محتويات
ما هي سعادة الدارين؟
تعريف السعادة
يختلف الناس في تعريف السعادة؛ فالفقير يراها بالغنى والمال، والمريض يراها بالصحة، والضعيف يراها بالقوة، والمهموم يراها براحة البال، والصغير يراها بأن يصبح كبيرا وذو الشيبة يراها بعودة الشباب بقوته؛ إذًا فالسعيد غالباً هو من كانت رغباته متحققة، وهي نسبية تختلف من شخص لآخر، وبضدها تعرف الأشياء: فالسعادة ضد الشقاء.
تعريف الدارين
الدارين: هما الدنيا والآخرة، فالدنيا دار اختبار وامتحان تتوزع الأقدار والأرزاق فيها والناس إما محسن أو مسيء، منهم من يراها دار مقر ويبذل كل جهده ليشبع كل رغباته ويحقق كل أمنياته فيها متخليا عن الكثير من أخلاقه لأجل ذلك، ومنهم من وازن بين الدنيا والآخرة لأنه علم أن الآخرة هي دار المقر التي سيستقر بها إما في الجنة أو النار.
تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة
تحقيق السعادة تكون بعدة أمور، كما يأتي:
- تقوى الله: تقوى الله من أهم أسباب السعادة في الدنيا والآخر، فالجنة قد أعدت للمتقين، وإنما يتقبل الله من المتقين، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. [١]
- الرضا بما قسم الله: إن من أهم أسباب السعادة في الدنيا أن يكون القلب مطمئنًا راضيا بما قسمه الله -تعالى- من رزق، صابرا على الابتلاء فهو يعلم أن الدنيا دار بلاء واختبار لا يكون فيها إلا ما قسمه الله -تعالى-، والآخرة بيد الله فإن رضي بالله وبما قسمه -سبحانه وتعالى- أرضاه في الدنيا والآخرة.
- الدعاء والصدق مع الله في طلب سعادة الدارين: يقول -تعالى-: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ* وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّـهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ).[٢]
حيث يذكر الله -تعالى- أصناف الناس في الدنيا؛ فمن الناس من همه الدنيا فقط، يريد متاع الدنيا ويسأل عنها بل ويدعو الله من أجلها في أقدس البقاع وأطهرها لأنها شغله الشاغل وهي كل ما يهمه فلا يهمه سواها، ويوم القيامة يأتي وليس له نصيب من الخير فذلك اليوم لم يكن يشغله أو يهمه أصلًا، وقد فات الأوان على الطلب والدعاء حينها.[٣]
ومن الناس من يشغله أمر الدنيا والآخرة فيطلبون من الله الحسنة في الدارين ولا يحددون نوع الحسنة بل يتركونها لله لأنهم راضون باختيار الله لهم، وهذا الصنف من الناس قد فاز بخيري الدنيا والآخرة وفي دعائه اتزان واستقامة.[٣]
السعادة في القرآن
يقول -تعالى-: (وَأَمَّا الَّذينَ سُعِدوا فَفِي الجَنَّةِ خالِدينَ فيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيرَ مَجذوذٍ)،[٤] يقول ابن كثير في تفسير الآية: “أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ فَفِي الْجَنَّةِ أَيْ فَمَأْوَاهُمُ الْجَنَّةُ خالِدِينَ فِيها أَيْ مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ هَاهُنَا أَنْ دَوَامَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ لَيْسَ أمرا واجبا ذاته بَلْ هُوَ مَوْكُولٌ إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَهُ الْمِنَّةُ عَلَيْهِمْ دَائِمًا وَلِهَذَا يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ”.[٥]
المراجع
- ↑ أبو سعيد ، محمد الحنفي، بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية، صفحة 22. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:200-202
- ^ أ ب سيد قطب، في ظلال القرآن، صفحة 201. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:108
- ↑ ابن كثير الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، صفحة 302. بتصرّف.