محتويات
تاريخ غسل الأموال
في الماضي اهتمّ العديد من الأشخاص الذين يحصلون على مبالغ ماليّة بطُرقٍ غير شرعيّة بالبحث عن الوسائل التي تُساعدهم على إخفاء نتائج هذه الجرائم، وتحويل مصادرها إلى طُرقٍ شرعيّة، وظهرت هذه الظاهرة في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، وارتبطت مع جرائم تجارة المُخدرات التي حرصت عصاباتها على استخدام الأموال الناتجة عن هذه النشاطات في تنفيذ عمليات شراء مشروعة؛ بهدف إخفاء المصدر الأساسيّ لهذا المال.[١]
ما هو غسل الأموال
لا يوجد اتفاق على تعريف غسل الأموال؛ ممّا أدّى إلى تنوع المفاهيم الخاصة به، ومن الممكن تعريف غسل الأموال بأنّه استخدام مال غير مشروع عن طريق استثماره في عمليات تجاريّة مشروعة، كما يُعرَّف غسل الأموال بأنّه إخفاء الحقيقة المتعلقة بالأموال، أو طريقة الحصول عليها، أو الحركات الماليّة الخاصة بها؛ حيث يتمّ الحصول على هذه الأموال عن طريق ارتكاب جريمة أو مجموعة من الجرائم. من التعريفات الأُخرى لغسل الأموال هو نقل أو تحويل المال المُستمد من الجرائم؛ من أجل مساعدة الأشخاص المتورطين في هذه الجرائم على الإفلات من القانون.[٢]
يعود انتشار مصطلح غسل الأموال بشكلٍ كبيرٍ إلى الولايات المُتّحدة الأمريكيّة مع ظهور المُؤسّسات المُرتبطة مع هذا النوع من الجرائم؛ حيث اهتمّت هذه المُؤسّسات بالعمليات النقديّة المعتمدة على مزج المال غير المشروع مع المال المشروع؛ ممّا يؤدي إلى تحويله لأموال مغسولة؛ أي ذات مصدر مشروع، ولم تظلّ هذه الجريمة منتشرةً في أمريكا فقط بل شهدت انتشاراً كبيراً أثناء الحرب العالميّة الثانيّة؛ وخصوصاً عندما وافقت المصارف في سويسرا على عمليات الإيداع الخاصة بالأموال الألمانيّة والإيطاليّة، وكانت هذه الأموال تعود للمصارف المركزيّة الأوروبيّة التي احتلّتها كلٌّ من إيطاليا وألمانيا خلال الحرب.[١]
مراحل غسل الأموال
توجد مجموعة من المراحل تعتمد عليها جريمة غسل الأموال؛ من أجل تنفيذ العمل الإجراميّ، وفيما يأتي معلومات عن هذه المراحل:[٣]
- مرحلة الإيداع: هي إيداع الأموال الضخمة عن طريق توزيعها على مبالغ ماليّة صغيرة؛ من أجل منع الشكوك التي تدور حولها، أو من الممكن إيداعها باستخدام البطاقات الائتمانيّة؛ ممّا يُساعد على سهولة صرفها وتحويلها إلى نقود، أو تهريبها خارج الدولة التي أودعت في مصارفها، وتُعدّ هذه المرحلة من المراحل الخطيرة؛ حيث من السهولة اكتشافها.
- مرحلة الإخفاء: هي فصل الأموال غير الشرعيّة عن مصدر الحصول عليها؛ عن طريق الاعتماد على مجموعة من العمليات، مثل نقل الأموال إلى مصارف خارجيّة بهدف مُشاركتها، أو تغيير عُملتها الأصليّة إلى عُملةٍ أُخرى، أو استخدام التحويلات الإلكترونيّة لنقلها بين الحسابات.
- مرحلة الخلط والاندماج: هي حصول الأموال المغسولة على صفةٍ قانونيّةٍ؛ عن طريق استخدام مجموعة من الطُرق كالاحتيال، وخلال هذه المرحلة يتمكن المجرمون من تحقيق هدفهم من هذه الجريمة؛ وهو تحويل الأموال ذات المصادر غير الشرعيّة إلى أموال شرعيّة وقانونيّة.
طُرق غسل الأموال
تختلف الطُرق المستخدمة في غسل الأموال وفقاً لطبيعة المال الذي يجب غسله، وفيما يأتي معلومات عن أهمّ هذه الطُرق:[٣]
- شراء مجموعة من الأصول، مثل السيارات، والعقارات، والطائرات، وتسجيلها بأسماء مجموعة من الأشخاص كالأقارب أو الأصدقاء.
- الاستفادة من الشركات السياحيّة؛ عن طريق استخدام الأموال غير المغسولة في شراء تذاكر السفر.
- استخدام هذه الأموال في شراء الأسهم والمشاركة في السوق الماليّ.
- إنشاء مُنشآت وهميّة؛ عن طريق استخدام مجموعة وسائل كالاحتيال على البنوك من خلال الحصول على قروضٍ منها، ومن ثمّ خلط هذه الأموال مع أموال البنوك.
أسباب انتشار غسل الأموال
اعتمد انتشار جريمة غسل الأموال على عدّة أسباب من أهمّها:[٤]
- انتشار الانفتاح الاقتصاديّ والعولمة في دول العالم، وتسارع التطور التقنيّ في كافة مجالات الاتصال، والأنظمة المصرفيّة، والتجارة الإلكترونيّة.
- اختلاف التشريعات الرقابيّة بين دول العالم؛ ممّا أدّى إلى ظهور ثغرات تساعد على نجاح جرائم غسل الأموال، كما أنّ بعض الدول لم تهتمّ بإعداد قوانين لمكافحة هذه الجريمة.
- استخدام بعض البنوك أنواعاً سريةً من القوانين المصرفيّة؛ بهدف توفير الحماية لأسرار العملاء الماليّة، كما لا تُوفر أي معلومات عن الحسابات المصرفيّة؛ من أجل استقطاب المزيد من الأموال لدعم الاستثمار الماليّ، مع عدم الاهتمام بمصدر هذه الأموال.
- ظهور منافسة بين البنوك بهدف جذب المال والحصول على العملاء؛ من أجل رفع نسب أرباحها دون الاهتمام بالمصادر الخاصة بالأموال التي تحصل عليها.
- عدم وجود أي جدّيّة عند بعض الدول لمعالجة جريمة غسل الأموال؛ بسبب عدم اهتمامها بالإجراءات المناسبة للحدّ من هذه الجريمة، أو بهدف الحصول على مزيدٍ من الاستثمارات الماليّة.
الآثار السلبيّة لغسل الأموال
تؤدي جريمة غسل الأموال إلى التأثير سلبيّاً على المجتمع والأنظمة الاقتصاديّة، ومن الممكن تلخيص هذا التأثير وفقاً للآتي:[٥]
- دعم انتشار مجموعة من الجرائم، مثل الفساد السياسيّ وتجارة المُخدرات؛ بسبب ضمان عودة الأموال الناتجة عن هذه الجرائم للمُجرمين.
- تأثُّر الاقتصاد بشكلٍ سلبيّ؛ نتيجةً لغياب عناصر المُنافسة والربح في السوق، واستبدالهما بالجرائم الناتجة عن غسل الأموال.
- تأثُّر السوق المحليّ للدول؛ ممّا يؤدي إلى ظهور فجوةٍ واضحةٍ بين كلٍّ من الاستثمار والادّخار؛ وتحديداً عندما تُغسل الأموال باستخدام طُرقٍ تتخلصُ من المال غير المشروع بتصديره إلى الخارج؛ ممّا يؤدي إلى ارتفاع مُعدّل التهريب الذي ينتج عنه عجز داخل ميزان المدفوعات، وتأثيرات سلبيّة على كلٍّ من أسعار الفوائد وصرف العُملات.
- ظهور صورة مُشوهة للشركات والمُؤسّسات المحليّة؛ نتيجةً لإنشاء شركات وهميّة لا تعتمد على تنفيذ أي نشاطات حقيقيّة، بل تسعى إلى إخفاء نشاطات غير مشروعة.
- ضعف المُنافسة الشريفة؛ حيث يُغادر التُّجار الأسواق نتيجةً لخسارتهم، وينتج عن ذلك مجموعة من المُشكلات الماليّة، مثل غياب القُدرة على سداد القروض التابعة للمصارف.
المراجع
- ^ أ ب حامد عبد الرحمن (2012)، جريمة غسل الأموال وسبل مكافحتها، البحرين: الأكاديمية الملكية للشرطة، صفحة 3، 4. بتصرّف.
- ↑ صقر المطيري (2004)، جريمة غسل الأموال، السعودية: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، صفحة 11، 12. بتصرّف.
- ^ أ ب د. عبد الله العتيبي (2009)، جريمة غسل الأموال وعلاقتها بالجرائم الحديثة، السعودية: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، صفحة 4، 5، 6. بتصرّف.
- ↑ رنا العاجز (2008)، دور المصارف في الرقابة على عمليات غسيل الأموال (دراسة)، غزة – فلسطين: الجامعة الإسلامية، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ هشام تيناوي (2006)، المخدرات والعولمة (ندوة علمية)، المملكة العربية السعودية: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، صفحة 16، 17. بتصرّف.