جديد لماذا سميت غزوة حنين

'); }

لماذا سميت غزوة حنين

سُمّيت غزوة حنين بهذا الاسم نسبةً إلى الموقع الذي حدثت فيه، وهو وادٍ في منطقة ذي المجاز التي تبعد بمقدار فرسخ عن منطقة عرفات، وسُمّيت أيضاً بغزوة أوطاس نسبةً إلى الموضع الذي حدثت فيه، وقد سُميت بغزوة هَوازِن نسبةً إلى القبيلة التي أتت لقتال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوة حنين، وهي قبيلة تُنسب إلى هوازن بن منصور بن عكرمة، وهي قبيلة كبيرة من العرب،[١] وقال أهل السيرة النبوية إنَّ حُنين هو وادٍ يبعد عن مكة المكرمة بمقدار ثلاثة أميال، أمّا أهل اللُّغة فقالوا إنَّ حُنين كلمة تُذَكَّر وتؤنّث بحسب المقصود منها، فإن قصد الشخص بحُنين البلد فتصبح مُذكّراً كما في قوله -تعالى-: (وَيَومَ حُنَينٍ)،[٢] وإن قصد بها الشخص البلدة أو البُقعة تُؤنّث، وقد وقعت هذه الغزوة في الخامس من شوال في السنة الثامنة من الهجرة؛ أي بعد فتح مكّة الذي وقع في شهر رمضان من نفس العام، أمّا غزوة الطائف فقد وقعت بعد غزوة حنين.[٣]

وتُعرف اليوم المنطقة التي حدثت فيها غزوة حنين بوادٍ يُسمّى رأسه الصّدر وأسفله الشرائع، ويبعد عن مكّة المكرمة ستةً وعشرين كيلاً من جهة الشرق، وأحد عشر كيلاً عن حدود الحرم من عَلَميّ طريق نجد،[٤] وقيل إنَّ حنين هو وادٍ بين مكّة المكرمة والطائف، وقد جعلتها العرب اسماً مذكراً كما في كلمة بدر، وأحد، وحراء، ودابق، وثبير، وواسط، وربّما جُعلت حُنين وواسط وبدر اسم بلدة فلا تُجرّ؛ لأنّها تصبح ممنوعة من الصّرف،[٥] وقيل إنّ حُنين هو مكانٌ يبعد عن مكة المكرمة بضعة عشر ميلاً، وهو الذي ذكره الله -تعالى- في قوله: (وَيَومَ حُنَينٍ)،[٢][٦] وهناك أسماء أُخرى تُطلق على غزوة حُنين مثل: غزوة أوطاس، وغزوة هوازن؛[٧] لأنَّ هوازن وثقيف هم من حشدوا وجمعوا وبغوا لقتال الرسول -صلى الله عليه وسلم-.[٨]

'); }

سبب غزوة حنين

كان سبب غزوة حنين هو خوف قبيلتيّ هوازن وثقيف من أن يغزوهم الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن فتح مكة، وخضعت له قريش، فحشدوا وعزموا على قتاله،[٧] وقرّروا السّير إلى حرب المسلمين بقيادة مالك بن عوف، بالإضافة لمن انضمّ إليهم من القبائل الأخرى القوية التي رفضت الاستسلام للرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام بعد الانتصار الذي حقّقوه بعد فتح مكة، وخضوع بعض القبائل المجاورة لهم راغمة أو راغبة،[٩] وبعد أن اجتمعوا وعرفوا عن الفتح الإسلامي الكبير الذي حقّقه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكّة؛ قرّروا مهاجمته قبل أن يُهاجمهم، فأعدّوا العدّة البشرية والمادية لذلك، لكنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عازماً على مطاردة عبدة الأوثان، والقضاء على معاقل الشرك في الجزيرة العربية.[١٠]

وبعد أن خضعت معظم قبائل الجزيرة العربية للمسلمين ما عدا قبيلتي هوازن وثقيف، كان لا بدّ من المواجهة معهم،[١١] فلمّا بلغ الرسول -صلى الله عليه سلم- أنَّهم تجمّعوا وأخذوا بالتّحرك نحو وادي أوطاس؛ وهو وادٍ مجاور لوادي حنين، خرج -صلى الله عليه وسلم- لقتالهم على رأس جيشٍ يتكوّن من اثني عشر ألفاً، بعد أن ولّى أمر مكّة للصحابي عتاب بن أسيد، ومعاذ بن جبل ليُعلّم النّاس أمور دينهم من القرآن الكريم، والفقه، والسُّنن، والأحكام.[١٢]

ملخّص أحداث غزوة حنين

استعداد المشركين لغزوة حنين

كانت غزوة حُنين بعد فتح مكّة المكرمة، واستسلام القبائل المجاورة ما عدا بعض القبائل التي أبت أن تستسلم، وإنّما جمعت الحشود وقرّرت المسير إلى حرب المسلمين؛ وعلى رأس هذه القبائل قبيلتيّ هوازن وثقيف، ومن انضم إليهم من بطون العرب كقبيلة جشم، ونصر، وسعد بن بكر، ومجموعة من بني هلال، وقد ونزلوا في وادي أوطاس بقيادة مالك بن عوف، الذي جعل النّاس تأخذ معها أموالها، وأولادها، ونساءها إلى الحرب، ليكون ذلك دافعاً للجنود لحمايتهم، لكنَّ الخبير في الحروب دريد بن الصمة، لم يؤيّد هذه الفكرة، بل رأى أنَّ المنهزم لا يردّه شيءٌ، وإنّما يتسبّب بفضيحة أهله وماله دون حاجة، والنّصر لا يحتاج إلا للرّجل القوي المقاتل بسيفه، ولكنّ مالك بن عوف لم يأخذ بنصيحته.[١٣]

استطلاع أخبار العدو في غزوة حنين

أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبا حدرد الأسلمي ليتابع أخبار العدو، ويدخل فيهم، ويقيم بينهم حتى يعلم علمهم، وينقل أخبارهم إليه، وبالمقابل أرسل قائد الأعداء مالك بن عوف عيوناً لاستكشاف حال المسلمين، لكنَّهم عادوا له متفرّقين خائفين، وقد خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة ومعه اثنا عشر ألف مقاتلٍ؛ عشرة آلاف ممّن كانوا معه في فتح مكة، وألفان من حديثي الإسلام من أهل مكة، ويصف ما حدث عشية الغزوة حديث سهل بنِ الحنظليَّةِ فيقول: (أنهم سارُوا مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يومَ حُنينٍ فأطنَبوا السَّيرَ حتى كانت عشيةً، فحضرتِ الصلاةُ عند رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، فجاء رجلُ فارسٍ فقال: يا رسولَ اللهِ، إني انطلقتُ بين أيديكم حتى طلعتُ جبلَ كذا وكذا، فإذا أنا بهوازنٍ على بكرةِ آبائهِم بظُعُنهم ونعَمِهم وشائِهم اجتمعُوا إلى حُنينٍ، فتبسَّم رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وقال: تلك غُنَيمةُ المسلمين غدًا إن شاء اللهُ تعالى، ثم قال: مَن يحرسُنا الليلةَ؟ قال أنسُ بنُ أبي مَرثدٍ الغَنويُّ: أنا يا رسولَ اللهِ).[١٤][١٣]

بدْء غزوة حُنين

كان بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- قد نظروا إلى عِظم جيش المسلمين وكثرته، وقالوا: “لن نغلب اليوم”، ولكنَّ هذا الكلام لم يكن يُعجب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد شقّ عليه، وقد وصل هذا الجيش المسلمين العظيم إلى حنين، ولكنَّ مالك بن عوف وجيشه كانوا قد سبقوا المسلمين بالوصول وجهّزوا لهم الكمين، وترصّدوا لهم في المداخل، والطرق، والأخباء، والشِّعاب، والمضايق، وقد أمرهم مالك أن يبدؤوا المسلمين بالقتال ويرشقوهم بالنّبال، فما أن انحدر جيش المسلمين إلى الوادي حتى تفاجؤوا بكتائب العدو وقد اشتدّوا عليهم شدّة رجلٍ واحدٍ، فأخذوا بالرجوع والانسحاب، لكنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- تدارك الموقف ووقف في جهة اليمين وقال: (إليَّ أيُّها النَّاسُ، هَلُمُّوا إليَّ أنا رسولُ اللهِ، أنا مُحمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ)،[١٥] فبقي معه أهل بيته والقليل من المهاجرين.[١٣]

اشتداد وطيس المعركة في غزوة حنين

أظهرت الحرب شجاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يقود بغلته يسابق بها الأعداء وهو يقول: (أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ)،[١٦] وأمر عمّه العبّاس أن ينادي الصّحابة؛ لأنّه كان يتمتّع بصوتٍ جهوريٍّ، فنادى بأعلى صوته وردَّ عليه الصحابة فقالو: “لبيك لبيك”، ثمّ توجّه النّداء إلى الأنصار خاصّة، ثمّ إلى الخزرج، فعادت كتائب المسلمين، وتجالد الفريقان من المسلمين والمشركين مجالدةً شديدةً، وحمي وطيس المعركة حتّى أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبضةً من التراب في يده وقذفها في وجوه الأعداء، فلم يبقَ شخصٌ منهم إلا مُلئت عيناه بالتراب، وكان ذلك سبباً في انسحابهم وهزيمتهم هزيمةً كبيرة، فقد قُتل سبعون من قبيلة ثقيف وحدها، وأخذ المسلمون ما كان معهم من الأسلحة والأموال كنوعٍ من الغنائم.[١٣]

نتائج غزوة حُنين

وصف الله -تعالى- الأحداث التي حدثت في معركة حنين بقوله: (لَقَد نَصَرَكُمُ اللَّـهُ في مَواطِنَ كَثيرَةٍ وَيَومَ حُنَينٍ إِذ أَعجَبَتكُم كَثرَتُكُم فَلَم تُغنِ عَنكُم شَيئًا وَضاقَت عَلَيكُمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت ثُمَّ وَلَّيتُم مُدبِرينَ* ثُمَّ أَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلى رَسولِهِ وَعَلَى المُؤمِنينَ وَأَنزَلَ جُنودًا لَم تَرَوها وَعَذَّبَ الَّذينَ كَفَروا وَذلِكَ جَزاءُ الكافِرينَ)،[١٧] ولكنَّ المعركة لم تنتهِ عند هذا الحدّ؛ لأنَّ المسلمين قد طاردوا الأعداء الذين تفرّقوا إلى ثلاثة أماكن على النّحو الآتي:[١٣]

  • طائفةٌ ذهبت إلى منطقة أوطاس؛ فطاردهم المسلمون بقيادة أبي عامر الأشعري الذي استُشهد في المناوشات التي انتصر بها المسلمون.
  • طائفةٌ ذهبت إلى منطقة نخلة؛ فطاردهم المسلمون وقُتل في المناوشات هناك دريد بن الصمّة من المشركين على يد ربيعة بن رفيع.
  • طائفةٌ ذهبت إلى منطقة الطائف؛ وكان القسم الأكبر من المشركين قد ذهب إلى هناك، ممّا دفع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يتابعهم بنفسه بعد أن جمع الغنائم، وحدثت هناك غزوة الطائف التي كانت امتداداً لغزوة حنين؛ لأنَّ معظم أفراد هوازن وثقيف دخلوا في منطقة الطائف وتحصّنوا بها، وعلى رأسهم قائدهم مالك بن عوف، ثم سلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف، وأمر بهدم حصن مالك بن عوف، وحاصر أهل الحصن لفترة طويلة اختلف فيها أهل السِّير.

وقد وزّع النبي -صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بعد أن انتهى من غزوة الطائف، فأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بجمع الغنائم وحبسها بمنطقة الجعرانة، وأمَّن عليها مسعود بن عمرو الغفاري، وقُسّمت بعد الانتهاء من غزوة الطائف، وقد بلغت أربع آلاف أوقية من فضة، وأربعةً وعشرين ألفاً من الإبل، وأكثر من أربعين ألفِ شاة.[١٣]

المراجع

  1. حسن مشاط، إنارة الدجى في مغازي خير الورى صلى الله عليه وآله وسلم (الطبعة الثانية)، جدة: دار المنهاج، صفحة 662. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سورة التوبة، آية: 25.
  3. بدر الدين العيني (2008)، نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (الطبعة الأولى)، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 340، جزء 6. بتصرّف.
  4. محمد شُرَّاب، المعالم الأثيرة في السنة والسيرة (الطبعة الأولى)، دمشق-بيروت: دار القلم-الدار الشامية، صفحة 104. بتصرّف.
  5. يحيى بن زياد، معاني القرآن (الطبعة الأولى)، مصر: دار المصرية، صفحة 429. بتصرّف.
  6. محمد المازري (1988)، المُعْلم بفوائد مسلم (الطبعة الثانية)، الجزائر-تونس: الدار التونسية للنشر المؤسّسة الوطنية للكتاب بالجزائر المؤسّسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدّراسات بيت الحكمة، صفحة 502، جزء 2. بتصرّف.
  7. ^ أ ب موسى العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (دراسة محققة للسيرة النبوية) (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية، صفحة 108، جزء 4. بتصرّف.
  8. لابن سعد (1968)، الطبقات الكبرى (الطبعة الأولى)، بيروت: دار صادر، صفحة 149، جزء 2. بتصرّف.
  9. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة الأولى)، دمشق: دار العصماء، صفحة 353. بتصرّف.
  10. إبراهيم قريبي، رويات غزوة حنين وحصار الطائف (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة-المملكة العربية السعودية: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 87. بتصرّف.
  11. أحمد العسيري (1996)، موجز التاريخ الإسلامي منذ عهد آدم عليه السلام إلى عصرنا الحاضر (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، صفحة 89. بتصرّف.
  12. أحمد غلوش (2004)، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني (الطبعة الأولى)، القاهرة: مؤسسة الرسالة، صفحة 596. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت ث ج ح صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الهلال، صفحة 380-384. بتصرّف.
  14. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن سهل بن الحنظلية الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1/723، صحيح الإسناد.
  15. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 15027، إسناده حسن.
  16. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن الببراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 2930، صحيح.
  17. سورة التوبة، آية: 25-26.
Exit mobile version