل 66 درجة في مقياس فهرنهايت، أمّا عن الصيف فأقصى ما تبلغه الحرارة من درجات هو 30 درجة مئوية، وبالنسبة لباقي الفصول فطقسها جميل، وعن الأمطار التي تسقط على المدينة بالمعدل السنوي لها يبلغ ما يقارب 19 بوصة ونصف.
تشير الاحصائيات إلى أنّ الأرض الخضراء والزراعية في وارسو تغطّي ما نسبته أربعين في المئة من مجمل مساحة المدينة، وقد تم تصنيف هذه المدينة من أوائل دول أوروبا من حيث الجمال، فهي تمتاز بكثير من الحدائق ذات الخضرة والجمال، وتشتهر بكثرة المساحات الزراعية والخضراء فيها، وتكثر فيها ما يسمى بالمحميات الطبيعية والعديد من غابات المدينة تنتشر على حدودها، أمّا عن الشوارع والممرّات بين الحدائق فلها بريق من الجمال، يميز الدولة عن سواها من الدول الموصوفة بالجمال.
ولو تطرقنا للتوسع قليلاً في هذه الحدائق، نجد أن عدد الحدائق ليس رقماً بسيطاً، فنسبة جموع الحدائق ما يعادل 82 حديقة، وتبلغ مساحاتها من مجمل المساحات الخضراء ما نسبته ثمانية بالمئة، وإن من أولى هذه الحدائق التي تم تشييدها والاعتناء بها هي حدائق كراسنيكي، وسكوني، وقصر فيلانوف، وقصر كروليكارنيا، والحمامات الملكية، وحديقة المكتبة الجامعية ولها الكثير من الخصائص التي تميّزها عن غيرها من الحدائق، كاحتوائها على بعض النباتات الفريدة في العالم، أمّا حديقة وارسو المشهورة فهي أهم حدائق المدينة، وقد تم إنشاء هذه الحديقة عام 1928م، وتبلغ من المساحة تقريباً أربعين هكتاراً، وتتميز باحتوائها على 500 صنف من الحيوانات في الحديقة، أمّا عن مجموع العدد للحيوانات فيبغ خمسة آلاف حيوان.
وارسو وتعدد الثقافات العقائدية
تميزت مدينة وارسو باختلاف الديانات فيها، فمنهم من اتبع الكنائس الكاثوليكية، وآخرون قد اتبعوا الأرثوذكس ومنهم من البروتستانت، وآخرين يهود أيضاً، أمّا عن النسب والأعداد فقد بلغ عدد سكان المدينة حوالي 700 ألف مواطن عام 1901م وتمّ تقسيمهم تلك الفترة كنسب من حيث الديانات فمنهم ما كان يتبع الكنيسة الكاثوليكية وشكلت نسبتهم 56% وآخرون قد اتبعوا الكنيسة الأرثوذكسية وقد شكلوا نسبة 5% أمّا اليهود فقد شكلوا نسبة 7.3%، وقد شكلت الجماعات التي اتبعت البروتستانت ما نسبته 3% تقريباً، ويجدر الإشارة لوجود بعض المسلمين في هذه المدينة فقد تم بناء بعض المساجد في المدينة أيضاً، ولعل هذه السمة من أجمل ما يميز هذه المدينة فقليل من الدول والمدن التي تجد فيها احتراماً للأديان وتعدّد الثقافات العقائدية فيها.
اقتصاد مدينة وارسو
تمّ تصنيف هذه المدينة من المدن الهامة اقتصادياً في العالم، فقد بلغت ترتيباً مميزاً بين مدن العالم الكثيرة جداً، إذ إنّها عام 2010 حصلت مدينة وارسو على الترتيب الرابع بعد الثمانين لمدن العالم التي تعد المدن الأكثر ملائمة للسكن فيها، ومن أكثر الدول التي تعطي الخدمات للمواطنين وتوفر لهم جو المعيشة الرائع الذي يتمناه أي شخص في العالم، من استقرار في الأوضاع السياسية، والنزعات القبلية، ومن توفير لكافة الخدمات المطلوبة للحياة العملية والعلمية والاقتصادية.
وبالحديث عن الاقتصاد أيضاً، لا بدّ وأن نذكر بأن مدينة راسو مشهورة بأنها مدينة صناعية، فهي تحتوي العديد من المصانع التي تقوم على معالجة الأطعمة وجميع أنواع الأغذية، كما وتعرف بصناعتها للسيارة والآلات الميكانيكية وبعض الصناعات الكهربائية وغيرها، وهذا يجعلها من أكثر دول العالم تقدماً من الناحية الاقتصادية والحضارية العلمية أيضاً.
وارسو والتعليم
تعدّ مدينة وارسو من أقوى المراكز التعليمة في العالم، فهي تحوي العديد من المراكز الهامة في التعليم في دولة بولندا، فتحتوي مدينة وارسو على أربع جامعات من أكبر جامعة الدولة ذات تخصصات مميزة، وأما عن عدد المدارس فقد أشارت إحصائية لعام 2002 لأنّ عدد المدارس في المدينة وصل إلى مدرستين بعد الستين في المدينة، وأشارت أيضاً لمجموع الطلاب في تلك الفترة إلى 500 ألف طلاب منهم 280 ألف طلاب مدارس والآخرين في الجامعات والدراسات العليا، ومن الجدير بالذكر إليه أن عدد الجامعات قد زاد ووصل إلى أكثر من سبع جامعات في المدينة كل منها له الطريقة الخاصة بها في التعليم.
إنّ من أهمّ هذه الجامعات هي جامعة وارسو، التي تعد من أهم جامعات بولندا فتأخذ المرتبة الثانية في تصنيف الجامعات، وتم تأسيسها سنة 1816م، ومن أهم ما يميز هذه الجامعة هي احتوائها على كلية الطب الأولى في دولة بولندا، ومن الأشياء الرائعة التي تحويها الجامعة هي تلك المكتبة التي تدعى بالمكتبة الجامعية، فهي تحوي المعلم الحضاري الرائع الذي تم ذكره في هذا المقال وهي حديقة المكتبة الجامعية، التي تضم الخضار والأشجار والنباتات الفريدة الرائعة التي تطيب لها الأنفس وتجعل من الجامعة مكاناً حضارياً، علمياً، وجمالياً يزوره الناس من كافة أرجاء المعمورة، أمّا عن أقدم جامعة في المدينة فهي أكاديمية فريديك للموسيقى، وهي أيضاً من أكير جامعات الموسيقى في قارة أوروبا بشكل عام.
بعد التعرف على مدينة وارسو وعلى معالمها الحضارية والجمالية، والمرور على دورها ومكانتها العلمية، وتخيل تلك الأهمية الاقتصادية التي تنبع من أنها مدينة عملية وصناعية، ومدينة ذات أماكن وحدائق جمالية، فلا بد للقارئ أن يدرك بأن مدينة كمدينة وارسو تجمع بين جميع هذه الكماليات، هي مدينة جديرة بأن تكون محط أنظار الطامحين في التطور والعيش بسلام ومتعة الطبيعة الخلابة.