جديد ما هو التسامح

'); }

التسامح

يبرز التسامح كمهارة من مهارات الحياة المهمّة، وصفة في المجتمعات المُتحضِّرة التي لا يتقيّد فيها الإنسان بتقاليد، وعادات تحكم نظرته للآخرين؛ فيكون منفتحاً مُتقبِّلاً للناس على اختلافهم، وهو ما يؤدّي إلى التعايُش السلميّ بينَ الفئات المختلفة في المجتمع، علماً بأنّ التسامح يُطبَّق على العديد من الجوانب، كالتسامح العرقيّ، والتسامح المهنيّ، والتسامح المَبنيّ على الجنس، والتوجُّه الجنسيّ، والتسامح الدينيّ، وغيرها.[١][٢]

ولا يعني التسامح القناعة التامّة بالمُعتقدات الخاصّة بالإنسان الآخر، ولكنّه مهارة تتطلّب عدم التعصُّب، أو العنصريّة، واحترام الاختلاف مع الآخرين، والتركيز على القواسم المشتركة بدلاً من التركيز على الاختلاف، بل والدفاع عن الآخرين إذا ما تعرّضوا لمُضايقات؛ بسبب اختلافهم.[١][٢]

'); }

تعريف التسامح

يُعرَّف التسامح في قاموس أكسفورد الإنجليزيّ بأنّه: العمل، أو الممارسة المُتمثِّلة بتحمُّل الألم، أو المَشقّة. ويُعرَّف أيضاً بأنّه: القوّة، أو المقدرة على التحمُّل.[٣]

وتجدر الإشارة إلى أنّه يمكن الوصول إلى العديد من التعريفات التي تُوضّح معنى التسامح؛ فهوَ أحد أكثر المفاهيم المُتنازَع عليها في البحث العلمي الاجتماعيّ؛ فكلمة تسامح تعني: الانفتاح على التنوُّع، والتعدُّد بمختلف أشكاله. وهي تعني في الأدب الفلسفيّ بأنّها: ردّ فعل الإنسان تجاه شيء يرى أنّه صعب، أو إشكاليّ بالنسبة إلى ما يعتنقه، ويعرفه، كالأفكار، والآراء، والأشخاص، والمجموعات، والقِيم، والسلوكيّات المُتعلِّقة بهم، وهو يظهر على شكل القبول. أمّا التسامح كمصطلح في السياسة فيعني: قبول الأفراد المختلفين، وإعطاءهم حقّهم في المشاركة في الحياة السياسية، وقبول الخصوم السياسيّين الذينَ لديهم آراء مختلفة.[٤]

ويمكن أن يُعطى التسامح تعريفاً شاملاً بأنّه: التأكيد الواعي على الأحكام، والمُعتقَدات التي تنطوي على مبادئ العدالة، والمساواة، والرعاية، والنظر في محنة الآخرين؛ أي تقديم الاحترام، والمساواة للذين يختلفون في خصائصهم العِرقيّة، والدينيّة، والجنسية، وغيرها. ويحمل تعريف التسامح بمختلف أشكاله أساسيّات مشتركة تشمل الصبر على الآخرين، واتِّخاذ الإنسان موقفاً عادلاً، وموضوعيّاً تجاه الأشخاص الذينَ يختلفونَ عنه في مختلف الجوانب، ورَفض التعصُّب بمختلف أشكاله، والقبول الكامل للآخرين رغمَ اختلافهم.[٣]

مبادئ التسامح

يُبنى التسامح على عدّة مبادئ تُؤكّد ضرورة عدم التصرُّف بناء على رفض تصرُّف، أو مُعتقَد من قِبل شخص، وفي الوقت نفسه عدم التأثير في الأفكار، والمبادئ الخاصّة، ومن المبادئ التي تتعلّق بالتسامح:[٥]

  • الحُكم بموضوعيّة؛ فالكثير من الناس يُطلقونَ الأحكام الناقدة على الآخرين بغير موضوعيّة، أو دون التفكير المُسبق في تلكَ الأحكام؛ ولهذا ينبغي أن يحاول الشخص تفهُّم الآخرين بشكلٍ غير انحيازيّ، أو تعصُّبي.
  • العقلانيّة: قد لا يقتنع شخص ما بوجهة نظر الآخرين الذين يختلفون عنه، ممّا يبرّر له معارضتهم، بشرط ألّا تكون هذه المعارضة مجبولة على الكراهية.
  • التسامح بقناعة: قد يظهر البعض تسامحهم تجاه الآخرين عن غير قناعة؛ إذ إنّهم قد يتسامحون معهم لأنّ الآخرين في موضع قوّة لا يمكن معارضته، أو تجنُّباً للمشاكل، أو رغبةً بأن يُقال عنه إنّه شخص متسامح، وذلكَ لا يُعتبر شخصاً متسامحاً؛ فالتسامح الحقيقيّ هو قناعة الشخص بضرورة عدم التصرُّف بناءً على معارضته آراءَ الآخرين.

أهمية التسامح

للتسامح أثر طيّب في حياة المجتمع؛ فالأشخاص الذينَ يُبدونَ التسامح تجاه الآخرين من المحتمل أن يصبحَ حالهم أفضل من الأشخاص الأقلّ تسامُحاً. ومن الناحية الاقتصاديّة يُعتبَر التسامح مقياساً لمدى استعداد فرد، أو مجتمع للمشاركة مع الآخرين الذينَ لديهم أيديولوجيّات المختلفة؛ فالتسامح يُحفِّز العقلانيّة لدى الأشخاص، وبالتالي يزيد من قدرتهم على رؤية الآخرين الذين يختلفون عنهم على أنّهم شركاء مُحتمَلون.[٦]

كما يُوجِد التسامح بيئة تجذب المواهب، والقدرات جميعها، وبالتالي فإنّ التنوُّع سيكونُ كبيراً في تلكَ المناطق، ممّا يساهم في التقدُّم، والابتكار، والنموّ الاقتصاديّ.[٧] ومن الناحية الاجتماعيّة يساهم التسامح في تقليل نسبة التنمُّر، وخاصّةً لدى الأطفال، ويُعتبَر التسامح واجباً أخلاقيّاً تجاه الآخرين، ممّا يعزز احترام الشخص لذاته قبلَ احترامه للآخرين.[٨]

وللتسامح أهميّة كبيرة في حفظ حقوق الإنسان، وتحقيق السلام، والديمقراطيّة، والحدّ من العنف، والنزاعات، والحروب. ونظراً لأهميّة التسامح، فإنّه لا بدّ من معرفة وسائل تنشئة الأشخاص ليكونوا متسامحينَ منذ طفولتهم؛ إذ يبدأ اكتساب الطفل لصفاته الأخلاقيّة من الوالدين في المنزل؛ فإذا كانَ الوالدان مُتسامحَينَ مع الآخرين، فإنّ الطفل سيكون انعكاساً لما يراه في المنزل، ممّا يُوجِب الحذر من استخدام العبارات السلبيّة، والعُنصريّة أمامَ الطفل.[٨]

كما يمكن تعليم الطفل ثقافات الآخرين، وأفكارهم، ودَفعه إلى مشاركة الأنشطة مع الأصدقاء الذين يختلفونَ عنه؛ فالطفل عندما يكون منفتحاً على الثقافات، والأشخاص، والأديان المختلفة، سيكون من السهل عليه قبول اختلاف الآخرين عندما يكبر.[٨]

وللمدرسة دور في توعية الأطفال بضرورة احترام الآخرين، وإعداد برامج تعليميّة توعويّة عن التسامح، ولزيادة الاندماج بينَ الأطفال على اختلافهم، فإنّه يمكن إشراكهم في الرحلات، والمُخيَّمات الصيفيّة. ويكمن دور الإعلام في إيصال صورة غير مُتعصِّبة للأشخاص المُختلفين، وضرورة انتباه الأهل للمحتوى الإعلامي الذي يشاهده أطفالهم.[٩]

ويجدر بالذكر أنّ التسامح خُلق موجود عبرَ التاريخ، وعبر مختلف الحضارات، والدُّول، والأمم. أمّا في العصر الحديث فقد ظهرَ مصطلح التسامح في القرنَين: 16م، و17م؛ من أجل تأكيد حقّ الأفراد في العبادة في إنجلترا، وقد أقرّه فلاسفة سياسيّون لهم أهميّة كبيرة، مثل: جون لوك، وجون ستيوارت مل، وجون رولس.[١٠] وهو خُلُق لا بُدّ من اتّخاذه كبُنية أساسيّة في سياسات البشر، وتطلُّعاتهم، وتنمية القِيَم، والفضائل لديهم بغضّ النظر عن انتماءاتهم، وأديانهم، وطوائفهم، ومعتقداتهم؛ وذلك بهدف بناء عالَم سعيد، وجديد تسوده روابط الألفة، والروحانيّة.[١١]

فيديو التسامح وأهميته

تعرف على التسامح وأهميته من خلال الفيديو

المراجع

  1. ^ أ ب Giacomo Corneo, Olivier Jeanne (2007), A THEORY OF TOLERANCE, Page 1,2. Edited.
  2. ^ أ ب “Tolerance in the Workplace “, www.theeap.com,2016، Retrieved 12-5-2019. Edited.
  3. ^ أ ب Michael R. Williams, Aaron P. Jackson (2015), A New Definition of Tolerance, Page 1,2. Edited.
  4. Ali Abdelzadeh, Cecilia Arensmeier, Sevgi Bayram, and others (2017), Mechanisms of tolerance: an anthology, Stockholm: The Living History Forum, Page 12-14. Edited.
  5. Michael Lacewing, What is tolerance, Page 2,3. Edited.
  6. Ryan Muldoon, Michael Borgida, Michael Cuffaro (2011), The conditions of tolerance, UK: The Authors, Page 327,330. Edited.
  7. Lisa Svanberg (2014), Tolerance of Diversity and the Influence of Happiness, Sweden: karlstad university, Page 4. Edited.
  8. ^ أ ب ت Areeba Hasan (24-6-2011), “The Importance of Tolerance”، notenoughgood.com, Retrieved 13-5-2019. Edited.
  9. UNESCO (1994), Tolerance: the threshold of peace, France: United Nations Educational, Page 12,22,24. Edited.
  10. Andrew R. Murphy, “Toleration”، www.britannica.com, Retrieved 23-6-2019. Edited.
  11. Fethullah Gülen (2004), Toward a Global Civilization of Love and Tolerance, USA: The Light Inc, Page 151. Edited.
Exit mobile version