الإنسان
لا يُصنّف الإنسان على أنه من الكائنات الكاملة التي لا تخطئ، فهو مزيج من الخطأ والصواب، من الخير والشر، من الحق والباطل، ولكن الإنسان الخيِّر هو من انتصر في داخله الصواب على الخطأ، والخير على الشر، والحق على الباطل. إنّ الإنسان يعتبر واحداً من الكائنات الفريدة التي لم ولن يرتقِ إلى مستواها أيّ كائنٍ آخر مهما كان، فجمال التجربة الإنسانيّة يتلخّص في ضرورة أن يجرب، وأن يخطئ، وأن يتعلّم من هذه الأخطاء، فلو لم يفعل الإنسان إلّا الصواب لكان من الكائنات مبرمجاً، ولما كانت له ميزات، ولما كان هناك معنى لحسابه وعقابه أيضاً.
الذنوب والمعاصي
الذنوب والمعاصي هي الأخطاء الدينيّة التي يقترفها الإنسان بحق نفسه دينياً، وهي من المذمومات لأنها تبعد الإنسان عن الصراط المستقيم الذي ارتضاه الله تعالى له، فذنوب الإنسان ومعاصيه تفصله عن طريق الحق والخير والصواب، وتحول بينه وبين المعروف، ولكن هذا لا يعني أنّ كل من يقترف ذنباً حتى لو كان ذنباً عظيماً أو معصية معيّنة هو إنسان سيء، فالإنسان قد يضعف في لحظات، وقد يقوى في لحظات أخرى، فكلّ من أخطأ يجب أن نأخذ بيده حتى يُصلح خطأه ويعود إلى جادة الصواب، فالمتديّن أياً كان دينه يكره المعاصي من الإنسان وليس الإنسان نفسه.
ترك الذنوب والمعاصي
ترك الذنوب والمعاصي يكون أولاً بإدراك أنّ هذا الفعل الشنيع هو حقاً معصية؛ فالبعض قد يرتكبون المعاصي ويصرّون عليها، بل ويبرّرون لها، بحيث يكونوا مرتاحين إلى أنّ ما يقومون به هو أمر حسن ومقبول، وهذا هو أصعب أنواع الذنوب والمعاصي؛ فالمعصية إن اقترنت باطمئنان الضمير إليها استقرت واستمرت، فالضمير اليقظ هو المنبّه الأوّل لوجود المعصية، وهو الذي يدفع الإنسان إلى تركها والابتعاد عنها.
بعد أن يتيقّن الإنسان من أنّ ما يقوم به هو حقاً من المعاصي والمنكرات، يجب أن يبدأ بجهاد نفسه، ومحاولة الإقلاع عن المعصية التي يقوم بها، ويكون ذلك من خلال ما يلي:
- البعد عن الأسباب التي تُيسّر الوقوع في المعصية، والبعد أيضاً عن الأماكن التي تذكّر بهذه المعصية.
- إشغال النفس بما هو خيِّر ونافع، فأوقات الفراغ الكبيرة هي أساس المعاصي ومقبوحات الأعمال، لهذا فقد وجب على كلّ إنسان أن يملأ وقت فراغه جيداً، وأن يسعى في الأرض إصلاحاً وإعماراً لا فساداً.
- إيجاد البدائل الجيّدة للأعمال السيئة، فعلى سبيل المثال، من كان يتكسّب من السرقة عليه أن يبحث عن عمل يسترزق منه.
- البحث الدائم والمستمر عن الحقيقة، وكلّ الناس مطالبون بذلك، ذلك لأنّ الحقيقة هي الطريقة التي يمكن من خلالها التمييز بين الحق والباطل، وبين الخير والصواب.