رضا الله
يسعى كل عبد مؤمن بالله سبحانه إلى أن يرضى الله عنه ويُحبّه، فيكون سعيداً ومُطمئنّاً ومرتاح البال في حياته، وينال الخير كلّه في آخرته، ويكون نيل رضى الله تعالى باتّباع أوامره والابتعاد عمّا نهى عنه، والتقرّب له بالدعاء والعبادات، واللجوء إليه في كلّ تفاصيل الحياة المختلفة، واستشعار وجوده في كل خطوة يخطوها المسلم. من أهم الطّرق التي تُساعد على نيل رضى الله تعالى هي ما سيتمّ ذكره في هذا المقال.
كيف تنال رضا الله
يتوجّب على كل من أراد رضى الله وسعى إليه أن يحرص على القيام بالأعمال التي يُحبّها الله ويرضاها، ويبتعد عن سخطه، فيؤمن بالله عزّ وجلّ، ويتعلّم ما أراد الله سبحانه منه، ويمتثل لأوامره ويجتنب نواهيه، وأن يُخلص في عبادته مُتّبعاً لسنة رسوله محمد عليه الصّلاة والسّلام ويحب في الله ويبغض في الله، فقد جاءت نصوص القرآن الكريم ونصوص السُنّة النبويّة مُبيّنةً ما يُحب الله من عباده أن يفعلوه، وما يحب تركه، وممّا ورد حتى ينال العبد رضى الله سبحانه ما يأتي:[١]
- ذكر القرآن الكريم أن الله سبحانه يرضى عن المؤمنين الشاكرين الذين يُوالون فيه سبحانه ويعادون فيه، كما جاء في قوله عزّ وجلّ : (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[٢]
- يحب الله تعالى من عباده التوّابين الذين إذا أذنبوا أي ذنب عادوا إلى الله واستغفروه وتابوا إليه، والمتطهرين الذين هم دائماً على طهارة، فقد قال الله سبحانه: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٣] والمُتّقين المُتَّصفين بالتقوى، والمُحسنين؛ قال الله سبحانه: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)،[٤] والمُقسطين، والمُتوكّلين، والصابرين، والذين يتّبعون الرسول -عليه الصّلاة والسّلام-.
- ذكر الله سبحانه في القرآن الكريم الصفات التي يكرهها؛ فهو سبحانه لا يحب الكافرين، والمُعتَدين، والظالمين، والمُفسِدين، والمُتكبّرين، والخائنين، والمُسرفين، ولا يحب من كان مُختالاً فخوراً، ولا خوّاناً أثيماً.
- أما في السُنّة النبويّة فقد كثر في الأحاديث النبوية بيان لبعض الأعمال التي يُحبّها الله عزّ وجلّ ويرضاها، والأعمال التي يبغضها الله سبحانه، ومن هذه الأحاديث ما رواه الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص أنه كان في إبلِه (فجاءه ابنُه عمرُ، فلما رآه سعدٌ قال: أعوذ باللهِ من شرِّ هذا الراكبِ، فنزل، فقال له: أَنَزلتَ في إبلِك وغنمِك وتركت الناسَ يتنازعون المُلكَ بينهم؟ فضرب سعدٌ في صدرِه، فقال: اسكتْ! سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: (إنَّ اللهَ يحبُّ العبدَ التَّقيَّ، الغنيَّ، الخفيَّ))؛[٥] ففي هذا الحديث بيان أنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ من عباده العبد الذي يتّصف بالتّقوى والذي لديه مال ينفقه في الخفاء.
- ومن الأحاديث أيضاً التي تُبيّن ما يُحبّه الله سبحانه من عباده المؤمنين، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (سأَلْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمعليه الصّلاة والسّلاة: أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قال: أنْ تموتَ ولسانُكَ رَطْبٌ مِن ذِكْرِ اللهِ)؛[٦] ففي هذا الحديث بيان أنّ من الأعمال التي يُحبّها الله سبحانه ويرضاها من عباده الإكثار من ذكره عزّ وجلّ.
- ممّا يُحبّه الله عزّ وجلّ أيضاً أن يكون العبد سمحاً في البيع، وسمحاً في الشراء، وسمحاً في القضاء.
- في الحديث النبوي قال النبيّ- عليه الصّلاة والسّلام-: (إنَّ اللهَ يرضَى لكم ثلاثا ويكرهُ لكُم ثلاثاً؛ فيرضَى لكُم أن تعبدوهُ ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصِموا بحبلِ اللهِ جميعاً ولا تفرّقوا. ويكرهُ لكم قيلَ وقالَ، وكثرةَ السؤالِ، وإِضاعةَ المالِ، وفي رواية: مثله. غيرَ أنهُ قال: ويسخطُ لكم ثلاثاً ولم يذكر: ولا تفرّقوا.)؛[٧] ففي هذا الحديث بيان لما يرضى الله من عباده، وهي ثلاثة أمور ذكرها الحديث؛ عبادة الله وحده لا شريك له، والاعتصام بحبل الله، وألا يتفرّق المؤمنون. ويكره الله سبحانه ثلاثة أمور؛ القيل والقال أي الكلام بما لا يفيد، وكثرة الاسئلة التي لا داعي لها، وإضاعة المال وإسرافه.
- ممّا يُحبّه الله سبحانه ويرضى من عباده إدخال السرور على قلب مسلم، أو كشف البلاء عن مسلم، أو قضاء دين عن مؤمن.
- الابتعاد عمّا يغضب الله والابتعاد عن المعاصي التي حرّمها الله؛ فالله سبحانه لم يمنع عن عبد شيء إلا كان فيه خير، وما أمر بشيء إلا كان فيه خير.
- المُحافظة على أركان الإسلام؛ وهي شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمد رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان.
- السعي لنيل رضا الوالدين؛ فرضا الوالدين من رضا الله سبحانه.
- عدم إيذاء الناس، وشتم الأخرين، والغيبة والنميمة.
- الإكثار من قول الحمد لله في السرّاء والضرّاء وعند المصائب؛ فالله عندما يبتلي إنسان فهو يُحبّه، ويُحبّ أن يسمع دعائه دائماً، وبقدر ما يصبر العبد ويحمد ربّه فإن الله سوف يُفرجها عليه ويرزقه من حيث لا يحتسب.
- المُحافظة على الصّلاة، وقرآءة القرآن، والصّيام، وقيام اللّيل، والدعاء.
علامات رضا الله عن العبد
إنّ الله سبحانه وتعالى يرضى عن عباده المؤمنين، وإنّ لرضا الله عن عباده ومحبته لهم علاماتٍ، منها:[٨]
- توفيق العبد إلى الزيادة في فعل الخير.
- توفيق العبد إلى التوبة.
- حفظه لعبده في جوارحه وتوفيقه لكل خير؛ فلا يسمع إلا ما يرضي الله، ولا ينظر إلا لما يرضي الله، ولا يمشي إلا لما يرضي الله عنه.
- يجعل مَحبّة العبد في قلوب الناس، ويكسبه رضا الخلق عنه.
المراجع
- ↑ “كيفية إرضاء العبد ربه سبحانه وتعالى”، إسلام ويب، 8-5-2006، اطّلع عليه بتاريخ 24-2-2017. بتصرّف.
- ↑ سورة المجادلة، آية: 22.
- ↑ سورة البقرة، آية: 222.
- ↑ سورة البقرة، آية: 195.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 2965، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 818، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1715، صحيح.
- ↑ “علامات حب الله ورضاه عن العبد”، إسلام ويب، 10-8-2002، اطّلع عليه بتاريخ 14-3-2017. بتصرّف.