الأسرة في الإسلام

جديد ما هي حقوق الزوجة على الزوج

الزواج

لقد جعل الله تبارك وتعالى الزواج من أقدس العلاقات بين البشر، وجعل فيه السَكينة والرحمة والمودّة والطُمأنينة بين الزوجين، قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١] وفي سبيل المُضي في الحياة الزوجية واستمرارها واستقرارها فإنّه يَجبُ على كلّ طرفٍ من الزّوجين أن يَعرف ما عليه في الزواج، المُتَمثل بواجباته نحو الطرف الآخر فيؤدّيها، وأن يَعرف ما لهُ، المُتَمثل بحقوقه فلا يتجاوز هذه الحقوق أو يطلب أكثر منها مما لا يَحِقُّ له؛ فكلٌ من الطرفين له حقوقٌ، وعليه واجبات، فما هي تلك الحقوق والواجبات؟

حقوق الزوجة على زوجها

تنقسم حقوق الزوجة في الإسلام على زوجها إلى حقوق مالية، وحقوق معنوية، ولهذه الحقوق بأقسامها تفصيلٌ، بينته الشريعة الإسلامية.[٢]

حقوق الزوجة المالية

تنقسم حقوق الزوجة المالية إلى حقوق متجدّدة وأخرى غير متجدّدة وتفصيل ذلك كالآتي:[٢]

  • حقوق مالية غير متجدّدة: وهي الحقوق التي يُؤدِّيها الرجل لزوجتهِ مرّةً واحدةً في العمر، ثم تسقط إن استوفتها أو حصلت عليها كاملةً، ومِثالها حق الزوجة في المهر الذي يُفرض لها على زوجها مرةً واحدةً وقت العقد، فالمَهر حقٌ ماليٌ للزوجةِ على زوجها، على أن يؤديه لها حسب ما اتفقا عليه، وفي أغلب الأحيان تقبضه الزوجة من زوجها وقت العقد أو بعد العقد بِفَترةٍ حسب ما يتفقان عليه؛ لقوله تعالى: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)،[٣] ويُترك موضوع المهر وتقسيماته بين مُعجّلٍ ومُؤجّل إلى العرف السائد في كل بلد، فليست هناك طريقة محددة في الشريعة لتقسيم المهر، ولا نصّ على تحديده بين أكثر وأقل، ولكن ينقسم المهر في بعض البلاد في الوقت الحاضر إلى مهر مُعجّل تأخذه الزوجة فوراً عند عقد الزواج، ومهر مؤجّل تَستحقه الزوجة عند وفاة الزوج أو بوقوع الطلاق بين الزوجين.
  • حقوق مالية متجدّدة: وهي الحقوق التي يجب أداؤها بشكلٍ دائم، فللزوجة الحق على زوجها بأن يُؤمّن لها كل ما يكفيها وما تحتاجه من النفقة فيما يتعلق بالمَسكن، والمَأكل، والمَشرب، والمَلبس ما يَسترها ويَكفيها في الصيف وفي الشتاء، والتداوي والعلاج، بالإضافة إلى نفقاتها الخاصّة الأخرى؛ وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)،[٤] ولقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ).[٥]

حقوق الزوجة المعنوية

يجبُ للزوجة على زوجها إضافة إلى حقوقها الماليّة حقوق معنويّة، وقد تكون الحقوق المعنويّة بالنسبة للمرأة أهمّ من أيّ شيءٍ آخر، ويُعتبر تحصيل الحقوق المعنوية لكلٍ من الزوجين هدف عقد الزواج، وتتمثّل هذه الحقوق في الآتي:

  • حُسن المعاشرة: فإنّ أوّل الحقوق وأول ما يلزم على الزوج أن يؤديه لزوجته بمجرد العقد إكرامها وحسن معاملتها بالمعروف، فيَجب عليه أن يُحسن معاشرة زوجته، بما يُؤدي إلى التآلف والمَودّة والرحمة بينهما، كما يجب على الزوج أن يتحمّل كل ما يَصدر عن الزوجة من أخطاء وأن يَصبر عليها، لقول الله سبحانه وتعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)،[٦] ومن مظاهر النُّضج واكتمال الرجولة وصدق الإيمان وقوته أن يكون المسلم مُتسامحاً مع أهله، وأقرب الناس إليه زوجته، وأهل بيته، رُوي عن الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم)،[٧]

وإكرام المرأة يدل على الإيمان، وذلك لما جاء عن عمرو بن الأحوص -رضي الله عنه- أنّه: (شَهِدَ حجَّةَ الوَداعِ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فحَمدَ اللَّهَ وأَثنى علَيهِ وذَكَّرَ ووعظَ ثمَّ قالَ استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا فإنَّهنَّ عندَكُم عَوانٍ ليسَ تملِكونَ منهنَّ شيئًا غيرَ ذلِكَ إلَّا أن يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ فإن فَعلنَ فاهجُروهنَّ في المضاجِعِ واضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مبرِّحٍ فإن أطعنَكُم فلا تَبغوا عليهنَّ سبيلًا إنَّ لَكُم مِن نسائِكُم حقًّا ولنسائِكُم عليكُم حقًّا فأمَّا حقُّكم على نسائِكُم فلا يُوطِئْنَ فرُشَكُم من تَكْرَهونَ ولا يأذَنَّ في بيوتِكُم لمن تَكْرَهونَ ألا وحقُّهنَّ عليكم أن تُحسِنوا إليهنَّ في كسوتِهِنَّ وطعامِهِنَّ)،[٨] فيجب إكرام النساء ومعاملتهن بالحسنى.[٩]
  • إعفاف الزوجة بالجماع؛ فهو حقٌ للمرأة وتحقيقٌ لمصلحتها في النكاح، وحفظاً لها ولدينها وعرضها من الفتنة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (وفي بِضعِ أحدِكمْ صَدقَةٌ، قالوا يا رسولَ اللَّهِ يأتي أحدُنا شهوتَهُ ويكونُ له فيها أجرٌ؟ قال أرأيتُمْ لو وضعها في حرامٍ أكان يكونُ عليه وِزْرٌ؟ قالوا: نعمْ، قال فكذلِكَ إذا وضعها في الحلالِ يكونُ لهُ أجرٌ)،[١٠] والمقصود بذلك الجماع.[٢]
  • معاملتها وفق ما أمر الله تبارك وتعالى، فلا يَأمرها بمُحرَّم، ولا يأتيها إلا وفق شرع الله فلا يأتيها من الدبر، ولا يُجامعها في الحيض.[١١]
  • رعايتها ورعاية شؤونها، فلا يجعلها تحتاج لغيره من الناس، ويلتزم بكلّ ما يجب عليه من واجبات لضمان الاستقرار والسكينة والاستمرار في الحياة الزوجية بما يُرضي الله.[١٢]
  • السعي لإصلاحها إن رأى منها تقصيراً أو تجاوزاً، فيُعينها على الطاعة ويوجّهها إن عَصَت أو تَجاوزت.[١٣]

من حقوق الزوج على زوجته

لقد ذكرت السنّة النبويّة الشريفة حقوق الزوجين ووضَّحتها، وبيّنتها في الكثير من الروايات والأحاديث النبوية الشريفة، ومنها حديث عن حقوق الزوج على زوجته رواه عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما قال: (جاءتِ امرأةٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالت: يا رسولَ اللهِ! ما حقُّ الزوجِ على زوجتِه؟ قال: أن لا تمنعَ نفسَها منه ولو على قَتَبٍ، فإذا فعلتْ كان عليها إثمٌ، ثم قالت: ما حقُّ الزوجِ على زوجتِه؟ قال: أن لا تُعطِيَ شيئًا من بيتِه إلا بإذنِه).[١٤]

المراجع

  1. سورة الروم، آية: 21.
  2. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين (1424هـ)، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 304-305. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية: 4.
  4. سورة البقرة، آية: 233.
  5. سورة النساء، آية: 34.
  6. سورة النساء، آية: 19.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1162، حسن صحيح.
  8. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن عمرو بن الأحوص، الصفحة أو الرقم: 1513، حسن.
  9. سيد سابق (1977)، فقه السنة (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 185-186، جزء 2. بتصرّف.
  10. رواه ابن القيم، في إعلام الموقعين، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1/181، صحيح.
  11. وهبة مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، بيروت: دار الفكر، صفحة 6846، جزء 9. بتصرّف.
  12. فقه الأسرة، أحمد علي طه ريان، صفحة 179.
  13. فقه النكاح والفرائض، محمد عبد اللطيف قنديل، صفحة 57.
  14. رواه البيهقي، في السنن الكبرى، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 7/292.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى