الشيطان ووساوسه
يشكو الكثير من الناس من الوسوسة التي مصدرها الشيطان، فالكثير من الناس يشكّ في طهارته، وطهارة ثيابه، وطهارة الأشياء المحيطة به، وقد تكون الشكوك في الصلوات، ممّا يجعل العبد يفكّر بأنّ الصلاة من الهموم الثقيلة التي يجب التخلّص منها، وقد تؤدي الوساوس إلى ترك الصلاة بشكلٍ كليٍ، وقد تكون الوسوسة في كلّ العبادات، فالوسوسة تطلق على ما يحدثه الشيطان في قلب العبد، كما أنّ الوسوسة تطلق على ما يحصل من حديث النفس، وما يحصل لها من الأفكار السيئة، أمّا الشخص الذي يصاب بالوساوس يطلق عليه الموسوس، وإن تكلّم بكلامٍ غير مفهومٍ يطلق عليه الوسوس، ومن الجدير بالذكر أنّ أول وسوسةً كانت من الشيطان لآدم -عليه السلام- وحواء، حيث قال الله تعالى: (فَوَسوَسَ لَهُمَا الشَّيطانُ لِيُبدِيَ لَهُما ما وورِيَ عَنهُما مِن سَوآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ)،[١] إلّا أنّ الله -تعالى- أمر عباده بالاستعاذة من الشيطان ووساوسه، حيث قال: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ*مَلِكِ النَّاسِ*إِلَـهِ النَّاسِ*مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ*الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ*مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)،[٢] إلّا أنّ المسلم يجب عليه التخلّص من وساوس الشيطان، ويمكن أن يتحقّق من ذلك بالعديد من الوسائل والطرق، وذلك ما سيتم بيانه.[٣]
كيفية التخلص من وساوس الشّيطان
يمكن للعبد المسلم التخلّص من وساوس الشيطان بالعديد من الطرق والوسائل والأساليب، وفيما يأتي بيان البعض منها:[٤]
- اللجوء إلى الله -تعالى- بالدعاء، والابتهال، والتضرّع له بصدقٍ وإخلاصٍ، وطلب الشفاء منه.
- المداومة على قراءة القرآن الكريم، والحرص على ذكر الله -تعالى- في كلّ الأوقات، ومن ذلك: المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ منه، ودعاء دخول المنزل ودعاء الخروج منه، وكذلك دخول بيت الخلاء والخروج منه، والتسمية قبل البدء بالطعام، وحمد الله تعالى بعده، حيث روى الصحابي أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الشيطانُ يلتقمُ قلبَ ابنِ آدمَ، فإذا ذكر اللهَ خَنَسَ عنده، وإذا نسيَ اللهَ الْتَقَمَ قلبَهُ).[٥]
- الاستعاذة بالله -عزّ وجلّ- من الشيطان الرجيم ووساوسه، وعدم الالتقات إلى وساوسه، وعدم المضي بوسواسه الخبيثة التي يعرضها على العبد، حيث روى الصحابي أبو هريرة أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقولَ: مَن خلقَ كذا وَكَذا؟ حتَّى يَقولَ لَهُ: مَن خلقَ ربَّكَ؟ فإذا بلغَ ذلِكَ، فليَستَعِذْ باللَّهِ ولينتَهِ).[٦]
- الاشتغال بالعلوم النافعة والمفيدة، واستغلال الأوقات في حضور مجالس العلم واستماعها، وتجنّب مصاحبة أهل السوء والضلال، وكذلك يجب تجنب اعتزال الناس وعدم الاحتكاك والاختلاط بهم .
- الإكثار من الطاعات والعبادات، والأعمال النافعة التي تقرّب العبد من الله تعالى، والابتعاد عن الأعمال التي تلحق بصاحبها تحمّل الذنوب والمعاصي.
- الحرص على أداء الصلوات جماعةً في المسجد، والحرص كذلك على قيام الليل، وعلى أداء السنن الرواتب.[٧]
- التفكّر في مخلوقات الله تعالى، والتأمّل في الآيات الكونية، فبذلك تتحقّق الزيادة في الإيمان، ويتخلّص العبد من الوساوس والشكوك التي تراوده.[٧]
- العلم بأنّ الله -تعالى- يحاسب العبد على ما يصدر منه، وليس على ما يفكّر ويعتقد به.[٧]
أنواع وساوس الشيطان
قد يصاب العبد المسلم بالكثير من أنواع وساوس الشّيطان، وفيما يأتي بيان بعض أنواعها:[٨]
- الوسواس الذي يؤثّر على الإيمان بالله تعالى، والإيمان برسوله صلّى الله عليه وسلّم، والإيمان باليوم الآخر، فالمؤمن لا يتأثّر بالوساوس السابقة لعلمه ببطلانها، وعدم صحتها، كما أنّه كارهٌ وباغضٌ لها، فإن لم يستطع الشيطان إغواء المؤمن بدينه، فإنّه يزعزع إيمانه بوساوسٍ أخرى.
- الوسواس الذي يؤثّر على النية، فقد يؤثّر الشيطان على نية العبد، ممّا يجعل العبد يشك بنيته، فيتلفّظ بها، ومن الجدير بالذكر أنّ التلفّظ بالنية من الأمور المبتدعة التي لا أصل لها، وقد يصل الوسواس بالنية بتكرار التلفّظ بالنية أكثر من مرةٍ، إلّا أنّ محلّ النية القلب، كما أنّ النية من الأمور اللازمة لأفعال العباد المقصودة؛ أي أنّها لا تحتاج إلى تعبٍ أو تحصيلٍ.
- الوسواس الذي يصيب العبد ليؤثّر على الوضوء والصلاة، ويكون ذلك بالوسوسة للمسلم بعدم طهارة فرجه، بسبب بولٍ أو غائطٍ، وقد يصل إلى الأمر بإعادة غسل الجنابة، أو إعادة غسل الطهارة من الحيض، أو إعادة الوضوء بحجّة أنّه لم يكن صحيحاً، أو بالتشكيك في نسيان غسل عضوٍ من الأعضاء الواجب غسلها في الوضوء، وقد يصل الحال إلى الإسراف في الوضوء من غير عقلانيةٍ، حيث روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- مرّ بسعدٍ وهو يتوضأ فقال له: (ما هذا السَّرَفُ يا سَعدُ؟ قالَ: أفي الوضوءِ سَرفٌ قالَ: نعَم، وإن كنتَ على نَهْرٍ جارٍ)،[٩] كما أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال عمّن يكثر الوضوء بسبب الوسواس: (إِنَّهُ سيكونُ في هذِهِ الأُمَّةِ قومٌ ، يعتدونَ في الطُّهورِ و الدعاءِ)،[١٠] وحذّر الرسول من ذلك، فقال: (إِنَّ لِلوُضوءِ شيطاناً يقالُ لَهُ: الْوَلْهانُ، فاتَّقُوا وسواسَ الماءِ).[١١]
- الوسوسة على العبد خلال أدائه للصلاة، ومن صور ذلك: ترديد بعض الكلمات، أو رفع الصوت بها، أو تكرار آيةٍ قرآنيةٍ كاملةٍ، وقد يصل الحال إلى إعادة الصلاة بالكامل، بسبب الشك بعدم قراءة سورة الفاتحة، أو الشكّ في الطهارة أثناء الصلاة، أو عدم القيام بركنٍ من أركانها.
المراجع
- ↑ سورة الأعراف، آية: 20.
- ↑ سورة الناس، آية: 1-6.
- ↑ “تحذير الناس من وسوسة الوسواس الخناس”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-9-2018. بتصرّف.
- ↑ “علاج الوسوسة في الصلاة”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4955، حسن.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 134، صحيح.
- ^ أ ب ت “كيف أتخلّص من الوساوس المتسلّطة السلبية”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-9-2018. بتصرّف.
- ↑ “أثر الوسواس في حياة المسلم”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر ، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم: 12/23، إسناده صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن مغفل، الصفحة أو الرقم: 2396، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي بن كعب ، الصفحة أو الرقم: 2378، صحيح.