ماذا تسمى النفخة الأولى في الصور
تُسمّى النّفخة الأولى في الصّور بنفخة الصّعْق؛ أي الموت، لقول الله -عز وجل-: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ)،[١] وبعد سماعِها يموت جميع مَنْ في السماوات والأرض إلا من استثناهم الله -تعالى- من الصّعق، وتكون عند غَفلة النّاس، وانشغالهم بالدُنيا، لقوله -تعالى-: (مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ* فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ)،[٢][٣] وتكون هذه النّفخة في يوم الجُمُعة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من أفضلِ أيامِكم يومُ الجمُعةِ، فيه خُلِقَ آدمُ وفيه قُبضَ وفيه النَّفخةُ)،[٤] والإيمان بالنفخة في الصور جُزءٌ من الإيمان باليوم الآخر؛ لكونها سبب قيام الناس من قُبورهم وفَزَعهم وضعفهم.[٥]
والمشهور عند العُلماء أنّ هذه النَفْخة من أهوال يوم القيامة، وتسمّى أيضاً بالرّاجفة، وهي النّفخة التى تَتَزلزل وتضطرب عندها الدُنيا، وقيل: لأنّ صوتها يُرجَف منه،[٦] وتُسمّى بالصّاخّة؛ لأنها تصمّ الأذن من قوّتها وشدّتها،[٧][٨] كما تسمّى بالصّيْحة، وأما عن أول شخصٍ يسمعُها، فقد جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قالَ: وَأَوَّلُ مَن يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِهِ، قالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ).[٩][١٠]
ما هو النفخ في الصور
النّفْخ في الصُّور هو العلامة التي يتحوّل فيها نظام الكون الى الخراب، وتنتهي الحياة عنده الدُنيا، وتبدأ القيامة، والمَلَك إسرافيل هو المُوَكّل بالنّفْخ في الصُّور،[١١] لقول النّبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، خَلَقَ الصُّورَ فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ شَاخِصًا بِبَصَرِهِ إِلَى الْعَرْشِ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ)،[١٢][١٣] فتنتهي بعدها الحياة في السماء والأرض، ولا يستطيع الإنسان بعدها فِعلُ أيّ شيءٍ أو العودة إلى أهله،[١٤] وقد تعدّدت أراء أهل العلم في بيانهم للصُّور، فقال بعضُهم: إنه قرْنٌ يُنفخُ فيه، وقيل: إنّه صورةٌ يُنفخُ فيها روحها لتحيا، ولكن المشهور بين العُلماء أنه قرنٌ يُنفخُ فيه.[١٥]
عدد النفخات في الصور
تعدّدت أرآء العلماء في عدد النّفْخات في الصُّور، فقال جمهورالعلماء إنها نفختان؛ فالأولى يكون بعدها موت جميع المخلوقات إلا من استثناهم الله -تعالى-، والثانيّة يكون بعدها البعث، واستدلّوا بعدّة أدلة، منها قول الله -تعالى-: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ)،[١] وقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما بيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ قالَ: أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: أبَيْتُ)،[١٦] وقال بعض أهل العلم إنّها ثلاثُ نفخات؛ وهُم نفخة الفزَع، والصَّعْق؛ أي الموت، والبَعْث، وذهب إلى هذا القول كلٌ من ابن العربيّ، وابن تيمية، وابن كثير، واستدلّوا بوجود نفخة الفزع في قوله -تعالى-: (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ)،[١٧] كما استدلّوا بحديث الصّور الطويل، لكنّ هذا الحديث ضعّفه معظم أهل العلم.[١٠][١٨]
المراجع
- ^ أ ب سورة الزمر، آية: 68.
- ↑ سورة يس، آية: 49-50.
- ↑ إسلام ويب (14-8-2002)، “أهوال يوم القيامة … النفخ في الصور”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن خزيمة، في تفسير القرآن، عن أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو، الصفحة أو الرقم: 6/463، صحيح.
- ↑ ناصر بن علي عايض حسن الشيخ (1995)، مباحث العقيدة في سورة الزمر (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 554. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (1420 هـ)، مفاتيح الغيب = التفسير الكبير (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 34، جزء 31. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن مسفر بن مفرح القحطاني، دروس للشيخ سعيد بن مسفر ، صفحة 13، جزء 64. بتصرّف.
- ↑ “تعريف ومعنى إصاخة في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 2940، صحيح.
- ^ أ ب عمر سليمان الأشقر (1995)، اليوم الأخر القيامة الكُبرى (الطبعة السادسة)، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 39-42. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن حسان، سلسلة الدار الآخرة، صفحة 1-2، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن العربي، في التذكرة للقرطبي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 194، صحيح.
- ↑ أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (2000)، تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (الطبعة الثالثة)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 58. بتصرّف.
- ↑ عمر سليمان الأشقر (1995)، اليوم الأخر القيامة الكُبرى (الطبعة السادسة)، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 31. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف، الموسوعة العقدية، موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net، صفحة 330، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4935، صحيح.
- ↑ سورة النمل، آية: 87.
- ↑ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي، شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية، صفحة 17، جزء 15. بتصرّف.