مفاهيم عامة

جديد ما هو الحب العذري

الحب العُذري

الحب العذري هو الحب العفيف الطاهر الذي تغنّى به الشعراء العذريون، ونظموا فيه قصائدهم الغزليّة؛ فيما يسمى بالغزل العُذري، ويسمى أيضاً بالغزل البدوي؛ وهو من فنون الغزل والشكل الفني للحب العُذري الذي يعبر فيه الشاعر عن معاناته في الحبّ وآلام البعد عن الحبيبة والحرمان منها، وتسود فيه العواطف الصادقة، والوفيّة تجاه المحبوبة، وينأى الشاعر فيه عن وصف جمال محبوبته، وذكر محاسنها الجسديّة فهو يُعنى بالدرجة الأولى بجاذبيتها، وجمال نظرتها، وإبراز مشاعره اتجاهها.[١]

يُنسب شعر الحب العُذري إلى قبيلة عُذرة حيث اشتهروا به، ثم انتقل وانتشر بعد ذلك بين القبائل الأخرى، ومنها قبيلة بني عامر، وكانت بداية نشأته في أواخر العصر الجاهلي، حيث كانت بعض القبائل تنعم بالغنى والترف، وعند ظهور الإسلام ودخول الكثير من الناس فيه قلّ هذا النوع من الغزل؛ بسبب توغّل التقوى في النفوس، لكنّه عاد وازدهر، وبلغت ذروته في العصر الأموي؛ وكان الحياة مليئة باللهو والغنى والرفاهية، التي كانت سائدة في ذلك الوقت مما عاد بالأثر الأكبر في هذا الازدهار.[٢]

سبب تسمية الحب العُذري

عُرف الغزل العُذري الذي يمثل الحب العُذري في بني عُذرة، ونسب إليهم وارتبط اسمه بهم، حيث سكنت هذه القبيلة في اليمن وتفرّق أفرادها بعد ذلك في البلاد الإسلاميّة ومنها الأندلس، واشتهرت بكثرة عُشّاقها الذين اتصفوا بالعفّة والفصاحة في الحبّ، ونظموا القصائد الغزليّة الرقيقة فيه، ويعود السبب إلى ارتباط هذا النوع من الغزل بقبيلة عُذرة دون غيرها من القبائل العربية؛ لشهرتها بجمال النساء، وعفّة الرجال، ووجود البيئة الملائمة لبروز مثل هذا الغزل، إضافةً إلى انحدار الشاعر المخضرم عروة بن حزام من هذه القبيلة الذي يعتبر من أوائل الشعراء العذريين البارزين، والغزل العذري تسّمية حديثّة، فقد أطلقها النقاد المُحدّثون على هذا اللون من الحب الذي مثّله هذا الغزل، واشتهر بصدقه وعفته ونزاهته، أما في العصر القديم فلم يرد مصطلح الغزل االعذري عند الشعراء.[٣]

خصائص الحب العُذري

تميّز شعر الغزل العذري بخصائص متنوعة، ميّزته عن غيره من الفنون الأدبيّة، ومنها:[١]

  • الاكتفاء بمحبوبةٍ واحدة: التزام الشاعر العُذري بمحبوبةٍ واحدةٍ دون الالتفات إلى غيرها، وتكريس الشعر للتغزّل بها، والتعبير عن مشاعر الصدق والوفاء والأخلاص اتجاهها، وبقاء القلب متيّماً وفيّاً لها، حتى بعد زواجها وابتعادها عنه.
  • وحدة الموضوع: فأغلب القصائد العذرية تبدأ بمقدمة غزليّة بالمحبوبة، ووصف لعواطف الشاعر اتجاهها بعباراتٍ متناسقةٍ واسلوبٍ تعبيريٍ جميلٍ، ويليها في الغالب موضوع البكاء على الأطلال، والحزن على فراق ورحيل المحبوبة.
  • العِفّة والطهارة: العفة التي اتصف بها الشعر العذري جعلته لا يحفل بجسد المحبوبة، وتوصيف محاسنها في الشعر، فالغاية الأسمى في الحب وهي الشهوة الروحية التي كانت تسمو فوق الشهوة الجسديّة.
  • الحزن والتشاؤم: سيطرت النزعة التشاؤمية على الشعر العذري في وصفه لأحزان الشاعر وآلامه عند رحيل محبوبته عنه، فكان يُمضي أيامه بعدها بالترّحال، ونظم الأشعار الحزينة، والبكاء على الأطلال.

أشهر شعراء الحبّ العُذري

جميل بثينة

هو جميل بن معمر العُذري، ويكنى بأبي عمرو وهو من قبيلة عُذرة وأبرز شعراء العصر الأموي؛ كان شاعراً وفصيحاً ومن عُشاق العرب المعروفين؛ أحبّ بثينة وهي من فتيات عشيرته، وهام بها عشقاً منذ الصغر، وقال فيها الشعر، حيث طلب من أبيها تزويجه إياها ولكنّه رفض؛ خوفاً من الفضيحة؛ حيث كان من العار عند العرب في ذلك الزمان تزويج بناتهم لمَنْ وقع في حُبهن، وزوجها من رجلٍ آخر، ولكن هذا لم يمنع جميل من نظم الشعر فيها وملاقاتها.[٤]

قيس بن الملوح

سُمي بمجنون ليلى؛ وهي ابنة عمه التي نشآ وتربيا معاً في بيئةٍ واحدةٍ؛ وهي بيئة نجد حيث كانا يرعيان المواشى فأحبّها قيس وهام بها، وعندما طلبها للزواج رفض والدها، وهذا الرفض كان أمراً طبيعياً باعتباره عادة من عادات العرب الجاهليّة، وقيل إنّ سبب هذا الرفض يكمن في وقوع خلافاتٍ بين والديهما بسبب الميراث، وصادف في تلك الفترة أنّ رجلاً غنياً من ثقيف تقدّم لخطبة ليلى فوافق والدها، وأجبرها على الزواج به، وما لبثت أن انتقلت معه إلى مدينة الطائف بعيدة عن قيس، وعندما علم قيس بذلك لم يحتمل حدوث ذلك؛ ففقد عقله وهام على وجهه في صحاري الشام ونجد والحجاز يقول الشعر في ليلى ويتغنى بحبّه لها، ومن بعد ذلك لُقب بمجنون ليلى.[٥]

قيس بن ذريح

هو من قبيلة كنانة، وهو أخّ الإمام الحسين بن علي بالرضاعة، ويعد من أشهر العشاق العرب؛ عُرف بحبّه للبنى الكعبيّة، ولُقب باسمها وهي أيضاً أحبته، وعندما علم والدها بذلك منع زواجهما حتى توسّط الإمام الحسين لديه فقبل بالأمر، وتزوجا إلا أنّهما لم يرزقا بالأبناء فأرغم ذريح ابنه قيساً على تطليقها مما أثّر فيه وجعله يفقد صوابه، واستمر عذاب العاشقين إلى أن توفيت لبنى ولحق بها قيس بعد فترة وجيزة ودفن بجانبها.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب سارة عبابسة (2014-2015)، بیئات الغزل في العصر الأموي – دراسة موازنة – بین القصیدة البدویة والقصیدة الحضریة، الجزائر: جامعة العربي بن مھیدي -أم البواقي- ، صفحة 64، 66، 67. بتصرّف.
  2. بشرى هيثم طه، اتجاهات الغزل العربي في العصر الجاهلي – البعد الجمالي والخصائص –، الجمهورية السورية: المركز الوطني للمتميزين، صفحة 7. بتصرّف.
  3. كريم الربيعي (2012)، الغزل العذري حتى نهاية العصر الأموي أصوله وبواعته وبنيته الفنية ، العراق: جامعة البصرة، صفحة 3-4. بتصرّف.
  4. فالح الكيلاني (2013)، موسوعة شعراء العربية – شعراء العصر الأموي، صفحة 238-239، الجزء الأول/ الثاني . بتصرّف.
  5. فالح الكيلاني (2013)، موسوعة شعراء العربية – شعراء العصر الأموي، صفحة 459-460، الجزء الأول/ الثاني . بتصرّف.
  6. قيس بن ذريح، صفحة 2. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى