الصلاة
ينبني الإسلام على أمورٍ عدّةٍ، ومن أهم هذه الأمور وأعظمها: الصلاة؛ حيث إنّها عمود الدين، والركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، كما أنّها تميز بين المؤمن والكافر، فهي الحدّ الفاصل بين الكفر والإيمان، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (بينَ العبدِ وبينَ الكُفرِ تركُ الصَّلاةِ)،[١] وروي عن الصحابي عبد الله بن مسعود أنّ الصلاة تعدّ من آخر الأمور التي تُفقد من مظاهر الدين، فالله تعالى أمر بالمحافظة على أداء الصلوات في الأوقات المشروعة لها، حيث قال في القرآن الكريم: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)،[٢] وفي المقابل نهى الله تعالى عن تضييع الصلاة وتفويت أدائها في وقتها، ودليل ذلك قوله عزّ وجلّ: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)،[٣] والمقصود بلفظ “ساهون” في الآية السابقة: هم الذين يؤخّرونها عن وقتها المحدد لها، ولكي يصل المؤمن إلى الخشوع في الصلاة مع أدائها في وقتها؛ لا بدّ له أن يؤديها جماعةً مع المسلمين، فبها يحصل المسلم على حياة القلب، ويتحقّق الوصل بينه وبين خالقه، وينال السعادة في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة.[٤]
التشهّد في الصلاة
التشهّد اسمٌ ويقصد فيه قول التحيّات والصلوات التي تكون في الصلاة والتي تصدر من المصلّي؛ أي قول: أشهد ألّا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، والمراد بالتشهّدين؛ أيّ التشهّد الأول والثاني في الصلاة التي تزيد عن ركعتين،[٥] ووردت عدّة صيغٍ للتشهّد والصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الصلاة، والأفضل للمسلم أن يتحرّى ويجتهد في الإتيان بجميع الصيغ المرويّة عن النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فمرّةً يقول صيغةً ما، ومرةً أخرى يقول صيغةً مختلفةً عن المرّة الأولى؛ ليصل إلى تمام السنّة الواردة، ولكن إن كان ذلك شاقّاً عليه فلا حرج في أن يقتصر على بعض الصيغ المرويّة، حيث ورد أنّ عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يتشهّد بقول: (التَّحيَّاتُ للهِ والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ السَّلامُ عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحينَ أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه)،[٦] كما أنّه قد وردت عدّة صيغٍ للصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه، حيث قال: (اللهمَّ، صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيْتَ على آلِ إبراهيمَ، وبارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما بارَكْتَ على آلِ إبراهيمَ ، في العالمين إنك حميدٌ مجيدٌ)،[٧][٨] غير أنّ الصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لا تكون في الجلوس الأول للصلاة الثلاثيّة والرباعيّة، وإن أدّاها المصلّي فلا بأس ولا حرج في ذلك، حيث إنّها مشروعةٌ ومستحبّةٌ.[٩]
أركان الصلاة وواجباتها وسننها ومكروهاتها
بيّن العلماء أنّ الصلاة تتألف من أركانٍ وواجباتٍ وسننٍ، وفيما يأتي بيانها بشكلٍ مفصّلٍ.
- أركان الصلاة: يعرّف العلماء الركن؛ بأنّه الفعل الذي إن تركه المصلّي وجب عليه القيام أو الإتيان به إن ذكره، ثمّ عليه أن يسجد سجود السهو، والأركان هي:[١٠]
- النيّة للصلاة.
- تكبيرة الإحرام.
- القيام في صلاة الفريضة.
- قراءة سورة الفاتحة في كلّ ركعةٍ من ركعات الصلاة.
- الركوع والقيام منه.
- السجود، والجلوس بين السجدتين.
- الطمأنينة في أفعال الصلاة.
- التشهد الأخير مع الجلوس له، والصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد التشهّد.
- التسليم من الصلاة.
- الترتيب بين الأركان.
- واجبات الصلاة: ذهب كلٌّ من الحنفيّة والحنابلة إلى القول بأنّ أفعال الصلاة من غير الأركان تنقسم إلى؛ واجباتٍ وسننٍ، والواجب لا يأتي المصلّي به إن تجاوز محلّه دون أن يقوم به، ولكنّه يجبره بسجود سهو، وواجبات الصلاة هي:[١٠]
- التكبير في محلّه عند الانتقال بين أفعال الصلاة، ويكون التكبير بين بداية الانتقال ونهايته.
- قول الإمام أو المنفرد في صلاته: (سمع الله لمن حمده) عند الرفع من الركوع.
- قول الإمام أو المأموم أو المنفرد في صلاته: (ربنا لك الحمد)، وذلك بعد الرفع من الركوع.
- تسبيح الله تعالى في الركوع، وذلك بقول: سبحان ربيّ العظيم.
- التسبيح في السجود وذلك بقول: سبحان ربيّ الأعلى.
- قول المصلّي: (ربي اغفر لي) عند الجلوس بين السجدتين.
- الجلوس للتشهد الأول وأداؤه.
- سنن الصلاة: وهي متعدّدةٌ، ومنها:[١٠]
- رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع أو الرفع منه، ورفعهما كذلك عند القيام للركعة الثالثة.
- وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى أثناء القيام في الصلاة.
- قول المصلّي دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام.
- الاستعاذة بعد أداء تكبيرة الإحرام.
- قراءة ما تيسّر من آيات القرآن الكريم بعد سورة الفاتحة في أول ركعتين إن كانت الصلاة ثلاث ركعات أو أربع.
- تأمين الإمام أو المأموم أو المنفرد بعد الانتهاء من قراءة سورة الفاتحة، ويكون التأمين جهراً إن كانت الصلاة جهريّةً وسرّاً إن كانت الصلاة سرّيّةً.
- الزيادة في التسبيح أكثر من مرّةٍ واحدةٍ في الركوع والسجود.
- مكروهات الصلاة: بيّن العلماء مكروهات الصلاة التي قد يقع بها المصلّي، منها:[١٠]
- تغطية الفم بثوبٍ أو بأيّ شيءٍ آخر.
- التشبّه بالكفّار؛ وذلك بوضع اليدين على الخاصرة، أو بشدّ وسط الجسم وغير ذلك من الأفعال التي يتحقّق بها التشبّه بالكفار.
- إلصاق البطن بالفخذين عند السجود.
- التشبّه بالحيوانات، مثل: إلصاق الذراعين بالأرض حال السجود بحيث تصبح الجلسة مثل انبساط الكلب عندما يجلس.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 890، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 238.
- ↑ سورة الماعون، آية: 4-5.
- ↑ “خطبة عن الصلاة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-8-2018. بتصرّف.
- ↑ “تعريف ومعنى التشهد في الصلاة”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-8-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1948، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 405، صحيح.
- ↑ “صيغ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 22-8-2018. بتصرّف.
- ↑ “صيغة التشهد في الصلاة”، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 22-8-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث “أركان الصلاة وواجباتها وسننها”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-8-2018. بتصرّف.