محتويات
لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة
أطلق القرآن الكريم على غزوة تبوك اسم غزوة العسرة، فقال -تعالى-: (لَقَد تابَ اللَّـهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهاجِرينَ وَالأَنصارِ الَّذينَ اتَّبَعوهُ في ساعَةِ العُسرَةِ مِن بَعدِ ما كادَ يَزيغُ قُلوبُ فَريقٍ مِنهُم)،[١] بينما أطلقت السنة النبوية عليها اسم غزوة تبوك، وقد حدثت هذه الغزوة في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة، وهي سنةٌ كان فيها قلّةٌ في الثمار والمال، وكانت حرارة الجوّ فيها شديدة، مما جعل الناس ينقسمون في استجابتهم لاستنفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لغزوة العسرة، فكان منهم المناصرون له، ومنهم البكّائون، ومنهم المثبّطون المحبّطون، فكشفت هذه الغزوة العديد من الأسرار، ولكن قدَّر الله -تعالى- ألا تحصل الحرب، حيث أذعن الروم للرسول -صلى الله عليه وسلم- دون قتال، فأمِن جانبهم ورجع إلى المدينة المنورة.[٢]
وقد سمَّت سورة التوبة غزوة تبوك بغزوة العسرة؛ لأنها كانت في زمنٍ اشتدّ فيه القحط والجدب والحر، وعسر على الناس الخروج للغزوة، لكنَّ عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ضرب أروع الأمثلة في تجهيز جيش العسرة، فتبرّع بتجهيز أكثر من ثلاثمئة بعيرٍ بعدّتها، وهي آخر غزوةٍ غزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان معه أكبر جيشٍ بالنسبة لغزواته السابقة جميعها، حيث كان معه ثلاثون ألف صحابي.[٣] وقد نزلت آيات سورة التوبة تُبشّر بصفح الله -تعالى- وعفوه عن النبي والمهاجرين والأنصار الذين رافقوه في غزوة العسرة وانضمّوا لجيشها، ويُقصد بالعسرة الشدّة، حيث كانت على المجاهدين شِدّةٌ وعُسرةٌ في توفّر الأكل والشرب والدواب التي تُستخدم للركوب، فرُوي أن الرجلان كانا يقتسمان التمرة بينهما، وأنَّ المجاهدَيْن أو الثلاثة كانوا يتعاقبون على بعيرٍ واحدٍ.[٤]
قال قتادة: “خرجوا إلى الشام في تبوك في لهيب الحر على ما يعلم الله من الجهد”، وقال عمر -رضي الله عنه-: “أصابنا فيه عطش حتى ظننّا أن رقابنا ستتقطّع من شدّة الحر”، وكان من أحداث غزوة العسرة ما يأتي:[٥]
- تخطيط الرسول -صلى الله عليه وسلم- الدقيق لكي يُعلّم المسلمين أنَّ مشوار الفتوحات الإسلامية قد بدأ، وأنَّ عليهم أن يكملوه بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهذا ما قاموا به حقاً، فقد امتدّت الفتوحات بعد وفاته إلى مشارق الأرض ومغاربها، فوصلت إلى بلاد فارس، وبلاد الروم، ومصر، ونشر المجاهدون المسلمون العدل، والتوحيد، والإيمان، والحكم الإسلامي.
- السفر البعيد في هذه الغزوة، وقد قال الله -تعالى-: (لَو كانَ عَرَضًا قَريبًا وَسَفَرًا قاصِدًا لَاتَّبَعوكَ وَلـكِن بَعُدَت عَلَيهِمُ الشُّقَّةُ).[٦]
- خطورة العدو، حيث جيش الروم بعدّته ونفوذه وسلطانه، وبالمقابل خوف المنافقين في صفوف المسلمين من مواجهتهم.
- حاجة الجيش الإسلامي إلى مؤونةٍ ضخمةٍ؛ لأن الجيش ضخمٌ وكبيرٌ، وكان المسلمون في ظروفٍ صعبةٍ وفقرٍ وحاجة.
سبب تسمية الغزوة بتبوك
إن تسمية الغزوة بتبوك هو وقوع هذه المعركة في منطقة تبوك، وهي بقعةٌ في بادية الشام قريبةٌ من منطقة مَدْيَن التي بُعث فها سيّدنا شعيب -عليه السلام-، أما لغةً فيُقال باكت الناقة تبوك بوكاً فهي بائك؛ أي: زاد وزنها، وبهذا المضارع سمّيت غزوة تبوك؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه الغزوة لم يُقاتل وإنّما صالح أهلها على الجزية، فكانت معركة خالية من القتال، فشابهت الناقة التي ليس بها ضعف وهزال.[٧][٨]
وتبوك هو الاسم المعروف لهذه الغزوة قديماً وحديثاً، فقد قال ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان إنَّ تبوك هي بِركةٌ لأبناء سعد من بني عذرة، أو وادي بين الشام والقرى، وتُلفظ تَبُوْك بالفتح ثمَّ الضم ثمَّ الواو ساكنة، وتقع بين جبلين هما: جبل حسمي غربيها، وجبل شروري شرقيها، وقال أبو زيد إنَّ تبوك هو حصنٌ فيه نخيلٍ وعين ماءٍ وحائط للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتقع بنصف طريق الشام بين الحجر وأول الشام،[٨] وممّا يؤيّد أنها اسم عيْنٍ ما رواه مسلم في صحيحه من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا، إنْ شَاءَ اللَّهُ، عَيْنَ تَبُوكَ، وإنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فمَن جَاءَهَا مِنكُم فلا يَمَسَّ مِن مَائِهَا شيئًا).[٩][١٠]
سبب غزوة تبوك
تعدّدت أسباب غزوة تبوك، وفيما يأتي بيانها:
- أمْر الله -تعالى- النبيّ ومن معه بالجهاد: أَمَر الله -تعالى- نبيّه الكريم بالجهاد، فاستجاب رسول الله لأمر ربّه، وكان أقرب الناس له وأوْلاهم بالدعوة إلى الحقّ لقربهم من الإسلام وأهله هم الروم، فَأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتجهيز غزوة تبوك في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة استجابةً لقوله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا قاتِلُوا الَّذينَ يَلونَكُم مِنَ الكُفّارِ وَليَجِدوا فيكُم غِلظَةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ المُتَّقينَ)،[١١] وقد روى كعب بن مالك -رضي الله عنه- فقال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قَلَّما يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إلَّا ورَّى بغَيْرِهَا، حتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَغَزَاهَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في حَرٍّ شَدِيدٍ، واسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا ومَفَازًا، واسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وأَخْبَرَهُمْ بوَجْهِهِ الذي يُرِيدُ).[١٢][١٣]
- تجمّع الروم لمواجهة المسلمين: فمن أسباب غزوة تبوك أنَّ الروم قد عزموا على غزو المدينة المنورة، فوصل الخبر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورأى أنَّه لا بُد من استنفار الجيش المسلم للخروج لملاقاة العدو قبل أن يأتيهم في أرضهم،[١٣] وذلك لمّا بلغه أنَّ الروم تجمّعت بالشام مع هرقل.[١٤]
- وكان من عادته وحكمته وسياسته -صلى الله عليه وسلم- أنَّه عندما يعلم أنَّ قوماً قد همّوا بغزْوِه فإنّه يبدؤهم بالغزو قبل أن يغزوه، وكان من عادته إذا أراد غزو منطقةٍ يقول إنّه سيذهب إلى منطقةٍ أخرى حتى يُخفي الأخبار عن الأعداء إلا في هذه الغزوة، فقد وضَّح للناس مقصده ووجهته، وذلك حتى يتجهّز الناس ويأخذوا عدّتهم بسبب بُعد مكان هذه الغزوة، وكثرة العدوّ، وشدّة الزمان، وعسرته، حيث الجدب وشدّة الحرّ، وكان وقت جني الثمار قد أتى، وطبيعة الناس أنّهم يحبّون القرار عند ثمارهم وظلالهم، لكنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- استطاع أن يجمع أكبر جيشٍ لمقاتلة الروم بعد أن استنفر أهل مكة والمدينة المنورة وما حولهما، ومسلمي الجزيرة العربية.[١٥]
- إظهار هيبة الإسلام والمسلمين في نفوس الأعداء: حيث كان من أسباب غزوة تبوك قذف الرُّعب في نفوس الأعداء وبيان مكانة ومنزلة الإسلام، كما حدث في فتح مكة، لأنَّ الغزوة شكّلت احتكاكاً بأعظم قوّةٍ في ذلك الزمان، ألا وهم الروم، وقد كان هرقل إمبراطور الروم يحسب حساباً لظهور الرسول -صلى الله عليه وسلم- في جزيرة العرب، مع أنَّ العرب قبل بعثة النبي كانوا يخشون على أنفسهم من الروم ومن هجوم غسّان التابع لقيصر ملك الروم، وكانوا يحلمون بهذا الغزو ويخافون منه، لِما كان لهذه الدولة الرومية من انتصاراتٍ عظيمةٍ، وكانت مواجهة المسلمين لهم تمهيداً لفتوحات المسلمين للشام في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-.[١٦]
- إظهار عزّة ومكانة الإسلام في نفوس القبائل التي لم تدخل الإسلام: فكان من أسباب غزوة تبوك إظهار مكانة وعزّة الإسلام في نفوس القبائل العربية التي لم تدخل في الإسلام في الجزيرة العربية، وتوضيح أهمية الدين الإسلامي أمامهم لإتاحة الفرصة لهم للدخول في هذا الدين العظيم الذي انتشر في بلادهم، وذلك ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله عن الذين خرجوا في هذه الغزوة: (وَلا يَطَئونَ مَوطِئًا يَغيظُ الكُفّارَ وَلا يَنالونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا إِلّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ)،[١٧] وقد كان لغزوة تبوك أثراً كبيراً في مجرى التاريخ الإسلامي، وأهميةً عظيمة في السيرة النبوية وتاريخ الدعوة، وتحقّقت منها غاياتٌ عظيمةٌ في نفوس العرب والمسلمين.[١٦]
موقف المؤمنين والمنافقين من غزوة تبوك
حشد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثلاثين ألف مقاتلٍ مكوّنين من مختلف القبائل العربية، ومن أهل مكة، والمهاجرين، والأنصار، وعند بداية إعلان الرسول -صلى الله عليه وسلم- النفير العام لتجهيز جيش العسرة في وقت جني الثمار وحب الاستظلال تحت الأشجار، كان هناك من تباطأ في الاستجابة، فعاتبهم الله -تعالى- بقوله: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا ما لَكُم إِذا قيلَ لَكُمُ انفِروا في سَبيلِ اللَّـهِ اثّاقَلتُم إِلَى الأَرضِ أَرَضيتُم بِالحَياةِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ فَما مَتاعُ الحَياةِ الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إِلّا قَليلٌ)،[١٨] ولذلك كشفت الغزوة لِما فيها من الشدائد والعسرة عن نفاق المنافقين، وصدق المؤمنين.[١٩]
موقف المؤمنين الصادقين في غزوة تبوك
استنفر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناس للجهاد في سبيل الله -تعالى- القائل في كتابه: (انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم وَأَنفُسِكُم في سَبيلِ اللَّـهِ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ)،[٢٠] وعندما حثَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الإنفاق في سبيل تجهيز جيش المسلمين؛ أَخَذ الصادقين من المسلمين بالتبرّع بأموالهم، ومنهم من أتى بكلّ ماله، ومنهم من جاء بنصف ماله. وقد ضرب عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أروع الأمثلة في ذلك لما رواه عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- قال: (جاءَ عُثمانُ بنُ عَفَّانَ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بِألْفِ دينارٍ في ثَوبِهِ، حينَ جَهَّزَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- جَيشَ العُسرَةِ، قالَ: فصَبَّها في حِجْرِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، فجَعَلَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- يُقَلِّبُها بِيَدِهِ، وَيَقولُ: ما ضَرَّ ابنَ عَفَّانَ ما عَمِلَ بَعدَ اليَومِ).[٢١][١٩]
وقد تصدّق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بنصف ماله، وتصدّق أبو بكر -رضي الله عنه- بكلّ ماله، فعرف عمر أنَّه لن يَسبق أبا بكرٍ في أيّ أمر، وتصدّق عثمان -رضي الله عنه- بنفقةٍ وصفها الإمام الذهبي بأنَّه لن يُنفق أحدٌ بأعظم مما أنفق، وكان ذلك استجابةً لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَن جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ).[٢٢][٢٣]
وقد حزن فقراء المسلمين لأنّهم لم يتمكّنوا من الإنفاق في سبيل الله؛ لأنهم لا يملكون المال، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يملك ما يحملهم عليه، فوصل بهم الأمر حدّ البكاء شوقاً للجهاد، وتحرّجاً من القعود هم وأمثالهم من العجزة والضعفاء الذين أقعدهم المرض عن الجهاد، فنزل فيهم قول الله -تعالى-: (لَيسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى المَرضى وَلا عَلَى الَّذينَ لا يَجِدونَ ما يُنفِقونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحوا لِلَّـهِ وَرَسولِهِ ما عَلَى المُحسِنينَ مِن سَبيلٍ وَاللَّـهُ غَفورٌ رَحيمٌ* وَلا عَلَى الَّذينَ إِذا ما أَتَوكَ لِتَحمِلَهُم قُلتَ لا أَجِدُ ما أَحمِلُكُم عَلَيهِ تَوَلَّوا وَأَعيُنُهُم تَفيضُ مِنَ الدَّمعِ حَزَنًا أَلّا يَجِدوا ما يُنفِقونَ)،[٢٤] وقد بشّر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحاب النوايا الحسنة من المتخلّفين والمعذورين بقوله: (إنَّ بالمَدِينَةِ أقْوامًا، ما سِرْتُمْ مَسِيرًا، ولا قَطَعْتُمْ وادِيًا إلَّا كانُوا معكُمْ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وهُمْ بالمَدِينَةِ؟ قالَ: وهُمْ بالمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ).[٢٥][١٩]
موقف المنافقين من غزوة تبوك
تجدر الإشارة إلى أنَّ المنافقين كانوا حريصين على الالتزام بالقانون العام في الظاهر، وإيهام الجميع أنهم منقادون لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقالوا إنَّه أذِن لهم بالقعود لكونه يعلم أنَّه لن يُجاهد معه إلا من يرغب بالجهاد حقيقةً، فعاتبه الله -تعالى- على ذلك الموقف بقوله: (عَفَا اللَّـهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُم حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذينَ صَدَقوا وَتَعلَمَ الكاذِبينَ).[٢٦] أما بالنسبة لموقفهم في غزوة تبوك فتلخيصه فيما يأتي:[٢٧]
- التخلّف عن كل أنواع الجهاد؛ سواء بالمال أو بالنفس، قال -تعالى-: (وَإِذا أُنزِلَت سورَةٌ أَن آمِنوا بِاللَّـهِ وَجاهِدوا مَعَ رَسولِهِ استَأذَنَكَ أُولُو الطَّولِ مِنهُم وَقالوا ذَرنا نَكُن مَعَ القاعِدينَ)،[٢٨] والفرح بهذا التخلّف وعدم الحزن، بل السعادة بهذه المعصية والجريمة، فقال الله -تعالى- في حقّهم: (فَرِحَ المُخَلَّفونَ بِمَقعَدِهِم خِلافَ رَسولِ اللَّـهِ).[٢٩]
- تثبيط المؤمنين الصادقين عن الخروج للقتال، واستخدام الوسائل المختلفة والدعايات المتعدّدة لتحقيق ذلك، ومن أمثلة ما جاء في القرآن الكريم في وصف حالهم، قال -تعالى-: (وَقالوا لا تَنفِروا فِي الحَرِّ)،[٣٠] وكقولهم للصحابة أنهم سيُكبّلون بالحبال من قبل الرومان؛ لأنَّ قتالهم ليس كقتال باقي الأعداء، فهم أقوياء.
- الاستهزاء من المؤمنين الذين يُنفقون في سبيل الله، حيث يتّهمون الأغنياء بأنَّ نيّتهم من الإنفاق السمعة والرياء، ويسخرون من قلّة نفقة الفقراء، قال -تعالى-: (الَّذينَ يَلمِزونَ المُطَّوِّعينَ مِنَ المُؤمِنينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذينَ لا يَجِدونَ إِلّا جُهدَهُم فَيَسخَرونَ مِنهُم).[٣١]
- البحث عن حججٍ وأدلةٍ شرعية للتخلّف عن الجهاد، وإثارة الشبهات بين المسلمين؛ مثلما فعل الجد بن قيس الذي زعم بأنَّه لا يريد الخروج لغزوة تبوك من باب اختيار أخفّ الضررين، وذلك لأنَّه يخاف أن يفتتن بجمال نساء الروم، فقرّر التخلّف عن الجهاد ليحمي نفسه، وقال إنَّ هذا من ورعه وتقواه، فنزل قوله -تعالى-: (وَمِنهُم مَن يَقولُ ائذَن لي وَلا تَفتِنّي أَلا فِي الفِتنَةِ سَقَطوا).[٣٢]
- الانسحاب والرجوع من نصف طريق المعركة على سبيل الخطّة والخدعة، أملاً بعودة عددٍ من المسلمين معهم، كما فعل عبد الله بن أُبيّ بن سلول في معركتي أُحد وتبوك.
- بثّ الفتنة في صفوف المسلمين، وذلك من خلال الخروج معهم ومرافقتهم في جميع مراحل الرحلة من أجل بثّ الفتنة والكيد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدر المستطاع.
- محاولة بعض المنافقين أن يتصدّقوا ويتستّروا خلف صدقاتهم، لكنَّ الله -تعالى- كشفهم ولم يتقبّل منهم، قال -تعالى- عنهم: (قُل أَنفِقوا طَوعًا أَو كَرهًا لَن يُتَقَبَّلَ مِنكُم إِنَّكُم كُنتُم قَومًا فاسِقينَ* وَما مَنَعَهُم أَن تُقبَلَ مِنهُم نَفَقاتُهُم إِلّا أَنَّهُم كَفَروا بِاللَّـهِ وَبِرَسولِهِ وَلا يَأتونَ الصَّلاةَ إِلّا وَهُم كُسالى وَلا يُنفِقونَ إِلّا وَهُم كارِهونَ).[٣٣][١٩]
المراجع
- ↑ سورة التوبة، آية: 117.
- ↑ صالح المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 4، جزء 21. بتصرّف.
- ↑ مظهر الدين الزَّيْدَانيُّ (2012)، المفاتيح في شرح المصابيح (الطبعة الأولى)، الكويت: دار النوادر، صفحة 306، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ السمعاني (1997)، تفسير القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض-السعودية: دار الوطن، صفحة 355، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن المحمود، دروس للشيخ عبد الرحمن صالح المحمود، صفحة 5، جزء 18. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 42.
- ↑ أحمد الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بيروت: المكتبة العلمية، صفحة 66، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب إبراهيم العلي (1995)، صحيح السيرة النبوية (الطبعة الأولى)، الأردن: دار النفائس، صفحة 462. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 706، صحيح.
- ↑ عبد القادر السندي، الذهب المسبوك في تحقيق روايات غزوة تبوك، المدينة المنورة-المملكة العربية السعودية: مطابع الرشيد، صفحة 38. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 123.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2948، صحيح.
- ^ أ ب صالح عبد الواحد، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ عَليه الصَّلاة وَالسَّلام (الطبعة الثانية)، عمان-الأردن: مكتبة الغرباء-الدار الأثرية، صفحة 525. بتصرّف.
- ↑ التقي الفاسي (1998)، العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 410، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (الطبعة الثامنة)، دمشق: دار القلم، صفحة 495، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي (الطبعة الثانية عشر)، دمشق: دار ابن كثير، صفحة 483-486. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 120.
- ↑ سورة التوبة، آية: 38.
- ^ أ ب ت ث صالح عبد الواحد، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ عَليه الصَّلاة وَالسَّلام (الطبعة الثانية)، عمان-الأردن: مكتبة الغرباء-الدار الأثرية، صفحة 526-528. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 41.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبد الرحمن بن سمرة، الصفحة أو الرقم: 20630، إسناده حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 2778، معلق.
- ↑ موسى العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (دراسة محققة للسيرة النبوية) (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية، صفحة 276-279، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 91-92.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4423، صحيح.
- ↑ سورة التوبة، آية: 43.
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 16، جزء 43.
- ↑ سورة التوبة، آية: 86.
- ↑ سورة التوبة، آية: 81.
- ↑ سورة التوبة، آية: 81.
- ↑ سورة التوبة، آية: 79.
- ↑ سورة التوبة، آية: 49.
- ↑ سورة التوبة، آية: 53-54.