محتويات
العمرة
شُرعت العمرةُ كعِبادةٍ روحيّةٍ ينتقل بها المسلم من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، فيَتّصلُ بخالِقه مُباشرةً، وهي تؤدّى في أيّ وقتٍ من أوقات السنة ما، فإذا نوى المسلم العمرة وانتقل إليها لزمه القيام بأعمالٍ وأمور مخصوصة، وتختلف هذه الأعمال في أهميّتها ولزومها للمسلم. للعُمرة مجموعةٌ من الأركان والواجبات والشروط والسُنن التي ينبغي الإتيانُ بها سيتم الحديث عنها.
معنى العمرة
- العَمرة في اللغة: جمعها عَمَرات وعَمْرات، وتعني العَمرة كلُّ شيءٍ يوضع على الرأس كالعِمامة والقلنسوة وما شابههما، وتعني العَمْرةُ كذلك: جميع ما يفصل ببن حَبَّات العِقد، والعُمرة: بضم العين تُجمع على عُمُرات وعُمْرات وعُمَر، وهي نُسُكٌ يؤدّى كالحج إلا أنه لا يوجد فيه وقوفٌ بعرفة، وليس له وقتٌ مَخصوصٌ كالحج، والعُمْرةُ كذلك تعني: أَن يدخُل الرجلُ على امرأَتَه في بيتِ أَهلِها، وهي تعني كذلك القَصْدُ إِلَى مَكَانٍ عَامِر.[١]
- العمرة اصطلاحاً: هي (زيارة بيت الله الحرام على وَجْهٍ مخصوص، وهو النُّسك المَعروف المتركِّب من الإحرام والتلبية، والطَّواف بالبيت، والسَّعي بين الصفا والمروة، والحلْق أو التقصير).[٢]
أركان العمرة
اختلَفَ الفُقهاء في أركان العمرة على ثلاثة أقوال، فبينما اعتبَرَ بعضُ الفُقهاء أركاناً ألغاها آخرون واعتبروها شروطاً من شُروط العُمرة أو واجباتٍ لها، وأضاف آخرون شروطاً لم يشترطها غيرهم من الفقهاء، وفي الآتي بيانُ أركان العمرة المُتّفق والمُختلف فيها عندَ الفُقَهاء:[٣][٤]
- الإحرام: يَكون الإحرام من الميقاتِ المكاني الذي حدّدهُ المُصطفى – صلى الله عليه وسلم – وذلك لمَن مرَّ بذلك الميقات أو مرَّ بمُحاذاته، وقد ذهب إلى ركنيّة الإحرام فُقهاء المالكية والشافعية والحنابلة، في حين يرى فقهاء الحنفية أنّ الإحرام شرطٌ من شروطِ العمرة لا رُكناً من أركانها.
- الطواف في الكعبة المشرّفة سبعة أشواطٍ تامة: يَكون ابتداءُ الطّواف من الحجر الأسود والانتهاء به في كُلّ شوط، وهو رُكنٌ باتّفاق الفُقهاء الأربعة أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وهو الركن الوَحيد عند الحنفيّة فَلم يَعتبروا غيره أركاناً للعمرة، فمن اعتمر ولم يطُف لم تُقبَل عمرته، وذلك لقولِ الله سبحانه وتعالى في سورة الحج: (وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ)،[٥] إلّا أنّ الحنفيّة اعتبروا أنَّ ركن الطواف مُعظمه لا جميعه، فإن طاف المُعتمر أربعة أشواطٍ أجزأ ذلك وقُبلت عُمرته، والتمام سبعة أشواط.
- السعي بين الصفا والمروة: ذلك بأن يَسعى المُعتمر سبعة اشواط ابتداءً من الصّفا وانتهاءً بالمروة، وقد اتّفق الفُقهاء كذلك على ركنيّة السعي، وأنّ من اعتمر ولم يسعَ لم تُقبل عمرته، باستثناء الحنفيّة الذين اعتبروا السعي واجباً من واجباتِ العُمرة لا ركناً من أركانها، ومن المَعلوم أنّ الحنفية يُفرّقونَ بين الرُّكن والواجبِ من حيث القوة.
- الحلق أو التقصير: تَفرَّد الشافعيّةُ في ركنيّة الحلق، وخالفهم بقيّة الفُقهاء فلم يَعتبروه رُكناً.
واجبات العمرة
إنَّ للعمرة واجباتٍ اتفق الفقهاء على وجوبها لا رُكنيتها، فإذا فُقد أحد هذه الواجبات من المعتمر لزمه ذبح الهدي، وهي على النحو الآتي:[٦]
- الإحرام: وذلك عند من لم يَقل بركنيّته وهم الحنفية فقط، ويكون الإحرام من الميقات المكاني بين مكة والمدينة التي يقدم منها المعتمر.
- التجرّد من كل مخيط بالنسبة للرجال فقط، أما النساء فيُشرع لهن لبس أي شيءٍ يكون متصفاً بصفات الحجاب الشرعي.
- الحلق أو التقصير عند غير الشافعية؛ حيث اعتبر الشافعيّة الحلق من أركان العمرة كما سَبَق بيانه.
مستحبّات العمرة وآدابها
يُستحبُّ للمعتمر أن يقوم ببعضِ الأعمالِ إذا ما أحرم بالعمرة وعمدَ إليها، ومن تلك الأعمال والآداب المُستحبّة والمَندوبة الآتي:[٦]
- حلق شعر العانة وتَقليم الأظافر: إنّ مِن المُستحب للمُعتمر أن يحلقَ العانة ويُقلِّم أظافره جَلباً للنَّظافة ودفعاً للعَدوى والأمراض.
- الاغتسال: إذا ما أراد المُعتمر الإحرام بالعمرة من الميقات فإنه يُستحبّ له قبل ذلك أن يَغتسل لإزالة ما علقَ بجسده من آثار السفر وغبار الطريق، ولكي يَستقبل الكعبةَ نَظيفاً طاهراً، وليكون ذلك أدعى لانتشارِ الرّائحة الحَسنة بين المُعتمرين.
- التطيُّب: إنّ ذلك كما أشيرَ أدعى لإظهار النظافة والاهتمام بالنفس، ولكي لا يَنفر المُعتمرونَ من الروائح السيّئة الناتجة عن العرق وغيره.
- التلبية ورفع الصوت بها للرّجال دون النساء: بعد أن يُحرم المعتمر وينطلق إلى مكّة يُسنُّ له أن يشرع بالتلبية قائلاً: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).
- الاشتراط: إنّ من السُنّة للمُعتَمر أن يشترط في نيَّة الإحرام أنّه إذا صَدفه شَيءٌ أو حَبسه مانعٌ عن أداء العمرة وإتمامها أو الإحرام بها فإنه سيُحرم من ذلك الموضع ويَستأنف عمرته، فيقول: (اللهمّ إن حبسني حابس فمحِلي حيث حبستني).
- يَتلفّظُ المُعتمر بالنيّة قائلاً: (لبّيك اللهمّ عُمرة).
- يُستحبّ للمُعتمر تقبيل الحجر الأسود والتزامه إن أمكنه ذلك، فإن لم يَستطع بسبب الزِّحام أشار إليه إذا وَصَل بمُحاذاته.
- الاضطباع بالنِّسبة للرّجل في الطواف، ويَكونُ بأن يُبرز الرجل كتفه الأيمن ويُغطّي الأيسر.
- الرمل: يَعني الإسراع في المشي في الطواف في الأشواط الثلاثة الأولى، وذلك للرّجال دون النساء.
- الإكثار من الذّكر والدعاء في الطّواف والسعي.
- صلاة ركعتين بعد الانتهاء من الطواف.
- الصعود على جبل الصفا وقول: (نبدأ بما بدأ الله به).
- الهرولة بين العلمين في المسعى، وهما مُميّزان باللون الأخضر.
حكم العمرة
اختلَفَ الفُقهاء في حُكمِ العُمرةِ على عِدّة آراء؛ فمِنهم من يَرى أنّها واجبة، ومنهم من قال إنّها سُنّةٌ مؤكّدةٌ لا واجبة، وفيما يلي بيان ما ذهب إليه الفقهاء والأدلّة التي استند إليها كلّ فريقٍ:[٢][٧]
- يَرى عُلماء الحَنفيّة والمالكية في الراجح عندهم أنّ العُمرة تُعتبر سنّة مؤكدة ولا تجب على المسلم، وينبغي على المسلم أداؤها مرةً واحدةً في العمر على الأقل، وقد استدلّ أصحاب هذا القول على قولهم بما يرويه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ( أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئلَ عنِ العمرةِ أواجبةٌ هيَ؟ قال: لا، وأنْ تَعتمِروا هوَ أفضلُ)[٨]
- يرى فقهاء الحنفية في قولٍ عندهم أنّ العُمرة واجبةٌ على كلِّ مسلمٍ مرّةً واحدةً في العمر، فينبغي على المُسلم القيام بها مرّةً واحدةً في العمر عندهم على سبيل الوجوب، ومن المعلوم أنّ الواجب عند الحنفية أدنى درجةً من الفرض وأعلى من السنة من حيث المَكانة والأهميّة.
- يرى عُلماء الشافعية والحنابلة أنّ العمرة فرض عينٍ على كلّ مُسلمٍ مُكلَّفٍ مرّةً واحدةً في حياته، وقد استدلّوا على ما ذهبوا إليه بقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)،[٩] وكذلك بما رُوي عن أمّ المُؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت: (يا رسولَ اللَّهِ على النِّساءِ جهادٌ؟ قالَ: نعَم، عليهِنَّ جِهادٌ، لا قتالَ فيهِ: الحَجُّ والعُمرةُ)[١٠]
المراجع
- ↑ “تعريف ومعنى عمرة”، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الله بن صالح القصيّر (25-10-2011)، “تعريف العمرة وحكمها”، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2017.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة ، صفحة 318، جزء 30. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 616، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 29.
- ^ أ ب “العمرة، وأركانها، وواجباتها، ومستحباتها”، إسلام ويب، 14-9-2002، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2017.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة ، صفحة 314-315، جزء 30. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 931، حسن صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 196.
- ↑ رواه ابن حجر، في بلوغ المرام، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 198، إسناده صحيح.