النوافل

جديد ما المقصود بالشفع والوتر

معنى الشَّفع والوتر

الشَّفْع بسكون الفاء مِن شَفَعَ، وجمعها شِفاعٌ أو أشفاعٌ، وهو ما كان زوجيّاً؛ أي عدداً زوجيّاً، كقولنا: صلّى شفعاً، وهو خلاف الوتر،[١] وصلاة الشّفع هي الرّكعتان اللّتان تؤدّيان قبل ركعة الوتر، ولا خلاف في أنّها ليست ركعتي السّنّة البعديّة بعد صلاة العشاء، وإنّما هي ركعتان يُؤتى بهما بعد العشاء وقبل الوتر، وقد تتّصلانِ بركعة الوتر فتكون معه بتشهّدٍ واحدٍ وأخيرٍ،[٢] والوتر بفتح الواو وكسرها، ولا خلاف في أنّه بمعنى الواحد والفَرْد، وجمعه أوتار، ومصدره وتَرَ، وهو الفرد من الأعداد؛ كالواحد، والثلاثة، والخمسة، وغيرها،[٣] أما في الاصطلاح: فهي الصّلاة التي تُؤدّى بين صلاتَيْ العشاء والفجر وتراً؛ أي أنّها الصّلاة ذات العدد الفرديّ؛ كالركعة الواحدة، والثلاث، وغيرها.[٤]

عدد ركعات الشَّفع والوتر وكيفية أدائها

عدد ركعات صلاة الشَّفع والوتر

تعدّدت آراء الفقهاء في عدد ركعات صلاة الشّفع والوتر، وبيان أقوالهم على النحو الآتي:[٥]

  • الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى أنّ عدد ركعات صلاة الوتر ثلاث ركعاتٍ، كصلاة المغرب، لا يُسلّم بينهنّ؛ وذلك لقول الصحابيّ الجليل أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُوتِرُ بثَلاثِ رَكَعاتٍ)،[٦] حيث إنّه لا يجوز عندهم الوتر بركعةٍ واحدةٍ فقط.
  • المالكيّة: ذهب المالكيّة إلى أنّ صلاة الوتر ركعةٌ واحدةٌ فقط، بشرط أن يسبقها ركعتا الشّفع، فيُسلّم المُصلّي منهما، ثمّ يأتي بركعة الوتر، فيُكره عندهم أن يأتيَ المُصلّي بركعةٍ واحدةٍ فقط دون أن يسبقها ركعتا الشّفع، واستدلّوا على ذلك بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى)،[٧] وما روته السيّدة عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كانَ يُصَلِّي باللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ منها بوَاحِدَةٍ).[٨]
  • الشّافعيّة والحنابلة: ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ أقلّ الوتر ركعةٌ واحدةٌ، وأدنى الكمال عندهم ثلاث ركعاتٍ، ويجوز أن يوتر المُصلّي بخمسٍ، أو بسبعٍ، أو بتسعٍ، وأكثر الوتر عندهم إحدى عشرة ركعةً، وفي قولٍ عند الشّافعيّة أنّ أكثره ثلاث عشرة ركعةً؛ حيث قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الوِترُ حقٌّ، فمن شاءَ أوترَ بسبعٍ، ومن شاءَ أوترَ بخمسٍ، ومن شاءَ أوترَ بثلاثٍ، ومن شاءَ أوترَ بواحدةٍ)،[٩] وما جاء عن أمّ سلمة -رضي الله عنها- حيث قالت: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يوترُ بثلاثِ عشرةَ ركعةً).[١٠]

كيفية صلاة الشَّفع والوتر

إنّ الاستحباب في كيفيّة أداء صلاة الشّفع والوتر أن يُصلّي المسلم؛ فيقرأ في أوّل ركعةٍ بعد سورة الفاتحة سورة الأعلى، وفي الركعة الثانية سورة الكافرون، ووفي الركعة الثالثة سورة الإخلاص، وذلك لحديث أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- حيث قال: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يوتِرُ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ})،[١١] والسّنّة المُستحبّة لمن أوتر بما يزيد على ركعةٍ أن يُسلّم من كُلّ ركعتَين اثنتَين، فهذا هديُ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كما رواه ابن عمر -رضي الله عنه- حيث قال: (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفصِلُ بينَ الشَّفعِ والوِتْرِ بتسليمٍ يُسمِعُناه)،[١٢] ومن السنّة أن يُعقّب الركعة الوتريّة بعد الشّفع بلا تأخيرٍ، وإن صلّى إحدى عشرة ركعةً،[١٣] أمّا إن أوتر بركعات ثلاثٍ؛ فله في ذلك ما يأتي:[١٤]

  • أن يأتي بركعتَيْ الشّفع ثم يختمها بالسّلام، ثم يُكبّر تكبيرة الإحرام لركعةٍ مستقلّةٍ، وهذه الحالة فقط هي التي قال بها المالكيّة؛ فيُكره عندهم ما سواها، إلّا ما كان للاقتداء بمن يُصلِّ، وأجازها الشّافعيّة والحنابلة أيضاً؛ حيث قالوا إنّ الفصل أفضل من الوصل؛ لزيادة السّلام فيها، واستدلّوا على ذلك بقول الصّحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفصِلُ بينَ الشَّفعِ والوَترِ بتَسليمةٍ ليُسمِعَناها)،[١٥] وجاء عن الحنابلة استحباب تأخير ركعة الوتر بعد ركعتَيْ الشفّع، وأن يتكلّم بينهما.
  • أن يأتي بثلاث ركعاتٍ متّصلةٍ، دون أن يفصل بينهنّ بتشهّدٍ أو سلامٍ، وهذه الحالة عند الشّافعيّة والحنابلة، واستدلّوا على ذلك بقول عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذلكَ بخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ في شيءٍ إلَّا في آخِرِهَا)،[١٦] وتُكره هذه الحالة عند المالكيّة، إلّا إن صلّى خلف إمامٍ فَعل ذلك، فعليه الاقتداء به.
  • أن يأتي بثلاث ركعاتٍ متّصلة، يفصل بينهنّ بتشهّدٍ بعد الركعة الثانية دون أن يُسلّم، ثم يأتي بالركعة الثالثة، كصلاة المغرب تماماً؛ إلا أنّه يقرأ بعد فاتحة الركعة الثالثة سورةً خلافاً لصلاة المغرب، وهذه الحالة فقط هي التي قال بها الحنفيّة، فإن نسي التشهّد وقام للثالثة فلا يعود، وأجاز الشّافعيّة والحنابلة هذه الحالة، مع الكراهة عند الشّافعيّة؛ لتشابهها بصلاة المغرب.

وصلاة الشّفع والوتر هي ثلاث ركعاتٍ يُصلّيها المسلم في الليل، وتُستَحضر نيّة الوتر قبل تكبيرة الإحرام، وتبقى حاضرةً إلى نهايتها، ويُستحبّ قراءة الفاتحة وسورة الأعلى في الركعة الأولى، وفي الثانية الفاتحة والكافرون، ثمّ يجلس للتشهّد ويُسلّم إن أراد، وهي ما يسمّى بالشّفع، ثمّ يوتر بواحدةٍ يقرأ فيها الفاتحة والإخلاص، وإذا أراد المصلّي أن يجمعها معاً بثلاث ركعاتٍ متصلّة فلا يجلس للتشهّد الأوسط، حتى لا تشابه صلاة المغرب، وإنّما يتشهّد تشهّداً واحداً وهو الأخير، وله أن يزيد في عدد ركعات الوتر بخمسٍ، وسبعٍ، وتسعٍ، وأحد عشر،[١٧] وتعدّد الآراء بين الفقهاء في الفصل بين الشّفع والوتر واردٌ، كما ذُكِر سابقاً، فهناك طائفةٌ رأت الفصل بينهما، كما فعل ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ فكان يُسلّم بين الركعة والركعتين من الوتر حتى يقضي حاجته، وكان معاذ بن أبي حليمة كذلك يُسلّم بينهما، وبه قال عبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة، ومالك، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور، وإسحاق.[١٨]

وقت صلاة الشفع والوتر

إنّ وقت صلاة الشّفع والوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء ويمتدّ حتى طلوع الفجر،[١٩] وتأخير صلاة الشفع والوتر ممّا لا حرج فيه ولا مانعٌ؛ سواءً أخّرها المسلم إلى وقت النّوم أو إلى ما قبل صلاة الفجر، وإذا علِم من نفسه همّةً ونشاطاً للاستيقاظ؛ فالأفضل تأخيرها في وقت ما قبل الفجر، وأداؤها في البيت أفضل من المسجد.[٢٠]

المراجع

  1. “تعريف ومعنى الشفع في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 20/10/2020. بتصرّف.
  2. “المراد بصلاة الشفع والوتر”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 20/10/2020. بتصرّف.
  3. “تعريف ومعنى الوتر في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 20/10/2020. بتصرّف.
  4. عَبد الله الطيّار، عبد الله المطلق، محمَّد الموسَى (1433هـ)، الفقه الميَسَّر (الطبعة الثانية)، الرياض: دار مدار الوَطن، صفحة 350، جزء 1. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 293-295، جزء 7. بتصرّف.
  6. رواه شعيب الأرناوؤط، في تخريج سنن الدارقطني، عن أُبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 1659، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 749، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أمّ المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 736، صحيح.
  9. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبو أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1709 ، صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أمّ سلمة أمّ المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1707، صحيح.
  11. رواه ابن حِبّان، في صحيح ابن حِبّان، عن أُبيّ بن كعب، الصفحة أو الرقم: 2436، صحيح.
  12. رواه ابن حِبّان، في صحيح ابن حِبّان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2434 ، صحيح.
  13. عبد العزيز السّلمان (1424هـ)، موارد الظمآن لدروس الزمان (الطبعة الثلاثون)، صفحة 420-421، جزء 1. بتصرّف.
  14. مجموعة من المؤلفين (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 295-296، جزء 27. بتصرّف.
  15. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 327 ، صحيح.
  16. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أمّ المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 737، صحيح.
  17. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8553، جزء 11. بتصرّف.
  18. ابن المنذر (1405هـ)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة الأولى)، الرياض: دار طيبة، صفحة 184-185، جزء 5. بتصرّف.
  19. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3470، جزء 11. بتصرّف.
  20. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 8548، جزء 11. بتصرّف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى