الأنبياء عليهم السلام
ضرب أنبياء الله ورسله عليهم السلام أروع النماذج والأمثلة في دعوتهم وحياتهم، فإلى جانب ما بذلوه من الجهد والإخلاص في الدعوة إلى دين الله تعالى وتبليغ شرائعه للناس، فقد بذلوا كذلك الجهد في تحصيل قوت يومهم وسعوا للكسب سعي عامة الناس في ذلك، بل بيّن القرآن الكريم براعة كثيرٍ منهم في صنعتهم ومهنهم ومنهم نبي الله داود عليه السلام، وسنذكر في هذا المقال صفاته، ومهنته عليه السلام.
صفات داود عليه السلام
كان داود عليه السلام نبياً من أنبياء بني إسرائيل، وقد اشتهر عليه السلام في قومه بالشجاعة الفائقة، والقوّة البدنيّة، ففي إحدى المواجهات بين بني إسرائيل وأعدائهم تمكّن نبيّ الله داود عليه السلام وهو جنديٌ من جنود طالوت من قتل ملك الكفار جالوت، حيث أصبح ملكاً لبني إسرائيل بعد ذلك، وقد كان في حكمه لبني إسرائيل مثالاً في العدل والأمانة، وكان عليه السلام إلى جانب قيادته وحكمه لشعبه قاضياً يحكم بالحق ولا يظلم الناس شيئا، فقد ذكر الله تعالى في كتابه كيف دخل عليه يوماً وهو يصلّي في المحراب خصمان بغى بعضهما على بعض كي يحكم بينهما، كما آتى الله سبحانه نبيه داود الحكمة في الأمور، والرشد في القرارات، وقد كان خطيباً مفوها، واشتهر بالعبادة والزهد في متاع الدنيا، وقد أشار نبيّنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى أنّ أفضل القيام والصيام هو صيام وقيام داود عليه السلام حينما كان في صيامه يصوم يوماً ويفطر يوماً، وفي قيامه كان ينام نصف الليل، ثمّ يقوم ثلثه، ثمّ ينام سدسه.
مهنة داود عليه السلام
في الجانب المهني في حياته اشتهر داود عليه السلام بأنّه كان حداداً ماهراً في صنع ما ينتفع به المحاربون والناس عموماً، فقد علّمه الله تعالى صناعة الدروع القوية محكمة الصنع، وقد ابتكر عليه السلام طريقةً جديدة في صنعها، حيث كان يقدّر صناعتها بحيث لا تكون ثقيلةً على كاهل المحارب، وليست بالمقابل بالخفيفة، فقد كانت دروعا سابغاتٍ متكاملةً في صنعها، وقد قال تعالى: (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)[سبأ:11]، كما ذكر الله تعالى كيف منّ على عبده ونبيه داود عليه السلام حينما ألان له الحديد، وإلانة الحديد بلا شكّ تمكن الصانع من تحويره وتشكيله بالكيفية التي يريدها، والشكل الذي يريده وهذا فضلٌ وتمكينٌ من الله تعالى، قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)[سبأ:10].