'); }
عظمة الله تعالى
لا أحد يُمكنه إدراك عظمة الله تعالى، فعقول البشر قاصرةً عن فهم ومعرفة عظمة الله -تعالى- على وجه التفصيل، ولكن بيّن الله -عزّ وجلّ- صوراً من عظمته بشكلٍ يتناسب مع عقل الإنسان، وقدرته على الفهم والإدراك، ولذلك نجد أنّ العديد من الآيات القرآنية تختص بالحديث عن مظاهر قدرة الله تعالى وعظمته، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)،[١] وقد أودع الله -تعالى- في الكون دلائل كثيرة على عظمته، فقال: (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ)،[٢] وممّا لا شكّ فيه أنّ أصحاب العقول هم الذين يتأملون الكون فيُدركون عظمة الله تعالى، ويجدر بالذكر أنّ معرفة الله تعالى، واستشعار عظمته تقود الإنسان إلى طريق الهداية، فلا يعبد المرء إلّا الله ولا يُشرك به أحداً، ويفرده بالدعاء، والرجاء، والعبوديّة، والاستعانة، والتوكّل، ويؤدّي استشعار عظمة الله -تعالى- كذلك إلى تمسّك المسلم بدينه، فيؤدّي الصلاة والزكاة، ويصوم رمضان، ويدعو الله -تعالى- مباشرةً دون واسطة، فهو يُدرك أنّ الله قريبٌ مُجيبٌ، والأصل فيمن عرف الله -تعالى- بعظمته أن يتقرّب إليه بالإكثار من ذكره، قياماً وقعوداً، وعلى الجنب دائماً، فبذكر الله تحيا القلوب، ممّا يجعل المسلم يُكثر من تسبيح الله تعالى، وتنزيهه وحمده، وفي ذلك قال الله -تعالى- في مُحكم كتابه الكريم: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ)،[٣] وفي المقابل هناك من جهل عظمة الله -تعالى- فلم يستشعرها، فتجرأ عليه، ومن هؤلاء الذين تجرؤوا على الله أيضاً أولئك الذين يعتقدون أنّ الباطل سينتصر على الحقّ، وأنّ الغلبة للكافرين، فهؤلاء لم يقدروا الله حقّ قدره؛ لأنّهم اعتقدوا أنّ الله غير قادر على نصرة أوليائه ودينه، ويجدر بالذكر أنّ انتصار الباطل على الحقّ ليس إلّا انتصاراً مؤقتاً جعله الله حتى يفيق المسلمون من غفلتهم، فيُدركون تقصيرهم، ويُصلحوا خللهم، لينصرهم الله من جديدٍ، ويكتب لهم التمكين.[٤]
استشعار عظمة الله تعالى
يُمكن للإنسان أن يستشعر عظمة الله تعالى بتأمّله للعلامات التي تدلّ على ذلك، ويُمكن بيان بعض الدلائل على عظمة الله -تعالى- وقدرته فيما يأتي:[٥]
'); }
- استشعار أنّ أمر الخلائق كلّهم والكون بما فيه بيد الله سبحانه، فهو الذي يُغني ويُفقر، وهو الذي يُبكي ويُضحك، وهو الذي إن أراد أمراً كان، والكون بكلّ ما فيه في قبضته، لا شريك له، ولا مُعقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، ويُقلّب قلوب عباده كيفما يشاء، ولا أحد قادر على منازعته أو غلبته.
- إدراك أنّ النافع وحده هو الله تعالى، وألّا ضرّ إلّا بإذنه، وإن اجتمعت الإنس والجنّ على خلاف هذا الأمر.
- فهم تفرّد الله -تعالى- بالغيب، فحتى الملائكة لا يعلمون من سيموت غداً وماذا سيحدث في الكون بعد حينٍ، ولا أحد يردّ عذابه إن وقع، ولا يدفع أمره إذا شاء.
- استشعار رحمة الله -تعالى- بعباده، وعظمته في تفريج كروبهم وكشف خطوبهم، وقدرته على إجابة الدعوات وتحقيق الأمنيات ودفع البلاء، وهو العظيم في جبر الكسور، وإغناء الفقير.
- معرفة أنّ الله -تعالى- يعلم كلّ ما في الكون، ولا تخفى عليه خافية، فالله -تعالى- يعلم السرّ والعلن، فلا تتحرّك ذرةً ولا تسقط ورقةً إلّا بعلمه جلّ علاه.
- استشعار كرم الله تعالى، وسخائه، فسبحانه يرزق قبل السؤال وبعده، ويُنفق كيف يشاء، فسبحانه واسع العطاء.
- استشعار رقابة الله -تعالى- في كل وقتٍ وحينٍ، بما في ذلك ظلمة الليل.
- استشعار رحمة الله -تعالى- بمضاعفة الحسنات لعباده، فقراءة الحرف من القرآن بعشر حسناتٍ، ثمّ يضاعفها الله إلى سبعمئة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ، بالإضافة إلى ضرورة استذكار الإنسان تخصيص الله -تعالى- أوقاتاً قصيرةً بطاعاتٍ يكون فيها الأجر مضاعف أضعافاً كثيرةً، كليلة القدر التي جعل الله -تعالى- العبادة فيها خيراً من عبادة ألف شهرٍ.
- استحضار أنّ الله -تعالى- لا تنفعه أفعال عباده الصالحة ولا تضرّه أعمالهم المنكرة، فهو الغنيّ عن خلقه، وهو القيوم الذي لا ينام ولا ينبغي له أن ينام.
- استشعار مظاهر عظمة الله تعالى، وقدرته يوم القيامة، فحينئذٍ يرُجّ الله الأرض رجّاً، وينسف الجبال نسفاً، وتفزع الخلائق كلّها بنفحةٍ في الصور، وبالنفخة الثانية يُصعقون، وبالنفخة الثالثة يحشرهم الله تعالى.
أسباب عدم تعظيم الله
يمكن بيان أهمّ الأسباب التي تؤدّي إلى عدم تعظيم الإنسان لله -تعالى- فيما يأتي:[٦]
- ارتكاب الذنوب والوقوع في المعاصي، فهذه الذنوب هي السبب في كلّ محنةٍ وبلاءٍ.
- التساهل في العبادات؛ فلا يتساهل الإنسان في أوامر الله تعالى، إلّا لأنّه لا يُعظّمه على الوجه الذي يرضاه جلّ علاه.
- عدم تدبّر آيات القرآن الكريم عند قراءته، وعدم الوقوف على آياته بما فيها التي تتحدّث عن العذاب والوعيد، فترى القارئ يُسرع في القراءة حتى يصل إلى آخر السورة دون الاكتراث إلى معاني الآيات وفهم أسباب نزولها، ولذلك أوصى الله -تعالى- بقراءة كتابه الكريم بتمعّنٍ، فقال: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٧]
- الغفلة عن ذكر الله تعالى؛ فكثير من الناس لا يملؤون أوقاتهم الطويلة بذكر الله، ومنهم من إذا سبّح وكبّر وذكر الله عامّةً لم يخشع قلبه للذكر، فتراه يُردّد بلسانه فحسب.
- النظر إلى المحرّمات؛ لما يُولّده في القلب من قسوةٍ وجفاءٍ.
المراجع
- ↑ سورة فصلت، آية: 37.
- ↑ سورة يونس، آية: 101.
- ↑ سورة النور، آية: 41.
- ↑ “عظمة الله جل وعلا”، ar.islamway.net/، اطّلع عليه بتاريخ 11-7-2018. بتصرّف.
- ↑ “دلائل قدرة الله تعالى وعظمته”، knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-7-2018. بتصرّف.
- ↑ “تعظيم الله تعالى”، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة ص، آية: 29.