صحة نفسية

جديد كيف تتخلص من الوسواس النفسي

تعريف الوسواس

كثيرٌ من النّاس يُعانون من الوساوس، فكلُ إنسانٍ مُعرّضٌ لهذا النّوع من التّفكير، ولكن هذا الوسواس يُصبح حالةً مَرضيّةً في حالةٍ واحدةٍ فقط، وهي إذا تجاوزَ الحدّ الطبيعيّ إلى المُبالَغ فيه، عندها يتّخذ الوسواس الشّكل المَرَضيّ والذي يستدعي العلاج.

يكون الوساوس باستحواذ أفكارٍ مُعيّنةٍ غيرَ منطقيةٍ على الشّخص بحيث لا يستطيع التخلّص منها، وتُسيطر عليه حتى يُصبح عبداً لهذه الأفكار دون القدرة على التحكّم بها، فيُصبح مُنقاداً لها إلى الحدّ الذي يجعله غير قادرٍ على التّفكير، أو مُزاولة حياته، أو إتمام المَهمّات بفاعليّة،[١] فقد يعتقد الإنسان بأنّه فعل أمراً ما بصورة خاطئة، لهذا يتوجّب عليه أن يُعيد عمله ليكون بالصّورةِ الصّحيحة، ومن هنا، فإنّ الوسواس يُدخِل الإنسان في حالةٍ لها بداية وليس لها نهاية من تكرار العمل دون أيّةِ نتيجةٍ تُذكَر، ممّا يُسبّب له الإرهاق والتّعب، كما يُسبّب الإزعاج لمن حوله في حال اتّخذ الوسواس الشّكل المَرَضيّ وكان زائداً عن الحدّ الطبيعيّ.

الوسواس القهري وأسبابه

الاسمُ العلميّ لمرضِ الوسواس هو الوسواسُ القهريُّ، وهو أحد الأمراضِ العصبيّةِ التي تَنتُج عن انفصال أجزاء الدّماغ في الإنسان عن بعضها البعض، وتحديداً بين الجزء الأماميّ والجزء العميق من الدّماغ، ممّا يدفعهُ إلى تكرار نفس العمل لمجرّدِ التأكّدِ منه ومن إتمامه على أكمل وجه، وحيثُ إنّ أسباب هذا المرض الفعليّة والمباشرة لا زالت قيد البحث والدّراسة، إلا أنّ هناك العديد من الفَرَضيّات التي وُضِعَت؛ كفرضيّة التّغييرات الكيميائيّة في الجسم، أو الفرضيّة التي تقول بأنّه ناتجٌ عن تراكم للأحداث أو الصّدمات أو الخبرات السّيئة التي أدّت إلى هذا الوسواس، أو أنّ السّبب هو أساليب التّنشئة الخاطئة من قبل الأهل، كالقسوة، والحرمان، والصّراعات، والإحباطات المُستمرّة،[٢] أو أنّ هناك نقصٌ في بعض المواد في الجسم، وما إلى ذلك من فرضيّات مُتعدّدة.

أعراض الوسواس القهري

أعراضُ الوسواس القهريّ تظهر إمّا على صورةِ أفكارٍ وهواجسَ استحواذيّة، أو أفعالٍ قهريّةٍ تنتج عن تلك الهواجس.

الأفكار والهواجس

مِن الأمثلة عليها الخوفُ من الجراثيم، والخوفُ من التَسبّب بالأذى للغير، والخوفُ من الوقوع في الخطأ، والحاجةُ الدّائمةُ للمثاليّة، والخوف من التصرّفِ بطريقةٍ غير لائقةٍ اجتماعيّاً، والحاجةُ إلى النّظام والمثاليّة، والشكّ الدّائم والحاجةُ المُستمرّة للشّعور بالأمان، والخوف من التّفكير بالأفكارِ الخاطئةِ أو الشّريرة.[٣]

الأفعال القهرية

الاستحمام المُتكرّر، وغسلُ اليدين باستمرار، وإلزاميةُ تناولِ الطّعام بترتيبٍ مُعيّنٍ، ورفضُ المُلامسةِ مع الغير، والتّرتيبُ المُستمرّ، والتّكرارُ المُستمرّ لبعض الجملِ أو المَهمّاتِ.[٣]

علاج الوسواس القهري

علاج الوسواس المَرَضيّ القهريّ قد يكون باستخدام طريقةٍ واحدة للعلاج، أو قد يدمجُ بين عدّةِ طرقٍ في آنٍ واحدٍ.

العلاج السلوكي

أظهرت هذهِ الطّريقة فعاليتها مع المُصابينَ بالوسواس القهريّ من الأطفالِ والبالغينَ، حيث أظهرت الأبحاثُ أنّ بعض طرق العلاج النفسيّة، كالعلاج السلوكيّ المعرفيّ، يُمكن أن تكون فعّالة كالدّواء لكثير من المُصابين، وهناك أنواع وطرق علاجيّة سلوكيّة تنجح لبعض المُصابين ويكون لها نتائجَ أفضل من استخدامهم للأدوية.[٤]

إنّ للعلاج السلوكيّ المعرفيّ طرقٌ ووسائل مُتعدّدة، منها العلاجُ العقلانيّ العاطفيّ، وطريقةُ العلاج المعرفيّةِ، والتّدريبُ على حلّ المُشكلاتِ، والتّدريبُ على التّعليم الذاتيّ لمهاراتِ التّعايشِ، وطريقة التوقّف عن التّفكير. تُشير الدّراسات إلى أنّ أساليب العلاج وتعديل السّلوك المعرفيّ تُغيّر في العمليّاتِ المعرفيّة عندَ الشّخصِ الذي يُطبّق عليه العلاج، مثل التّغيير في مفاهيمِهِ، ونظرتِه لنفسهِ، واتّجاهاتهِ.[٥]

العلاج بالأدوية

ثمّةَ أدويةٌ مُعيّنةٌ تُستخدَم لمُعالجةِ الأمراضِ النفسيّةِ يُمكن أن تكون ذات فعاليّة في السّيطرة على الوساوس والسلوكيّات القهريّة التي تُميّز اضطراب الوسواس القهريّ. في مُعظم الحالات يبدأ علاج الوسواس القهري بمُضادّات الاكتئاب التي من المُمكن أن تكون فعّالة في العلاج، بحيث تعمل على رفع نسبة السّيروتونين التي قد تكون مُنخفضةً لدى الأشخاصِ الذين يُعانون من اضطراب الوسواس القهريّ.

إن للأدوية النفسيّة آثارٌ جانبيّة ومخاطر صحيّةٌ مُحتمَلة، لذا فإنّه من المُهمّ أن يبقى الطّبيب النفسيّ على اطّلاع حول جميع الآثار والأعراض الجانبيّة التي تظهر على المريض عند أخذهِ للدّواء، كما يجب الالتزام بتوصياته فيما يتعلّق بتدابيرِ المُتابعةِ ومُراقبةِ المريض التي يجب الحرص عليها طوال فترة تعاطي الأدوية والمُعالِجات النفسيّة وخاصّةً الأدوية المُضادّة للذّهان. كما أنّ بعض الأدوية قد تكون خطيرةً إذا ما تناولها المريض مع أدويةٍ من نوعٍ آخر، الأمر الذي من المُمكن أن يُسبّب تفاعلاتٍ خطيرةً في الجسم، هذه التّفاعلات من المُمكن أن تحصل أيضاً بسبب أنواعٍ مُعيّنةٍ من الغذاء أو موادّ أُخرى، كما ويجب إعلامُ الطّبيب عن الأدويةِ التي لا تستلزم وصفاتٍ طبيّة كالفيتامينات أو الأعشاب الطبيّة.[٦]

طرق علاجية أخرى

إضافةً إلى العلاج السلوكيّ والعلاج بالأدوية، هنالك طرق أقلّ استخداماً لعلاج الوسواس القهريّ قد يلجأ إليها الطّبيب كحلٍّ أخير للحالات المُستعصية، وفي حال لم يُظهِر المريض استجابةً للعلاج بالأدوية أو العلاج السلوكيّ، وفي حال كان المرض مُزمن ويُلازم المريض منذ سنوات ممّا يُؤثّر على كلّ نواحي حياته. يُعدّ التدخّل الجراحيّ إحدى هذه الطّرق في العلاج؛ فقد تطوّرت هذه الطّريقة كثيراً في ظلّ الطبّ الحديث، حيث أصبحت العمليّات تُقام عن طريق اللّيزر بسهولة عن طريق إتلاف أجزاء الدّماغ التي لها علاقة بالوسواس، ولكن هذه العمليّات لا تُغني المريض عن الاستمرار في تعاطي الدّواء، إنّما تُعتبرُ عاملاً مُساعداً للتّخفيف من حدّة المرض، لذا فهي ليست شائعة. أمّا في العلاج الجراحيُّ الكهربائيُّ يتمُّ عمل جراحةٍ لتعريضِ أجزاءٍ من المخّ لمجالٍ كهربائيٍّ بغرضِ تنظيمِ كهرباء المخ، كما يُستخدم العلاج الكهربائيُّ في بعض الحالاتِ دون اللّجوءِ لجراحةٍ عن طريق جلساتٍ لتنظيمِ كهرباء المخّ، ولكن من عيوب هذه الطّريقة سرعَةُ الانتكاسةِ التي تحدثُ مع المريض بعد وقفِ الجَلساتِ العلاجيَّةِ.[٧]

إنّ التّشخيص المُبكّر، ومُتابعة الطّبيب، والتقيُد بتعليماته، والتّعاون بين المريض والعائلة من بداية مراحل المرض من شأنه أن يكون ذا تأثيرٍ كبيرٍ في علاج الوسواس القهريّ بحيث يمنع تحوّل الحالة إلى المرض المُزمن الذي يحتاج لعلاجات مُتطوّرة ومُعقّدة أكثر.

المراجع

  1. مصطفى الشرقاوي (1/1/1996)، علم الصحة النفسية ، بيروت: دار النهضة العربية، صفحة 284.
  2. د.حنان عبد الحميد العناني (2005)، الصحة النفسية (الطبعة الثالثة)، عمان الاردن: دار الفكر، صفحة 132.
  3. ^ أ ب “Obsessive-Compulsive Disorder”، www.webmd.com، اطّلع عليه بتاريخ 2016/10/11.
  4. “Obsessive-Compulsive Disorder”، National Institutes of Health، اطّلع عليه بتاريخ 2016/10/10.
  5. أ.د جمال الخطيب (2003)، تعديل السلوك الإنساني (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة الفلاح، صفحة 342.
  6. “الوسواس القهري”، www.webteb.com، اطّلع عليه بتاريخ 2016/10/5.
  7. “العلاج الجراحي للوسواس القهري”، أ.د. مصطفى السعدني ، 2008/3/28، اطّلع عليه بتاريخ 2016/10/7.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى