فتنة المحيا
الفتنة هي الابتلاء والاختبار، ويقال إنَّ الرجل فُتِن إذا تغير حاله من حال حسن إلى حال سيء، وفتنة المحيا تعني اغترار العبد بالدنيا وانشغاله بها، مما يصرفه عن ذكر الله تعالى وطاعته، وكلّ ما يُلهي عن طاعة الله فهو فتنة،[١]حيث يُمتحن المسلم في الدنيا بدواعي البدعة أو المعصية أو الكفر، وهذه الدواعي قد تكون إما شهوة أو شبهة، ينغمس من خلالها الإنسان في الدنيا وينسى أمر الآخرة،[٢]وقد أنكر الله سبحانه وتعالى هذا الفعل على العباد بقوله: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى).[٣]
فتنة الممات
أضيفت الفتنة إلى الموت لقربها منه، وتشمل هذه الفتنة شيئين هما:[٢]
- الفتنة عند الموت: أي ما يعرض للمؤمن من إغواء الشيطان عند الموت، إذ إنَّ ساعة الموت هذه هي ساعة حاسمة، فيحاول الشيطان أن يحول بين المرء وقلبه، بأن يوقع في قلبه ما يجعله يخرج عن الملّة.
- الفتنة في القبر: لأن الإنسان إذا مات ثمَّ دفن وتولّى عنه أهله وأصحابه يأتيه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيّه.
الاستعاذة من فتنة المحيا والممات
وردت الاستعاذة من فتنة المحيا والممات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث روت عائشة رضي الله عنها أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ يدعو في صلاتِهِ: (اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ من عذابِ القبرِ وأعوذُ بِكَ من فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ وأعوذُ بِكَ من فتنةِ المَحيا والمماتِ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ منَ المأثَمِ والمغرَمِ فقالَ لَهُ قائلٌ ما أَكثرَ ما تستعيذُ منَ المغرَمِ فقالَ إنَّ الرَّجلَ إذا غرِمَ حدَّثَ فَكذبَ ووعدَ فأخلفَ)،[٤]وهذا الحديث فيه مسائل مهمة أولها أهمية الاستعاذة من هذه الفتن، وإثبات وجود عذاب القبر، وفتنة المحيا التي تمثل الضلال بعد الهدى، والمعصية بعد الطاعة، وفتنة الموت التي تكون عند احتضار الإنسان، وحضور الشيطان هذا الموطن، وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الفتن وهو المعصوم والمعافى منها، لتقتدي به الأمة، في الالتزام بالخوف من الله تعالى، والافتقار إليه وتعظيمه، وليعلّمهم الدعاء والمهم منه، كما أنَّ في هذه الاستعاذة إظهارًا للخضوع والاستكانة والافتقار لله تعالى، وهذا الدعاء مستحبٌ وليس بواجب، ويدعو به المسلم في التشهد الأخير.[٥]
المراجع
- ↑ “المقصود بفتنة المحيا والممات”، إسلام ويب، 28-8-2004، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب “معنى فتنة المحيا والممات “، الإسلام سؤال وجواب، 17-9-2014، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعلى، آية: 16.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 880 ، صحيح.
- ↑ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم، “الحديث الـ 125 في التعوّذ بعد التشهّد الأخير”، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2018. بتصرّف.