ظاهرة انفصال الماء والزيت
الماء والزيت لا يختلطان في الظروف الطبيعية، وعند مزجهما الزيت يطفو على السطح ويبقى الماء راكداً في القاع، كيميائياً يمكن تفسير هذه الظاهرة بسبب الطبيعية الجزيئية لكلا المادتين التي تجعل من الصعب اندماجهما معاً، فجزيئات الماء ذات طبيعة قطبية أي أنها محكومة بشحنات موجبة وسالبة، وترتبط مع الذرات أو الجزيئات الأخرى بروابط هيدروجينية أساسها الشحنات، بينما الزيت مركب عضوي ليس له طبيعة قطبيّة ولا يستطيع تشكيل روابط هيدروجينية، لذا عند خلط المادتين يعمل جزيء الماء على جذب جزيئات ماء أخرى له مبتعداً عن الزيت ويبقى الزيت وحده، فتتحرك الطبيعة الفيزيائية للمادتين فتصعد المادة ذات الكثافة الأقلّ للأعلى وتهبط المادة ذات الكثافة الأعلى للأسفل.
خلط الزيت مع الماء
حتى نتجاوز الطبيعة الجزيئية لكلا المادتين، يجب عمل مستحلب من خلاله يتمّ تشتيت مادة داخل أخرى، بإحدى الطرق التالية:
- المستحلب المؤقت: نخلط الماء في الزيت في وعاء ونغلقه فتنفصل المادتين على شكل طبقتين، في حال قمنا برجّ الوعاء بقوة كبيرة، تختلط المادتين معاً، ويسمى المحلول الناتج هنا emulsion، لكن بعد أن تختلط الجزيئات ويوضع الإناء الحامل لها فترة دون تحريك، نلاحظ انفصال المادتين عن بعضهما وعودتهما إلى الوضع السابق ماء في القاع فوقه طبقة زيت.
- المستحلب الدائم: بإضافة مادّة تسمى emulsifier، ففي النباتات لاحظ العلماء اختلاط الزيوت مع الماء بطريقة مثيرة وبعد المراقبة تمّ اكتشاف مادّة تسمّى ليستين كانت هي السبب وراء ذلك، وهذه المادة لجزيئاتها نهايتين مختلفتين النهاية الأولى تكون قطبية Hydrophile يمكنها تشكيل روابط هيدروجينية مع الماء، والنهاية الثانية ليست قطبية Lipophile لذا فهي قادرة على تشكيل روابط مع الزيت، فتصبح هذه المادة قادرة على جذب جزيء ماء من جهة مع جزيء زيت من جهة أخرى ممّا يجعل المادتين تتجانسان وتختلطان معاً، وهذا الاكتشاف فتح الطريق لمعرفة emulsifier، والتي تعرف على أنّها مادة تحتوي جزيئات بنهايتين مختلفتين تعمل تماماً بطريقة الليستين في النبات.
- مستحلب بتكنولوجيا النانو: عندما يتم تسخين الماء تحت الضغط يصل إلى نقطته الحرجة عند 374 سيلسيوس و22.1 ميغا باسكال، فيصبح لا فرق بين السائل والغاز، فلا يمكن لذرات الماء أن تتجمّع أو أن تنعزل وحدها بعد ذلك، فتفقد الطبيعية القطبية وتصبح مواصفاتها شبيهة بمواصفات الزيت فيندمج الجزء العضوي المتجانس المتمثل في الزيت (والذي أبعاده أصبحت بفضل تكنولوجيا النانو 100-600 نانوميتر) مع الجزء المائي لتكوين وحدة واحدة، وينتج عن ذلك سائل أبيض شفاف.
استخدم الباحثون لعمل هذه التجربة مادة الدوديكان (مادة زيتية سميكة من عائلة الألكانات)، وتم خلطها بالماء بسهولة كبيرة عند تلك الشروط، ولاحظوا أنّ جزيئات الزيت غلّفت بالماء بما سمّي بعدها مستحلب الماء في الزيت، وهناك نوع آخر من المستحلبات يسمى مستحلب الزيت في الماء، وفيه تغلف جزيئات الماء بالزيت.