محتويات
'); }
الأسرة في الإسلام
كانت الأسرة قبل الإسلام قائمةً على الرجال، بتهميش دور المرأة، وعدم الاعتراف بها، ومن صور الظلم والتعسّف الذي كان يلحق المرأة في الجاهلية، إلحاقها بالولد الأكبر للزوج عند وفاة زوجها، فيفرض الابن سلطته عليها، بأن يتزوجها أو يمنعها من الزواج، ويتحكّم بها مع عدم احترام كرامتها، كما كان الميراث من حقّ الرجال دون النساء، والسبب في ذلك أنّ النظر إلى المرأة كان من جانب إلحاق الخزي والعار، لورود احتمال السبي لها، أمّا الأسرة الكبيرة أو القبيلة كانت تُناصر بعضها ولو كانت النصرة ظلماً وباطلاً، إلى أن جاء الإسلام وألغى كلّ ذلك، وأعطى كلّ صاحب حقٍّ حقّه، وحرص حرصاً شديداً على ترابط الأسرة وتماسكها، وذلك بإعطاء كلّ فردٍ منها الدور الخاص به، فحرص على إكرام المرأة، سواءً كانت أمّ، أو بنت، أو زوجة، وجعل لها نصيباً من الميراث، وجعل لها حقوقاً كحقوق الرجال في الكثير من الأمور، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّما النساءُ شقائقُ الرجالِ)،[١] وأعطى المرأة الحرية في اختيار الزوج، وأوكل لها المهمة الكبيرة في تربية الأبناء، إلّا أنّ تربية الأبناء من المسؤوليات المشتركة بين الأم والأب، وفي المقابل حرص الإسلام على حثّ الأبناء على تقدير الوالدين، واحترامهما بغرس مبدأ الاحترام والتقدير في نفوسهم، كما أنّ الإسلام حثّ على الزواج، وحذّر من اختلاط الرجال بالنساء، حرصاً على الطهارة والعفّة والنسب.[٢]
كيفية تحقيق التماسك الأسري بين أفراد الأسرة
يتحقق الترابط والتماسك الاسري بين أفراد الأسرة بفعل العديد من العوامل، وفيما يأتي بيان البعض منها:[٣]
'); }
العامل الديني
فالدين من أهم الأساسات التي تقوم عليها الأسرة، ويبدأ ذلك من حسن اختيار كلّ طرفٍ من الزوجين للآخر، كما أنّ الدين يبني الشخصية المتوازنة والمعتدلة، التي تعدّ جزءاً من الأسرة فينعكس ذلك عليها بشكلٍ إيجابيٍ، فالإسلام رغّب بالارتباط بالمرأة صاحبة التقوى والسلوك الحسن؛ لأنّها سبباً في الحياة الزكية والهانئة، كما أنّ الإسلام حثّ المرأة على الارتباط بالرجل صاحب الدين الذي لا يظلم زوجته، أو يمنعها من كرامتها، أو يسبّب الإهانة لها، وإنّما الذي يشعرها بقيمة نفسها وأهميتها، وبذلك تتحقّق الحماية للأسرة، ومن الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى هدمها، شرب الخمر، والزنا، وغير ذلك من الأفعال المحرّمة، ومن الجدير بالذكر أنّ الإسلام بيّن القواعد الأساسية التي تقوم عليها الأسرة الناجحة، ومن ذلك: المودة والرحمة، والأخلاق الكريمة والحسنة، والمعاشرة بالمعروف، وذلك يتحقّق بالالتزام والقيام بالأوامر الشرعية، والحرص على الالتزام بالتقاليد القومية للمجتمع، ومعرفة الحقوق والواجبات المتعلّقة بالأسرة، كما أنّ أداء العبادات والفرائض بشكلٍ جماعيٍ داخل الأسرة له دور مهماً في تحقيق السمو الفكري والروحي للأسرة، وحمايتها من أسباب الانحراف.
العامل الاجتماعي
يتمثّل العامل الاجتماعي بتحقيق مجموعةٍ من العوامل التي تؤدي له، وهي: أنّ على كلّ فرد من أفراد الأسرة حقوقه وواجباته، وبذلك يكون كلّ فردٍ بما عليه من المهام والوظائف المتعلقة بالأسرة، دون ضغطٍ أو حمل بعض الأفراد أعباءً ليست من شأنهم، وبذلك تزيد الأسرة من تماسكها وترابطها، ومن العوامل الاجتماعية المؤثرة على ذلك شعور كلا الزوجين بأهمية ومكانة العلاقة بينهما، وما لها من دورٍ بالغٍ في استقرار الأسرة، مما يؤدي إلى إنشاء علاقاتٍ جديدةٍ لكلا الطرفين، ومن العوامل الاجتماعية أيضاً فهم التفضيل الإلهي، وتطبيقه تطبيقاً صحيحاً، وتكليف الرجل بمهمة رعاية المرأة، والحرص عليها، وحمايتها، والإنفاق عليها، ومعاملتها بإحسانٍ، والاشتراك معها في اتخاذ القرارات التي تتعلّق بالمنزل، وبذلك تتحقق الشورى التي يقوم عليها مبدأ القوامة، كما أنّ الاختلاف بين الزوجين القائم على تقبّل الآخر، مع الحرص على تحقيق التوافق له أثراً كبيراً في الاستقرار الأسري، حيث أكّد معظم الباحثين أنّ الخلافات بين الزوجين تظهر في السنوات الأولى من الزواج، وتخصّ منها السنة الأولى، وذلك يعتمد على تحديد معايير وأسس الاختيار عند كلا الطرفين تحديداً جيداً، فالاختيار الناجح يؤدي إلى الرضا والقبول بين الطرفين.
العامل الاقتصادي
يتحقّق الاستقرارالاقتصادي للأسرة بتحقيق دخلٍ اقتصاديٍ يلبّي حاجات الأسرة الأساسية، من الطعام، والشراب، والمسكن، والملبس، وإن كانت الأسرة عاجزةً مادياً عن توفير حاجتها فذلك يؤدي إلى الشعور بالحرمان، ممّا يؤدي إلى اضطراب العلاقات الأسرية، وزيادة المشاكل والصراعات بينها، ويمكن الحدّ من ذلك بتكاتف جهود أفراد المجتمع للحدّ من مشاكل الفقر والبطالة، وتوفير الحاجات الأساسية من الطعام، والمسكن، والخدمات التعليمية والصحية، والواجب على كلّ أسرةٍ أن تلبيّ الحاجات الأساسية لها، ثمّ النظر في الكماليات من الأمور، وذلك بتقديم الأولويات على غيرها.
العامل النفسي
يبيّن علم النفس أنّ أساس نجاح العلاقة الزوجية بين الطرفين يعتمد على التوافق بينهما المرتبط بالنضج الانفعالي لهما، ويعّرف النضج الانفعالي بأنّه المؤشر الذي يبيّن مستوى قدرة الفرد على إدراك نفسه وغيره بموضوعيةٍ، ممّا يؤدي إلى قدرته على تمييز الحقيقة من الخداع، وبذلك فإنّ التعامل يكون بناءً على الحقائق التي يدركها.
الأسرة في القرآن والسنة
إنّ الأسرة ذات كيانٍ لا مثيل له في المجتمع، فالإسلام بيّن ذلك في العديد من النصوص القرآنية والنبوية، وفيما يأتي بيان البعض منها:[٤]
- بيّن الإسلام أنّ الأسرة تعدّ أساس المجتمع، وأنّها الخلية الأولى في تكوينه، حيث قال الله تعالى: (وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا وَجَعَلَ لَكُم مِن أَزواجِكُم بَنينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالباطِلِ يُؤمِنونَ وَبِنِعمَتِ اللَّـهِ هُم يَكفُرونَ).[٥]
- بيّنت السنة النبوية أنّ الزواج عبادةً يتقرّب بها العبد إلى الله تعالى، وتتحقّق له الطهارة والنقاء، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَنْ رزقهُ اللهُ امرأةً صالحةً، فقدْ أعانَهُ على شطرِ دينِهِ، فليتقِ اللهَ في الشطرِ الباقِي).[٦]
المراجع
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2545، صحيح.
- ↑ “مكانة الأسرة في الإسلام”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 21-9-2018. بتصرّف.
- ↑ كنزة عيشور ومهدي عوارم، التماسك الأسري تعريفه و عوامل تحققه ، صفحة 4-15. بتصرّف.
- ↑ “الأسرة في القرآن والسنة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية: 72.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 8685، صحيح.